Home»Régional»احتلال أمريكي جديد.. هذه المرة لدارفور!- بقلم ياسر الزعاترة

احتلال أمريكي جديد.. هذه المرة لدارفور!- بقلم ياسر الزعاترة

0
Shares
PinterestGoogle+

استمراراً لمسلسل استخدام مجلس الأمن الدولي في سياق الحرب على العرب والمسلمين من خلال صفقات تعقدها واشنطن مع الدول الكبرى لحساب الأجندة الصهيونية، استمراراً لهذا المسلسل القذر صدر قبل أيام القرار رقم 1706 القاضي بنشر قوات دولية في دارفور رغم أنف الحكومة السودانية، ومن خلال الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة الذي يسمح باستخدام القوة المسلحة.

لا خلاف على أن الحكومة السودانية قد ارتكبت الكثير من الأخطاء وربما الخطايا بحق السكان في دارفور، مع أنهم مسلمون، بل من المنحازين للإسلام والفكرة الإسلامية، لكن اتفاق أبوجا للسلام الذي وقعت أكثر الجماعات المسلحة في الإقليم ربما ساهم في تحسين الوضع. ولا خلاف أيضاً على أن حكومة الإنقاذ قد ارتكبت سلسلة من الأخطاء منذ تمرد زعماؤها على شيخهم واسـتأثروا بالحكم على الطريقة العربية التقليدية (حزب حاكم بسطوة القوة المسلحة وليس القبول الشعبي)، الأمر الذي دفعهم إلى تقديم تنازلات لا تحصى لمتمردي الجنوب طمعاً في اقتسام السلطة معهم بدل اقتسامها مع شركاء الشمال. لا خلاف على ذلك كله، لكن قرار مجلس الأمن وكما هو حال جميع الاتفاقات والمعاهدات التي صيغت تحت وطأة الضغوط، لا صلة له البتة بقضايا العدالة وحقوق الإنسان، بقدر صلته بالمخطط الأمريكي الصهيوني لتقسيم السودان وشطب هويته العربية والإسلامية واستخدامه منصة لاستهداف مصر، الدولة العربية الأهم، وبالطبع في سياق لعبة التفتيت التي تستهدف الوضع العربي، بصرف النظر عن عنوانها، أكان الشرق الأوسط الجديد أم الكبير أم إعادة تشكيل المنطقة.

هي إذاً مغامرة جديدة للمحافظين الجدد في العالم العربي والإسلامي، وهي مغامرة تأتي بعد الفشل في العراق وفي أفغانستان، بل حتى في لبنان وإلى حد ما في فلسطين، وذلك على أمل تحقيق نجاح ما يؤدي إلى ترتيبات سياسية تطال مصر، وربما ليبيا أيضاً، فضلاً عن ارتباط المغامرة بقضية النفط الذي أخذ يتدفق في السودان خلال السنوات الأخيرة. وهي إلى جانب ذلك استكمال لما يرتبه اتفاق الجنوب من تداعيات ستظهر لاحقاً.

لا يعرف بالطبع كيف سيرد السودان على خطوة من هذا النوع، لاسيما وأن أكثر القوى السياسية في دارفور، بل حتى بعض القوى الشمالية تؤيد نشر القوات الدولية، كما أن ذلك ينطبق على قسم كبير من أهالي الإقليم، بخاصة الأفارقة منهم.

هل ستغامر الحكومة السودانية برفض نشر القوات الدولية معرضة نفسها للعقوبات، أم ستقبل بها، ثم تدعم تالياً، ولو من طرف خفي عمليات مسلحة ضدها تفضي إلى انسحابها كما وقع في الصومال من قبل؟

نتذكر ها هنا دعوة أسامة بن لادن للاستعداد لمعركة دارفور، تلك التي ربما جاءت بإشارة ما من السودان على أمل أن تشكل رادعاً لفكرة نشر القوات الدولية، مع العلم أن ما سيجري هو احتلال عملي لخمس مساحة السودان، وسيشكل بالضرورة فرصة سانحة لمحبي الجهاد، أكانوا من السودانيين أم سواهم.

لو كان العقل والمنطق هو الحاكم في أروقة الحكومة السودانية، لكان بالإمكان الحديث عن توافق وطني شمالي على أسس لمواجهة التحديات الجديدة، ليس فيما يتعلق بدارفور فحسب، وإنما الجنوب أيضاً، وبالطبع على أساس من الحفاظ على وحدة السودان وهويته العربية الإسلامية. ولو كان المنطق هو الحاكم في مصر هذه الأيام لما ترك السودان وحيداً في مواجهة الأزمة التي تهدد مصر أيضاً. لكنها شهوة الحكم ولوثة السلطة المسيطرة هنا وهناك، تلك التي تعمي الأبصار وتجعل مطاردة خصوم الداخل مقدمة على مواجهة الاستهداف الخارجي.

لسنا متشائمين كثيراً، ليس اعتماداً على خطب القيادة السودانية، وإنما على صحوة شعبية وروح مقاومة واسعة تتمدد في وعي الأمة، لاسيما وهي تدرك حقيقة المخططات الأمريكية الصهيونية؛ من فلسطين إلى لبنان إلى العراق إلى أفغانستان إلى إيران والسودان.
التجديد

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *