انهيار أسطورة العدالة في العالم

قبل أن ينكشف قناع الولايات المتحدة وبريطانيا في أفغانستان والعراق كنا نجد صعوبة في إقناع شريحة طويلة عريضة من الجمهور العربي بزيف عدالة الغرب ؛ وكنا كلما عرضت للوطن العربي نازلة تتطلب رأي العدالة بكى الناس على غياب هذه العدالة ؛ وتأسفوا على غياب عدالة الغرب فينا . وكانت بعض الأصوات الحكيمة تشفق على شرائح من أمتنا غرتها شعارات الغرب المبهرجة ؛ ومنها شعار العدالة للجميع التي صارت مسلمة من البديهيات حتى كشف الواقع الحقيقة فبدت المقابر الجماعية في صحراء أفغانستان والتي ذهب ضحيتها مقاتلو طالبان الذي استسلموا للأمريكان وأعطوا الأمان ليموتوا بعد ذلك في حاويات اختناقا ومن نجا منهم رمي بالرصاص . وبدت مخازي سجن أبي غريب بالعراق ومخازي معتقلات قندهار وغوانتنامو؛ وفضائح المعتقلات السرية في كل بقاع العالم ؛ وجاءت الصور الممتهنة للكرامة البشرية ؛ وهي صور كانت الولايات المتحدة تتعقبها هنا وهناك في البلقان وغير البلقان وتقيم لها الدنيا ومن أجلها نقل سفاح صربيا إلى محكمة العدل في لاهاي .فما الذي حصل في العالم أليست القضية قضية انهيار أسطورة العدالة ؟
وأمام انهيار أسطورة العدالة في عالم يعج بالمظالم تأتي محاكمات مثيرة للسخرية كمحاكمة الرئيس العراقي صدام حسين الذي وجد بين عشية وضحاها خلف القضبان ؛ وقد ابتهج الكثيرون بذلك تشفيا فيه واعتبر احتجازه من فضل عدالة الغرب على الشرق ؛ ولم يلتفت أحد إلى أن غزو العراق وخلع رئيسه كان بذرائع واهية سرعان ما تبخرت ؛ وأن هذا الغزو والخلع من ظلم الغرب المصدر إلى الشرق؛ وطالما تحدث فقهاء القانون عن لا شرعية العدالة في بلد محتل ؛ وكان من المفروض أن ينتظر العراقيون رحيل المحتل والحصول على الاستقلال الكامل بما في ذلك استقلال القضاء ليكون بالا مكان إحالة رئيسهم على العدالة لتكون العدالة مكفولة وحقيقية وليست أسطورية في حالة الإدانة .
ومن المحاكمات المثيرة للسخرية محاكمة البرلمانيين الأردنيين وجنحتهما من أغرب ما يكون ؛ فإذا كانت الجنح تتراوح بين خيانة الوطن وهي أعظم ذنب ؛ وبين مخالفات تختلف حسب الثقافات ؛ فان جنحة العزاء لم يسمع بها العالم ؛ وإنما هي مما صدر إلى الشرق من الغرب المتبجح بالعدالة . فمتى كان المعزي مجرما في كل الشرائع الإنسانية ؟. فهل أدين البرلمانيان الأردنيان لأن العزاء تعلق بعدو ؟ وأين كانت هذه الإدانة يوم رحلت القيادة الأردنية بقضها وقضيضها لتقديم العزاء في موت إسحاق رابين عدو العرب قاطبة ؟و كيف تحصل العدالة إذا ما كان المكيال مزدوجا ؟ إن العزاء كان لأهل الفقيد جبرا لخواطرهم وعملا بالسنة وبالعرف ؛ وهو لا يعني الاتفاق أو الاختلاف مع الفقيد . وان العزاء ليقدم حتى لأهل من نفذ فيه حكم الإعدام بعد ثبوت إدانته ؛ كما أن من حق الميت على الأحياء وفق عقيدتنا أن يدفن ويستفيد أهله من العزاء لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى في ديننا . إن إدانة العزاء سلوك غربي عرفته الأمة العربية والإسلامية إذ كثيرا ما سمعنا بمنع الاحتلال الفرنسي لشمال إفريقيا بإقامة العزاء عندما يتعلق الأمر بأحد المقاومين . ولقد تم تكريس هذا التقليد على يد الأمريكان في نازلة الأردن . والمشكلة المطروحة على القضاء الأردني المسلوب الإرادة هو ما قولك أيها القضاء الأردني في ما هو أكبر من العزاء ؛ وهو غزو العراق وما ترتب عنه من جرائم ضد الإنسانية ؟ لم نسمع من هذا القضاء حتى مجرد محاكمة صورية كما تفعل بعض المحاكم عندما يتعلق الأمر بشخص ليس في مستوى شارون الذي سخر من المحاكم البلجيكية عندما سولت لها نفسها فتح ملف صبرا وشاتلا وهي لا تعرف أن السامية فوق القانون حتى ولو كان صوريا .
لقد انهارت أسطورة العدالة في عالم يئن من الظلم ؛ والمخيف هو إقتداء أنظمة العالم الضعيفة بعدالة الأمريكان واليهود حتى يصير العزاء جريمة ؛ ولربما صار شرب الشاي جريمة ؛ حتى لا نقول الصلاة والصيام والزكاة ؛ وقد صارت هذه العبادات بالفعل جرائم في بعض الأقطار بسبب قانون الإرهاب.
ومن المضحك أن تقتدي إثيوبيا بالولايات المتحدة الأمريكية وعدالتها فتحدث نفسها بغزو الصومال فلماذا لا وقد رأت راعية العدالة في العالم متورطة في دولة ذات سيادة وقد كبلت رئيسها الشرعي بالقيود وجعلت مصيره في يد دمى ترافع على طريقة نيرون التي يسبق فيها العقاب الاستنطاق ذلك أننا سمعنا بإعدام صدام في حادثة الدجيل ؛ وهو اليوم يحاكم في الأنفال ليعدم مرات ومرات كما هو حال القضاء الإسرائيلي الذي يحكم بآلآف السنين على من عمره لا يتجاوزعقودا من السنين إمعانا في الإهانة لا تحقيقا للعدالة . ولكل من أوكل له أمر العدالة نقول ما قال الحكيم : ( ويل ثم ويل ثم ويل لقاضي الأرض من قاضي السماء ).
Aucun commentaire
لقد سبق تحدير الله لنا خالق البشر و العالم بسرائرهم و نفسياتهم ان العدالة لن تتحقق إلا بمحو الطرف الآخر و استئصاله من الأرض أقصد بدلك الكفر و اهله لابد من محوهم من الأرض لأنه لا وجود لحقين إما حق و إما باطل فهل أنتم مستبصرون….
مهمت علت وتجبرت فان النهاية حتميه كما قال الله تعالى فى محكم الكتاب » وما من قرية الانحن مهليكوها او معديبوها قبل يوم القيامة »
وناءا عليه فان الله سيهزمهم شر هزيمه وان رجال وابطال العراق لقادمون وان الله معهم وسينصرهم نصرا عزيزا مؤازرا