Home»Régional»وجدة : استفحال ظاهرة التسول

وجدة : استفحال ظاهرة التسول

0
Shares
PinterestGoogle+

ترتبط ظاهرة التسول بعاصمة الشرق إذ يفد عليها المتسولون من كل الجهات لاشتهار أهلها بالأريحية والشفقة على المحتاج والمسكين. وإذا ما كانت المدينة تعرف شريحة عريضة طويلة من المستجدين خلال شهور السنة فان عدد هذه الشريحة يتضاعف في شهر رمضان؛ وفي عاشوراء وهي مناسبات ترق فيها القلوب للضعفاء والمحتاجين.ولعل ظاهرة الكدية معلومة في كل البقاع وفي كل الأزمنة لأن الناس منذ وجدوا فيهم الفقير والغني ؛ والأمر المثير في مدينة الألفية أن الظاهرة تجاوزت الحدود وصارت الساكنة تواجه الأيدي الممدودة في كل مكان داخل وخارج بيوت الله عز وجل ؛ وفي الأسواق وفي الشوارع ؛ وأمام المخبزات ؛ وفي المقاهي ؛ وداخل الحافلات ؛ وعند إشارات المرور …..الخ
والظاهرة تشمل مختلف الأعمار؛ كما أنها تشمل الذكور والإناث الشباب والشيب ؛ وقد ظهرت فئة المهاجرين السود من كل دول إفريقيا لكون المدينة حدودية وهي على بوابة أوروبا ؛ كما أن الجزائر هي معبر الأفارقة إلى وجدة في اتجاه مدينة مليلية.
وعندما يقترب المار من المدينة العتيقة يشاهد المناظر المؤلمة على جانب السور العتيق إذ يجلس المتسولون يستجدون الناس كل بطريقته وأحوالهم يرثى لها ملابسهم رثة؛ والشحوب يعلو سحناتهم والأوساخ تغطي أبدانهم. ولقد صار من المألوف أن نرى المتسولة وقد توسد فخذيها صغارها يضطجعون الساعات الطوال لأن التسول يقتضي ذلك؛ إذ لا رحمة ولا شفقة بدون مناظر مؤثرة في نظر المتسولين.
ومن المتسولين من يقفون في بيوت الله عقب كل صلاة جامعة يسردون سب فقرهم ومنهم من يجهش بالبكاء استدرارا للرحمة؛ ومنهم من يقرع أبواب البيوت يطلب حاجته من ربات البيوت؛ ومنهم من يقف أمام شبابيك الأبناك مغتنما فرصة سحب النقود؛ ومنهم المتخصصون في المقابر يستغلون ظروف الجنائز؛ ومنهم المتسترون وراء أصحاب العاهات يستعملونهم أداة للتأثير في المارة بالكشف عن العاهات حتى ولو خفي أمرها؛ ومنهم أصحاب الرايات والألوية وهم الدراويش المنتسبين لهذا الولي الصالح أوذاك. الأصناف متعددة والهدف واحد وهو طلب لقمة العيش.
ولا تخلو هذه الفئات من المتحايلين على الناس المستغلين لعواطفهم الإنسانية ؛ ومنهم من خرج من دائرة الفقر ولكنه وجد في الاستجداء مصدر رزق بل مصدر ربح ؛ وقد عاينت حالة أحدهم وقد أحضر من القطع النقدية ما يزيد عن خمسمائة درهم حوالي الساعة الحادية عشرة قبل الظهر إلى مكتبة وراقة في قلب المدينة العتيقة عند إحدى بواباتها لتستبدل القطع أوراقا نقدية ؛ وعندما أبديت دهشتي قال لي صاحب الوراقة أن الرجل يحضر نفس المبلغ مرتين في اليوم خلال شهر الصيام مما يعني ثلاثة أضعاف راتب موظف خارج السلم . وقد كنت أسمع بمثل هذه الحكايات ولا أصدقها حتى عاينتها.
لقد أصبح من الصعب تمييز الفقير المحتاج من المحترف الذي لا يطلب شغلا يغنيه عن الاستجداء؛ لأنه يجد في التسول ضالته التي لا يبذل من أجلها مجهودا. وقد يتصدق الناس على فئة تطلب ثمن التدخين أو ثمن استنشاق المخدر وهم يعلمون؛ وربما تصدق المتصدقون بالسجائر وبالمحرم أيضا.
إننا ونحن نعيش اهتمام العالم بموضوع الفقر حيث حددت مناطق الفقر في القارات؛ نرى أن نصيب مدينتنا من الاستجداء يفوق التوقعات لعدة أسباب؛ هو غياب جمعيات المجتمع المدني الضابطة لذوي الحاجة؛ فربما وجدت أهل حي يهتمون بالمساحات الخضراء وبحراس الليل؛ ولكنهم لا يحصون الفقراء في أحيائهم من أجل محاربة الفقر المحاربة المنهجية الفعالة إذ لو اهتمت ساكنة كل حي بفقرائها لتمت محاصرة الفقر ومحاربته كما يحارب العدو الشرس. ولو فعلت عبادة الزكاة على الطريقة الإسلامية لاستغنى فقراء كل حي وحارة. ولعل المسئولية تقع بالدرجة الأولى على المسئولين الذين لا يضبطون تحركات المتسولين؛ وتجمعهم في مناطق معينة كعاصمة الشرق علما بأن القبائل المنتسبة للمنطقة لا ترضى أن يكون من أبنائها متسولون لأن ذلك يعرضها للنقد.
ولا ننكر دور بعض جمعيات المجتمع المدني التي تشرف على جمع وتوزيع المعونات بعد ضبط هوية المحتاجين من أرامل وأيتام ومرضى وعجزة ؛ وقد نجحت في قطع الطريق على المتحايلين ممن يرتزقون بالتسول.
ونحن على أبواب العيد تصدمنا الظاهرة ليلة وصباح العيد عندا أبواب المساجد وفي المصلى حيث يجتمع مئات المتسولين وكأن العيد لا يهمهم؛ ولا تهمهم صلاة ولا عبادة همهم هو جيوب الناس؛ وفيهم الفقير بالفعل وفيهم المحتال المندس بين الفقراء.
قد يظن قراء هذا المقال أن صاحبه يعرض بالفقراء والعكس هو الصحيح؛ إنني أتوخى الدفاع عمن يستحق المساعدة؛ كما أتوخى ترشيد المساعدات حتى لا يكو ن هنالك هدر لأموال يتعب من أجلها أهل الإحسان؛ وهدفي أن يلتفت الناس إلى ذوي الحاجة في أحيائهم وحاراتهم عوض أن يهتم بهم غيرهم؛ فلو أن كل قرية أو مدينة اهتمت بفقرائها لما استفحلت الظاهرة في جهات دون أخرى.
كان الله في عون المحتاجين ولكن ليس من المعقول أن يركب التسول كل من هب ودب ليكون سبة للمدينة ولأهلها ينغص على الجميع حياتهم إذ كيف يتذوق المشتري ما يشتريه من حاجيات بعرق جبينه وقد مدت إليه أيدي المتسولين من كل اتجاه وكل ساعة وفي كل مكان. ويمكن أن تلحظ هذه اللقطات أمام المخبزات والمقشدات فقد يعود المتسول إلى بيتها بأرغفة أكثر من أرغفة كل الزبائن وربما باعها بثمن دون ثمنها ليحصل على مال مقابل لها والحالة أن من قدمها له كان يرغب في أن تسد جوعه و تسد جشعه.
فمتى تعالج الظاهرة في مدينتنا معالجة صحيحة ترعى حقوق الفقراء وتكشف المندسين في صفوفهم والمحسوبين عليهم ؟؟؟

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. ahmed
    21/10/2006 at 11:43

    First of all,thank you for your article in which you elaborated logically this social epedemic in our city Oujda.You said nearly everything,facts of begging,cause and consequence,to make your subject real,you have provided an example,The only thing i
    would like to add is the following:The true needy people never ask people for help,they know they are poor,but they lack the courage to hand their hands to other people,they meet their needs only through the attention of their family or their neighbours.Some people think by giving alms to beggars they are doing good to society,this is not true all the time,sometimes giving becomes synonym to encouraging more people to go to the door of the mosques,and cafes ,bank and abuse the kindness of generous.Whenever there is an obligation to do sadaka,i delegate this task to my mother ,because she knows really where it shoud go

  2. يحي بنضيف
    24/10/2006 at 13:14

    لسم الله. وبعد. هده الظاهرة التي اصبحت مزعجة الى حد الغثيان وخصوصا في هده الايام المباركة من ايام رمضان وايام العيد هي و جه من اوجه فشل السياسات المتبعة مند سنوات فكلما مرت الايام ازداد عدد المتسولين من مختلف الاعمار والجنس والاتراف او الهواية … في مدينة وجدة لا تكاد تمشي مترا او مترين حتى تمتد لك الايدي وفي كل الاماكن في الاسواق و عند ابواب المساجد و في المقبرات وفي الحافلات وفي الازقة والدروب وعند ابواب المنازل و في المقاهي كان جنيا ما او جهة ما تتحكم في خروجهم وفي اختفائهم .
    وانا من هدا المنبر اسائل المسؤولين عن المدينة و بالخصوص ممثلي المواطنين في المجموعة الحضرية وفي البلديات في شخص السيد الرئيس المحترم. هل سبق ان تدارسوا هده المشكلة في احدى جلساتهم ؟ وما هي استراتيجيتهم للقضاء على هده الافة ؟ وشكرا مسبقا على الاجابة . وليتخدوا نائب وزارة التربية الوطنية لمدينة و جدة قدوة . والسلام.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *