Home»Régional»تشكيل الحكومات العربية بين إرادة وطنية وإرادة التبعية

تشكيل الحكومات العربية بين إرادة وطنية وإرادة التبعية

0
Shares
PinterestGoogle+

يقول المثل المغربي العامي : ( إذا قمر بان ) بتشديد ميم قمر إذا صح التعبير؛ ويقصد بذلك انكشاف الحقيقة. لقد انكشفت حقيقة كيفية تشكيل الحكومات العربية ؛ فهي نتيجة صراع محتدم بين إرادات وطنية رافضة للتبعية الأجنبية ؛ وبين إرادات راضية بالتبعية. وهذا الذي انكشف من خلال الساحات العراقية واللبنانية والفلسطينية يحيل على ما يقع في باقي الساحات العربية؛ فمنذ كان تشكيل الحكومات في هذه الساحات كان هذا الصراں ويختلف ظهوره وضموره حسب الظروف. لقد تأكد مما يحصل الآن أنه لم تختر لنا حكومة في طول الوطن العربي بإرادتنا عبر تاريخنا الحديث ؛ وليست أهدف إلى تجريح النوايا واتهامها وإدانتها ؛ فالحكم لله الواحد القهار المطلع على الأسرار ؛ وإنما أقصد أن الجهة الموكل إليها تشكيل حكومة مهما كانت مناعتها الوطنية تجد نفسها أمام اكراهات الغرب المهيمن ؛ وقد تضطر إلى تعديل تشكيلاتها ؛ بل وتغيير قناعاتها لتتمكن من دخول الحلبة على الأقل ؛ وربما كان هذا التعديل هو فاتحة التبعية الاضطرارية التي قد تستفحل لتصير خيانة صريحة بحكم الواقع.
لقد بدأ تشكيل الحكومة العراقية وفق دعوى الإرادة الوطنية بهدف تسريع رحيل احتلال غاشم ومباغت لدولة كانت مستقرة آمنة قبل ثلاث سنوات ؛ ومع وجود ضغط المحتل بدأت الإرادة الوطنية تنحسر لصالح إرادة التبعية حتى صارت في نهاية المطاف دعوة صريحة لتكريس الاحتلال بعدما كانت الانطلاقة هي فكرة تسريع وتيرة رحيل الضيف غير المرغوب فيه.
وبدأ تشكيل الحكومة اللبنانية بهدف تخليص لبنان من كل تبعية؛ ولكن سرعان ما صارت القضية رهانا على التبعية تحت شعارات تضمر ما لا تظهر؛ وصار لبنان عبارة عن ولاية أمريكية يديرها سفير.
وبدأ تشكيل الحكومة الفلسطينية بهدف تخليص الوطن من نير الاحتلال ؛ وكانت نتائج الانتخابات هي تأكيد رغبة شعب في الانعتاق ؛ وليس الانتصار لطائفة على أخرى كما يعتقد . لقد كان في الساحة الفلسطينية طرحان رئيسيان: طرح المقاومة بكل أبعادها بما في ذلك حمل السلاح واستعماله ؛ وطرح المقاومة بكل أبعادها باستثناء حمل السلاح واستعماله لأن اكراهات المجتمع الدولي الداعم للمحتل الغاصب دخلت على الخط فحرمت ما كان حلالا . ولما اختار الشعب الفلسطيني خانة المقاومة ذات الشوكة بعدما مل طريق مسلسلات السلام ومسلسلات الخرائط ؛ وكان ما يسمى المجتمع الدولي وما هو بدولي عند التدقيق إنما هو غربي بهيمنة أمريكية يرغب في الخيار الآخر ؛ خيارالمقاومة غير ذات الشوكة ؛ ولكن جرت الرياح كعادتها بما لا تشتهي السفن ؛ فكان المحظور ولله الأمر من قبل ومن بعد. والغرب لم يستسغ حكومة إرادة وطنية بديلة عن حكومة تبعية ؛ فكان الحصار لغرضين : إما التركيع ؛ وإما إلحاق الهزيمة بحكومة غير مرغوب فيها غربيا وإسرائيليا ؛ ومن هنا نشأ الصراع بين إرادتين الأولى وطنية بلا مال وبحصار ؛ والثانية تابعة من أجل فك الحصار. إن القضية ليست تهمة خيانة تلصق بمن يريد رحيل حكومة حماس وإنما تهمة أخذ الاكراهات الغربية في الحسبان بل والانصياع لها . إن المنطق القائل بضرورة زوال حماس ليزول الحصار منطق الاحتلال بامتياز لا منطق الفلسطينيين؛ ولو صح هذا المنطق واستقام لزال كل من يرفض الاحتلال؛ والنتيجة هي زوال شعب برمته ما دام يرفض تسليم الأرض لعدوه. لم يفكر الفلسطينيون في انتزاع شرط مهم من الغرب قبل إجراء الانتخابات مفاده : هل تقبل أيها الغرب بالنتيجة كيف ما كانت دون أن تتسبب في تعطيل مهام وأداء أصحابها؟ فلو طرح هذا السؤال قبل الاستحقاقات لما أقدم شعب على اختيارات مستحيلة ولواصل انتفاضته لا يبالي بمسلسلات السلام المزعومة. أجل حكومة حماس فاشلة كما يريد الغرب أولا وكما يريد من يريد ذلك من أبناء الوطن الفلسطيني ؛ وكل حكومة في مكان حماس ؛ وفي وضعيتها أمام حصار خانق لا مفر لها من فشل ذريع مستحق حتى لو كانت حكومة جن من جند سليمان عليه السلام الذين تكون انجازاتهم قبل ارتداد البصر.
ومع زوال حكومة حماس لن يزول الإشكال سيظل الصراع قائما بين إرادة وطنية وإرادة تبعية مهما كانت اكراهات التبعية وبالرغم من صدق وطنية التابعين ونزاهتهم . فخيار الغرب معاكس للإرادة الوطنية حتما وبالضرورة فلا مجال للتبرير فالقضية واضحة وضوح شمس الضحى.
ومع انتهاء انتفاضة شعب لبنان كما يريد الغرب ومن هو على قناعته فلن يزول الإشكال بين إرادة وطنية وإرادة التبعية مهما كانت نظافة التابعين ونزاهتهم لأن خيار الغرب يناقض خيار اللبنانيين ؛ والقضية أيضا لا غبار عليها .
ومع انتهاء مقاومة الشعب العراقي كما يريد الغرب لتأكيد صواب رأيه ؛ وتكذيب من أكدوا فشله الذريع بما فيهم أهله وعشيرته ومن هو على قناعته فلن يزول الإشكال أيضا بين الوطنية والتبعية مهما كان عذر الأتباع.
إن دروس العراق ولبنان وفلسطين تجعل المواطن العربي على قناعة تامة وراسخة بأن الذهاب إلى صناديق الاقتراع مجرد مسرحية هزلية لأن الرابح في الانتخابات خاسر في النهاية إذا لم تكن عقيدته التبعية للغرب.
لم يعرف التاريخ استخفافا بإرادة الشعوب كما يعرفه اليوم ؛ فحكام العراق لا يبالون بمقاومة ؛ وكذلك سلطة فلسطين ؛ وكذلك حكومة لبنان لا تبالي بشعب في الشوارع ينادي بسقوطها لأن تيار التبعية بات أقوى من تيار الاستقلالية في الظروف الراهنة إلى أن يجد جديد بقدرة من بيده ملكوت كل شيء واليه الرجوع .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. amina
    24/12/2006 at 23:35

    c amina de oujda 3jabni had lma9al zwen bezzaf

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *