لنتحدث رقميا2

لنتحدث.. رقميا2
عزيز باكوش
من منا تساءل يوما , بصفة الأبوة والحميمية , أو تحت ستار المواطنة الحقة , أو حتى تحت طائلة الفضول الإعلامي , كم "أيميل" في حوزة ابنته القاصر ؟ وكم رسالة الكترونية , تطرق بريدها الالكتروني كل أسبوع ؟
من منا تساءل ذات مرة عن مضمون تلك الرسائل البريدية الالكترونية , وفيما إذا كانت ذات محتوى أدبي ينسجم مع ثقافتنا ومكونات هويتنا الدينية والثقافية,ويتقاطع ويتفاعل مع الهدف الحقيقي من وراء الارتباط أصلا.؟؟؟
من منا تجرأ يوما , واستأذن بمودة قائلا " ابنتي الرائعة , هلا تفضلت , بالسماح لي ب: "كود ك" السري من اجل القيام بجولة استطلاعية لمعرفة شرائح , وطينة من تفضلين من الصديقات والأصدقاء , وتستمتعين معهم في التواصل على "الايميسين" ؟؟ وذلك بهدف رصد إيقاع الشبكة العنكبوتية ومدى تأثيرها وفعاليتها على المقرر الدراسي , أو المسلك الأخلاقي ،والبحث في تشكل المفاهيم والرؤى والأفكار قبل الارتباط . وبعده. ؟؟؟
قد يكون الوالد مجانيا للصواب بفعله هذا , وربما يقول : لقد بالغت في لي ذراع الخوف الذي يتملكني حول مستقبل ابنتي , فالنت يروج حقا للكثير من الأشياء الخاطئة, والمعارف والحقائق المشوهة، سواء تعلق الأمر بقيمنا الدينية والثقافية , أو بالوقائع وسياق الاحداث. ومن تداعيات الآثار السلبية على المجتمع والحياة. ولكن أتراها تكون في مأمن من كل ذلك حينما تغادر البيت أربع مرات كل يوم…سواء الى الثانوية أو الجامعة أو أي مكان تأهيلي آخر؟؟؟؟
ولكن , لا باس , عليها أن تقاوم , وعلي أن أقوم بواجبي في التنوير والحماية.
ولنفترض عن حسن نية , أن ابنتك المدللة , مانعت, للوهلة الأولى ولأسباب معلومة, لكنك سترتبك لثوان معدودة بالتأكيد , لكن سرعان ثم تسيطر عليك هواجس غريبة من قبيل الشرف والجيران … , وللتو ,تتحكم في الأمر , وتعالجه بروية , خوفا على أعصابك , هل ستعمد الى اقتحام مكتبها كفضولي , في قرار اخرق , وحميمية أبوية , وهي تعتكف على تحرير إحدى رسائلها الحميمية ,انطلاقا من مسؤولية أخلاقية وتربوية على عاتقك , وكما نقرا, أو نكتب أحيانا , كأولياء أمور حداثيين , وكرجال تربية وتعليم متفتحين ؟ أم ستعتبر الأمر ,عادي, فتستغفر الله , وتلعن إبليس …وتقول ..لا بد أن نكون متفتحين …وعولميين؟؟
" أنت مجرد"كلينيكس" منشفة ..أيتها البلهاء…غوري..جاتك نيلة" هذه رسالة الكترونية وردت ..من مجهول الى بريد تلميذة 12 سنة…" حديثة العهد بالشبكة, حتى أنها لاتدري , من, وكيف , تسرب "أيميلها" الخاص خارج ذاتها.
لو كنت أبا , والقاصر ابنتك ..هل تجيب عن الرسالة فورا, حرصا على حتمية معالجة الموقف ؟ وإذا تجرأت ,وبادرت , ماذا تقول, انصرف أيها الأبله, العديم التربية, الساقط…الأحول….. ابن ال….."
أم تستفسر مثل مضيفة طيران , والابتسامة لا تفارق شفتيك, عن صاحب الرسالة عن هويته , وفيما إذا كان مجرد زميل ….يقصد معاكسة ابنتك بالتحديد, أم هناك توجيه خطأ؟؟؟ على ان نستبعد اللعنة على النت واللي جابها…
لا ترتبك …سيدي تأكد مثل هذا الأمر, حصل و يحصل ,..دائما…في كل فضاءات السيبير . إذ كلما ارتبطت صغيرتك ببرمجية الدردشة الفورية على الميسانجر ,بالانترنيت , إلا وتعرضت لمثل هذه المواقف , حتى بعد أن تكون زودتها بميثاق شرف استعمال هادف .
ولأنها بلا مناعة مكتسبة في تدبير مثل هذه الأمور ,و لا تمتلك جرأة المكاشفة و القول . فسوف لن تحكي لك ما ذا وقع , ستتجاهل الأمر ….لكنك ستتجاهل الأمر أيضا. .كما لو أن شيئا لم يحدث ..على أن للتجاهل الذي نبديه ونتحفظ في تبرير مصوغاته …قصة وحكاية …ثقافة وتربية وأسباب نزول.
.
حوارات ملتهبة ساخنة تدور اثيريا كل ليلة , ابتداء من 11 ليلا بإحدى المقاهي السيبيرية في إطار ليلة بيضاء بين قاصر يدعى "ك.ف" وصديقته التي لا يعرف عنها شيئا سوى "ر .ي" من كندا. دردشات لها نظير وألف , هنا في هذا المقصف الذي لا يختلف عن أي محل آخر, فوق السطوح , حيث بدا واضحا أن مقاهي الانترنيت رغم وضوح أهدافها وتراخيص سحبها , وصفاء وظيفتها التنويرية , لها تداعيات وكواليس وخمائل شفافة ,قد تبرز انقشاعاتها الجانبية حروقا ودماميل خلال السنوات العشر القادمة.
لذلك , تدخل " ص.ق " حسناء في 16 عشر من عمرها "السيبير" في كامل أناقتها , مثلها مثل المئات , وربما الآلاف وربما الملايين , في مناطق متفرقة, نعم لكنها لا تحظى بأي نوع من الرقابة أو الضبط, فهي لم تسال متى وكيف ستمضي الليلة , ولا مع من , المآت من الدردشات بالصورة والصوت , التي يجريها شرائح مختلفة من الجنسين , يختلفون في كل شيء في الدين, واللون, في الجنس واللغة , الأفكار والمعتقدات ,عبر العالم , لكن عبر الايميسين" أو التراسل الآني = msn = يصبحون ذاتا واحدة , ينسجون خيوط علاقات افتر اضية , ضمن مسلكيات متفق في أمر التباسها ,عبر العالم بلا رقابة و خارج الضوابط . قبل أن احكي لكم قصة عولمية غريبة الأطوار دعوني اروي تفاصيل ما حدث ذات زوال.
عزيز باكوش/ يتبع
Aucun commentaire