Home»Régional»ما هو السر وراء استفحال ظاهرة السطو والسرقة بمدينة وجدة والجهة الشرقية؟

ما هو السر وراء استفحال ظاهرة السطو والسرقة بمدينة وجدة والجهة الشرقية؟

0
Shares
PinterestGoogle+

لا يمر أسبوع واحد ، ومنذ زمن طويل دون أن تنشر صحف الجهة الشرقية المقروءة منها والعنكبوتية أخبارا مؤسفة عن ظاهرة السطو على الممتلكات الخاصة والسرقة بمدينة وجدة خصوصا ، والجهة الشرقية عموما. وربما صارت بعض الأحياء بمدينة وجدة مسرحا مفضلا لعمليات السطو والسرقة . وظاهرة السطو على الممتلكات الخاصة والسرقة تشمل دور السكن والمتاجر ، والسيارات ، كما تشمل حقائب الجنس اللطيف وهواتفهن الخلوية ،فضلا عن جيوب الجنس الخشن ، ودرجاتهم العادية والنارية.

وتصاحب عمليات السطو في أغلب الأحيان جرائم الاعتداء بالأسلحة البيضاء ، أو عن طريق العنف البدني. ومعلوم أن طبيعة الظواهر الاجتماعية السلبية أنها لا تنشأ من فراغ ودون مسببات ، ودون عوامل مساعدة . فجهتنا الشرقية وبسبب موقف جيراننا المتشنج من قضية فتح الحدود بسبب تدخلهم في قضية وحدتنا الترابية لعبوا دورا كبيرا في تشجيع ظاهرة التهريب التي تشمل تبادل السلع عبر الأسواق السوداء من وقود ومواد غذائية وغيرها من هذا الطرف أو مف ظن الطرف المقابل لأن الأسواق البيضاء معطلة بسبب إغلاق الحدود. ومعلوم أن
الجهات الحدودية في كل بلدان العالم تعراهرة التهريب والأسواق السوداء. ولما كانت ظاهرة التهريب عبر الأسواق السوداء لا تحكمها الرسوم الجمركية ، وإنما تحكمها رسوم الرشوة تدر الأرباح على من يمارسها فإن ذلك يغري الكثير من الناس بالحج إلى هذه المناطق طمعا في الربح السهل والمعفى من الرسوم .

وهكذا تصير المناطق الحدودية مرتع كل طلاب الارتزاق بكل أنواعه المشروع وغير المشروع . وعندما تسد الأبواب في وجوه طلاب تجارة السوق السوداء والتهريب ، ويعوزهم المال الضروري لحاجياتهم يجدون في ظاهرة السرقة والسطو على ممتلكات الغير بديلا عن ظاهرة التهريب . فلو تم تقصي حالات السطو التي تقع في مدينة وجدة والجهة الشرقية عموما لوجدنا نسبة ممارسي السطو من الوافدين على المدينة أكبر من نسبة غير الوافدين ، لأن غير الوافدين أي القاطنين من سكان المدينة الأصليين أو المنحدرين من الضواحي غالبا ما تكون لهم قواعد أسرية وعائلية خلفية ترفدهم ، وتعولهم ،وتوفر لهم على الأقل لقمة العيش والحد الأدنى من المتطلبات المعيشية ، بينما لا يجد الوافدون ممن ليست لهم قواعد أسرية وعائلية بديلا عن الاعتماد على أنفسهم في توفير لقمة العيش عن طريق السعي المشروع أو غير المشروع بما في ذلك طرق السطو والسرقة. وتأتي على رأس دوافع السرقة والسطو الحاجة إلى المسكرات والمخدرات عند فئة المدمنين الذين لا يستطيعون العيش دون معاقرة الخمور أو تناول جرعات المخدرات المختلفة . والمؤسف أن هذه الفئة غالبيتها من الشباب الذين غادروا المؤسسات التربوية ، ولم يجدوا بديلا عنها في سوق الشغل وطوقتهم البطالة ، وما يصاحبها من حالة نفسية أقل ما يقال عنها أنها تولد النقمة على المجتمع لتبرير الفشل في الحياة سواء تعلق الأمر بالفشل في الدراسة أو في إيجاد فرص الشغل .

وعندما يسيطر اليأس على نفوس هذه الشريحة من الشباب العاطل بسبب فشلها وتهاونها يغيب لديها بصيص الأمل في بناء مستقبل تحت سقف بيت آمن ، ووسط أسرة مصونة الكرامة تجد متنفسها في حياة التسكع في الشوارع ، وتجعل شغلها الشاغل هو الحصول على جرعات السكر والتخدير من جهة للهروب من واقعها خلال لحظات العيش تحت طائلة السكر والتخديرحيث يجد شباب هذه الشريحة ضالتهم في عوالم الوهم والخيال التي يبدعها تعاطي المسكرات والمخدرات . وعندما يفيقون يجدون أنفسهم أمام واقع لا يرحم ، فيفكرون في العودة إلى عوالم الخيال التي يبدعها فقدان الوعي والعقل من جديد ، فلا يجدون موارد توفر لهم سبل فقد الوعي وولوج عالم اللاوعي سوى موارد السرقة والسطو المصحوبة بالعنف في غالب الأحيان ، وهو عنف مؤصل في نفوس هذه الشريحة الناقمة على وضعها الإجتماعي ، والرافضة له ، والمنتقمة من المجتمع والذي تحاول أن تحمله مسؤولية وضعها لتبرير فشلها . وإذا كانت الأمم تستغل عمليات إحصاء الساكنة لمعرفة نسب النشاط ونسب البطالة استباقا ومحاصرة لكل الظواهر الاجتماعية السلبية ، فإننا لا نعير أهمية لهذه العمليات إذ لو كنا نعيرها اهتماما لكانت الجهات المسؤولة على علم تام بالشرائح المحتملة الوقوع في جرائم السطو والسرقات. لدينا أعوان سلطة في كل دائرة يعرفون خائنة الأعين وما تخفي البيوت ، ولدينا أجهزة أمن أيضا لا يقل علمها عن علم أعوان السلطة ، وقد يكشف واقع حال بعض الشرائح عن انخراطهم في اللصوصية والسطو. فإذا كان الشاب مثلا في حي من الأحياء لا يشتغل ،وهو من أسرة فقيرة ومع ذلك تظهر عليه نعم الله فيلبس لباس الموسرين ، ويقتني مقتنياتهم فالمعنى واضح لا يحتاج إلى بيان . وعليه فعلى من يسهر على أمن البلاد مهما كانت طريقة سهره أن يراقب تحركات مثل هذا النموذج لمعرفة طرق اكتسابه للمال الذي يوفر له ما ليس في مستواه من المقتنيات .

ومما يشجع على ظاهرة السطو والسرقة بين صفوف الشباب المنحرف ظاهرة اقتناء المسروقات في أسواق المدينة اليومية والأسبوعية حيث تعرض المقتنيات المسروقة مع سقط المتاع وتجد من يرغب في اقتنائها بسبب إغراء أثمنتها التي توفر للشباب المنحرف ما يحتاجه من مسكرات ومخدرات . لقد كثرت على سبيل المثال لا الحصر سرقات أجهزة الراديو من السيارات ، وأجهزة الهواتف الخلوية ، والدرجات العادية والنارية ، وحتى السيارات ، وهي من المعروضات في أسواق المدينة بشكل دائم حتى أن الذين تضيع منهم مثل هذه المقتنيات يهرعون إلى هذه الأسواق أملا في مصادفة من يبيعها من اللصوص والنشالين أو من يتعامل مع المسروقات من تجار يتاجرون بها عن قصد وسبق إصرار لأنها وسيلة ربح سريع .

ومما يشجع على ظاهرة السرقة والسطو فضلا عما ذكرنا تأخر وتراخي وسائل الردع القانونية حيث تتم إجراءات الاعتقال والمحاكمة وفق نصوص تشريعية يستخف بها اللصوص ومجرمو السطو حتى صار بعضهم يفخر بالتردد على الإصلاحيات بعدما كان من العار والشنار أن يلج الإنسان السجون . لقد استفاد المجرمون الاستفادة الكبرى من دولة الحق والقانون وما اقتضته من احترام لحقوق الإنسان . فحقوق سجناء الرأي والضمير صارت في متناول عصابات الإجرام واللصوص وقطاع الطرق الذين أصبحوا ينعمون بوسائل الراحة في الإصلاحيات ، حيث اقتضت تشريعات دولة الحق والقانون أن يتمتع نزلاء الإصلاحيات بحياة تصون الكرامة بما فيها الحق في مباشرة الأزواج ، والحق في الاتصال بالعالم الخارجي عن طريق وسائل الإعلام ، والحق في الوجبات الخارجية التي تجلب يوميا إلى الإصلاحيات وغير ذلك مما يجعل هذه الإصلاحيات لا تقوم بالدور المنوط بها بالنسبة لشرائح المجرمين واللصوص والعصابات التي تجد في فترات النزول في هذه الإصلاحيات فرصا للراحة والاستجمام ، والاستقواء بالأكل والشرب من أجل الاستعداد للعودة إلى امتهان اللصوصية والسطو بعد انقضاء مدة المحكومية.لقد كانت الإصلاحيات أو بالتعبير الدقيق السجون ، وهو التعبير الصحيح والشرعي وقد ورد بهذه الصيغة في كتاب الله عز وجل ، تؤدي دورها في تربية أو إعادة تربية المنحرفين من المجرمين عن طريق ظروف العيش فيها التي تشعرهم بقيمة الحياة خارجها .

ولما تخلت هذه السجون عن ممارسة هذه التربية وصارت الحياة فيها أفضل من الحياة خارجها بالنسبة للمجرمين كان ذلك تشجيعا مباشرا للجريمة لضعف الرادع . وما أمر الله عز وجل بقطع يد السارق إلا لتخويف الخلق من الإقدام على جرائم السرقة والسطو لأنها جرائم خطيرة تهدد أمن الأمة وسلامتها . فما قيمة حياة الإنسان في مجتمعه وهو غير آمن على بيته ومتجره ومركبه وجيبه وحقيبة زوجه ، ودرجة ابنه ، و هاتف ابنته الخلوي؟ لقد صارت أسواق وجدة مرتع عصابات الشباب الطائش المتسكع الذي يجرؤ على جيوب وحقائب المواطنين في واضحة النهار .فإذا ما تنبه الضحايا إلى عمليات السطو وجدوا أنفسهم تحت رحمة أسلحة العصابات البيضاء وربما خرطت وجوههم وشوهت إذا ما حاولوا الدفاع عن ممتلكاتهم ونفوسهم .وتحولت كل شوارع المدينة إلى حرس يحرس السيارات فلا يكاد الواحد يوقف سيارته حتى يفاجأ بحارس يحتلس جبة من النوع العاكس للضوء الذي اعتاد الحراس ارتداءه بغرض التميز أو يضع شارة على صدره أو على ذراعه للدلالة على الحراسة.

فلو ساد الأمن والأمان شوارعنا لما كنا بحاجة إلى هذا الجيش من الحراس في واضحة النهار، والذي قد يبتز بعضهم المواطنين ابتزازا ، وفيهم من يجمع بين عملية الحراسة الظاهرية والسطو الخفي . وما معنى أن يبني الإنسان مسكنه ويؤدي الضرائب للدولة ليكون هذا المسكن عرضة للسرقة وفي واضحة النهار؟ وقد يكون هذا المسكن عرضة للسطو والسرقة قبل أن يصير مسكنا كما حصل بالنسبة لمسكني السيء الحظ حيث سرق مني 52 كيسا من الإسمنت والمنزل لا زال في مرحلة حفر أسسه ، مع وجود حارس استغفل أو هدد أو استغل إذ لا زالت هذه السرقة كمئات السرقات ألغازا لا حل لها . فالمساكن مهددة وهي مجرد ورشات بناء ، ومهددة بعد الانتهاء من بنائها ،ومهددة وهي مسكونة ، ومهددة بغياب من يقطنها ولو غاب لوقت وجيز حتى صار يصدق علينا المثل العامي القائل :  » اللي غفل طارت عينه  » . لقد كان من المفروض أن يكون الأمن اليوم أكثر من أي وقت مضى لما تعرفه الحياة من تطور ، ولكننا مع الأسف والألم الشديدين تقهقرنا إلى ما هو أسوأ من زمن السيبة ، وجاز أن نسمي حاضرنا زمن سيبة بامتياز. والمؤسف أن تتعالى أصوات الدفاع عن المجرمين واللصوص من بعض الجهات ، ولكن في المقابل لا تعير هذه الجهات أهمية لمعاناة ضحايا السطو والسرقات .

فهل ينتظر من هؤلاء الضحايا أن يكونوا بدورهم عصابات مضادة لعصابات السطو والسرقة فتصير البلاد مسرحا للصراعات الطاحنة لأن القانون لا يستطيع بصيغه الحالية أن يردع المجرمين واللصوص والعصابات كما يردع الإرهاب علما بأن اللصوصية والسطو إرهاب أيضا ؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. استاد
    22/04/2010 at 15:42

    جزاك الله السي محمد الشركي على هدا الموضوع والتحليل القيم اكتر الله من امتالك الدي يجرؤن بقول الحق وعدم السكوت عن الباطل

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *