أسباب الانفلات الأمني بمدينة وجدة والجهة الشرقية عموما ونتائجه

لا حديث في الآونة الأخيرة بمدينة وجدة وما جاورها إلا عن الانفلات الأمني الفاضح وغير المسبوق حيث سجلت أرقام قياسية للإجرام وتحديدا السطو والسرقة الموصوفة المصحوبة بالاعتداء باستعمال السلاح الأبيض. ومما تتداوله الساكنة أن الانفلات الأمني طارىء طرأ على المدينة والجهة ، وأن العصابات الإجرامية وافدة من خارج المدينة والجهة ، وقد يكون هذا الرأي قريبا من الصواب إذا ما قورن الوضع الأمني الحالي بالوضع السابق. ومن حق المواطن في الجهة الشرقية أن يسأل لماذا حدث الانفلات الأمني. والعادة أن الانفلات الأمني يكون مع حلول العطلة الصيفية حيث يتوافد على الجهة الشرقية الغرباء بسبب مصطاف السعيدية وما تعرفه من مهرجانات. ولقد بلغ الانفلات الأمني أوجه خلال هذا الصيف الذي تزامن مع شهر الصيام.
والجهة الشرقية قد تغري أيضا الكثير بسبب وضعها الحدودي المشجع على ممارسة نشاط التهريب سواء تعلق الأمر بالقطر الجزائري أم بمدينة مليلية المحتلة. والانفلات الأمني سببه الرئيس هو العامل الاقتصادي ذلك أن افتقار شريحة من المواطنين يدفعهم بالضرورة إلى السطو عن طريق الجريمة . ومعلوم أن الشريحة التي تمارس السطو عن طريق الجريمة هي فئة الشباب إما من فئة المنقطعين عن الدراسة بسبب ظاهرة الهدر المدرسي ، أو من فئة المهاجرين من القرى والبوادي بسبب ظاهرة انعدام ظروف العيش الملائمة والكريمة. وفئة الشباب العاطلة عن العمل وغير المؤهلة مهنيا تعيش الفراغ مما يجعلها ضحية للانزلاق في أوحال الانحرافات من قبيل تعاطي المخدرات والمسكرات ، والفواحش . ومعلوم أن هذه الآفات تتطلب مصاريف مما يدفع العاطلين إلى التفكير في السرقة ، واتخاذ العنف وسيلة لذلك . فالذين يهاجمون المواطنين ويسطون على ممتلكاتهم وحاجياتهم لا يفعلون ذلك لدفع الجوع والعطش ، وإنما للسكر والعربدة والفجور. وظاهرة الانفلات الأمني هي تعبير عن نقمة فئة الشباب العاطل من أجل لفت أنظار الرأي العام إلى وضعهم غير السليم . ومعلوم أن هذه الفئة بعد وقوعها تحت تأثير المسكرات والمخدرات والمهيجات تكشف عن المخبوء من المكبوتات ، ذلك أنه كثيرا ما يجهر هؤلاء بالتعبير عن سخطهم ونقمتهم ضد وطنهم وضد مواطنيهم.
فليست فئات الشباب العاطل مجرد صعاليك فقراء يطلبون لقمة العيش ، بل هم عصابات إجرام يتعاطون الجريمة لذاتها من أجل الحصول على المال الذي ينفق على العربدة . ولعل المقاربة الأمنية الشاملة تتمثل في البحث عن الحلول الجذرية لظاهرة الانفلات الأمني . فدوريات الأمن ، والإحالة على العدالة مجرد جزء من المقاربة إذ لا بد من مقاربة اقتصادية تتمثل في توفير الشغل المغري بالحياة الطبيعية العادية التي تصون الكرامة ، وتدفع اليأس عن نفوس الشباب العاطل الذي يجد الملجأ في الجريمة. لا بد من معالجة ظاهرة الهدر المدرسي من خلال تحيين النصوص التنظيمية والتشريعية لوزارة التربية الوطنية الخاصة بمعالجة هذه الظاهرة المستفحلة . ولا بد من مؤسسات تربوية تستوعب المتسربين من مختلف الأعمار ولا بد أن تتوفر على طرق علاجهم من الانحرافات المختلفة عن طريق خبراء ومختصين . ولا بد من معالجة ظاهرة الهجرة على اختلاف أنواعها فما دامت السلطات المحلية تضبط أحوال الساكنة عن طريق دوائر إدارية على علم بمن يسكن فيها بشواهد سكن وببطاقات الهوية ، فلا يمكن أن توجد جيوش من غير القاطنين لا في المساكن ولا في الفنادق مما يحول بعض جهات المدينة إلى أوكار للعصابات .
فعلى سبيل المثال يفد على المدينة مئات المهاجرين الأفارقة دون ضبطهم أو معرفة سبل هجرتهم والعصابات التي تقف وراء هجرتهم . فكما يفد على المدينة المهاجرون الأفارقة تفد عليها أيضا عصابات اللصوص والفارين من العدالة من أصحاب السوابق . فكما فشلت المقاربة الأمنية في الحد من هجرة الأفارقة فهي كذلك فاشلة في التصدي لعصابات الإجرام والسرقة والسطو. ولا بد من مراجعة نظام الإصلاحيات التي لم تعد تحقق أهدافها على الوجه المطلوب حيث يزداد روادها إقبالا على الجرائم والانحرافات ولا يستفيدون من الإصلاح والتصحيح بل يزدادون فسادا وإفسادا حيث يحتك من يرتادها أول مرة بأصحاب الجنح الضالعين في الانحراف فينقلون عنهم تجاربهم السيئة ويصيرون بعد ذلك مجرمين محترفين بعدما كانوا مجرد هواة .
لا بد أن يعود نظام تشغيل نزلاء الإصلاحيات خارج نطاقها في شق الطرقات في البوادي والجبال وفي استصلاح الأراضي لأغراض زراعية لتوفير القوت ، والتشجير من أجل توفير الغطاء النباتي . فلا يعقل أن تتحول الإصلاحيات إلى أماكن للنوم والأكل والسمر والسهر وتبادل الخبرات في مجال احتراف الجرائم والانحرافات الخلقية. لا بد أن يتحمل نزلاء الإصلاحيات مسؤولية الحصول على قوتهم وعلى مصاريف إيوائهم في المؤسسات الإصلاحية كما يتحمل غيرهم مسؤولية ذلك . فإذا كان كل فاشل يجد سريرا في الإصلاحية فكل الناس بإمكانهم أن ينهجوا نفس النهج. ولو كانت الإصلاحيات مكانا غير مرغوب فيه لما تبجح وافتخر من يرتادها باستمرار بالعودة إليها حيث صارت كثرة ارتيادها مفخرة عند البعض . فلو أن هؤلاء المفاخرين بارتياد الإصلاحيات شغلوا في شق الطرقات في بين الجبال ، وفي التشجير ، وفي استصلاح الأراضي ، وفي شق قنوات الري ، وقنوات المجاري ، وفي تنظيف البيئة لما فكروا في العودة إلى الإصلاحيات أو الافتخار بذلك ، وربما كان ذلك سببا في توبتهم ، وفي وعيهم وفي تصحيح مسارهم .
فلا يعقل أن يكون المواطن العادي المنضبط محترما للنظام والقانون يدفع الضرائب ، ويقوم بواجبه في حين يعيش غيره عالة عليه ، ويهدد أمنه وسلامته وعيشه واستقراره. فليس من الصعب على المواطنين التجند في عصابات مضادة لعصابات الإجرام وإلحاق الأذى بها واستئصال شأفتها ، ولعلنا نسير نحو هذا الخيار إذا ما عجزت المقاربة الأمنية عن الحد من الانفلات الأمني. لقد أمر ديننا الحنيف بقطع يد السارق لأن اليد هي الجارحة الباطشة ، وبمجرد تعطيلها يتعطل البطش ، لهذا لا بد من تفعيل شرع الله عز وجل بعد استشارة أهل العلم من أجل ردع المجرمين ، ولا يعقل أن نخشى تطبيق شرع الله خوفا من انتقادات الأمم الضالة التي تساهم ثقافتها من خلال ما تصدره لنا عبر الفن السابع في التشجيع على الجرائم. فإذا كان قطع اليد عملا مستهجنا في نظر من لا علاقة له بدين الله عز وجل ، فلا يعقل أن يكون كذلك في نظر من يدين بدين الله ذلك أن الذي فرض الصلاة والزكاة والحج والصيام ، هو نفسه الذي أمر بقطع يد السارق وجلد الزاني ورجمه .
ولا بد أن تفكر الجهات المسؤولة في تعطيل الأيدي الباطشة سواء عن طريق البتر كما شرع الله أو عن طريق الشل إذا ما أفتى علماء الأمة بذلك درءا للمفسدة . ومن المؤكد أنه لو شلت بعض الأيدي لكان ذلك رادعا للجميع . وأخيرا إذا ما تأكد المجرمون من ضعف السلطة في البلاد فإن ذلك سيقود حتما إلى التسيب أو العودة إلى ما يسمى زمن السيبة . وإذا كنا قد وضعنا مدونة للأسرة وأخرى للسير حفاظا على الأسرة والحياة فلا بد من وضع مدونة للسلم المدني تكون أشد صرامة من مدونة الأسرة و مدونة السير بحيث لا يمكن أن يوجد في المغرب مكان لمن يهدد أمن مواطنيه من خلال إجراءات قوية الردع . فمتى سيفكر المسؤولون في مؤتمر جهوي أو حتى وطني يضم كل الفعاليات لتدارس معضلة الانفلات الأمني ؟
وإلى متى ستظل السلطة الرابعة هي السلطة الوحيدة المعنية بالانفلات الأمني دون غيرها من السلط ؟؟؟




3 Comments
اليوم يكاد الكل يجمع على وجود انفلات أمني في المدن المغربية. الناس يخرجون في مسيرات احتجاجية مطالبين مصالح الأمن بحماية ممتلكاتهم وملاحقة المجرمين وتشديد العقوبات في حقهم. وليس خافيا على الدولة أن أحياء كثيرة في المدن سقطت في قبضة المجرمين وقطاع الطرق وتجار المخدرات وأصحاب السوابق، إلى الحد الذي أصبح معه هؤلاء المنحرفون يختطفون التلميذات القاصرات في وضح النهار من الشوارع ويغتصبون النساء المتزوجات تحت التهديد بالسيوف في المنعطفات.
السؤال الذي يطرحه المغاربة اليوم أمام هذه الهجمة الشرسة للمجرمين والمنحرفين على ممتلكاتهم وأبنائهم ونسائهم هو: ماذا تصنع الإدارة العامة للأمن الوطني لكي تضع خطة أمنية مستعجلة لكبح سعار هؤلاء المجرمين الذين يؤرقون المواطنين ويهددون أمنهم؟ أين هي فرق التدخل السريع التي يسمنون ويدربون أفرادها في أكاديميات الشرطة، والتي يخرجونها فقط عندما يتطلب الأمر إخماد احتجاج شعبي؟
ألم يحن الوقت بعد لإخراج هذه الفرق المدربة وقوية البنية وتزويدها بالأسلحة الأوتوماتيكية الحديثة والكلاب البوليسية المدربة لكي تقوم بجولات في الأحياء الساخنة للمدن التي تنام تحت رحمة السيوف والخناجر؟
إن المواطنين يتساءلون عن سبب غياب الدوريات الأمنية عن أحيائهم التي تسلط عليها المجرمون والمنحرفون من كل نوع، والاكتفاء بشرطي أو اثنين في مخافر قذرة تفتقر إلى أبسط شروط الأمن، ترفرف فوقها راية ممزقة.
أين هي «شرطة القرب» التي رغم تجاوزات بعض أفرادها، افتقد المواطنون حضورها في أحيائهم. فقد كانت سيارات ودراجات هذه الشرطة تصيب المجرمين بالذعر وتذكرهم بوجود شيء اسمه القانون في البلد. اليوم، نرى كيف يتعرض أفراد الشرطة أنفسهم للضرب وسرقة أغراضهم من طرف المجرمين والمنحرفين، دون أن تتدخل الإدارة العامة لصيانة هيبة الأمن.
إن الوضع الأمني المتردي في المملكة أصبح يتطلب ما هو أقوى وأشد من مجرد تدخلات رجال أمن عاديين. إننا نتحدث عن تلك الفرق المدربة على مكافحة الشغب، والتي يسمنون أفرادها في الثكنات. لقد جاء الوقت لكي تخرجهم الإدارة العامة للأمن الوطني من الظل لكي يقوموا بإعادة الأمن إلى الشوارع والأحياء التي وقعت تحت قبضة المجرمين والقتلة والمنحرفين.
فالناس أصبحوا محتاجين إلى الشعور بالأمن قبل أي شيء آخر. وتحقيق هذا المطلب يمر بالضرورة عبر تجسيد الحضور الأمني ماديا في الأماكن العامة. يجب أن يعرف الناس أن وزارة الداخلية تفكر في أمنهم وتتجاوب مع مطالبهم. وتحقيق هذا المطلب يحتاج إلى تغيير جذري لصورة رجل الأمن في المغرب.
فالأمن، كما هو في الدول التي تحرص على حماية هيبة مؤسساتها الأمنية، ليس مرادفا لعناصر متهدلة البطون أو لهياكل عظمية تلبس الزي الأمني. رجل الأمن يجب أن تكون بنيته قوية ولباسه أنيقا ووقفته تفرض احترام القانون والخوف من تجاوزه.
للأسف الشديد، ما نراه في شوارعنا من حضور أمني لا يدعو إلى شيء آخر غير السخرية والتندر. ولذلك، فلكي يسترد الأمن هيبته يجب، أولا، تغيير صورة رجل الأمن المنتشرة في الشارع العام. يجب أن يكون الحضور الأمني مرادفا لاستعراض القوة بدون شطط. يعني أن يشعر المجرمون والمنحرفون بالخوف عندما يسمعون «حس» رجال الأمن وهم يقومون بجولاتهم التفقدية، لا أن يشعروا بالتفوق عليهم ويجرؤوا على رفع سكاكينهم في وجوههم.: لماذا لا تريد الإدارة العامة للأمن الوطني نشر وحدات أمنية مدربة في النقط السوداء للمدن المغربية والقيام بجولات ليلية في الأحياء الساخنة، ما دامت تتوفر على الوسائل البشرية للقيام بذلك؟
الجواب واضح يا أخي رجال الأمن و خصوصا في الجهة الشرقية يستفيدون ماديا من هذه العصابات .لا اتصور أن رجال الأمن لا يعرفون أماكن و مساكن هذه العصابات لذلك بما أن الشعب يخاف حتى من الاحتجاج على إدارة الأمن فهؤلاء يفضلون رشاوى أصحاب المقاتلات و طتدويرة مروجي القرقوبي و المخدرات » و بركة بائعي الخمر في الأحياء الشعبية . فمثلا في حي المير علي تعرف إدارة الأمن و واليها أن هناك نقطتين لبيع الخمر و نقطة لبيع المخدرات فلماذا لا تقوم بواجبها ؟
ELLES SONT OU LES ASSOCIATIONS?ELLES PEUVENT ORGANISER UNE MARCHE BLANCHE,ET SOLLICITER L INTERVENTION DIRECT DU ROI.