Home»Régional»القرار السياسي العربي الإسلامي بين القناعات والاملاءات

القرار السياسي العربي الإسلامي بين القناعات والاملاءات

0
Shares
PinterestGoogle+

من أكبر المعضلات التي تعرفها الساحة العربية والإسلامية معضلة القرار السياسي وهو العقدة بين الساسة وشعوبهم ؛ وهي عقدة أساسها القوانين والتشريعات المتفقة بشأنها بدءا بالدساتير وانتهاء بما هو دونها. ولا تعتبر الشعوب نفسها حرة إلا إذا تأكدت من أن قرارها السياسي مصدره قناعاتها.
ومعظم الشعوب العربية الإسلامية تعتمد في دساتيرها العقيدة الإسلامية إما كمصدر وحيد للتشريع أو كإطار قد يسمح ببعض المصادر التي لا تتنافى مع الإسلام ؛ وهذا يعني أن القرار السياسي يكون حتما تابعا لهذا المصدر المهيمن ؛ وهو ما يطرح مشكلا بالنسبة لهذه الدول التي تدين بدين الإسلام فما حقيقة هذا المشكل ؟؟؟
غالبية الدول العربية الإسلامية تعيش تناقضا صارخا في قراراتها السياسية ؛ فهي موزعة بين قناعات شعوبها وبين ضغوطات الاملاءات الأجنبية ؛ وهذا الوضع يجعل الساسة في هذه الدول يحاولون التوفيق بين مطلبين متناقضين تناقضا صارخا.
القناعات التي تؤيدها الشعوب هي المرجعية الإسلامية في الحكم والقضاء وتدبير الشأن ؛ وهذه القناعات هي التي تجعل الشعوب تتمسك بحقوقها كحق استرجاع أرض فلسطين كاملة غير منقوصة ؛ وحل جلاء القوات الأجنبية من أراضيها ؛ وحق التصرف في ثرواتها بحرية ؛ وحق العيش وفق عقيدتها ووفق قوانين الشريعة الإسلامية ….والاملاءات الأجنبية هي التي تجعل الساسة يقبلون بالحقوق المنقوصة كما هو شأن فلسطين بحدود 67 أو أقل ؛ ويقبلون بوجود أكبر قواعد وأكبر عدد من القوات الأجنبية على أراضيهم ؛ وبقبلون بسيطرة شركات أجنبية على مصادر الثروة …..
فالقضية إذن معضلة يعسر حلها.ونظرا لهذا الوضع غير الطبيعي تبدو البلدان العربية الإسلامية في فوضى عارمة؛ ولا يمكن القول بوجود استقرار سياسي؛ فالاستقرار السياسي قناعة وليس إكراه يعتمد قوة الشرطة والجيش لإسكات كل دعوة مناهضة للتبعية الأجنبية.
إن محاولة التوفيق بين القناعات والاملاءات هي التي جعلت الساسة العرب والمسلمين يقدمون على قرارات غريبة لا يقبلها عقل ولا منطق ؛ فهم لا يريدون الانفصال عن إرادة شعوبهم ولو ظاهريا ؛ كما أنهم لا يطيقون الجهر بمواقف شعوبهم أمام طغيان الأجنبي. ومن هذه القرارات الغريبة التشبث بالسلطة لأكبر مدة ممكنة مع إعداد الأنجال لمواصلة البقاء في هذه السلطة ؛ وهذا ما يدفعهم لتغيير فقرات الدساتير وتطويعها لتحقق المآرب ؛ وهذا ما يدفعهم للتزوير بكل أشكاله ليتحقق الهدف الذي هو في الحقيقة إملاء أجنبي قبل أن يكون إرادة شعوب.
والاملاءات الأجنبية هي المسئولة عن ضبط العلاقة بين الساسة والرعايا ؛ فإذا ما رفض الأجنبي عينة من الرعية تحمل مشروعا يناقض مشروعه فانه يوحي إلى الساسة باضطهاد هذه العينة والتضييق عليها وحرمانها من أبسط حق الذي هو حق الاختلاف الذي تضمنه مواثيق الأمم المتحدة.
وفي هذه الحالة يصبح من اللازم على كل شعب عربي مسلم أن يناقش قناعاته مع الأجنبي قبل أن يجهر بها داخل وطنه ما دامت الاملاءات تتدخل في نهاية المطاف لحسم الأمر.
إننا نذهل أحيانا لوضعيات مزرية تعيشها بعض طوائف الشعوب داخل بلدانها لمجرد أن قناعاتها تعاكس الاملاءات الأجنبية فالأمر قد يصل إلى إعدامات وسجون واضطهادات …. ولعله من المؤسف أن ينقل المواطن العربي المسلم إلى معتقلات وسجون أجنبية رهيبة دون أن يتدخل الساسة للمطالبة بإطلاق سراحه لأنه يمثل كرامة فهو فرد من الشعب ؛ وهو في حالة اعتقال دون محاكمة خلاف لكل الأعراف والمواثيق الدولية ؛ فإذا ما نكل به الأجنبي عاد إلى بلده ليجد نفس التنكيل لمجرد أن الأجنبي صنفه في خانة معادية.
وتشهد البلاد العربية والإسلامية بين الحين والآخر حملات اعتقال واسعة النطاق مباشرة بعد الاملاءات الأجنبية ؛ وتكاد هذه الاملاءات تحل محل الدساتير والقوانين. فكل العرب والمسلمون متهمون حتى تثبت الاملاءات الأجنبية براءتهم ؛ علما بأن هذه الاملاءات ماهي إلا مصالح أجنبية على أرض الأمة العربية الإسلامية.
إن أكبر تهمة توجه للشعوب العربية الإسلامية هي تهمة استرجاع المقدسات وعلى رأسها بيت المقدس واسترجاع الخيرات؛ إلى جانب تهمة تطبيق الشريعة الإسلامية التي تجر البساط من تحت الشرائع الغربية العلمانية بأسس يهودية مسيحية لا ينكرها جاحد.
ولعل الواقع خير شاهد على صراع القناعات والاملاءات ؛ فالاملاءات ترفع من تشاء وتضع من تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء مع أن الملك ليس بيدها بل بيد الله عز وجل.الاملاءات هي التي قضت بالإطاحة بصدام ومحاكمته والحكم بإعدامه ليكون عبرة للساسة الذين يميلون عن الاملاءات إلى القناعات؛ والاملاءات هي التي أعطت الحق لإثيوبيا لغزو الصومال ….. الأمثلة كثيرة لا حصر لها
فمتى يزول عصر الاملاءات ويهل عصر القناعات ؟؟ ومتى نحصل على حرياتنا حقيقة ؟؟
الجواب عند الشعوب كما حدثنا بذلك التاريخ ؛ وكما أخبرنا بذلك صاحب خبر السماء عليه السلام الذي قال : ( كما تكونوا يول عليكم ) وكما عبر عن ذلك شاعرنا الحكيم : نعيب زماننا والعيب فينا.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *