Home»Régional»مشروع الشرق الأوسط الجديد الصيغة المراجعة الموسعة

مشروع الشرق الأوسط الجديد الصيغة المراجعة الموسعة

0
Shares
PinterestGoogle+

من تقاليد الأمة الأمريكية عبارة الصيغة المراجعة الموسعة ؛ فكما استعملت هذه العبارة عند مفكريهم فقد اقتبسها ساستهم أيضا؛ و معلوم أن ساسة البيت الأبيض تقدموا بعدة صيغ لمشروع شرق أوسط يسمونه جديدا بمعنى على مقاسهم ومزاجهم ؛ وكلما فشلت صيغة حلت محلها أخرى جديدة مراجعة وموسعة.والصيغة الجديدة هي التي جاءت بها وزيرة الخارجية إلى الشرق الأوسط المسكين الواقع تحت مجهر البيت الأبيض الذي لا هم له في هذه الدنيا سوى أرض العرب. ومعلوم أيضا أن البيت الأبيض ومنذ عقود يرتزق بمشاكل مختلقة في منطقة الشرق الأوسط لتبرير وجوده في المنطقة والتغطية على حقيقة هذا الوجود ؛ وهو يعتمد سياسة تضليل الأمة الأمريكية من خلال ترويج شعار الأمن القومي ؛ وقد صادف هذا التضليل هوى في نفوس الأمريكيين الذين يغنيهم إشباع البطون والفروج عن الشرق الأوسط وغير الشرق الأوسط ما عدا بضع مئات يظهرون عبر بعض الفضائيات في مظاهرات شبه مسرحية من أجل تضليل العالم وإقناعه بوجود ديمقراطية وحرية تعبير تستطيع انتقاد البيت الأبيض أمام البيت الأبيض. وبسبب هذا الموقف من الأمة الأمريكية يكاد الفرد في العالم العربي يجزم ببلادة هذه الأمة أمام ساستها وما هي ببليدة وإنما تتظاهر بذلك وقد وجدت ضالتها ومصلحتها في سياسة تعتمد الشرق الأوسط كبش فداء من أجل رفاهيتها ؛ وهو أمر يوحد بين الساسة وشعبهم عندما يكون الضحية عربي.
طارت السيدة السمراء من جديد إلى الشرق الأوسط تحمل مشروعا قديما جديدا يعتمد مقولة تشجيع المعتدلين من العرب ضد المتطرفين . ومعلوم أن الولايات المتحدة تقسم العرب منذ كانت إلى أصدقاء وأعداء حسب درجة الخضوع لسياستها التي تحكمها المصالح من خلال برغماتية مكشوفة إلى حد قد يصبح عدو الأمس صديق اليوم والعكس صحيح. ومعلوم أيضا أن ساسة أمريكا يصنعون المصطلحات والمفاهيم وفق برغماتيتهم ؛ وقد يروج للمصطلح أو المفهوم اللقيط فلا يجد له مكانا في القاموس العالمي فتتحرك الخارجية لترويجه وترسيخه وسرعان ما يرسخ إما عن طريق الإغراء أو عن طريق التهديد كما هو شأن مصطلح إرهاب الذي صار مسلمة من المسلمات ؛ وهو في حقيقة أمره محض أكذوبة لتبرير العدوان والسطو.
إن مصطلح اعتدال ومصطلح تطرف من المصطلحات المختلقة داخل أروقة البيت الأبيض ظاهريا والأسود باطنيا بسبب السياسة الحاقدة تجاه الشرق الأوسط. وبمجرد رواج مصطلح اعتدال انطلقت جموع المهرولين كالعادة من أجل الظفر بهذه الصفة المحببة لدى البيت الأبيض ؛ والمضحك أن المعتدلين لم يطرأ عليهم أي تغيير ومع ذلك تقدموا مرة أخرى لنيل شرف الاعتدال من جديد علما بأن الخارجية الأمريكية لا تستهدفهم وإنما تخطب ود من تعتبرهم متطرفين لتردهم إلى بيت الطاعة عن طريق الإغراء ما دام العنف يجلب لها الخسارة ونتائجه غير مضمونة خصوصا بعد نموذج المقاومة في جنوب لبنان الذي يخشى أن يسوق في المنطقة فتتحول إلى مستنقع على النمط الفيتنامي .
ليس الاعتدال سوى القبول بالأمر الواقع وهو دولة إسرائيل القوية التي تمثل عمقا استراتيجيا للولايات المتحدة مقابل دويلات عروبية تعتمد السياسة اللقمانية المحرمة للتغيير؛ وليس التطرف سوى رفض الأمر الواقع والمطالبة برحيل القوات الأمريكية ورحيل سياسة الهيمنة ؛ واجتثاث دولة إسرائيل من منطقة خلقها الله عربية لتبقى كذلك إلى قيام الساعة. إن الاعتدال بالمفهوم الأمريكي هو الذي يكرس ظاهرة الرؤساء مدى الحياة في عالمنا العربي ؛ ويحولهم إلى ملوك بعد وفاتهم يورثون الرئاسة لأبنائهم الذين يرثون الاعتدال بالمفهوم الأمريكي .
إن الولايات المتحدة تراهن على اعتدال الأنظمة وتنسى اعتدال الشعوب وهي يائسة منه ؛ ذلك أن انتخابات الفلسطينيين والمصريين كشفت أن الشعوب متطرفة ؛ وأن الأنظمة معتدلة ؛ وهو واقع لا يبشر بخير بالنسبة لساسة البيت الأبيض لهذا لا بد من دعم لاعتدال يخلق توازنا في المنطقة وهي الصيغة المراجعة الموسعة لمشروع الشرق الأوسط الجديد كما قدمتها سمراء البيت الأبيض التي وزعت القبل على المعتدلين والامتعاض على المتطرفين مع إغراءات مبطنة توحي بإمكانية الانتقال من التطرف إلى الاعتدال ؛ وهو أمر ممكن بموجب البرغماتية الأمريكية ؛ كما أنه أمر يخيف المعتدلين الذين يخشون من مزاحمة المتطرفين لهم على مقاعد الاعتدال ؛ وهو ما يعني نهاية دورهم حين تبلغ البرغماتية الأمريكية التخمة منهم .فهل سيقبل حسن نصر الله ؛ وهنية ؛ ونجاد مقاعد الاعتدال ؟ فإذا كان الجواب بنعم فهل ستقبل شعوب المنطقة بالاعتدال ؟ وهنا لن يكون الجواب سوى لا ؛ لأن الذي صنع نصر الله وهنية ونجاد هو تطرف الشعوب بالتعبير الأمريكي ؛ وستظل معادلة التطرف موجودة طالما ظلت أطماع البيت الأبيض في المنطقة العربية كما هي ؛ وطالما لم ترحل قواتها ؛ وترحل معها إسرائيل إلى الأبد ؛ ولن يكون هناك شرق أوسط جديد لأن الله تعالى خلقه كما هو و لا تبديل لخلق الله .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

  1. عبد العزيز قريش
    07/10/2006 at 22:31

    تحية إجلال وإكبار لقلم أستاذنا الجليل محمد شركي، وأتمنى عليه أن لا ينسى منظومة التربية والتكوين وهيئة التفتيش من قلمه، فحتى هي سياسة تعتمد عليها الولايات المتحدة الأمريكية في تدجين الشعوب، وتمرير الفوضى الخلاقة ثقافيا. فرجائي مشفوعا باستعطافي أن تجد الهيأة التفتيش والمنظومة التربوية والتكوينة مساحة من قراءاته الواعية. وشكرا جزيلا مع الاعتذار من أستاذي إن أسأت معه الأدب في استعطافي هذا. وأرجو الله تعالى أن يجعل قلمك وأقلام شرفاء هذه المنظومة عامة والتفتيش خاصة أداة تصحيح لما أفسده المفسدون.

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *