أخلاقيات المنبر الإعلامي( نصح يهم كل المنابر ولا يقصد منبرا بعينه)

إن ظاهرة مصادرة الآراء والأفكار في بعض المنابر الإعلامية أصبح هاجسا مقلقا ؛ ذلك أن الصحف والجرائد أو المواقع على الشبكات العنكبوتية تمارس نوعا من الوصاية على الأقلام فتثبت ما تريد وتسقط ما تريد لمن تريد . ومعلوم أن الإعلام لم يتبوأ مرتبة السلطة الرابعة التي هي سلطة الجماهير خلاف السلط الثلاث الأخرى المتمركزة في يد الحكام إلا لأنه هامش الحرية التي من خلاله يسمع المسكوت عنه أو الممنوع والمكبوت. لقد لجأت بعض الأنظمة إلى اعتماد السلطة الرابعة إلى جانب السلط الثلاث لتزاحم الجماهير وتضيق عليها في سلطتها.
وإذا كانت السلطة الرابعة تعاني في كل بقاع الدنيا من انعدام الشرط الأساس فيها وهو الحرية ؛ فان حالها أسوء عندنا في العالم العربي حيث توضع مصفات لدى كل منبر إعلامي لمنع ما يغيض أصحاب القرار السياسي . والمشكل أن هذه المصفات تفهم النقد فهما مقلوبا عن عمد وبسبق إصرار إذ تعتبر كل نقد لاذع خروجا عن حدود اللياقة ؛ وربما اشترطت شروطا من قبيل عدم المساس بمن يكونون موضوع النقد دون أن تميز بين النقد بقواعده المعروفة وبين القذف والتجريح . فالقذف والتجريح هو مساس غير مبرر المستهدف إعلاميا كموضوع ؛ بينما النقد هو الكشف الصريح عن مواقفه وإدانتها إذا ما خالفت المعايير المجمع عليها داخل ثقافة معينة.
لقد وجهت مرارا مقالات إلى موقع معينة ؛ وتم حجزها بدعوى التجريح التي يعتمدها أصحاب تلك المنابر الإعلامية لتبرير الحجز؛ علما بأنني لا أتناول الأشخاص في ذواتهم بل في مواقفهم ؛ فالوصف بخيانة الأمة مثلا هو حكم على الموقف لا على الشخص ؛ لهذا فلا مبرر لمنع حرية التعبير من خلال تأويل النقد ولي عنقه ليصير تجريحا فيمنع بموجب ذلك.
لقد توقف موقع خليجي عنكبوتي عن نشر ما أكتب بعدما كان يسارع إلى ذلك من قبل لأن المقالات تناولت هذا النظام أوذاك بالنقد بناء على مواقف تعاكس إرادة الأمة ؛ فرفض نقدي للسلطة الفلسطينية ولمؤتمر في دولة خليجية حول الديمقراطية ….. وكأن السلطة معصومة لا تخطيء ؛ وكأن المؤتمر الخليجي مناسك حج لا يأتيها باطل من بين يديها ولا من خلفها. والغريب أن تمتنع بعض المواقع حتى عن نشر ما يكتب عن أعدائنا تضامنا معا أو تزلفا أو خوفا منهم أو لمشاركتهم في الجرم ضد الأمة.
إن المنبر الإعلامي الذي لا يستطيع تقبل حرية التعبير مهما كانت قسوتها عليه أن يخرج من دائرة الإعلام إلى دائرة يسميها ما شاء ؛ ومن لا يتسع صدره للنقد فليترك الساحة والخشبة لأنهما أمكنة الحدث الذي يقتضي النقد. فلا أحد أرغم حاكما أو مسئولا على الجلوس على كرسي المسئولية؛ وهو كرسي الأمة يراقب وينتقد صاحبه لمواقفه لا لشخصه. وأكثر من هذا قد يحمل المنبر الإعلامي من الأفكار ما لا نرضاها ولكن نقبلها بقبول شروط اللعبة الإعلامية . فإذا ما قبلت ما لا يرضيني فعلى الطرف الآخر أن يقبل مني ما لا يرضيه وتستمر الحياة بعدنا ولا تتوقف ؛ أما أن يصبح المنبر عبارة عن جهاز دعاية يروج لجهة معلومة تصريحا أو تلميحا فهو أبعد ما يكون عن الوظيفة الإعلامية النزيهة الحيادية التي تنقل الخبر بكل تجرد وموضوعية لا تهتم بدين ولا بعقيدة زيد أو عمرو.
إن الأفكار التي تحجزها بعض المنابر الإعلامية بمبررات واقع لا يمكن حجزه ؛ فهي إن حجزت هنا وجدت منبرا آخر هناك ؛ وخير لأصحاب فكرة الحجز معرفة الرأي الآخر الذي لا يطرب ولا يقرظ ولا يتزلف ؛ وهذا الرأي يكون في الغالب معبرا عن شريحة عريضة طويلة من المجتمع سواء قبلنا ذلك أم لم نقبله ؛ وخير لنا أن نقبله كمنابراعلامية عسى أن نظفر باحترام الناس . وماذا يضير الإعلام إذا كان ما ينشره لا يلزمه وإنما يلزم صاحبه أليس القاعدة الفقهية تقول: ( حاكي الكفر ليس بكافر ) ؟؟؟
أرجو أن ترقى بعض منابرنا إلى مستوى الأداء الإعلامي الراقي بشطب قاعدة الحجز والوصاية إذا كنا نريد أن نكون أمة لها مكانة بين الأمم وإلا فلنترك الإعلام وشأنه لم هو أهل له.




Aucun commentaire
الفاضل الجليل محمد الشركي القدير،
للاسف الشديد اصبحنا في سوق خردة المنابر المتعددة والمتنوعة والمتلونة ،،، تنادي بمختلف الحقوق الزائفة تحت ظل عجز أو انعدام المراقبة، هناك عدة اسباب تطرقتم لأغلبها من خلال مقالكم الحكيم ، وقد تكون سببا مباشرا في التقصير في آداء ما فرض عليهم كمنابر حرة نزيهة وبالتالي مسؤولون عما يترتب من عبث أو استغلال أو خيانة ، تصحيح الأوضاع لا يمكن ان يتم عمليا الا اذا اصبح خلق الإهتمام بسير الشؤون العامة، والإستعلام عنها والتعليق عليها والتفكير فيها …. لكم التقدير والتحية الخالصة
اعتقد ان للمنابر حرمتها وهذه الحرمة جاءت مما يقدم من عليها وكذا من تقدم اليهم . يعتلي منابر مساجد وجدة العديد من الاطر ذات المستوى والصالحة للقيام بهذا الدور الديني المسؤول ولكن هناك في المقابل العديد من المتطفلين على هذه المهمة النبيلة والصعبة نبيلة لانها تتعلق بالدين وما ادراك ما الحديث في الدين ومسؤولة لانها امانة الدين فليبتعد عنها من لايلمس في نفسه القدرة على تمثيلها خير تمثيل وليتق الله في نفسه ونفس من يخاطبهم وخسر كل من يعتقد انه سيتاجر بالدين ويراهن على ربح الدنيا .
الى الأخ محمد المزياني حديثنا كان عن المنابر الاعلامية وليس عن منابر المساجد فلا تخلط بين شعبان ورمضان كما يقول المغاربة واقرأ جيدا ما كتبت ولا تتعجل التعليق قبل أن تستبين الأمر جيدا فقد تسيء الى نفسك من حيث لا تدري