آفة الرأي الهوى !!!!

عبارة آفة الرأي الهوى عبارة تجري في ثقافتنا العربية مجرى المثل ؛ وهي تعبر عن تعطيل العقل لفائدة العاطفة ؛ ومعلوم أن العاطفة لا تخضع لمنطق ؛ ولا حدود لها ولا ضوابط لهذا ذم القرآن الكريم الأهواء ؛ وما هي إلا جمع هوى ؛ وهو عاطفة تعطل العقل الذي من المفروض أن يكون في المرتبة الأولى وتأتي بعده العاطفة كما عبر ذلك شاعر العرب بقوله :( الرأي قبل شجاعة الشجعان/ هو أول وهي في المحل الثاني.)
والهوى أوالعاطفة إنما تعطل العقل حتى أن الحواس تتأثر بها فتتعطل بعطلها لقوله تعالى : ( إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ) فالقلوب موطن الأهواء وعماها يتولد عنه عمى الأبصار المبصرة ؛ وفي الأثر :( حبك الشيء يصم ويعمي ).
والرأي من فعل رأى ؛ وهو فعل يتم عبر حاسة البصر؛ فقد يكون الفعل سليما إذ يتم فيه التنسيق بين عقل وحاسة ؛ فإذا ما تدخل القلب بعاطفة أو هوى أفسد هذا الفعل فكانت الآفة. وهذا الفساد يسمى تعصبا وهو بذلك ينسب للشد والتقنع إذ يقول العربي تعصب واعتصب لمن شد العصابة أو العمامة وتقنع بها ؛ وانتقل هذا الفعل للدلالة على العصبة وهم القرابة الذين يشد اليهم المنتسب؛ والقرابة تقتضي العلاقة معهم منطق العاطفة ليس غير لهذا سمي التشبث برأي العصبة الفاسد بفعل الهوى تعصبا ؛ وهو عقيدة تسود المجتمعات البشرية البدائية ؛ وهي ما عبر عنه الشاعر العربي القديم :(وما أنا إلا من غزية إن غوت /غويت وان ترشد غزية أرشد.)
فهذاالرجل المتعصب لا ينظر إلا بعين عصبته وان كان قد ميز بين الغواية والرشد ؛ واختار الغواية تشبثا بالعصبة ومنطقها العاطفة العمياء المعطلة للعقل الموصل إلى الحق.
ولعل هذه الآفة معروفة عند كل الأمم وان كانت عندنا معشر العرب لافتة للأنظار لفرط عاطفة فينا عن طبع وسجية والله يخلق ما يشاء .
إن الفكر المقدم للاستهلاك الإعلامي يواجه في زماننا آفة الهوى فينهار و لا تبقى له قيمة لأن الهوى يعطل منتوج العقل ؛ وقد لمست ذلك في تعقيبات وتعليقات على أفكار تنشرلي ولغيري ؛ فينبري لها بعض الناس بالتسفيه والتخطئة وحتى السخرية ؛ وربما التشكيك في مقدرة صاحبها العقلية ؛ يمارس هذا الفعل وصاحبه راسخ القناعة بأنه على صواب فيما يفعل ؛ وحقيقة أمره ولسان مقاله وحاله لا يتعدى منطق غزية الراشدة الغاوية حسب الظروف .
لقد ضحكت ملء أشداقي من معقب غزوي إن صحت النسبة اطلع على مقالي حول ثقافة اللباس ولم يعجبه رأيي ؛ وعبارة يعجبه تدل على تدخل عاطفته لتعطيل عقله لهذا لم أقل لم يقنعه رأيي إذ لو كان الأمر كذلك لاستبان وتحرى ولكنه تسرع وحكم ؛ وبلغ به تطرف الهوى أن حدثته نفسه بالاستخفاف من رأيي فقال من ضمن ما قال : (لو كان اللباس معيار التدين لكان الاسكيمو أعبد الناس) ؛ كما قال : (إن اللباس الأسود في المجتمع المسلم يسد مسد المراحيض إذ كانت المرأة تتستر وراءه لسواده فيحجبها عن الأنظار) ولو سمع بهذا التخريج اخواننا الشيعة لكان صاحبه مع يزيد في اللعنة . هذا نموذج لآفة الرأي الذي يعطله الهوى ؛ فالرجل من غزية لا تؤمن بثقافة ستر الجسد لهذا غوى لما غوت غزيته ؛ ولو كلن حكيما والحكمة من الحكمة بفتح الحاء والكاف والميم ؛ وهي حديدة توضع في أفواه البهائم لتكبح جماحها لكبح جماح هواه وقال قولا سديدا يغفر به ذنبه من قبيل : يا صاحب رأي السترهواي لا يوافق هواك ؛ فان كنت من عشاق الستر فإنني من عشاق الكشف وتنتهي القضية ههنا بلا تعريض ولا استخفاف حتى لا ينقلب السحر على الساحر ويتصيد الضرغام الباز على حد قول الشاعر الحكيم :( ومن يجعل الضرغام للصيد بازه/ تصيده الضرغام فيما تصيدا ).
ولو عطل صاحبنا هواه قليلا ؛ واستعمل مثقال ذرة من عقله لاكتشف أن البهيمة تقضي حاجتها دونما حاجة لستار أسود يضطر إليه الآدمي من أهل عقيدة الإسلام؛ الذي سخر منه صاحب الآفة رد الله عليه عقله ليعرف أن الاسكيمو يلبس اضطرارا بينما تلبس المسلمة طاعة وامتثالا لخالقها فشتان بين هوى ينظر من ثقب سم الخياط وبين عقل مسدد بالله لقوله تعالى : ( واتقوا الله ويعلمكم الله )وصدق سبحانه إذ يقول : ( من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له )
وأخيرا أقول : متى تتنبه الأمة العاطفية إلى آفة الهوى وهي فساد الرأي ؛ فتعمل بالنصح النبوي : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت ) وأستغفر الله العظيم لي ولمن ضل عن سبيله.
Aucun commentaire
جميل موضوع « آفة الراي الهوى » ولكن اسمح لي بالتصرف حتى يجري على الجميع ولنقل – آفة الراي الهوى والتطرف – الهوى بتعريفك تعطيل للعقل لفائدة العاطفة ،وهي لا تخضع لمنطق والنص الديني دم ذلك والتطرف تعطيل للعقل لايعرف منطقا والنص الديني دم دلك » لارهبانية .. لاإكراه .. دين اليسر .. » إذن الهوى عاطفة لا عقلية والتطرف اندفاع لا عقلي .يعطلآن عمل العقل والحواس لقوله نعالى » إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور » فصاحب الهوى قد يتنكر لوالديه والمتطرف قد ينفد الحد في حق والديه . والأمر سيان . الراي لا ينم عن حاسة البصر بل هو موقف يتخذه العقل بعد قناعة وروية الم يقل ديكارت إن حواسنا كثيرا ما توقعنا في الخطأ . إذا حلت العواطف تجمد العقل وفسد عمله .وإذا حل التطرف تكلس العقل وتولد عن ذلك التعصب . وكلاهما ينفيان دور العقل فيتولد عن الأول غواية الهوى والثاني غواية العنف والرفض .وهكذا فالفكر المقدم للإستهلاك يعاني من آفة الهوى أو من آفة التطرف ، الأول تحركه العواطف والميل الى الإستهلاك وتسفيه كل شيء .والثاني يحركه الحقد والخوف من الحاضر والمستقبل يعاني من أزمة الضمير ويميل الى العنف والنبذ ويصبح سلوكه استئصاليا مدمرا . الراي لا يتولد عن إعجاب بقدر ما هو وجهة نظر تقبل الرفض والقبول وبين الرفض والقبول يتولد التضاد عند أهل الهوى يأخذ منحى السخرية ، وعند أهل التطرف يأخذ منحى الإقصاء الذي ينتهي الى العنف وفي الحالتين يحتاج الطرفين معا الى تلك الحديدة التي نضعها للبهيمة لكبح جماح تطرفها .
الموضوعية تقتضي تعطيل الهوى والتطرف والتزام الحوار المتمدن بدون عنف مادي أو معنوي . رغم أن صاحب الرأي يكون صدره أوسع ويترفع عن الدم وما جاوره فلا يطلب الرحيل لأحد ولا يجرد أحد من هويته . وهكذا مايجري على صاحب الهوى يجري على صاحب التطرف » ( من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له )
في مدينة وجدة عندنا كلمة عامية اسمها » التبركيك » … فعجبت لبعض المتدخلين والمعلقين على المقالات ، انهم لا يقومون بأي شيء الا التعليق بشكل سلبي على المقالات ، فلقد تتبعت العديد من تدخلاتهم وتعليقاتهم على المقالات ، ولاحظت ان لا هم لهم الا النقد وان كل ما يكتب في جميع المواضيع شيء سلبي ، وانه تطرف ، وانه ثرثرة ، وانه لغو ، وانه…وانه… وانه.. فلم اقرأ لسيادتهم ولا تعليق واحد ايجابي ، بل انهم يسعون الى تفويت وتمرير مواقفهم العلمانية ، وعدائهم الصريح لكل ما هو ديني وخصوصا اسلامي عداء صريحا..
واذا كان ذلك من حقهم، وانهم ا حرار ان يكونوا ماشاؤوا … فأظن ان كارل ماركس انتقد بشدة » جماعة النقد النقدي » اي الذين كانوا يحترفون النقد ، حتى صاروا طوباويين …بعيدين عن الواقع …بعد السماء عن الأرض …
كما ان لينين الزعيم الروسي الذي يعرفه العلمانيون جيدا هو القائل » ان الأنسان الوحيد الذي لا يخطيء هو المنظر » اي الذي لا يطبق اي شيء وانما يكون همه هو النقد …
فاذا كنا نلاحظ ان بعض الأخوة جازاهم الله كل خير يشاركون في ابداء ارائهم ، وافكارهم ، ومناقشة العديد من المشاكل الأجتماعية والأقتصادية ، والسياسية على هذا المنبر الذي يعطي للقراء هامشا مهما من الحرية ….فان هؤلاء على الأقل هم ايجابيون … » ولكل امرء ما نوى » اما واذا كان لا هم لنا الا ان نتربص الفرص بهاؤلاء لنتصيد اخطاءهم او هفواتهم لننتقدهم …فهذا يسمى عند ناس وجدة » التبركيك » ….
فكم نتمنى ان نقرأ مقالات لهؤلاء الذين لا هم لهم الا النقد
لسم الله.وبعد.شكرا لصاحب المقال على ما طرح من افكار. وعتاب اخوي لامين على هدا الرد الدي ارى فيه بعض التجني . لمادا لا تتوجه مباشرة للقارئ بما تحمله من افكار وما تؤمن به من قيم ومبادئ وتترك غيرك يدعو الى ما يؤمن به وللقارئ واسع النظر فيما ياخد و ما يترك . لمادا تنتظر فقط حتى ينشر الاخرون مقالات وتعقب بهده الطريقة المستفزة . اعلم اخي ان الناس فيما تهوى مداهب. ولقد خاطب ربنا -جل وعلا- نبيه -صلى الله عليه و سلم- بقوله (لست عليهم بمسيطر) و (لكم دينكم ولي دين) و (انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء) وغيره مما يجدر بنا ان نضعه نصب اعيننا و في الحسبان. ولست قاصدا من وراء هدا الكلام الا الخير والاحسان. سلام