من أجل تأسيس ثقافة الحوار الجاد

من أجل تأسيس ثقافة الحوار الجاد
حينما كتبت المقال المعنون ب: الاعتقاد بالنسبية في عصرنا الحالي مسألة مبدئية ، كنت على يقين تام أنه لن يروق الجميع خصوصا من يتقن السباحة في الماء العكر ويدعي النظافة في نفس الآن ، وهي مفارقة عجيبة . نعم للحوار الجاد ولعل الاختلاف في الرأي رحمة لأنه من شأنه تنوير الرأي العام .
إن قضايا التربية والتكوين تحتل مكانة وأهمية قصوى في عالم اليوم ، وعليه أصبح الشأن التربوي مسؤولية الجميع من أجل تحقيق آمال المجتمع وتحقيق مشروعه المجتمعي أيضا وبلوغ التنمية المستدامة .
ومما لا شك فيه فإن الوزارة تقوم بخطى حثيثة من أجل إرساء دعائم الإصلاح من خلال العديد من التدابير الفعلية ، وهي مجهودات تستحق التقدير ، ولا يسعنا نحن كفاعلين تربويين إلا أن نثمنها وننخرط في هذه السيرورة بشكل إرادي ولا مشروط لكي لا نخلف الموعد مع التاريخ . صحيح أن نظامنا التعليمي تواجهه صعوبات مرتبطة أساسا بمواجهة تحديات العصر الذي نعيشه بكل مشاكله وتعقيداته الشيء يفرض علينا جميعا لا محالة محاولة التغلب على هذه الصعوبات بنهج نوع من التناغم والتوافق مع رياح التغيير على الصعيدين الوطني والعالمي بدل الرفض من أجل الرفض والمقاومة والوقوف موقف المتفرج وكأن الأمر يعني فئة دون أخر ، ومعلوم أن الاختلاف له قواعده وأخلاقياته حتى لا يصبح خلافا وبالتالي لن يفلح فيه إلا الأقوى فكريا وعلميا ومعرفيا( الراسخون في العلم ).
إن الفكر الإنساني منذ أفلاطون حتى هيكل بل ويمكن تمديده حتى نيتشه لم يتمكن من الإيقاع بالحقيقة ، لتظل سؤالا فلسفيا بامتياز على مر العصور حتى الآن ، فنيتشه يعتبرها ضربا من الخطأ الذي لا يمكن للكائن الحي أن يعيش بدونه ،و بالتالي هي إسقاط لكائنات فوق زمانية والتعلق بها خشية الصيرورة ويمكن تسميتها بإرادة القوة ، إذ يفترض أن يكون هناك شيء يتم التطابق والتوا فق معه حتى يصير اللاحقتقي حقيقيا . ولاشك أن العلاقة الاختلافية يين الوجود والموجود تدفع الموجود الإنساني (الدازاين ) على حد تعبير هايدجر إلى الخطأ والضلال ، وعليه كان الضلال هو امبراطورية التاريخ وكانت الحقيقة هي ما يميز عصور العالم . غير أن الدازاين موكول له رعاية حقيقة الوجود من حيث هو ملقى به في هذا العالم . منا هنا يتبن أن لا أحد بمقدوره ادعاء الحقيقة و ما الآراء الشخصية إلا نتيجة أحكام منطلقة من م زاوية نظر معينة.
.
تأسيسا على ما سبق ، وترسيخا لثقافة الحوار الجاد بعيدا عن المزايدات قصد الإصغاء لمختلف الآراء، لا أنكر أإنني أبديت استغرابا لما تقدم به أحد الأساتذة في رده على المقال المشار إليه أعلاه ،و حيث لا أرى مانعا في احترام الرأي لكن باعتبار أن حق الرد تكفله جميع القوانين والأعراف لذا أرى من المنطقي أن أوضح ما ورد في مقاله .
وسأنطلق بداية من طرح إشكال ابيستمولوجي حيث يتعلق الأمر بضرورة تحديد المفاهيم حتى نتحدث في نفس الإطار ، وعليه ما المقصود بالموضوعية فهل تعتقد أنك من يمتلك الحقيقة وما على الآخر إلا التموقع في زاوية نظرك ليرى نفس ما ترى ، ؟؟؟ ربما كان علي عند تحرير المقال أن أعبر عما يساورك من أفكار لا أشارطك الرأي فيها حتى لا تفاجأ بفكري وتوجهاتي ونظرتي للأمور ، واعلم أن الفكر الذي أحمله وأتقن الدفاع عليه هو حداثي وعقلاني بامتياز شديد ولعله منطق العصر الحالي. وما دمت على دراية بالموضوعية فهلا تساءلت يوما عما تقوله وتكتبه هل تنطبق عليه موضوعيتك ؟.
أما كوني مدحت السيد مدير الأكاديمية فاعلم أيضا أنه لا ينتظر مني ذلك وما فعلت ذلك إلا اعتبارا للمكانة العلمية والعملية التي يحظى بها والتي مكنته من كسب ثقة مسؤوليه على المستوى المركزي ، والتي كللت طبعا بالثقة المولوية السامية وهو نهج لا نملك إلا أن نعتز به . ما يغيب عنك أنني لست من الأقلام المأجورة كما قد يتبادر إلى ذهنك ودليلي في ذلك هو التأسيس العلمي الذي أنهجه في كتاباتي . أن تتقدم إلى مثل هذه مثل المناصب أم لا فينبغي أن تعلم أنت الآخر أن الأمر لا يرتبط فقط بالرغبة أو بالانتماء لفئة معينة دون غيرها ، بل للكفاءة والمكانة العلمية ونهج سيرة حافل بالمنجزات العلمية والعملية ، وكلمة الفصل في التقديرات تعود للوزارة وحدها التي تمتلك التوجهات الصحيحة في تدبير الشأن التربوي وطنيا .كونك تحترم القرارات ، فاعلم أن ذلك يندرج من الواجبات كموظف ، والاتجاه المعاكس يعرض صاحبه أحيانا لما لا تحمد عقباه .
أما الاختلاف مع التوجهات الرسمية يقود إلى طرح سؤال : من تكون ؟ وما هي الأرضية النظرية والعلمية التي يتأسس عليها هذا الاختلاف ، فيبدو من السهل أن نقول بالاختلاف لكن ممارسته جد صعبة ولا يتجرأ عليها إلا أهلها ، وفي هذا الباب كم عدد الكتب المنشورة لك والتي تؤسس للموضوع ؟ ثم كم هو عدد البحوث المنجزة بهذا الصدد علما أنها وظيفة تندرج ضمن مهامك . الاطلاع ألف مرة أكثر من غيرك على حد تعبيرك دليل علي موضوعيتك التي لها نزوع نحو الذاتية ؟ أن توافق على تنديد كان سيصدر ضد التعيين الجديد أم لا ، فينبغي أن تعلم أن الأمور بخواتمها ، فهل كان سيكتب لهذا التنديد تغيير مجريات الأحداث خاصة وان الأمر يتعلق بتصريف وتنفيد قرارات عليا .
ما أظن أنك تمتلك معطيات لو نشرتها لأثارت الضجة وبالتالي يمكن اعتبار المسألة و هما ليس إلا. لكن لن يفوتني أن أحيي فيك عدم الحسد و الحقد رغم أن القارئ لمقالاتك قد يمكن أن يستشفها .و على كل حال اطمئن فهي خصال يتقاسمها معك عبد ربه الضعيف وأناس آخرون ، وللتذكير لا يمكن نزعها عن أي أحد ولو دون الإشارة إليها ، وفي هذا الباب يقول أحد الفلاسفة الفرنسيين : إن مهارة الصانع تقاس بفعالية سعيه . وإذا ما جاز لنا هذا التعبير الفرنسي أضحى بوسعنا القول إننا ما انفكنا جميعا في حاجة للتأسيس لحوار جاد يؤدي إلى تواصل فعال . وفي إطار العلاقة بين الجرأة والتملق فقد يراهما البعض وجهان لعملة واحدة ليشهر ما يشاء في وجه من يشاء مجانا . أما أن أنال شيئا بمقالاتي المتواضعة كما ورد في كتابتك ، فاعلم أن التواضع هو صانع المجد والعبقرية بكل تأكيد ، ثم من قال هذا ؟ فقط أود أن أشير إلى أنني أطمح إلى الترقي في المهام ، لم لا ؟ وأنه طموح إنساني مشروع أليس كذلك ؟
أ
خيرا كوني مطالب بتحقيق تدبير حسن داخل المؤسسة في اعتقادك فذلك لا يعنيك البتة لا من بعيد ولا قريب و لا يهم الأمر أي أحد آخر غيري بالدرجة الأولى وفي هذا الإطار فإني واع تمام الوعي بالمهام المنوطة بي والمتعلقة أساسا بتدبير الشأن التربوي بالمؤسسة باعتماد مقاربة التدبير بالنتائج والمقاربة التشاركية ، ويعني من جهة أخرى رؤسائي المباشرين وعلى رأسهم السيد النائب الإقليمي محليا والسيد مدير الأكاديمية جهويا والمسؤولين المركزيين وبالهمس أقول لك حاسب نفسك عوض الانشغال بمحاسبة الآخرين وهلا طرحت سؤالا مرة من هذا النوع على نفسك ؟ ؟ ؟ …….
ما ينبغي أن تعلم يقينا هو أنني لا ولن أبدي أي استعداد لتلقي الدروس علما أن السلطة الوحيدة التي تحكم توجهاتي هي فكرية بالدرجة الأولى لكن في المقابل مستعد أتم الاستعداد لإعطاء دروس بالمجان لمن يرغب في ذالك . ولعلمك أن تجربتي في تدبير الشأن التربوي بالمؤسسة التعليمية تناهز العقد من الزمن وهي تجربة والحمد لله ناجحة بكل المقاييس ولا تنتظر تزكية معينة . وتستمد كفاءتي التدبيرية مشروعيتها ليس فقط من التجربة والخبرة بل من الكفاءة العلمية ، اعتبارا للشواهد العليا الجامعية والتي لا تعادلها كل دبلومات مراكز التكوين ، وطبعا مكنتني من اكتساب أدوات علمية تساعد مما لا شك فيه على الفهم والتحليل والتركيب والدخول في سجالات علمية تناسب مقامي وللتذكير من أسر لك بأنك أهل لتحديد السجالات التي تناسبني من غيرها ، لعلي أستشف بأنك تريد أن تكون علي رقيبا من خلال مهمتك لكن تأكد أنني أنتمي إلى التعليم الابتدائي ولا يتوفر هذا السلك على مصلحة ….لتحقيق مرادك .ولتطمئن فإنه مطلب يندرج ضمن الملف المطلبي لجمعية مديرات ومديري التعليم الابتدائي المناضلة . ختاما أظنه نقاش موضوعي واختلاف قد لا يفسد للود قضية ، ولنا مواعيد لاحقة إن شئت ولو بشكل مباشر إن شئت لكن في مكان آخر غير المؤسسة .




2 Comments
شكرا أستاذي المحترم على هذا المفال الرائع الذي تطرقت فيه لعدة جوانب هامة
ثقافة الحولر الجاد هي الاسلوب الحضاري المعمول به في القرن الحالي الحوار والاحترام المتبادل هم اساس التجديد الحضاري المتزن والرقي بمنضومتنا التربوية التي هي في حاجةلحوار من هدا النوع والسلام