دوار أغيل بين معاناة الواقع و طموح الاستفادة من برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
دوار أغيل بين معاناة الواقع و طموح الاستفادة من برامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
تنتمي منطقة أغيل للنفوذ الإداري لجماعة مطماطة – دائرة تاهلة – إقليم تازة. و الجدير بالذكر أن هذه المنطقة تعيش وضعا مقلقا. فمن جهة، تعرف غيابا تاما للبنيات التحتية خاصة المسلك الطرقي و شبكة الكهرباء. فإذا كان المكتب الوطني للماء الصالح للشرب قد قام بما عليه تجاه هذه المنطقة حيث تم ربط دوار أغيل بشبكة الماء الشروب منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات، فان منطقة أغيل مازالت تعيش على أمل ربطها بالشبكة الكهربائية و إنجاز مسلك طرقي كفيل بأن يضع حدا للعزلة التامة التي تعيش على إيقاع نتائجها السلبية على جميع المستويات. من جهة أخرى، فهذه المنطقة و محيطها المجاور، خاصة عين فندل و تاجنة، كمناطق يوجد بها تجمع سكني مهم (حوالي 3000 نسمة)، لا توجد بها المرافق الثقافية و الصحية ( دار الشباب- مرافق الاستئناس الحرفي و التكوين المهني- مستوصف….) تعرف عزلة مطلقة، وضعا صحيا غير مريح خاصة في الحالات المستعجلة كظروف الولادة و انعداما على مستوى التكوين المهني، التأطير و التنشيط الذي من شأنه أن يساهم في التنشئة الاجتماعية السليمة المستدامة و المندمجة بهدف تحقيق الأمن الثقافي و الصحي للساكنة المحلية. فباستثناء برنامج محو الأمية الذي تنفذه جمعية أغيل للتنمية التي دخلت في شراكة ، منذ السنة الماضية، مع كتابة الدولة المكلفة بمحاربة الأمية و التربية غير النظامية، تعيش هذه المنطقة و محيطها وضعا اجتماعيا و معرفيا يتميز بانعدام مثل هذه المرافق و الأنشطة التي من شأنها أن تضطلع بمسؤولية تأطير العنصر البشري بالمنطقة بهدف تربيته على قيم المواطنة و تحمل المسؤولية الواعية تجاه قضايا المجتمع الراهنة و المستقبلية.
وهكذا نسجل بحسرة شديدة واقعا مزريا في حاجة إلى العناية و الرعاية عبر التدخل العاجل من طرف مختلف الفاعلين في الحقل التنموي خاصة الساهرين على دراسة ملفات المشاريع التي سوف تحظى بالدعم في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية. و يبقى دور الجماعة القروية بمطماطة دورا رئيسيا فيما يرجع إلى النهوض بهذا الواقع الهش بالمنطقة. هذا الدور الذي يجب أن يظهر من خلال تقديم الدعم المالي و تمويل المشاريع التنموية التي تسعى هيئات المجتمع المدني العاملة محليا إلى تحقيقها. و تعتبر "جمعية أغيل للتنمية" و التي تأسست حديثا في أفق النهوض بالواقع الاجتماعي و الاقتصادي بمنطقة أغيل و محيطها المجاور، إطارا جمعويا في أمس الحاجة إلى كل أشكال الدعم. نظرا لما يعيشه مجال تدخلها من عزلة وما يتصف به من هشاشة على مستوى البنيات التحتية. فغياب هذه البنيات و ضعف المعطيات المرتبطة بالجانب الاقتصادي للساكنة المحلية، يستدعي نهج مخطط استراتيجي تنموي بين الجماعة القروية، باقي الفاعليين و جمعية أغيل للتنمية باعتبارها شريكا يتقاسم معها مسؤولية التنمية المحلية. و لا يخفى على أحد العناية التي توليها السياسة الحكومية، في الوقت الراهن، للدور الذي يجب أن تلعبه الجمعيات المحيلة على مستوى اقتراح المشاريع التنموية و إنجازها. و يبقى دور الهيئة المنتخبة محليا، ممثلة في مجلسها الجماعي أو البلدي، ذا مسؤولية على مستوى دعم و تمويل هذه المشاريع ماديا و معنويا. فالمرحلة التي يعيشها المغرب خاصة فيما يرجع إلى أجرأة و تفعيل مضامين المبادرة الوطنية، تقتضي من الجميع الانخراط الكامل في هذه الصيرورة التنموية المفتوحة و المندمجة. و نظرا لحداثة تأسيسها وقلة مداخيلها التي مازالت ترتبط بمساهمة المنخرطين، فإن جمعية أغيل للتنمية، عبر هذا المنبر الإعلامي، توجه التماسا للهيئة المنتخبة بدائرة تاهلة كي تقدم لها كل أشكال الدعم بالنظر إلى ما عبرت عنه من انشغالات عميقة و مسؤولة بقضايا التنمية المحلية بالمنطقة. إن تقديم الدعم المالي لجمعية أغيل للتنمية من طرف كل الفاعليين التنمويين هي خطوة سوف تدفع بأنشطة الجمعية نحو اتجاه تنمية واعدة و رشيدة. إن الواقع الذي تأسست فيه جمعية أغيل للتنمية واقع يعيش حالة استثنائية تواجه فيها الساكنة تحديات و اكراهات على إيقاع العزلة و الظلمة و الصحة المفقودة و غياب فرص الاندماج المعرفي و التكويني المهني. فعلى المستوى المرتبط بالطريق أو المسلك، أصبح من نافلة القول أن غياب المسالك الطرقية بالعالم القروي يعيق التحاق الساكنة القروية بمختلف المرافق خاصة الأسواق و المرافق الصحية و مختلف الإدارات. إنه من الضروري التأكيد على أن التنقل بين العالم القروي و الحضري مشيا على الأقدام أو باستعمال الدواب و هي تنوء من حملها لمسافة طويلة أصبح يمثل أحد معيقات الحديث عن تحقيق التنمية البشرية المنشودة. فاللجوء إلى وسائل النقل التقليدية أو الاعتماد على النقل السري يكلف المزيد من الجهد و الوقت كما أنه يحد من رغبة و إرادة المواطن القروي في خلق مشاريع تنموية مدرة للدخل ذات أهداف تسويقية من شأنها أن تساهم في تغذية الأسواق المجاورة بالمنتجات الفلاحية بشكل دوري و منتظم. فواقع الحال بكل من دوار أغيل و مناطقه المجاورة، يجيز القول أنه يمثل نموذج العزلة و التهميش بجماعة مطماطة نظرا لكون هذا الواقع يشير إلى أن الساكنة القروية بهذه المنطقة تعيش حالة من الفصام في علاقتها بمجالها الطبيعي المباشر نظرا لعدم توفر متغيرات و شروط استغلال إمكانيتها المتاحة. و لعل إنجاز المسلك الطرقي، كأهم بنية قادرة على أن ترد الاعتبار للعالم القروي بمنطقة أغيل، سوف يخرج المنطقة من عزلتها و التي سئم المواطن تبعاتها السلبية على جميع المناحي. فإذا كانت المنطقة تزخر بمجال غابوي شاسع و معطيات سياحية واعدة لا ينقصها إلا المسالك كي تعرف دينامية سياحية قادرة على إنعاش المنطقة اقتصاديا و اجتماعيا. و إذا كانت المنطقة قد عرفت عميلة إعادة تشجير جزء من المجال الغابوي خلال السنة الماضية بالتنسيق و التواصل الإيجابي بين المندوبية السامية للمياه و الغابات من جهة و جمعية أغيل للتنمية من جهة ثانية و ذلك بهدف النهوض بالغطاء النباتي الغابوي بالمنطقة، فإن هذا المعطى الايكولوجي المهم سوف يفتح آفاقا واعدة للتنمية السياحة عبر المسالك الغابوية خصوصا و أن المنطقة غنية بالمناظر الطبيعية من شأنها أن تستقطب هواة السياحة الطبيعية مما سيسمح باستغلال هذه الإمكانيات الطبيعية الهائلة. كما أن الطريق التي ينتظرها السكان بالمنطقة بفارغ من الصبر ، سوف تفتح آفاقا على المستوى الاقتصادي من جوانب أخرى. فالمسلك سوف يحقق تنمية المشاريع الفلاحية الصغرى من خلال تردد الساكنة المستمر على الأسواق الأسبوعية المجاورة. أما فيما يرجع للناحية الاجتماعية، سوف يؤدي إنجاز المسلك الطرقي إلى الحد من الهجرة القروية كما انه سيسهل الانتقال بين الوسط القروي و المجالات الحضرية المجاورة مما سيخفض نسب الهدر المدرسي خاصة في صفوف الفتيات. و على مستوى ما هو فلاحي ، فإن ربط دوار أغيل بالمجال الحضري سيؤدي إلى عصرنة القطاع الفلاحي الشيء الذي سيؤثر إيجابا على المردودية الفلاحية و الزراعية. فمجمل القول، فالطريق ستجعل من المنطقة مجالا حيويا و بيئة خصبة سوف تشهد مختلف الأنشطة ال
Aucun commentaire