Home»Régional»مندوبية وزارة الأوقاف تمنع الاعتكاف بمساجد وجدة

مندوبية وزارة الأوقاف تمنع الاعتكاف بمساجد وجدة

0
Shares
PinterestGoogle+

لقد من الله عز وجل على مدينة زيري بن عطية بنعمة المساجد ؛ فهي آية في الجمال المعماري المغربي الأصيل ؛ ولا يوجد حي إلا ويفخر أهله بمسجدهم الأنيق ؛ وعندما يرتفع الآذان ساعة الفجر تقشعر له الجلود وتلين القلوب ؛ وعندما ينظر المرء إلى عمار هذه المساجد يشعر بالهيبة ولا يسعه إلا شكر المولى جل شأنه على نعمة الإسلام . ووراء انتشار بيوت الله بهذه الكثرة علماء أجلاء تميز بعضهم بعلمهم الغزير وبعد نظرهم ومراهنتهم على دور المساجد في تربية الفرد والمجتمع ؛ والى جانبهم أهل الإحسان الذين يذلوا الغالي والنفيس من أجل بناء بيوت الله بينما يتلف غيرهم المال في اللهو والأسفار ومتاع الدنيا الزائل ومن النوع المحرم .
ولا يبالغ المرء إذا ما سمى مدينة الألفية مدينة المساجد بامتياز. وأمام هذه النعمة الموجبة للشكر والفخر عند ساكنة وجدة ؛ ابتليت المدينة المحافظة المتدين أهلها بمسئولين رسميين في الشأن الديني لا هم لهم سوى خلق التوتر من أجل إفراغ المساجد من دلالتها الروحية ؛ وطبعها بالطابع الإداري . فأمام إقبال الناس على بيوت الله بإيمان خصوصا في شهر الصيام طالعتنا المندوبية بقرار منع الاعتكاف وهو سنة نبوية لم يتخل عنها النبي صلى الله عليه وسلم ولا أزواجه من بعده ؛ والسبب في ذلك أن جماعة من الجماعات المحظورة يشارك بعض أعضائها في الاعتكاف ؛ ويخشى أن يستغلوا ذلك للترويج لأفكارهم.
ما أشبه موقف المندوبية بما أثر عن الفيلسوف ابن رشد عندما منع الناس من مزاولة الفلسفة لأن بعضهم صار ملحدا بسببها فقال للمانعين :( شأنكم شأن من منع الماء عن الناس لأن قوما شربوا الماء فشرقوا فماتوا). إن منع الناس من الاعتكاف لأن جماعة يتوقع أن تستغل بيوت الله عز وجل لأغراض سياسوية هو استخفاف بمشاعر الناس الدينية ؛ وهو تجاسر على دين الله لا يقبل من مؤسسة دينية رسمية مسئولة ؛ وكان من المفروض أن تشجع المندوبية الناس على الاعتكاف لتكون قد قامت بدورها المطلوب فيها ؛ وربما كان ذلك هو الرد المناسب على كل تطرف أو خروج عن الجماعة . ومشكلة الخلاف مع هذه الجماعة أو تلك لا يحل على حساب الدين ؛ كما أن الدين ليس مطية يركبه كل من هب ودب لتحقيق ذاته.
لقد سمى الله تعالى منع ذكره في مساجده ظلما ؛ والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه فقال جل شأنه :(ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم ) فمن يجرؤ على هذا الخزي وهذا العذاب سواء كان جهة رسمية أم كان جماعة مشاكسة للجهة الرسمية ؟
ورحم الله الخليفة هارون الرشيد الذي أقسم على زوجته ألا تبيت في ملكه بسبب خلاف بينهما والا طلقها وكان ملكه يمتد من الصين شرقا إلى باريس غربا ؛ فأوشكت الشمس على المغيب وقد ندم الخليفة ووجب الطلاق فجمع أهل العلم لحل المعضلة فقال أفقههم : يمينك لم تقع لأن الزوجة ستبيت في بيت الله عز وجل وهي ليست من ملكك لقوله تعالى ( وأن المساجد لله ).
فكيف تصبح بيوت الله عز وجل مجرد مكاتب إدارية تابعة للمندوبية ؟ فبعدما كانت المساجد أبوابها لا تغلق إلا بعد صلاة العشاء صارت تغلق بعد كل صلاة بدعوى تعرضها للسرقة والقذارة من طرف المتسكعين وكأن البلاد ليس فيها حرس يحرسون بيوت الله لتظل مفتوحة للعباد علما بأن الجلوس فيها عبادة سماها رسول الله صلى الله عليه وسلم الرباط. فلا زالت المساجد يقلص دورها حتى تعطل ؛ في حين لا تعرف مؤسسات أخرى أية مضايقة ؛ وقد تكون هذه المؤسسات محرمة شرعا .
ولقد عرف رمضان هذه السنة تقلصا في دروس الوعظ لنفس السبب حيث دعت الخشية من استغلال الجماعة المحظورة للمنابر شطب العديد من الأسماء من لائحة الوعظ ولأول مرة في تاريخ المدينة علما بأن انتماء الواعظ لا يقدح في علمه إن كان عالما ؛ كما أنه لا يجرؤ على الدعاية لانتمائه لأنه لا يخاطب ساكنة مغفلة لا تميز بين علم ودعاية ؛ وهي التي اختارت المذهب السني والعقيدة الأشعرية عن قناعة منذ قرون .
إن الجهة التي تضيق على المساجد توهم الرأي العام بأنها بصدد مواجهة نطرف في المدينة ؛ والحقيقة أن المدينة بعيدة كل البعد عن التطرف ؛ وأهلها محافظون بطبعهم ؛ ولهم من الذكاء ما يمكنهم من التمييز بين الغث والسمين ؛ والحق والباطل ؛ ولا يقبلون وصاية أحد .
فإلى أن يتحرك أهل العلم للبث في قضية منع الاعتكاف وعلى رأسهم السيد رئيس المجلس العلمي المعروف بسعة علمه ؛ نرجو أن تراجع المندوبية قرارها لأنه شطط في استعمال السلطة ؛ وابتداع لا يقبل في بلد الأشاعرة ؛ ولها أقدم نصحا واجبا شرعا وهو تجنب الاستفزازات وتوزيع تهمة التطرف على ساكنة مدينة برمتها من خلال تعطيل سنة الاعتكاف .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. عبد العزيز قريش
    15/10/2006 at 23:44

    سلام الله على قلمك الحر؛ تعلم أستاذي الفاضل أن الموجة الحالية في العالم والمغرب جزء منه هو محاربة المسلمين وأي مسلم بدعوى الإرهاب. ولذلك لا تستغرب ما تجريه وزارة الأوقاف والسؤون الإسلامية مما ذكرته. ورغم ذلك فسيجد الاعتكاف طريقا إلى العباد في أمكنة أخرى غير المساجد من منازل وغيرها. فالله كفيل بإحياء دينه مهما بلغت المعارضات والإجراءات؛ ولله الحمد على ملة الإسلام في هذا البلد الأمين.

  2. أمين
    17/10/2006 at 21:21

    حق أريد به باطل ، هذه الحقيقة التي يخفيها صاحب المقال الموضوعي جدا والمدافع على الملة جدا . قبل أيام جهز قلمه للدفاع على الشيخ الأزلي وأباح له حق الفتوى في أمة عريقة لها تاريخ . واليوم يدافع عن حق كثيرا ما يختفي خلفه المتشددين ويعملون على نشر النصيحة التي لا ترى اإلا الكفر والفساد والكساد وهلم جرا ، وبما أن بيوت الله يدخلها الجميع يصبح المكان أكثر ملاءمة للنصيحة المبيتة وتأليب القلوب على بعضها البعض ، قبل أيام كانت بيوت الله مفتوحة طيلة الأيام إلى أن بدأ وباء التشدد يزحف على العباد ويجند العامة ويدفع بالشباب اليائس الى الحقد والغلو ورفض الواقع ؛ أي إعتكاف هذا يريد صاحبنا ، وأي صورة يريد صاحبنا لبيوت الله أن تبقى بدون رقيب ولا حسيب ويفتي فيها كل من هب وذب . وبما النصيحة كانت اللبنة التي أنهيت بها تدخلك ، فاعتقد أن الأولى بالنصيحة أولئك الذين يستغفلون الناس ويزرعون التطرف الذي يؤدي الى منع السنة والسقوط في البدعة .

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *