Home»Régional»قضية تعدد الزوجات في الإسلام ليست موضوع تفكه

قضية تعدد الزوجات في الإسلام ليست موضوع تفكه

0
Shares
PinterestGoogle+

لما نشرت حوارا بيني وبين أستاذة محامية فاضلة أكن لها كل احترام حول موضوع تعدد الزوجات في الإسلام لم تكن النية و لا القصد إثارة موضوع للتفكه كما فهم البعض ممن اتصل بي شاكرا أو معاتبا بكيفية تشي بعدم الجدية في التطرق للموضوع مما حتم علي إثارة القضية مرة أخرى لتنزيه شرع الله عز وجل عن العبث ؛ فنحن أمة نقرأ قوله تعالى: (ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ) نقرأ هذه الآية بمسئولية ولا نعرض شرع الخالق جل وعلا للعبث ؛ فقدسية شرعه من قدسية ذاته المقدسة سبحانه ؛ وهو القائل جل جلاله : (لوأردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين ) فالخالق سبحانه لم يشرع التعدد ليكون موضوع تفكه ولهو؛ وإنما ليكون موضوع جد يمس العقيدة في الصميم ؛ ومن تندر به كان في منزلة الساخر من العقيدة المطعون في إيمانه . وموضوع التعدد يدخل ضمن ما يعرف بالأمور التي جدها جد وهزلها جد .
لقد التقيت بأحدهم فأثار موضوع المقال السابق عابثا ظنا منه أن قصدي كان اختيار موضوع فيه إثارة ؛ ولما رمت معرفة حظه في العلم بالموضوع وجدته بعيدا عن القضية إذ لا يعني التعدد عنده سوى إشباع رغبة الرجال من النساء ؛ كما أن الموضوع بالنسبة إليه مجرد حديث سمر عندما يخلو الرجال إلى بعضهم في سهراتهم.
لقد كان القصد من المقال السابق ثني الأستاذة المحامية المحترمة عن فكرة تعطيل شرع الله عز وجل المتعلق بالتعدد لمجرد أنه يخالف قناعتها أ طبيعتها كأنثى تخشى عواقب التعدد عندما يمارس بطريقة غير صحيحة شرعا ؛ والشرع لم يوجد لتلبية رغبات فئات دون أخرى ؛ وإنما وضع لصيانة مصالح الجميع دون تمييز بينهم ؛ وقد يخيل للبعض أن الشرع بنظرته الشمولية للمصالح لا يأبه برغبات البعض ؛ وهو كذلك إذا ما كانت رغبات هذا البعض مجرد أهواء لا مبرر لها سوى الأنانية وتحقيق الذات على حساب الغير .وان المانع للتعدد بذريعة سوء استعماله ينزل منزلة المانع الناس من شرب الماء لأن قوما شربوا الماء فشرقوا فماتوا كما قال الفيلسوف ابن رشد عن الذين منعوا الفلسفة عن الناس لأنها تفضي حسب زعمهم إلى الكفر والإلحاد في حالة سوء الاستعمال. فإذا ما تفلسف متفلسف فكفر أو شرب شارب الماء فشرق فمات فان ذلك لا يعد مبررا لتحريم ما أحل الله . ولقد ذهلت لسوء فهم العابث بموضوع التعدد إذ يظن أن التعدد مستحيل لأنه أول قوله تعالى ( ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم ) فباقتطاع هذا النص المقدس من سياقه خيل لصاحبنا أن التعدد مستحيل باستحالة العدل بالرغم من الحرص ؛ فكان شأنه كشأن من يقرأ ويل للمصلين فلو تنبه للآية الموالية ( فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة ) لأدرك أن الميل وما يترتب عنه من تعليق لا يكون إلا بالتعدد وأن بعض الميل حاصل لا محالة لهذا استحالت القدرة على العدل فيه ؛ لهذا حدد فقهاء الإسلام العدل فيما يمكن لا فيما يستحيل وهو أمر الميل القلبي الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ( اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤاخذني فيما تملك ولا أملك ) أوكما قال عليه الصلاة والسلام مشيرا لميل القلب و الذي سلطانه بيد الخالق جل جلاله .
لقد ظن صاحبنا أن موضوع التعدد سيق في كتاب الله ليكون موضوع تندر بين الذكور في خلوتهم إلى بعضهم ؛أو يكون مدخلا للعبث بالإناث بحيث يطرقه الرجل مع زوجته لاستفزاز مشاعرها وإثارة غيرتها وربما لترهيبها إن كان بها نشوز؛ إلى غير ذلك مما لم يقصد إليه الشرع بتاتا .
لا ينكر أحد ما لهذا الموضوع من حساسية بين الزيجات نظرا لغيرة فطرهن الله عليها حتى أن أم المؤمنين أم سلمة اعتذرت لرسول الله عن الزواج منه بعد موت زوجها وكان عذرها الغيرة فضلا عن كونها كانت أم ولد فكان قوله عليه الصلاة والسلام لها ( أما الغيرة فسأدعو الله لك ) ويستفاد من قوله أن الغيرة فطرة ولكنها لا تعطل الشرع بل تعالج بالدعاء الصالح . ولكن هذه الحساسية لا يجب أن تحول قضية شرعية إلى فكاهة لأن التعدد يغيض النساء فيستغل ذلك للتعريض بهن ؛ ولا يجوز أن يتعاطى المرء المسلم لموضوع التعدد هازلا لاسخاط الزوجة أو إضحاكها .
إن التعدد شريعة إلهية فيها من الرحمة ما لا يعلمه إلا الله عز وجل لهذا قيده الله تعالى بالعدل ؛ وهو أمر لا يستقيم إلا لمن حسن تدينه ؛ لهذا شاع في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم التعدد إقتداء به دون أن يثير من الحساسيات ما يثيره فينا لأننا حولناه من أمر شرعي غاية في الجد إلى مجرد هزل لا يعدو باقي أنواع الهزل الشائعة فينا ؛ وحتى وسائل الإعلام في البلاد الإسلامية تقدمه في شكل أفلام و مسرحيات هزلية يكون فيها الزوج المعدد وزوجاته أضحوكة ؛ ولم أستغرب لكون فاضلات متعلمات عندنا قدمن احتجاجا على عرض فليم من قبيل هذه الأفلام واعتبرنه مسيئا للقضية النسائية ؛ ولكنني أسفت شديد الأسف لكونهن لم يقدمن احتجاجا على العبث بشرع الله عز وجل وإنما غضبن مجاراة لغيرتهن فقط .
إن التعدد مهما حاولنا أن نبين مزاياه من خلال عرض فضله على الأرامل والمطلقات أمهات الأطفال اللواتي لا يرغب الرجال في الزواج بهن تجنبا لمسئولية الأيتام وأبناء الغيرالجسيمة؛ و فضله على العوانس اللواتي يتنكبهن الرجال لذبول زهرة شبابهن ؛ و فضله على العاقرات ؛ و فضله على المريضات وهلم جرا مما يساق في ما يشبه تبريره عند البعض لا يغير من كونه تشريع الله عز وجل تنزه لتنزهه سبحانه ؛ فسواء أدركت حكمة هذا التشريع أم لم تدرك فهو رحمة بالعباد ذكورا وإناثا وهو جد لا علاقة له بالهزل ؛ ولا يمكن أن يكون وسيلة يرتزق بها البعض للتجاسر على شرع الخالق ؛ وحبذا لو ساد هذا الشرع فينا كما شاع في سلفنا الصالح الذين أحياهم الله حياة طيبة وأماتهم ميتة طيبة ووعدهم مقعد الصدق عنده ؛ ولو قدرلأحدهم أن يبعث فيسمع تندرنا بشرع الخالق لتبرأ منا . اللهم إني أبرأ إليك من طرح شرعك طرحا يستخف به ؛ وأبرأ إليك ممن يريد ذلك .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *