Home»Régional»القهوة ، الرشوة ،الابتزاز

القهوة ، الرشوة ،الابتزاز

0
Shares
PinterestGoogle+

القهوة ، الرشوة ،الابتزاز

قال الله تعالى:(ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وانتم تعلمون) سورة البقرة الآية 188 .
في المغرب أصبح الكل يتحدث عن"آفة الرشوة"التي غزت كل شرائح المجتمع،و هيئاته الرسمية منها والمجتمعية ، فالبعض يتحدث عنها بألم وإحساس ب"الحكرة" والأخر يعتز ويفتخر بغزواته فيها وما جناه منها،ويشرعن ما حصل عليه منها،بدعوى أنها سلوك معمول به في المجتمع وان من يعمل بضمير مهني ليس سوى مغفلا حمارا يعيش في القرون الغابرة التي كان أهلها يمجدون القيم المعنوية،أما اليوم فالشعار هو (اللي ما عندو فلوس كلامو مسوس)،وكل الوسائل مباحة للحصول على المال.والبعض يحذر أن هذه الآفة عواقبها وخيمة على مستقبل البلاد وعلى الحياة الاقتصادية والاجتماعية وغيرها … كالطوفان الذي يجرف كل شيء ويقوض كل مقومات الحياة…ويفقد المواطن الثقة في الجميع ويصبح في غنى عن الخدمات كأنه يعيش في غابة، لا مجال للعيش فيها إلا لمن يتقن فن قانون الغاب.
1. القهوة أو الهدية:هي تقديم بقشيش عن طيب خاطر وأحيانا بإلحاح لكل من يقوم بعمله بإخلاص وإتقان دون لف أو دوران ،ويقدم الخدمات بشكل لائق واحترام للزبناء ،وذلك تقديرا لعمله وتشجيعا له للاستمرار في التفاني في العمل. وتأتي هذه القهوة اختياريا بعد حصول الزبون على حاجته،إلا أنها رشوة خفيفة سرعان ما تكبر لتصبح سرطانا يحول ذلك الخدوم إلى ماكر متمرس في التماطل واللف والدوران للحصول على مقابل كل خدمة يقوم بها وان كانت واجبا من واجباته.
2. الرشوة:هي محاولة الحصول على مكاسب ومنافع بطريقة غير شرعية، ويدفعها الراشون للحصول على ما ليس لهم حق فيه لحرمان أصحاب الحقوق، أو للفوز بالهدف بطريقة غير شرعية، وغالبا ما تستعمل في الحصول على المناصب أو الصفقات و في التزوير والنزاعات القضائية والتهرب من الضرائب والذعائر…..
3. الابتزاز وهو اخطر أنواع هذه الآفة، وللمواطنين معه حكايات لا تنتهي، ولنتأمل هذه التصريحات:
""*"" كانكون زربان،خصني نعطي ولا حاجتي ماتقضاش.
""*"" كانكون أو شي حد من العائلة مريض ،ولابد ما تدور أولا تم تبقى حتى واحد ما يسول فيك.
""*"" كل شي كيتعرقل لي ،وسير واجي باش نعطي الرشوة.
""*"" واش اعباد الله باغي نخلص وندفع الفلوس، وخاصني ندفع الرشوة باش يسربيوني؟
""*"" حقك كتشوف فيه وخصك تعطي باش تاخدو ،المنكر اعباد الله ،كيفاش بغيتي الدراري ما يحركوا.؟
تلك نماذج لتصريحات المواطنين عند ذكر آفة "الرشوة/الابتزاز" واستفحالها بالمجتمع،فقد أصبحت تجري فيه مجرى الدم في الجسم،ولم يعد الحديث عنها من الأمور المسكوت عنها ،فالجميع يعترف باستشرائها وينذر بالعواقب الوخيمة التي تنتظر المجتمع على جميع المستويات إن لم يتم التعامل بحزم لوقف زحفها الذي يشبه زحف الرمال ،لأنها تعمل على تصحر القيم والقلوب ليصاب المجتمع بالجفاف ثم الهلاك. والمواطنون يعبرون بمرارة حول ظاهرة الابتزاز التي يتعرضون لها كلما توجهوا لقضاء حاجياتهم لدى الإدارات والمصالح العمومية وفي الطرقات. وفي بلدنا أصبح المواطن ملزما على دفع الرشوة ليحصل على حقه سواء في العلاج أو تحرير وثيقة بل حتى عند دفع ضريبة… فتقارير الهيئات المختصة في هذا المجال رتبت المغرب في رتبة متدنية وان استمر الأمر على هذا الحال فسيكون المغرب على رأس الدول الأكثر ارتشاء ويفوز بكاس الرشوة العالمي.لأن جميع مرافق المجتمع المغربي ومؤسساته وهيئاته تتفشى فيه الرشوة وعلى رأس هذه المؤسسات مؤسسة القضاء التي ترفع في كل محاكمها شعار "العدل أساس الحكم" والأحرى بها أن ترفع شعار"الرشوة بل الابتزاز أساس الحكم" لأنه على قدر ما يدفع يصدر الحكم ،تطبيقا للحكاية الشعبية"المرآة كسرها الحصان".وتليه الصحة ، والصحة كما يقال هي:"رأس المال"وعوض أن يتعظ العاملون فيها بما يشاهدونه يوميا من ضعف الإنسان ،ويعملون على تقديم الخدمات للمرضى يستغلون وضعهم ليشرعوا في البيع والشراء ،بعد أن قست قلوبهم وعواطفهم التي لا تلين إلا للأوراق المالية حسب خطورة كل مرض،وللمرضى وزوار المراكز الاستشفائية العمومية حكايات عديدة تصلح سيناريوهات للسينما الواقعية أو لإنتاج أفلام وثائقية.
أما الأمن فشغله الشاغل هو تامين امتلاء جيوبه أما جيوب المواطنين فلتتعرض للنشل والسلب تحت أي ظرف كان بل لا باس بان يساهم هو نفسه في إفراغها أثناء المشاركة في إفراغ حملات التوعية بمخاطر حوادث السير من مضمونها لتحويلها إلى حملات ابتزاز السائقين وتفريغ جيوبهم،وكلما كان مبلغ الذعيرة مرتفعا كلما زاد الابتزاز وكثرت الحوادث،وصور رجال الدرك التي نشرتها جريدة الإحداث المغربية شاهدة على ذلك،وعوض أن تفكر الحكومة في وضع حد لابتزاز السائقين،طبقت المثل الشعبي "ماقدتهم فيلة زدوهم فيل"فرفعت من قيمة الغرامات وحالات سحب رخصة السياقة وهي ما كان ينتظره مرضى الرشوة
من هذه الفئة ..وقس على ذلك القطاعات الأخرى : الداخلية ، التجارة ، الصناعة ، الجمارك ، التعليم ، مكاتب الكهرباء والماء ، البريد ، التسجيل والتنبر ، الجماعات ، الاحزاب ، الجمعيات ، الصحافة الخ …إذ اظهر البحث أن60% من رؤساء العائلات التي شملها البحث صرحوا أنهم كانوا مضطرين لتقديم رشوة لقضاء حاجياتهم…والأمر لم يعد خافيا وقد صرح ممثل الحكومة في برنامج "رهانات المجتمع" بان الحكومة لا تشكك في وجود هذه الآفة بالمغرب ،ودعا إلى تضافر الجهود لمحاربتها ،معترفا بصعوبة استئصالها إن لم يشارك الجميع في القضاء عليها ،وان الحكومة تعول على تفعيل القوانين وخاصة المشروع الجديد لقانون التصريح بالممتلكات وقانون مكافحة تبييض الأموال،والهيأة الوطنية لمحاربة الرشوة،وكل مواطن مخلص مهموم ببناء الوطن وعزته وكرامته…
ختاما نود التنويه إلى أن بمغربنا الحبيب "أولاد الناس" الشرفاء الذين يعملون بنزاهة وإخلاص ويوجدون في كل القطاعات،ولولاهم لأصيب المغرب بالسكتة القلبية من زمان، وعليهم يعول في تغيير هذا الوضع المشين ،وهم الذين يزرعون الأمل ويشعلون شموعا تنير الدرب الطويل كي لا نستسلم للظاهرة فهي ليست قدرا محتوما ولابد أن يأتي اليوم الذي سنحاصرها فيه ونقضي عليها نهائيا ، وهو اليوم الذي سنغير فيه سلوكنا ،مصداقا لقوله تعالى:"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم" والتغيير يبدأ دوما من الداخل وفي انتظار ذلك اليوم،تصبحون على وطن كريم.
إمضاء: محمد الزعماري
ezzaamarimed@yahoo.fr

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. مواطن
    15/01/2007 at 22:58

    انا معك لي امل كبير ان ياتي اليوم الذي سنقضي فيه على الرشوة او كما سميتها الابتزاز الذي نتعرض له يوميا.لقد اصبح وباء ينخر قيمنا واخلاقنا وكل نواحي حياتنا…

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *