Home»Régional»مدينة جرادة في حاجة إلى برنامج للإنقاذ / جرادة قصة ميلاد وموت بطيئ لمدينة

مدينة جرادة في حاجة إلى برنامج للإنقاذ / جرادة قصة ميلاد وموت بطيئ لمدينة

4
Shares
PinterestGoogle+

تقديم:
عديدة هي الكتابات التاريخية التي ترجع
نشأة مدينة « جرادة » إلى العقد الثالث
من القرن المنصرم، كما هو الشأن عند السوسيولوجي
تروستام بول باسكون، وبيير مونتانيي، اللذين
يرجعان الفضل في تشييدها إلى فرنسا.

في
الحقيقة يمكن اعتبار مثل هذه الكتابات
تدخل في باب الدعاية للمرحلة الكولونيالية
لأن ناحية جرادة معروفة منذ أمد بعيد، كانت
عبارة عن مجال جغرافي واسع يخضع لسلطة قبلية،
يتشكل أساسا من جبال ذات غابة تكسوها أشجار
البلوط… ويطغى الطابع الصحراوي (البدوي)
الصرف عليها حيث يندر
الماء وتكاد تنعدم أدنى شروط الحياة.

■مختلف
تسميات الناحية:


فدان الجمل: وقد عرفت المنطقة بهذا الاسم
قبل اكتشاف الفحم الحجري، وكانت مجالا
للرعي لدى القبائل البدوية المجاورة: (بني
يعلا، أولاد سيدي علي بوشنافة، بني وكيل،
بني مطهر، وغيرهم) هذه القبائل التي قطنت
خياما من الصوف أو الحلفاء.


النمرة حداش: نسبة  إلى تسمية بئر لاستخراج
الفحم الحجري (ب11، ب12) ويسمى حاليا ب  »
حي ابن رشد ».


المعدن: وسميت بهذا الاسم في إحالة على
المنجم (الفحم الحجري).


العوينات: نسبة إلى حي العوينات الواقع
على بعد 5 كيلومترات من جرادة.


جرادة: هذا الاسم في الحقيقة هو لجبل  »
شيخار » الذي يوجد في شرق المركز المنجمي
في ملتقى الطريق الثانوي رقم 406 والطريق
الرئيسية رقم 19 الرابطة بين وجدة وعين بني
مطهر.

وحسب الأسطورة
فإن اسم  » جرادة » يأتي من كون أحد الرعاة
شاهد حشرة جرادة على متن شاة من قطيع قادم
من  » الظهرة » في
النجود العليا، ولم تبرح الجرادة ظهر الشاة
إلا بعد الوصول إلى قمة « شيخار » ومع
كثرة الحديث عن هذه الواقعة أطلق اسم  »
جرادة » على هذه الناحية.

وفي سنة 1929،
أطلقت الشركة التي كانت تستغل المنجم،
في هذا الوقت، على نفسها اسم  » الشركة
الشريفة لمفاحم جرادة » وتطبيقا ل »مرسوم »
السفير المقيم الجنرال الفرنسي بتاريخ
1932-06-06 أطلقت إدارة البريد اسم « جرادة »
على مكتبها في هذه المنطقة.

■جرادة
واكتشاف الفحم الحجري:

اعتمدت القبائل
البدوية التي استوطنت منطقة « جرادة »
على الاقتصاد الرعوي الذي يستند إلى آليات
تضامن الجماعة ويتسم بالثقافة الواحدة
وبنفس العادات الاجتماعية.

ويمكن إجمال
أغلب الأسباب التي كانت وراء عدم استقرار
هذه القبائل واعتمادها على التنقل والرعي
كنمط للحياة إلى:


قساوة المناخ وعدم انتظام التساقطات وهشاشة
التربة  فضلا عن طبيعة التضاريس الغير
مشجعة على الزراعة التي تتطلب الاستقرار.


وجود « جرادة » خارج محور الطرق التجارية.

قبل توقيع معاهدة
الحماية سنة 1912 أرسلت فرنسا مجموعة من الباحثين
الجيولوجيين قصد إنجاز دراسات جيولوجية
لبعض المناطق لإلحاقها بالإمبراطورية
الفرنسية.

وقد استطاع
الجيولوجي الفرنسي  » لويس جونتيل »
سنة 1908 التوصل إلى اكتشاف العلامات الأولى
لوجود الفحم الحجري في منطقة جرادة. وفي
سنة 1929 وتبعا لدراسة أجرتها ِشركة Ougrée
morihaye استطاع هذا الجيولوجي البلجيكي اكتشاف
حوض الفحم بمجرد الانتهاء من حفر أبار الاستخراج
في عام 1936. وهكذا أصبحت جرادة مركزا منجميا
لينشأ مجتمع آخر جديد وبأسلوب حياة جديدة.

وبفضل الأهمية
الاقتصادية التي أصبحت لجرادة مع اكتشاف
الفحم فقد أضحت قبلة لهجرة القبائل الرعوية
المجاورة التي استقرت بالمدينة وأمدتها
باليد العاملة، وإلى جانب هذا استقبلت
 » جرادة » قادمين من سوس، تزنيت، تارودانت،
تازة، الريف والأطلس المتوسط خصوصا إبان
سنوات الجفاف العجاف.

ولتشجيع الوافدين
على الاستقرار أنشأت شركة المفاحم أحياء
ودكاكين، أماكن للتسلية وأخرى للعبادة،
في احترام تام للتقاليد الإسلامية، وبجانب
هذه الأحياء الشعبية تم إنشاء أحياء راقية
للأطر العليا بفيلاتها الفسيحة وطرقها
ومجالها الأخضر، عرفت ب  » الأحياء الأوروبية »
بينما دعيت الأحياء الأخرى ب « أحياء
المغاربة » وهي الأحياء الشعبية.

إن إنشاء مدينة
جرادة والنمو الذي عرفته يعود بالأساس
إلى تطور القطاع المنجمي
فيها إذ مع الإنتاج المرتفع للفحم (350 ألف
طن عام 1953) قامت  » شركة إفريقيا » التي
أشرفت على تسيير المنجم منذ 1947 بالرفع من
عدد العمال إلى 6 آلاف عامل منهم 5300 مغربي
و700 أوروبي. مما أعطى »جرادة » طابعها
كمدينة عمالية تضم تجمعا بشريا يتزايد
باضطراد مما مكن من توسيع النواة الحضرية
وجعل المدينة تتصف بسرعة النمو الديموغرافي
حيث بلغت نسبة المواليد سنة 1954 282 على 358.

هذا النمو الاجتماعي
والسكاني والعمراني شجع إدارة الحماية
على إعلان ميلاد » الجماعة » وهي مؤسسة
اجتماعية تقليدية، كانت تمارس أنشطتها
عبر مختلف مناطق المغرب في نفس الوقت الذي
تم فيه خلق مركز المراقب المدني (يوليوز-
غشت 1947).

وكانت هذه الجماعة
مؤلفة من منتخبين مختارين من قبل رؤساء
العائلات حسب الانتماء الإثني، ولكل قبيلة
تمثيلية داخل هذا المجلس (الجماعة) الذي
كان يعالج المشاكل القائمة والخلافات المسجلة
لدى السكان بصفة إجمالية أو تلك التي كان
يعرفها العمال على وجه الخصوص، عبر اتصالها
بمسؤولي المجتمع أو السلطات المحلية.

■عاشت
رخاءا مع  » الفحم الحجري » ودخلت طور
الاحتضار مع إغلاق مناجمه:

وقد سجل تاريخ
هذه المدينة العمالية عدة أحداث خالدة
منها:


زيارة المغفور له محمد الخامس رفقة ولي
عهده الحسن الثاني 1936.


زيارة الجنرال الاستعماري الفرنسي « جوان »
عام 1948 عندما تسلم الفرنسيون استغلال وإدارة
المنجم من البلجيكيين.


في سنة 1962 زارها الملك الراحل الحسن الثاني،
كما زارها جلالة الملك محمد السادس.


وهكذا عرفت جرادة مع الشروع في استغلال
المفاحم تطورا ونموا من ناحية العمران
والمرافق العمومية والاجتماعية والكثافة
الديموغرافية إذ ظلت « جرادة » طيلة
سنوات استغلال مناجم الفحم تستقطب اليد
العاملة من مجموع التراب المغربي.

وإذا كانت سنوات
الرخاء قد منحت جرادة توسعا وتطورا أهلها
لتكون مدينة عمالية ناشئة غير أن ما يسجل
هنا أن المدينة لم تستفد من خيراتها
ولم ينعكس مدخول فحمها على مستوى التنمية
المحلية سواء من الناحية الاقتصادية، أو
الاجتماعية، ولعل
كون أغلب سكان جرادة وعمال مناجمها مهاجرين
من مناطق مغربية أخرى فإن  » فائض القيمة »
ومداخيل الأجور لم تكن تستغل في استثمارات
تعود على المدينة بالنفع بل كانت تحول من
قبل العمال إلى مناطقهم الأصلية لتحرم
المدينة من عائدات مهمة لو استغلت وأنفقت
داخل المدينة لكانت جرادة قد أصبحت في وضع
آخر مخالف لما هي عليه حاليا، كما أن السياسات
الوطنية والجهوية والمحلية لم تفكر في
ما بعد « عهد الفحم الحجري » ولذلك ما
أن شرع في بداية تسعينات القرن الماضي في
مسلسل إغلاق مناجم مفاحم جرادة حتى دخلت
المدينة مرحلة التدهور والترييف فعمت البطالة
صفوف شبابها وعمالها وعاد أغلب العمال
الذين استقروا في المدينة لعقود وسنوات
إلى مناطقهم الأصلية وتقلصت ساكنة المدينة
بشكل مريع وتفشت الأمراض الاجتماعية من
بغاء وجرائم وتسول وأصبح تهريب السلع من
وإلى الجزائر كاقتصاد مواز ركيزة أساسية
لمعيشة ما تبقى من سكان جرادة في غياب بديل
اقتصادي يغطي مخلفات  كارثة إغلاق مناجم
الفحم في جرادة.

■خاتمة:

إن هول الكارثة
الاجتماعية والاقتصادية التي أحدثها قرار
إغلاق مناجم الفحم الحجري
في جرادة وما خلفه من مآس اجتماعية وصحية،
خاصة وأن نسبة هامة من سكان جرادة عمالا
وغير عمال لازالت تعاني من عدة أمراض مهنية،
يأتي على رأسها « السيليكوز » كما أن
مخلفات الشركة من فحم لازال متناثرا هنا
وهناك يزيد من التلوث ومن إصابة آخرين بأمراض
فتاكة.

إن الواقع المزري
الذي أصبحت تعرفه مدينة جرادة ومعاناة
سكانها أضحى يتطلب تكاثف جهود أبنائها
المخلصين لإنقاذها من الاندثار.

إن حجم الخسائر
التي نجمت عن إغلاق المفاحم تتجاوز الخسائر
التي خلفها زلزال أكادير التي حظيت ببرنامج
وطني، نعتقد أنه من أجل إنقاذ جرادة واستمراريتها
خصوصا وأنها رقيت إلى مستوى إقليم، لا بد
من برنامج وطني مركزي لإنقاذ المدينة

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

1 Comment

  1. eleve a JERADA 1972
    25/02/2010 at 22:01

    تحية لكل من التفت الى المدبنة هذه مدينة العمال مدينة نضال المال مدينة مسرح العمال مدبنة محمد مسكين المدينة التى انتجت اطرا لا تعد ولاتحصى.هذه الأخيرة عليها ان تقف بجانب المدينة الخلدة كما وقفت بجانب الجميع ايام الثلوج ايام الجفاف ايام النضال ايام ايام …

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *