المنابر الإعلامية بين الطائفية والموضوعية

من المسلم به أن المنابر الإعلامية ليست محال تجارية تسوق المنتوجات الاستهلاكية ؛ ولا هي أبواق دعائية أو اشهارية بل هي منابر بما لكلمة منابر من دلالة على القدسية ؛ فكما أن منابر المساجد تقوم على خدمة الحق والعدل والخير فكذلك المنابر الإعلامية ؛ ولهذا تعرف بالسلطة الرابعة ؛ سلطة تراقب السلط الثلاث المشهورة.
والمطلوب في المنبر الإعلامي شروط لا تقل عن الاستقلالية والموضوعية والنزاهة والصدق والتحري والشجاعة والتضحية والوفاء بالعهد والمسئولية. ومع الأسف الشديد هذه شروط ترفعها كشعارات كل المنابر ولكنها لا وجود لها في الواقع بل ربما اتخذت شعارات من أجل اكتساب الثقة ليس غير.
وبحكم تجربتي مع بعض المنابر وقفت على ما يثبت أن بعض المنابر الإعلامية ما هي إلا محطات من أجل الدعاية لجهات معلومة ولكن دون كشف عن الهوية طمعا في إقبال الجماهير عليها قراء وكتابا ومبدعين ؛ وقد تصنع مجدها على حساب هذه الجماهير وهي تتخذهم مطايا لخدمة جهة ما لا تستحق الذكر؛ وهذه خيانة في حجم الخيانة العظمى خصوصا عندما تقدم هذه المنابر بين يديها شعارات الاستقلالية والموضوعية والحياد.
لقد صودرت العديد من مقالاتي لأنها أصابت في الصميم جهات تسخر هذه المنابر أو لأن بعض المشتغلين المحسوبين على هذه المنابر ما هم إلا أتباع الجهات المسخرة إما مندسين أو بعلم المنابر وهم يفعلون ما يحلوا لهم يشطبون ما لا يوافق أهواءهم وينشرون ما يريدون ؛ وقد يضطرون لنشر بعض ما لا يروقهم حتى لا تنكشف أقنعتهم ويفتضح أمرهم. ومن الممارسات المفتضحة رفع شعار عدم نشر التعليقات المتضمنة للتجريحات دون احترام هذا المبدأ ؛ فيفاجأ المرء بتعليقات تصل إلى حد القذف والشتم والتجريح فإذا ما رد عليها بالمثل ؛ وهو حق لا بد أن يكون مضمونا لم تنشر مما يعني أن المنبر الإعلامي يتعمد الإساءة إلى أصحاب الأفكار عندما يضمن تعليقات لمن يقذفهم ولا يضمن لهم حق الرد ؛ وهي دعوة مبطنة لمصادرة بعض الأقلام وطردها بطريقة ذكية تعتمد الحيلة والاستفزاز غير المباشر.
لقد وجهت موضوعات إلى منابر على الشبكة العنكبوتية فلم تنشر لأن المنابر لها ولاءات عقدية وطائفية وسياسية ضيقة ؛ وهي تهش لكل مقال يخدم طروحاتها ولكنها تستخدم قاعدة المنع في حق كل مقال يمس طرفا من قيادتها الدينية أو السياسية أو الإيديولوجية .
ومن الغريب أن توجه النداءات لهذه المنابر من أجل نشر تعليقات ولا تجد النداءات آذانا صاغية مما يؤكد ما كان مجرد شكوك فيصير التواطؤ بينا واضحا ؛ وتثبت الإدانة المبررة؛ ويصير المنبر الإعلامي يعني كل شيء إلا الإعلام النزيه الحر المستقل غير المتحيز الشجاع.
ستتوقف مقالاتي بالنسبة للمنابر التي أتهمها وسيعرف القراء الجهات التي أعنيها دون ذكرها بالاسم .
ولعل الصمت في زمن كزماننا ومن فوق منابر كمنابرنا الإعلامية المأجورة والمشبوهة خير من الكتابة
استسمح قرائي الأعزاء عن غيابي لأنني ضقت ذرعا من ممارسات غير لائقة من منابر بعينها كنت أظنها نزيهة فإذا هي غير ذلك ؛ وستستمر مساهماتي على منابر محترمة نزيهة غير متحيزة تستحق الاحترام.




Aucun commentaire
ان كتاباتك ومقالاتك تشهد لك بالصدق والاخلاص فاينما توجهت او كتبت فنحن سنبقى قرائك المخلصين ودمت لنا ودام قلمك فياضا للعلم ..