اغلقوا برلمان الانتهازيين وتجار الكيف …نداء من مصطفى العلوي
اغلقوا برلمان الانتهازيين وتجار الكيف …حقيقة ضائعة -بقلم مصطفى العلوي –
قفزت ثنايا احد الحاصلين على موعد مع رئيس مجلس النواب المحترم ، عبد الواحد الراضي ، حينما وصل لباب مكتب الرئيس وطلعت مع خياشيمه روائح العود القماري وفتح مخزنيان بالشواشي باب السيد الرئيس ليدخل الزائر ويسمع لمخازنية يصيحون بصوت واحد : » نعاماسيدي « فحسب الزائر ان ملك البلادمتواجد في مكتب الرئيس ، ولكنه وجد الرئيس ينتظره..فاصيب الزائر بهيبة مما سمع فقال متلعثما : السلام عليكم نعما اسيدي وضحك الزائر والمزار ..لان الموضوع يتعلق بطقوس ، لايعرف احد من فرضها ، ولكن …هذه هي الدنيا التي نعيشها .
ولو كنت برفقة الزائر المشدوه ،لكنت خائفا على روحي من ان تنهدعلي البناية المبخرة بعود القماري ،بعد ان قرأت في تقرير لجنة المالية الذي نوقش اخيرا (( ان اختيار المهندس المعماري الذي يقوم باصلاح بناية البرلمان لم يكن صائبا (…) وان المقاول كان ينفذ بعض البناء (…)خارج الصفقة ، وبدون اوامر مكتوبة ، وانه تبين ان الارض غير صالحة وانه لابد من تعميق الاساس حتى يوضع على قاعدة صلبة ، وان الاشغال توقفت في البناية منذ سهر ماي 2004 )
وهذه نفس الظروف والاوضاع التي بنيت على اسسها الواهية …عمارة المحطة الطرقية في تطوان ، والتي انهدت ، وكأنه اصابها زلزال ، عندما كانت تستعد لاستقبال العاهل الاسباني ، الذي الغيت زيارته نتيجة هذا الزازال ..ولكن الله سلم .
وليس من الضروري ان يكون انهيار المحطة الطرقية بتطوان ماديا ، بعد ان حصل في البرلمان زلزال مماثل لكن معنوي ..حينما اجتمعت لجنة صرف ميزانية البرلمان ..ولا يسمح لي جهلي بالشؤون المالية ، بعد عدد الملايير ..هل هي بالمئات او العشرات والتي كشف فيها الوزير السابق في التخطيط (…)عبد الحميد عواد ان » هناك اختلالات عرفها صرف ميزانية المجلس ، وان الامر يتعلق بمن يستبد باموال المجلس ولا بد ان يحاسب . واذا كان من ينبغي ان يقدم للمحاكمة فليكن »
تصوروا ان باب الحبس فتحت في حق نواب برلمانيين لم يقل لنا النائب عواد ، ما اذا كان رئيس المجلس سيمضي قرارابتجريد المسؤولين في هذا البرلمان من حصانتهم البرلمانية بعد ان قيل في حق التسيير المالي للبرلمان ، ما سبق ان قيل في ملف عبد المغيث السليماني ، والعفورة وهذه الحشود من المظاليم الذين تمت متابعتهم وحدهم …
ولا عجب ففي خضم هذا الزلزال الشفوي الذي هز البرلمان قبل الاعلان عن اغلاق دورته، التي اغلقت ابواب البرلمان واغلقت معه دراسة قانون الاحزاب …الذي هز الدنيا السياسية ، ووعد وزير الداخلية بانه سيعرض على البرلمان في هذه الدورة ، فلم يكن ..ربما خوفا من قادة بعض الاحزاب الذين رفضوا هذا القانون ، الذي من شأنه ان يحاسبهم ، ويراقب اموالهم ، ويرغمهم على ادخال الديمقراطية في العمل الحزبي ، متجاهلين ان الديمقراطية ، هي في المغرب ، مجرد شعار يرفع للاستهلاك .
لا عجب اذن ان يكون البرلمانيون في الحقيقة هي ما كشف كبير حزب العروبية ، عبد الله القادري الذي اخبرنا …في ندوة عقدها حزبه الوطني الديمقراطي في القنيطرة وقال لنا ولهم : » هذا البرلمان مليء باصحاب الحانات ..وتجار المخدرات ومالين الكيف « …انتفاضة الكولونيل السابق …القادري ، عابها شيء واحدحينما انتقد فئة اخرى هي فئة العسكر الذين هاجموا الملك في قصر الصخيرات..وأخذوا تعويضات مالية كبرى على ذلك …فلبربما كان الزعيم القادري وقد بدأ هذه الايام يتكلم بلغة الزعماء، حين نسي انه كان من بين المرافقين والمخططين لعملية الهجوم عندما كان ضابطا في الجيش ولكنه تراجع في اللحظة التي سبقت الهجوم ، فاختفى عن الانظار ..وكان اختفاؤه اخطر من مشاركته وهو سبب اقالته من الجيش ، وربما كان مخطئا ، فلو بقي مع جماعة اعبابو وعقا ، لكان الآن قد اخذ هو ايضا نصيبه من الاموال التي اخذها الضباط والعسكر المهاجمون ..ولكان اخذ هو ايضا مئات الملايين .
ولم يكن عبد الله القادري هو الحيد الذي قال ان البرلمان مليء باصحاب الكيف واصحاب الحانات بلهجة العروبية في الشاوية …فقد ابان رئيس البرلمان الراضي عن اعتدال سكان ناحية الغرب ، حين سبق القادري الى تصنيف النواب البرلمانيين الى » اعيان » وهي الصفة التي كان المقيمون العامون الفرنسيون يطلقونها على من يؤيدون البقاء الاستعماري مقابل ما يأخذونه من مونات ومصالح ، و » سياسيين وانتهازيين «
برلماننا بشهادة قطبين منه مكون اذن من اعيان ، وسياسيين وانتهازيين ، واصحاب البارات ، وموالين الحشيش …وهذه المجموعة من نواب الشعب هي التي زيد في اجورها ستة آلاف درهم فوق الثلاث ملايين ..والخير امام
ورحم الله الملك الحسن الثاني الذي قال يوما عندما كان الرئيس عصمان هو رئيس البرلمان ، وادلى بتصريح عن التركيبة الانسانية للبرلمان ، فاستشهد الملك الحسن الثاني بكلام رئيس البرلمان عصمان وقال » برلماننا – كما قال رئيسكم – برلمان حي نسمع عنه ونقرأ عنه الكثير فيزور ويزار ، وتشد اليه الرحال « 24دجنبر1986)
هذا كان البرلمان ايام زمان قبل ان ينزل الى هذا الحضيض الذي انحدر اليه هذه الايام …والذي جعل الامريكيين في زمنهم هذا يلحون على ضرورة اصلاح الانظمة العربية ، ومعهم الحق …فكيف يقبلون ان يصادق برلمان فيه تجار الحشيش واصحاب الحاناتن والانتهازيون على اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات المتحدة
لان برلمان زمان » هو مرآة الامة ، ومرآة الامة يجب ان تكون طاهرة نقية غير ملطخة ..على البرلمان ان يكون للاجيال المقبلة كنوز من المنتديات ، وعلى البرلمان ان يكون خزانة تضرب اليها اكباد الابل ، من جميع انحاء العالم ، وينبغي ان يظهر البرلمان المغربي على مستوى المغرب (الحسن الثاني عندما عين القيطوني الادريسي رشيد كاتبا عاما للبرلمان في 11 سبتمبر 1988)
فهل برلماننا اليوم على مستوى المغرب ، ام ان مستوى المغرب وصل الى تصنيف المغاربة الى انتهازيين ، واعيان ، وتجار مخدرات ..واصحاب حانات …ان هذا الواقع البرلماني الرديء هو ما اخبرنا عنه رئيس البرلمان ، وبرلماني رئيس حزب ، اما ما لا نشاهد ولا برى ، وما يتم ويجري في طي الكتمان ، فما خفي هو اعظم …
وهل يشرف رئيس البرلمان ان يرأس برلمانا هذه مقوماته ام انه ينتظر شهر ابريل القادم – حيث سيتم التصويت على رئي سجديد للبرلمان – ليتنازل عن رئاسة مجلس يتجالس فيه جنبا الى جنب هذا النوع من النماذج البشرية الرديئة والتي يفترض فيها ان تكون في السجون ..حيث يوجد الكثير من المظاليم …والغريب المثير للخوف هو اننا لم نسمع نائبا برلمانيا واحدا شعر بالاحتقار والاهانة وغضب لهذا التصنيف ، وقدم استقالته ، او قدم تصريحا لواحدة من هذه الصحف المتكاثرة ، ام ان الامر يتعلق بمقولة » اللي فيه الفز تيقفز »
مقارنة بسيطة تعطي المصداقية لكلام رئيس البرلمان الحالي عبد الواحد الراضي ورئيس الحزب الديموقراطي عبد الله القادري بين آخر برلمان نعايشه هذه الايام وبين اول برلمان علرفه المغرب سنة 1963 تكشف لنا عن الفرق بين مكونات البرلمان الحالي الذي لا نعرف اسماء نوابه (….)وبين برلمان 1963الذي كان من بين نوابه المرحوم علال الفاسي واحمد منصور النجاعي والنقابي هاشم امين ، والحاج احمد الشرقاوي ، والعربي الزروالي ، والعالم مصطفى بن احمد العلوي ، وعبد الرحمان حجيرة ، وعبد الخالق الطريس ، واحمد مكوار ، وعبد الرحمان بادو ، والطاهر غلاب ، وغيرهم من الاستقلاليين ، ومحمد اليازغي ، والدكتور عبد اللطيف بنجلون ، وعبد الرحيم بوعبيد ، وعبد الحميد القاسمي ، وعبد الواحد الراضي ، والمعطي بوعبيد ، ومحمد التبر ، والدكتور محمد بالمختار ، والفرقاني محمد الحبيب ، وعمر المتوكل ، ومحمد منصور ، وعبد القادر الصحراوي ، والمهدي بنبركة ، ومولاي المهدي العلوي ، والعباس القباج ، ومحمد مروان …وغيرهم من الاتحاديين وعبد الكريم الفيلالي ، واحمد المنصوري ، والعربي الزروالي ، وغيرهم من اللامنتمين وعبد الرحمان الخطيب ، ومولاي العربي المسعودي ، وادريس الدباغ ، وحدو الشيكر ، وعمر العيادي ، وهبة الله بن العربي العلوي ، والحسينبولعسري ، والحاج محمد مزيان بلفقيه ، وحرمةولد بابانا ، والحاج العربي اللوه ، وبوشعيب الهلالي ، واحمد رضى اجديرة ومحمد البكاي ، وعبد الكريم الخطيب ، وعمر العلوي ومجموعة اخرى من فريق الجبهة الذي كان مؤسسا للدفاع عن المؤسسات الدستورية (…)
اين منا اذن زمن كانت فيه قبة البرلمان تجمع هذه الشريحة من المواطنين ، وزمن نحن فيه ، يضم يضم فيه برلماننا طبقة من الانتهازيين والاعيان ، وباعة الحشيش واصحاب الحانات …ان هذا التصنيف وحده لو كان عندنا من يغار على سمعتنا (…)كاف وحده لتفعيل الدستور ، واغلاق هذا البرلمان الذي عندما نقدمه لهذا العالم الجديد بهذه التركيبة فانما نعطي لاعدائنا مبررات جمة لاحتقارنا ..والضحك علينا
عن جريدة الاسبوع الصحفي عدد 337/775بتاريخ 28يناير 2005
Aucun commentaire