رمسيس يتنازل عن التشريف لفخامة الرئيس
لقد كانت أرض الكنانة هي رأس الحربة في مواجهة المؤامرات الغربية ضد المشرق العربي ؛ وقد واجهت السرطان الصهيوني منذ أن أصاب جسم الأمة العربية ؛ وخاضت معه وبسببه حروبا طاحنة كلفتها الغالي من الشهداء وخيرة أبناء العروبة والإسلام . وظلت هذه الأمة العظيمة تقود نضال العروبة والإسلام من أجل العزة والكرامة وفضلها لا ينكر وبطولاتها لا تنسى وهل ينسى يوم العبور ؟
وقدر مصر أنها تجمع بين البركات واللعنات ؛ ومن لعناتها التاريخ الفرعوني البغيض . ومع نور الإسلام وبركاته كان لابد أن تختفي اللعنات إلى الأبد ولكنها حلت من جديد فكانت لعنة كامب دافيد التي سلبت مصر المخلب والناب وتركتها كنانة بلا نشاب ؛ فكان ركوعها بعد العزة والكرامة ؛ وكان ذلك إيذانا ببداية عصرالمهانة والانبطاح والهرولة صوب أحضان عدو غاصب ؛ وكان قصب السبق من نصيب أرض الكنانة . وفي زمن عصيب كهذا لا غرابة أن تسهر مصر إلى ساعة متأخرة وتخلي شوارع قاهرة المعز ليمر موكب الفرعون رمسيس بن سيتي ؛ وكنا نظن ألا فرعون بعد فاروق. خرج المصريون لتحية تمثال الفرعون وهم تماثيل حية لرعيته البائدة وقد اعتذروا له عن الإزعاج لان السياحة الغربية المتحكمة في الرقاب اختارت له المكان الأنسب واللائق بعظمته وبراحتها بعيدا عن الضوضاء وعديم السيارات.
كنا نأمل لو نقل تمثال رمسيس ليحل محله تمثال صانع البطولة الباسلة في لبنان ليكون ذلك حافزا لأبناء عمرو بن العاص على استعادة نبال الكنانة المسلوبة ولكننا فوجئنا بتسليم رمسيس شرف تسمية الساحة التي كان يتربع فيها تمثاله لفخامة الرئيس . انه شرف لايمكن لحركة كفاية أو حركة بداية ونهاية أن تحول دونه ؛ لقد رضي الفرعون بهذا التشريف للرئيس فكيف بالرعية التي لا يسمح لها بتخطي أسوار الأزهر الشريف عندما تنزف جروح الأمة في حين يسمح لها بالسهر والسير مع تمثال الفرعون ؛ وان كانت الرعية المصاحبة للتمثال رعية محنطة وهي غير الرعية الصاخبة في الأزهر.
إن الاحتفال بالتاريخ البغيض للفراعنة هو مؤشر على التردي ؛ إذ لا يقاس المجد بآثار تجلب الدولارات وإنما بفعال خالدة وليست فعال الفراعنة سوى لعنات وخزي وعار. أجل لقد بنى رمسيس الهياكل والقصور في الأقصر والنوبة والكرنك وطيبة ولكنه استعبد العباد كأخس ما يكون الاستعباد ؛ فلما تمجد آثاره وتنسى جرائمه ؟ لعل الاحتفال لم يكن بالفرعون وإنما كان بالدولارات التي توفرها السياحة الغربية المعروفة بشقها الجنسي الذي صار موضة السياحة الحديثة .
يا أمة مصر ويا أحفاد عمرو بن العاص الكرامة والعزة لا ترد بتماثيل الفراعنة ولا بصراخ كفاية وإنما ترد بنبال الكنانة ؛ وشتان بين التمثال والنبال .
Aucun commentaire