أنانية حكامنا العرب صفة بعيدة عن واقع المجتمع

إن فساد السياسة العربية وعدم استقرار الحكم فيها يظهر جليا على واجهة الأحداث الراهنة، إذ أصبح انقلاب كبير على صعيد التنظيمات الحكومية والجماهيرية، ولم يعد أي حاكم عربي جدير بهذا الاسم إلا مجموعة صغيرة جدا، ولا أي قطب يتمتع بالحريات العامة في حماية القانون ورعاية النضج السياسي الكبير، بل أنتج أمة عربية محرومة من أبسط حقوقها الديموقراطية والاجتماعية في خضم نضام البيعة العامة والشاملة لحكامنا وحكوماتهم والذين أصبحوا مسيطرين لا يعتبرون المبادئ ولا الواجب الإنساني. من هنا جلجل صوت الحق وفضح جبروتهم وأنانيتهم الغير مشورة، رغم أن الله ألقى على عاتقهم ميثاق الأمانة الكبرى وحملهم مسؤولياتها، ولم يزدهم هذا إلا نسخ مشوهة وكأنهم لا يعلمون أن المنادي سوف ينادي عليهم يوم القيامة وعلى كل ظالم ليا خد منهم كل ذي حق حقه
.
أنانية حكامنا وأتباعهم ما هي إلا ربقة في أعناقهم لحماية ودعم الصهيونية الأمريكية والشيوعية التي خلفت مجازر رهيبة، اخترقت العديد من الدول ونهبت الثروات والأعراض، حاصرت الشعوب ودنست العقيدة والأشخاص بمآمراتهم المتلونة، خلقت التنافر العربي في ظل خيارات مخزية ومتخاذلة التي وصمت بالضعف والتجريح والخيانة والتملق، فرضت العنف والدماء والضغائن المفرتكة بقوة الجماهير العربية وبنيتها التحتية، بسب تلك الأنانية العرجاء أصبح ولاة أمورنا ظل تابت وولاء شامل وتودد كامل لأمريكا وربيبتها إسرائيل وبعض حلفائهم الغربيين.
طغيان تلك الأنانية هي التي جعلت منا جماهير تتعدى المليار ونصف نسمة موزعون على أكثر من دولة، ذوي عقلية عصرية وقدرات كبيرة، لكن للأسف الشديد مستضعفة، بل جعلت من حكامنا أفراد لا يشعرون إلا بما لمس وجودهم، وأفكارهم لا تتجه إلا نحو ما يعود عليهم بالنجاح في تقلباتهم اليومية غير مبالين بما قد يصيب غيرهم في سبيل تحقيق المزيد من أغراضهم الذاتية ومنافعهم الشخصية، وكل ما يقودهم في الحياة هو الأنانية يتوجهون نحوها فلا يهتدون طريق إلا طريق استعباد واستغلال كل الطبقات الإنسانية وقهر واحتقار جماهيرهم.
ابرز الصفات الطبيعية في الإنسان هي التي تبرز وتعبر عن أعماق فرديته اعني هنا (الأنانية)، ومن المستحيل أن يفقدها أحد منا حتى ولو كان من أعظم الناس تجردا وأكثرهم بذلا، لأن فقدانها معناه انعدام الوجود الذاتي للكائن الحي، الأمر الذي لا يجوزا بدا، لكن يمكن أن نوجه الأنانية توجيها صالحا يجعلها مفتاحا لعظمة النفوس وسمو الشخصية أو نتركها تطغى فتنقلب إلى ترعرع خطير تصبح عبارة عن وحوش جارحة تلتهم من حولها، وهذا ما حصل لحكامنا وللأسف أصبح طغيانهم مصدر النقائض الاجتماعية التي يعاني منها المواطن في وسطه ويلمسها في وطنه، ولاة أمورنا هم من يتحملوا ظلم رعيتهم رغبة في إطفاء حاجياتهم وحرصا على جاه كاذب يستهويهم، أو كرسي زائف يغويهم بالتملق للأعداء الذين هم مصدر كل هذه الحروب والفتن الاستنزافية والاستعمارية.
- يا حكامنا… لا زالت بين أيدنا فرصة ذهبية تتماشى مع حاجيات الحدث، فل توجهوا أنانيتكم التوجيه الصحيح، وتأخذوا الحكمة على ما يجب أن تأخذ، حتى تصبح نورا يضيء أعمالكم وسراج يوضح لشعوبكم سبل الخلاص من ورطتهم، وتعرج بحضارتنا وكرامتنا معا رج السمو والكمال. بهذا سوف تصبح تلك الأنانية صالحة تنشد عنانها في طريق الإمحاح في المجموع والانغمار في الصالح والامتزاج بحاجياته، إذ لا تحس للأعمال قيمة إلا إذا كان من ورائها مصلحة عليا قومية ووطنية ونفع عام، ولا يعتبر المجهود فخرا إلا إذا قدم أثرا في جلب الخير للشعوب والأوطان ودفع الشر عنها.
- يتطلب منكم توجيه تلك الأنانية لصالح الأمة عوض أن تكون ضدها وهي الغاية التي عمل عليها الرسل والمصلحون ونادت بها الديانات السماوية والمذاهب الأخلاقية، فالحكم ليس أن يفعل الحاكم كل ما شاء ويأتي كل ما يريد لكنه أن يعد نفسه وطبقاته لمبدأ صحيح وعقيدة ثابتة يعمل لها، يكافح ويضحي من اجلها، تحقيقها يرعاه في سلوكه وأعماله وتفكيره بما تشتمل عليه من تفاصيل وما يحيط بها من جوانب.
- عظمة الحكام تتجلى في البذل والتجرد وتقوية حاسة الشعور بالأنانية السلبية التي تحد في عذاباتها من أجل سعادة الجماهير، وعزتها انكسار من أجل رفعة المجتمع ورقيه وإعلاء شأن أفراده كي تعيش الأوطان بأمن وأمان وسلام.
- البطولة أيها الحكام هو ما يصلح أن يكون قدوة صالحة لسائر البشر، ويكون عنصر قيم تعتز به حضارتنا وتاريخنا وتستنفع به البشرية.
- أيها الحكام استيقظوا واستقيموا في القول والعدل، في الحكم والإخلاص، في الرأي والإتقان، في العمل والتنفيذ، لتصبحوا القدوة الصادقة الصالحة لشعوبكم ولتبعثوا من جديد في النفوس تلك الروح التي كونت من أسلافنا أولياء ممتازين، وأبطال متفوقين، لا يغارون إلا على حقوق الله والوطن والأمة، ولا يتنافسون على الذل والخذلان والكراسي، هلموا للتباري في خدمة أوطانكم وأسهموا بقسط وافر في تطوير ذهنية أمتكم وتجديد روحانيتها، حتى تستعيد القوة لتحمل المسؤولية التي نعمل جميعا لإدراكها، ويعود الانسجام الكامل في علاقة كل منا بالآخر، لأن الفكر والعطاء الصحيح هو الميزان القسط وهو وحده الذي يقدر على حفظ التوازن.
- وفي الأخير أعلنت اليوم دول الخليج تمسكها بالجداول الزمنية للإتحاد الجمركي والعملة الموحدة، لما لا تتمسكوا انتم أيها الحكام بموقف مشرف يشهد به لكم التاريخ
بقلم صباح الشرقي 9/12/2006
Aucun commentaire
أيتها الفاضلة المحترمة لو سمع الفاروق عمر كلامك لقال قولته المشهورة :( الحمد لله الذي أصابت بفضله امرأة وأخطأ الرجال) ان أنانية الحكام مرض مصدره مرض اكثر منه هو الطغيان ؛ ويروى أن فرعون موسى أوشك على الايمانفقال لهامان : (يا هامان ما يقوله موسى صواب فقد أمرني بالايمان بالله ولي ملك مصر في الدنيا والجنة في الآخرة ) فقال له هامان : ( يا فرعون أتريد أن تصبح عبدا بعدما كنت الها تعبد ) حكامنا لهم أيضا هاماناتهم الذين ينفخون في نار الطغيان ويؤججونها فهم بقضلون ألوهية الدنيا على جنة الآخرة .
سلمت يدك يا حرة يا بنت الأحرار وحياك الله