محاكمة للدكتور الإبراهيمي أم للعدالة و التنمية ؟

لا شك أن انتخابات 12 يونيو 2009 ستبقى محفورة في تاريخ وجدة وذاكرة أهلها نظرا لما ميزها من أحداث و تفاعلات أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر :

1.استعمال المال من طرف مفسدي الانتخابات بشكل غير مسبوق لدرجة استعمال  » بونات  » المساعدة الاجتماعية في الحملة الانتخابية من طرف بعض المستشارين .

2.الحياد السلبي للسلطة لدرجة أن بعض مراكز التصويت كانت تعرف في أبوابها عملية شراء الأصوات ، الشيء الذي دفع بعض الهيئات السياسية إلى الاحتجاج لدى باشا المدينة وتنفيذ وقفة احتجاجية أمام مكتبه { الإتحاد الإشتراكي و العدالة و التنمية …} .

3.قيام بعض أعوان السلطة بحملة لصالح بعض المرشحين و بالخصوص مرشح التراكتور ، ورغم إبلاغ الباشا { الذي أغلق هاتفه في حدود الساعة الثانية زوالا } و رؤساء الدوائر بذلك إلا أن الأمر بقي على حاله .

4.تمكن حزب العدالة و التنمية من تغطية جميع مكاتب التصويت تقريبا بمراقبين مما صعب عملية التزوير التي كانت واردة .

5.حصول حزب العدالة و التنمية رغم كل هذا على الرتبة الأولى ب21 مقعدا متقدما على حزب التراكتور ب5 مقاعد و على الرغم من المشاركة الضعيفة التي تميزت بها مدينة وجدة 27% .
6

.نتائج الإنتخابات صعبت على اللوائح الفائزة تشكيل أغلبية بلائحتين فقط ما عدا حزب المصباح . { 16 +13 أو 16+14 أو 16+16 }

7.خلال الجلسة الأولى للتفاوض مع حزب الإستقلال صرح عمر حجيرة بأنه يريد الرئاسة لنفسه معللا ذلك بكون السلطة لا تريد حزب العدالة في الرئاسة بوجدة .

8.بعد فشل المفاوضات مع الإستقلال تمكن حزب العدالة من تشكيل أغلبية 34 مستشارا { 21 مصباح +6 تراكتور+ 6 سنبلة +1 حمامة }.

9.يوم 25 يونيو تاريخ انعقاد دورة انتخاب المكتب المسير حضر 32 مستشارا في الساعة العاشرة الموعد المحدد في الدعوة ، في الوقت الذي كان المستشارون ينتظرون التحاق المستشارين المتبقين و بالضبط في تمام الساعة 10و 17 دقيقة انسحب الباشا من القاعة بدعوى أن النصاب لم يكتمل محطما بذلك الرقم القياسي في تاريخ رفع الجلسات في العالم . لكن الحقيقة أنه أبلغ بأن مستشارة الأحرار في طريقها إلى القاعة ، و بالفعل وصلت على الساعة 10و 30د .

10.بعد التحاق المستشار رقم 34 والتوصل بعين المكان بدعوة انعقاد الدورة يوم 29 يونيو كان التفكير يصب في الدخول في اعتصام داخل القاعة لكن احتراما للزيارة الملكية قرر المستشارون ــ تفاديا لأي ضغوط قد تمارس عليهم ــ الذهاب جماعيا إلى بيت النائب البرلماني المستشار عبد العزيز أفتاتي بعد القيام بجميع الإجراءات القانونية .

11.في سابقة في تاريخ الإنتخابات بالمغرب يفاجأ المستشارون و السكان يوم الجمعة 26يونيو بتطويق المنطقة بعشرات من سيارات الشرطة و كأننا أمام عصابة إجرامية أو عصابة مخدرات . و بعد الإستفسار قيل لنا بأن لديهم شكاية تقول بأن 12 مستشارا هم مختطفون ومحتجزون داخل بيت أفتاتي . خرج المستشارون 12 وأمام الملأ صرحوا بأنهم غير محتجزين و موجودون بمحض إرادتهم .{ التصريحات مسجلة بالصوت و الصورة عند الصحفين الحاضرين } . ورغم ذلك أصر المسؤولون الأمنيون ومعهم نائب الوكيل العام على أخذ المستشارين إلى مقر الشرطة لإنجاز المحاضر . و بالفعل تم اقتيادهم إلى المقر الولائي للشرطة و عاد إلى البيت سبعة مستشارين و اختفى خمسة . { تصريحات المستشارين مصورة في اليوتوب } .

12.ليلة الأحد توصل المستشارون برسالة تخبرهم بتأجيل الدورة لدواعي أمنية ، مع العلم أن الزيارة الملكية لم تكن قد انتهت بعد وبذلك فالمدينة التي كانت أكثر أمنا حينها في المغرب كله هي وجدة . و بالتالي فإن التأجيل سببه أن الطرف الذي كانت تسانده السلطة لم يكن قد حسم أمره بعد .

13.يوم الجمعة 03 يوليوز سيفاجأ سكان وجدة وضيوفها بسياج حديدي و أمني بمحيط مقر البلدية ومنع المواطنون و الصحفيون من حضور الجلسة رغم أن القانون يصرح بأنها علنية كما منع الدكتور سعد الدين العثماني و مصطفى الرميد عضوا الأمانة العامة للحزب من الاقتراب حتى من مدخل البلدية .

14.بعد انطلاق أشغال الدورة كان المواطنون ينتظرون خارج السياج الحديدي و النواب البرلمانيون الثلاثة : العثماني و الرميد و الإبراهيمي داخل السياج ، وحسب شهود عيان قدم لهم أحد مناضلي الحزب ثلاث كراسي للجلوس ، فتدخل أحد المسؤولين الأمنيين فعنفه الشيء الذي جعل ذ الرميد يتدخل فتوترت الأجواء فتدخلت قوات الأمن لتفريق المواطنين و أحاط بالدكتور الإبراهيمي أكثر من10 أفراد من قوات الشرطة و مزقوا قميصه و اقتيد إلى مركز الشرطة بتهمة إهانة وضرب رجل أمن وهو الطبيب الجراح الذي يعيد البسمة للمرضى .

15.عندما قرر مستشارو تحالف إنقاذ وجدة الإنسحاب من القاعة بشكل حضاري دون التسبب في فوضى أو أي مشكل داخل القاعة وبعد أدائهم للنشيد الوطني ورفع بعض الشعارات عند مدخل البلدية فوجؤوا بالتدخل العنيف لقوات الأمن الذي تسبب في عدة إصابات كان أخطرها الإصابة التي تعرض لها المستشار نور الدين بوبكر في رأسه و التي كادت أن تودي بحياته لولا لطف الله .

16.يوم 15 شتنبر انعقدت جلسة محاكمة الدكتور الإبراهيمي ، الذي كان مؤازرا بمجموعة من المحامين قدموا من عدة مدن مغربية يتقدمهم ذ مصطفى الرميد رئيس فريق العدالة و التنمية بمجلس النواب . ورغم الدفوعات و التعليلات القانونية التي تقدمت بها هيئة الدفاع لقبول طلب تأجيل المحاكمة إلى حين بث المحكمة في الشكاية التي تقدم بها الدفاع والتي يطعن من خلالها في محضر الشرطة القضائية و الشهادة الطبية التي تقدم بها الشرطي  » الضحية  » و كذا قبول السماع للشهود الذين عاينوا الأحداث ، إلا أن القاضي رفض الملتمسين معا . وهذا ما دفع هيئة الدفاع تنسحب من القاعة احتجاجا على هذا الرفض غير المبرر .

17.يوم 16 شتنبر تأجل النطق بالحكم إلى يوم 24 منه فكان الحكم بستة أشهر سجن موقوفة التنفيذ و غرامة ثلاثة ملايين سنتيم .

يبقى أن نتسائل هل هذا الحكم المقصود به هو الدكتور و النائب البرلماني مصطفى الإبراهيمي ؟ أم أن المقصود هو حزب العدالة و التنمية الذي لا يعجب شعاره  » محاربة الفساد  » جهات متنفذة مستفيدة من الوضع الراهن ؟ ثم هل سيصمد حزب العدالة و التنمية للمغريات و للضغوط التي يتعرض لها في مسيرته ؟
عامل الزمن وحده الكفيل بالإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها .