Home»Régional»مدينة وجدة ونزيف نهب المال العام

مدينة وجدة ونزيف نهب المال العام

1
Shares
PinterestGoogle+

ليس ثمة بين كافة القوانين السماوية والوضعية قانونا لا يحمي المغفلين لكنه بالمقابل يحمي المجرمين و يسد عينيه ويغلق أذنيه ويطلق أياديهم في متاع الدولة وخيرات البلاد و أموال الشعب يعيثون فيه فسادا ، لكن بالمغرب نتردد قولة مفادها إذا ( دخلت المغرب فلا تستغرب ) و الظاهر أنها جاءت لتبرر المتناقضات التي تزخر بها المساطر القانونية التي تقاضي الأبرياء و تسرح المجرمين …. لا أعني جناة الحق العام، فأولئك تتولاهم العدالة بما أوتيت من استقلالية زائفة و نواقص وسلبيات ومثالب تخبط خبط عشواء.. لكن أعني لصوص المال العام و الفساد الإداري و التزوير في المحاضر الحكومية و المحررات الرسمية والفواتير، و مافيات السلب والنهب الممنهج وتبديد أموال الشعب في الحفلات والبهرجة والولائم ، و عرابو المتاجرة في الروث ( المازير) ، و وصولات البنزين و المحروقات ، و رخص البناء ، وتجهيزات الإنارة العمومية و الصرف الصحي ، و الصفقات المشبوهة والمشاريع المجهضة ، و الميزانيات المليئة بالاختلاسات والخروقات ، ونهب الموارد الجماعية وصرفها في أمور غير الدور الموكول إليها …

حتى أننا بتنا نتندر بإمكانية تواجد أبطال عالميين في التزوير والنصب و الاحتيال ، وتسجيل أرقام قياسية في النهب و الاختلاس و السرقات في مدينةوجدة
.. و المتتبع يتذكر الملفات المتورمة بفعل الفضائح التي ارتكبها رؤساء الجماعة السابقين البرتقالي والأزرق و الأصفر والفستقي و الحجري الذين نهبوا واختلسوا وفوتوا و تصرفوا ورشوا وارتشوا و كانوا واصبحوا .. وقد شكلت هذه الأنساق و الممارسات و السلوكيات المتمثلة في الجمع بين المتناقضات و الجهل والعجرفة والغطرسة والغرور و الكبرياء الفارغ و الزهو والانغلاق و سوء التسيير إحدى سمات المشهد الجماعي و على رأسه الجهاز ألمخزني الذي رعى مظاهر الفساد تلك، وأصبح مفهوم السيبة ملازما للمخزن بعدما كان قديما سبة للرعية لقمعها و جلدها والزج بها في غياهب السجون، قصد تعزيز قبضته للاستفراد بتدبير الشأن العام واستغباء المواطنين واحتقارهم .. و عندما نصيخ السمع لأدني مسئول و هو يتكلم عن المفهوم الجديد للسلطة ، ويعرض رؤيته للواقع المحلي ، و يبسط طروحاته بزخرفة مفاهيمية مركبة و تنميط والغ في الالتباس نتخيل أن هؤلاء الناس تحرروا من عقدهم ، و استوعبوا فعلا التحولات التي تفرضها المرحلة ، ويرغبون في توظيفها للانخراط في عملية البناء والتشييد و التنمية التي يقودها عاهل البلاد ، لكننا نصاب بالدهشة العظمى والأسى العميق و نحن نواجه بالعنجهية و انهيار المشاريع التنموية و بالأبواب الموصدة للإدارات التي يرابط أمامها رجال غلاظ أجلاف لا يخافون ولا يرحمون…
و لنا في مقتطف من خطاب ملكي العبرة حيث قال أمام المجلس الأعلى للتخطيط والإنعاش الوطني المنعقد بتاريخ 04 – 05 – 2000 :
( إن البيروقراطية الإدارية تعتبر من اكبر عوائق التنمية. فالإدارة بإجراءاتها المعقدة وسلوكاتها الرتيبة وسوء تدبير المرفق العمومي يضاف إلى ذلك انكماشها على نفسها و عجزها عن التواصل مع محيطها و الاستماع لانشغالات المتعاملين معها يؤدي إلى توليد ظواهر سلبية تتمثل على الخصوص في اللامبالاة إزاء مصالح المواطنين وكذلك المستثمرين وسوء إرشادهم الشيء الذي ينتج عنه شلل في الحركة الاقتصادية بكاملها و بالتالي التنمية الشاملة التي تستهدفها )..
ويتداول هذا الخطاب تيمات سياسية بالغة الدلالة تسعى لنزع طابع المخزنية عن الملكية ويشير إلى أن هناك تحولات صحية تحصل في مغرب العهد الجديد مهما اختلفت القراءات تشي بالانتقال الديمقراطي واستيعاب المفهوم الحداثي للسلطة والتنمية والانفتاح و ثقافة حقوق الإنسان و سياسة القرب و الحوار و اللامركزية واتساع هامش الحريات وفتح الأبواب أمام المواطنين والقطع مع كافة أنماط التسلط والاستبداد التي كرسها العهد البائد الذي هيمن عليه التسلط المخزني و الفساد الإداري .. وهذه إرهاصات تولد أحلاما وردية تجعل المرء يستشعر نوعا من الأمان وكأن الحياة قد تغيرت ، و هي أوهام تواجه بتعنت النخب السياسية بمختلف أطيافها و التي تأبى إلا أن تمسخ هذه المخزنية و تطوروها إلى صيغ نيومخزنية هجينة تأبى المشاركة في العملية الديمقراطية التي تبدأ من القاعدة وذلك للإبقاء على انغلاق المؤسسة المخزنية حتى لا يمكن اختراقها لأنهم هم المستفيدون من بقاء الأوضاع على حالها ، ويمارسون نوعا من الحصر السياسي والاجتماعي ، ويجاهدون لفتح المصراع لنشوء نخب سياسوية انتهازية ذات حمولات تحريفية تكرس أزمات بنيوية مفتعلة تشكل تيارا ضد السير الطبيعي والمنطقي للتاريخ.. ولا يزال التاريخ يذكر رموزها بوافر من الحقد و الكراهية والنقمة كباحماد والكلاوي و العيادي و الكتاني واليوسي و أكديرة و أوفقير والبصري والعديد من الكائنات الطفيلية التي نمت وتسرطنت بحضن النظام واشتد عودها ، وامتدت أياديها إلى مال الشعب وخيراته وثرواته ورماله وبحره تعيث فيه نهبا وفسادا ، و لم تسلم منها القصور و الممتلكات والاقامات الملكية حتى …
.. نسرق الهبات الدولية الممنوحة للكوارث والزلازل ونعمق الجرح جرحين ، ونمد أيادينا لقوت نزلاء الخيريات ودور الأيتام ، ونطمع في حريرة الفقراء و المعوزين ، و نمد أيادينا لجيوب المحتاجين والغلابة من الشعب لقاء استخلاص وثيقة رسمية او قضاء غرض إداري …

ووجدة من الحواضر التي شكلت وجهة العديد ممن يرون أرزاقهم في جيوب المواطنين من رجال سلطة ودرك وامن وموظفين صغار ومصرفيين انهوا بالكاد تحصيلهم الثانوي، و بعض المدرسين الذين استوطنت مخيلاتهم بدل حرقة المعرفة غواية المال الحرام والحذلقة ، إلى أتفه مستشار يقتصر دوره على رفع أصابعه عند التصويت على كل ميزانية مليئة بالخروقات والتجاوزات ، و التي يسيرها غالبا الجهاز ألمخزني ، ويقرر لها الباشا ، و يمشيها العامل حسب هواه بطريقة التحكم عن بعد ..وتلك سلوكيات مريبة من شأنها الإبقاء على الأمور كما هي عليه و تترك دار لقمان على حالها ليتسنى لهم نهب البلاد و مراكمة الثروات والاغتناء على حساب سذاجة المستشارين و جهل المواطنين و فراغ المدينة ، باعتبارها منطقة منجمية تضم مزيجا من شرائح المجتمع ألمغريي ، ما أن يحال المرء على المعاش حتى يحزم حقائبه ، ويقفل راجعا إلى مسقط رأسه ..
و تعد مدينة وجدة أشد المناطق فقرا و تخلفا و تهميشا و اقصاء و تلوثا و عطالة ، لاعتماد مكوناتها على اقتصاد ريعي ، وتسلط هيئات منتخبة كل همها هو الدفع بالمنطقة إلى الهاوية بالرغم من تواجد عدة مؤهلات أهمها ..
كونها مدينة حدودية تنشط فيها تجارة التهريت
– تحويلات مالية لجالية المنطقة..
– نشاط تجاري غير مهيكل…
– فلاحة متاثرة بالظروف المناخية
– بزوغ عقلية مقاولاتية تصتدم بعناد المسؤولين و تجابه بالعراقيل الجبائية..
– تحصيلات جبائية مهمة ..

و بالرغم من تعاقب العديد من المجالس منذ فجر الاستقلال فان المستشارين لم يشكلوا غير خيالات ظل و قطع لتأتيت المشهد الجماعي ، يصوتون دون قناعة على حسابات إدارية تم تبديدها ونهبها مع سبق الإصرار و الترصد ، للإبقاء على تخلف المنطقة و إقصاء أهلها وإبعادهم بسلوكيات بيروقراطية مقيتة للاستحواذ على زمام الأمور ، لأنهم لا يؤمنون بالتنمية … هذا إذا سلمنا أولا بان التنمية لغويا تحيل على النمو والنماء واستخدام الوسائل وكافة الجهود من اجل تفعيل كافة المؤهلات المحلية و جعلها أداة من آليات التنمية الشمولية ، وإشراك كافة شرائح الشعب فيها .. ولأنها من جهة أخرى سلوكا وفنا ونزاهة وأخلاقا وممارسة وإمكانيات بشرية ومؤهلات اقتصادية و جغرافية .. و هذه أخلاقيات لا يؤمن بها المسؤولون ، لان التنمية تخيفهم ، كونها تدفع البلد للتحول و التطور والازدهار وفك الحصار عن العقليات المتحجرة و سحب البساط من تحت أقدام الانتهازيين ، ولا تخدم توجههم ولا ترضي تطلعات الجشع ألمخزني المجبول على شعار ( كل ووكل ) ، وتدفعه لبذل كافة الجهود للإبقاء على المنطقة تحت الوصاية والممارسات المشبوهة ، وذلك لاقتسام الخيرات و الموارد و التلاعب باعتمادات الجماعة ، و لهذه الأسباب كلها تسعى الجهات الوصية لسد الأبواب بوجه المواطنين الذين يرون في التسلط البيروقراطي نقمة أساسها الاستبداد والغرور ، و دعامتها الشطط في استعمال السلطة و الرشوة و( القهوة ) و المحسوبية .. و لهذه الأسباب أيضا وأيضا بقيت المدينة مهمشة تشي بالموت واليأس والإحباط والغثيان والتخلف والإقصاء بدل الحياة والارتياح والأمل والانفتاح و البناء والازدهار ، لان الأعضاء المعتمد عليهم في عملية الدفاع عن المدينة لا يدافعون سوى عن مصالحهم ، و لا يمكن تأمينهم على الشأن الجماعي ، بل جاءوا نتيجة تزوير إرادة الجماهير الشعبية ، و نتيجة غير حتمية لانتخابات مزورة غير حرة ولا نزيهة ولا شفافة ، ولا تتناسب مع تطلعات الجماهير، بل قائمة على الولائم ، والوعود الكاذبة والكلام المنمق و المعسول ، والكثير من الادعاء و الحربائية ..

فالكل يعرف حق المعرفة اغلب المستشارين ومستواهم الاجتماعي والاقتصادي ، وكيف أصبحوا بين عشية وضحاها من أصحاب الأملاك والعقارات والسيارات والأرصدة جراء كذبهم، و احتيالهم، ورياءهم، و متاجرتهم في الألوان الحزبية ، و تبديل جلودهم كالثعابين .. فاغلب الذين سيروا الشان الجماعي طيلة هذه السنوات كانوا إما أرباب محلبات أو مربين في رياض أطفال أو مستخدمين أو عاطلين أو باعة بسطاء أو أصحاب ورشات لإصلاح الدراجات أو مدرسين لا يلتحقون بحجرات الدراسة أو حرفيين بدون مؤهلات ، و نحن إذ نسوق هذه الصفات لا نسوقها بصيغ قدحية ، لكن للتأكيد على أنهم يشكلون لقمة سائغة في فك المخزن ، و من السهل استدراجهم للخطيئة و التواطؤ معه ضد مصلحة الشعب ، وان همهم كل همهم هو استخلاص نصيبهم من ميزانية الجماعة لشراء صمته و لضمان تصويته على ميزانية مليئة بالخروقات و التجاوزات والثغرات ، ومفصلة على مقاس البطون والجيوب ، و الكل يعرف اصل هذه الشريحة الانتهازية التي تمثل حثالة البورجوازية الصغرى عدوة التطور والتقدم ، و التي تستفيد من طيبوبة المواطنين و سذاجتهم وحسن نواياهم وصدق مشاعرهم ، و التي ما إن تصعد حتى تتنكر لمبادئها و أصولها الوضيعة و الحقيرة ، و تكرس وصوليتها ، و تختزل تطلعاتها الطبقية في الهرولة و التزلف والانبطاح أمام مكاتب السلطات ، وتنسج ارتباطاتها الموبوءة و المريبة مع المخزن وأذنابه ، فتنسى مشيتها وتتسلق و تمتص دماء الشعب في أول فرصة سانحة تتاح لها وبطرق اشد وقاحة ووحشية ورعونة ، وتشكل الجسر الهش الذي تعبره الطبقات الغنية والبورجوازية الكبرى لاستغلال الطبقة الكادحة و نهبها ، ومراكمة الأموال والاغتناء الغير الشريف واللامشروع على حساب الجماهير …

والقادم إلى المدينة ، لا يسعه سوى الاستغراب و الدهشة عن مدى التخلف و البؤس و الفراغ و التلوث الذي يلف المنطقة ، والخصاص المهول على كافة الأصعدة ،
وللمرء أن يتساءل عن كمية المشاريع المنجزة، والطرقات ، والحدائق المزروعة ، و المنتزهات التي تفتح النفس و ترضي العين ، ودور الشباب ، والأحزمة الخضراء ، والأحياء المهيكلة ، و المركبات الرياضية ، و الأرصفة المبلطة ، والمستشفيات المجهزة ، والمرافق الاجتماعية الحيوية ، و المناطق الصناعية ، و الأسواق النموذجية ، و الأنشطة التجارية لإنعاش الاقتصاد المحلي ، و المشاريع التي تجتذب السياح و تشدهم ، و الأنشطة الني تنظم على شرف أفراد الجالية المغربية للترويح عليهم من هموم الغربة ووطأة الحنين وتخفف عليهم وعثاء السفر ، إلى غير ذلك من المشاريع المهمة الأخرى التي تعد من واجبات و أواليات المجلس الحضري …
و لنا أن نجيب بصيغة المتشائمين على من يهمهم الأمر من وزراء التجهيز والداخلية والصحة والفلاحة و الشباب و العدل والمدير العام لمجموعة المكتب الشريف للفوسفاط ، و الولاة والمسئولين ، ومن تحفزهم الغيرة على هذا الوطن السعيد ، و للغرباء عن المنطقة أيضا ، و في وجه كل من يقولون نعم بدل قولهم لا للتصويت على ميزانيات منهوبة بان كل المجالس السابقة كان همها الاختلاس والسرقات و النهب و التزوير والضحك على إرادة الجماهير ،
ولا يسعنا سوى التساؤل عن اللوبيات المستفيدة من إبقاء الأمور كما هي عليه ، واستعمال الميزانيات لخدمة الأغراض الشخصية الضيقة ، بالرغم من أننا نعرف مسبقا من هم هؤلاء المستفيدون من كل الأوضاع المتردية التي تتخبط فيها المنطقة و المدينة..

والتماطل في إيفاد لجن التفتيش التابعة للمجلس الجهوي للحسابات لمعاقبة المجرمين واللصوص و حماية المال العام من النهب والتبديد، ومنحه هدايا لإرضاء ممن يتسترون على تلك الفضائح المالية و الاختلاسات الجسيمة ، حتى أن المرء بدأ يخالجه الشك في نزاهة تلك اللجان ، وفي إمكانية وجودها أصلا ، لأننا لم نر يوما رئيس جماعة أو باشا أو قائد أو مسؤولا يحاكم من اجل الفساد الإداري ، أو بقانون من أين لك هذا ، ويودع السجن و تحجز كل ممتلكاته ، أو يسرح و يذهب إلى حال سبيله يرعى ماشية أهله ، إن كان لأهله حقا ما يستحق الرعي …

نقوس المهدي

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

2 Comments

  1. Mohamed Bourakba
    06/09/2010 at 03:02

    Merci pour cet article ! J’espère qu’il sera lu par des responsables en haut lieu et que des réponses lui soient données. Tout ce que vous dites est vrai et nous attendons ,comme vous,que votre appel soit entendu.

  2. Finland
    07/09/2010 at 15:28

    أشكرك على هدا المقال الجيدلو كانت هناك أذان صاغية لكن للاسف الشديد هذا ينطبق حتى على المواطن البسيط والمتوسط. ربما تتسائل كيف هذا
    انظر الى الأرصفة فهي اصبحت خاصة كل بيت مستولي على الرصيف الدي امامه محاط بسياج كانه ملكه الخاص
    في المنطقة الشرقية ممكن ينطبق علينا في قوله تعالى يخرتون بيوتهم بايديهم)بعد كل هذا النهب والسرقة والفسادوووووو…. رغم ان الآية نزلت في حق اليهود
    واخيرا اطلب من صاحب المقال ان يسحب من مقاله كلمة القوانين السماوية لان هده الاخيرة لا تحمي المجرمين بل تعاقبهم

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *