أهداف وغايات الدورة التكوينية الرمضانية

يحدد القرآن الكريم أهداف وغايات الصيام بقوله جل من قائل : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كمل كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) ؛ فالتقوى هي الغاية والهدف من شهر خصص لدورة تدريبية مكثفة ؛ ذلك أن الله عز وجل الذي حرم أمورا تحريما أبديا ؛ وهي أمور تتعلق بأقوى الغرائز: غرائزالأكل والشرب والوقاع ؛ والتي تجد من المغريات في الحياة ما يقويها ويجعلها عاتية خصوصا مع وساوس شيطان يجري من الإنسان مجرى الدم . فالمحرمات من الأكل والشرب والوقاع تحريما مؤبدا تملأ دنيا الناس ؛ وهي في متناول اليد في كل عصر ومصر ؛ بل ربما كانت أسهل مما أحل للناس لهذا تقوم الدورة التكوينية الرمضانية على تدريب الناس من أجل تجنب المحرمات المؤبدة من خلال التدرب على ترك الحلال من أكل وشرب ووقاع في فترة زمنية محددة القصد منها قياس اللالتزام والاستعداد لتجنب النواهي . إن التدرب على ترك المحرمات المؤبدة من خلال المحرمات غير المؤبدة هو هدف من أهداف الصيام ؛ وهو ما دلت عليه الآية ب : ( لعلكم تتقون ) فالتقوى وهي مادة لغوية من فعل وقى يقي وقيا ووقاية وواقية بمعنى صان وحفظ وكلأ ؛ فالمتقي هو الذي بصون نفسه ويحفظها من سخط الله عز وجل وذلك من خلال تجب ما حرم تحريم التأبيد عبر التدرب على ما حرم تحريم غير التأبيد .
والله تعالى يأمر بهذه الوقاية صراحة في قوله جل من قائل : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا )
وهل وقاية النفس والأهل من النار سوى ترك ما يغضب الله من محرمات ؟
وقد يتعامل بعض الناس مع التقوى تعامل يفتقر إلى دقة فلا يعرفون من الإجراءات ما يترجم التقوى حتى لا تبقى كلمة فضفاضة ؛ وهي إجراءات منصوص عليها في الذكر الحكيم ومنها :
ـ الإيمان وهو الاقتناع الباطني بالخضوع الظاهري لشرع الله تعالى إلى جانب العمل المترجم له وصفته الصلاح وكذا الإحسان وهو عبادة الله مع استحضار معيته ؛ وهذا ما يعنيه قول الله تعالى : ( إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا ) إنها إجراءات ترد مقترنة بالتقوى مترجمة لها
ـ الوفاء بالعهد لقوله تعالى :( بلى من أوفى بعهده واتقى )
ـ الإصلاح لقوله تعالى : ( فمن اتقى وأصلح )
ـ العطاء لقوله تعالى : ( فأما من أعطى واتقى )
ـ الصبر والمصابرة والرباط لقوله تعالى : ( اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله )
ـ أداء الأمانة لقوله تعالى : ( فليؤد الذي أؤتمن أمانته وليتق الله ربه )
ـ القول السديد لقوله تعالى : ( فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا )
ـ ترك الربا لقوله تعالى : ( لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله ) وقوله : ( اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا )
ـ ترك العدوان والإثم لقوله تعالى : ( ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله )
ـ عدم طاعة الكافرين والمنافقين لقوله تعالى : ( اتق الله و لا تطع الكافرين والمنافقين )
ـ الصدق لقوله تعالى : ( اتقوا الله وكونوا مع الصادقين )
ـ إصلاح ذات البين لقوله تعالى : ( اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم )
ـ السمع والطاعة لقوله تعالى : ( فاتقوا الله ما استطعتم واسمعوا وأطيعوا ) .
وكل هذه الإجراءات وغيرها مما لم أذكره يجسده إجراء جامع مانع كما يقال وهو ما ورد في قوله تعالى : ( ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله ) لقد اقترنت التقوى بطاعة أوامر الله عز وجل كما جاء بها رسوله صلى الله عليه وسلم .
لكل من خضع للدورة التدريبية الرمضانية نقدم هذه الشبكة التقويمية لتعرض عليها الأحوال خلال وبعد انصرام رمضان فمن كان ملتزما بالإجراءات المقترنة بالتقوى فقد استفاد من دورته التدريبية والا فهو مجرد تارك للأكل والشرب والوقاع فعل مقلد لا فعل مؤمن مقتنع ؛ وهو لم يصن نفسه ولم يحفظها كما يفعل المتقون .
تقبل الله صيامكم وقيامكم وبارك عيدكم وكل عام وأنتم بألف خير .
Aucun commentaire
قال تعالى (وأما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى ) اللهم يسر لنا ما فيه رضاك واعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك, ولا تكلنا لأنفسنا ولو طرفة عين , وقنا وسوسة الجن والانس, وطهر قلوينا, واملأها بالايمان, وانصرنا على الشيطان, وارزقنا توبة نصوحة, وتوفانا وأنت راض عنا.وتقبل الله من الجميع , وغفر لي ولكم . وعيد مبارك سعيد على الأمة الاسلامية.