Home»National»لماذا الوضع المأزوم للأغنية المغربية العصرية؟

لماذا الوضع المأزوم للأغنية المغربية العصرية؟

0
Shares
PinterestGoogle+

الفن هو أداة لإيصال رسالة معينة في قالب جميل، يتقبلها المتلقي بصدر رحب.و الأغنية جزء من الفن، فهي تهذب العقول، و تعطي الإنسان شحنة إضافية للعطاء في الميدان الذي يشتغل فيه.و الغناء يعبر عن مراحل تاريخية وصلت إليها الإنسانية إلى مستوى راقي من الحضارة.و المغرب يمتلك تراثا غنائيا غنيا، من الملحون،و الطرب الغرناطي و الأندلسي بشكل عام،و فن العيطة بكل تلاوينها من المرساوية و الحصبة…..، و ألأغنية الأمازيغية، و أحيدوس،و الكناوي، و غيرها من الأغاني الشعبية.

و يرجع نجاح الأغنية المغربية في الماضي إلى انفتاحها على ثقافات أخرى،كالأندلسية،و الأفريقية، و العربية، و التي تشكل حاليا الهوية المغربية.لكن رغم هذا الغنى و الرصيد الثقافي المغربي و تعدده،لماذا تعرف الأغنية المغربية العصرية حاليا وضعا أقل ما نصفه بالمأزوم؟هل الأغنية هي امتداد للوضع الإقتصادي،و الثقافي و ربما حتى السياسي ؟لماذا عرفت الأغنية المغربية العصرية أوجها في فترة الستينات من القرن الماضي؟و لماذا و صلت درجة القهقرى حاليا؟ألم تكن نتاج الدعم الإداري الرسمي،أو ما يمكن أن نسميه ب »الأغنية الإدارية » على شاكلة الأحزاب الإدارية ؟؟؟ في مقابل الأغنية ذات الامتداد الشعبي؟ بعد استقلال المغرب،عرفت الأغنية العصرية انتشارا واسعا ساهمت فيه الإذاعة الوطنية ، كنوع من تكريس الهوية المغربية بعد جلاء الإستعمار، و إذا رجعنا إلى الوراء، نجد أن أمهاتنا و آبائنا ،رغم عامل الأمية،فهو يحفظون عن ظهر قلب أغاني الستينات،لمحمد فويتح »أو ما لولو »،و « ما أحلى إفران… » لإبراهيم العلمي و « آش داني » للمعطي بلقاسم، و القائمة طويلة.و رغم المدة الزمنية، فإن الأجيال الحالية معجبة بهاته الأغاني.و يمكن إرجاع نجاح الأغنية المغربية العصرية في ذلك الوقت إلى :

1- الدعم الذي تلقته من الإذاعة و التلفزة الوطنية من خلال إعطاء مساحات زمنية كبيرة للبث على أمواج الإذاعة ، للمغنين على حساب ألوان غنائية شعبية أخرى التي همشت.

2- إعطاء فرصة للمطربين لتسجيل الألبومات داخل استوديوهات الإذاعة و التلفزة.

3- التقاء ظواهر فنية استثنائية من كتاب كلمات ، و ملحنين و مغنيين.

4- التأثر بالتجربة المشرقية الرائدة،من خلال بروز عمالقة الغناء العربي كأم كلثوم، و عبد الحليم حافظ، و عبد الوهاب. لكن بعد الستينات و بداية السبعينات ستتراجع الأغنية العصرية، تاركة المجال للأغنية الشعبية ، في ظل مناخ سياسي تميز بالإحتقان، و بالتالي ارتبطت الأغنية الشعبية كشكل ثقافي تابع للسياسي/ المعارضة ، للتنفيس عن الأجيال التي عايشت هاته المرحلة الصعبة في تاريخ المغرب و المسماة في الأدبيات السياسية و الإعلامية ب « سنوات الرصاص ». لكن بعد مرحلة الثمانينات، و بعد أن تربع الراحل ادريس البصري على وزارة الداخلية و الإعلام، حاول « مخزنة » الأغنية المغربية و تدجينها من خلال:

1- خلق مهرجانات بالمدن ، و التي كانت تدعى آنذاك ب « سباق المدن » لخلق نوع من « الانتشاء الإيقاعي  » كما يعبر عن ذلك محمد الساسي، من أجل التنفيس عن الجماهير نتيجة الإحتقان السياسي،و الإقتصادي بعد تبني المغرب لسياسة صندوق النقد الدولي حول « التقويم الهيكلي » و ضرب القطاعات الإجتماعية كالتعليم و الصحة، و تراجع مبيعات الفوسفاط في السوق الدولي.

2- صناعة مغنيين مقربين من دوائر اتخاذ القرار،من خلال إعطائهم فرص للظهور،فمغني الراي الشاب رشيد برياح، لا ينكر أن عمالة وجدة هي من قدمت له الجميل .مقابل هذا الدعم ،تم تهميش كفاءات غنائية كانت دار المخزن لا تنظر إليهم بعين الرضى.

3- تبخيس الشكل الغنائي لدى المخيلة الجماعية للجمهور،من خلال عدم ربط الأغنية بأهدافها النبيلة، و عدم جعلها قاطرة للتنمية، و لتهذيب العقول. إن كل هاته الأسباب مجتمعة،زيادة على أسباب أخرى، جعلت الأغنية المغربية العصرية لا ترقى إلى المستوى المطلوب،في وقت نشاهد فيه هجرة مجموعة من الفنانين إلى المشرق ، و خاصة الفنانات اللائي وجدن مكانهن في مسرح الساحة الغنائية العربية أمثال سميرة بنسعيد و الراحلة رجاء بلمليح، و هدى سعد، و غيرهن. كما أن البرامج الحالية التي تحاول إنتاج نخب غنائية لم تفلح إلى حد الآن في إبرار هاته الكفاءات، فاستوديو القناة الثانية، و هو يعيش حاليا ، طبعته السابعة، لم يستطيع إبراز نجم واحد، على الساحة العربية ،رغم الأموال التي تصرف على هذا البرنامج،من دافعي الضرائب.

فالمغرب بكل مسؤوليه، مطالب الآن بالرفع من شأن الأغنية المغربية ، لأنها تشكل أحد الأوجه الحضارية للبلد، لذا على البورجوزية المغربية ، أن تستثمر في قطاع الأغنية، و جعلها صناعة تساهم في اقتصاد البلد، كما تفعل الشقيقة مصر، كما أن تراثنا غني بألحانه، و تعدد منابعه، يمكن للأغنية العصرية أن تستمد منه،فالأغنية الخليجية كثيرا ما استفادت من تراثنا الغنائي، ووظفته لصالحها، و نحن نتفرج.ومطلوب كذلك من رواد الأغنية المغربية العصرية، عدم التباكي على الأطلال، لأنهم استفادوا من مرحلة سابقة من الإدارة،و هذا غير معقول، و الآن عليهم أن يساهموا في تصنيع الأغنية المغربية، وجعلها قاطرة لخلق الثروات،لأن الأغنية الشعبية تعرف مدا كبيرا، و قبولا منقطع النظير،رغم أن نسبة كبيرة من الأغاني الشعبية – مع الإستثناء- رديئة في كلماتها، و ألحانها و أدائها.فالرداءة لن تنتج إلا واقعا متكيفا مع الرداءة. و الأغنية العصرية عليها أن لا تبقى محصورة في محور الدار البيضاء – الرباط، و الجهوية المتقدمة يمكن أن تكون أداة لخلق نهضة غنائية جهوية، تخلق تنافسا وطنيا، و بعدا عربيا ، و لما عالميا،و الشعوب التي امتلكت الإرادة، و صلت إلى مبتغاها، و لما لا نحن أيضا، على الأقل في مجال الغناء، و لا والو !!!!!!!!!!!!!!!

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *