Home»National»ورقة لأشغال الملتقى الخامس عشر( 15) للسرديات الجهوية دورة وجدة (2025)

ورقة لأشغال الملتقى الخامس عشر( 15) للسرديات الجهوية دورة وجدة (2025)

1
Shares
PinterestGoogle+

بلقاسم سداين

عندما يُمارس على الإبداع، وعلى الكتابة مبدأ الاقصاء العابر الأجوف النْخب الهواء. تقف أقلام في أطراف أخرى شامخة تستغرب من معرض غير منصف لحقيقة نسغ الحرف الصحيح السّالم..وكلّما أصبحت الكتابة خاضعة لرؤى ذات محدودية متحكْم فيها بميولات مُحيطات جدّ جدّ ضيّقة..سندها تسجيل محتشم لشهادات لا تكتمل عناصر صدقيتها، ولن يقبل التاريخ الأدبي لجهة الشرق بكل مكوناته، وحمولته قبولها، ويُعلن رفضها ويُخبر بمحاكمة تاريخيّة طرفها كتّاب يحملون كتاباتهم بيمينهم، وبشمالهم تفيضُ عبقريّة لامثيل لها. منهم كتاب صدقُوا ما عاهدُوا أجناس كتاباتهم، فمنهم من كتب وألّف، ومنهم من أجاد وصنّف..وبرؤية خاطفة جعلتهم عن ركب ثقافة المغرب الشرقي تتخلّف..فتُبعد عن المُلتقى الخامس عشر 15 للسّرديات الجهويّة المنتقاة لدورة وجدة 2025..فَوُلدت ندوة: (التاريخ، الذاكرة المحلية أسئلة التخييل ) ولادة كسابقاتها تطلّ بنصفِ عين مفتوحةٍ على قراءات في السّرد بجهة الشرق..مقابل نصف عين، وعين أخرى مغمضتان على حقيقة، وواقع السّرد بجهة الشّرق..الذي يُشكل كلّ علامة جماليّة إذا تم بالفعل تفعيل موضوعي لمختبر السّرديات بالجهة الشرقيّة دون إقصاء.، وإبعاد، أو إغفال متحيّز وفاءً لكلّ خطاب ثقافي بالجهة الشرقية في مُدنها وقُراها، في مداشرها، وقبائلها، وتجمعاتها السكنية. لأن الثقافة لا تحدها جغرافية المكان، بل الدّراسات والبحوث الإنسانيّة، الاجتماعيّة لا تقتصر على عيّنات بعينها وتنظر النظرة تلو النظرة إلى ظاهرة ما بعينها أيضاً. وتعمّم النتائج. ألا تمتدّ هذه العيون التي تختصر استكمال مقاربة السًرود المغربية بما يكتبونه قصاصون وروائيون من الجهة الشرقية مع التركيز على الخصوصية المحلية التي أسَفاً يتم اختزالها في حي أو شارع اوتجاوزاً مدينة واحدة (وجدة كتمثيل مكاني فقط ) دون احتساب من لهم اليد الطّولى في مجال الكتابة في موضوع بحث النّدوة بتفوق يفوق كلّ تفوق أم أننا نختزل الجهة الشرقية في دائرة مغلقة فكانت( بركان، والناضور، وجرادة، وتاوريرت، والعيون سيدي ملوك، الدريويش، فگيگ، بوعرفة، تندرارة،،وما يرتبط بها من قرى وقبائل ومداشر نسياً منسياً. فإذا كان المجال الثقافي أعم وأشمل من أي مجال، فإن العدالة المجالية في عُرف الدراسات والبحوث تكون أقرب إلى العلمية، كلما ابتعدت عن الانتقائية، لأن الانتاجات الأدبيّة غير خاضعة لمبدإ البحث والدراسة في أعمال هؤلاء نيابة، ووكالة عن هؤلاء. فخصوصية التميز الفردي في الكتابة، والإبداع مدخل لكل مقاربة أوملامسة داخل الحقل العلمي الموضوعاتي..

إنّ إخراج نسخة الملتقى بهذه الصورة، لا تعكس واقع، وغنى المشهد الثقافي الحقيقي، بل تكرس الصورة الضبابية عن المشهد السّردي الجهوي وترسّخ الهوة السّحيقة بين ما يُرفع من شعارات و عناوين عريضة مظغوطة الخطّ، وبين واقع الذاكرة الثقافية الجمعية للجهة التي يساهم في بناء معماريتها الجميع. ويُشيّدصرحها السّردي حبر أقلام من هنا..وهناك..

لن أقف عند كتاب بمدن بعينها وما أكثرهم، وما أغزر أعمالهم، وما أروع إبداعهم..وأوسع خيالهم و تخيّلهم..

بل ارتأيت هنا أن أقف على سبيل المثال عند مجال جغرافي جد ضيق لكنه يفيض بسيولة في مجال الكتابة السردية، (وما يوجد في النّهر لا يوجد في البحر كما قيل). فشكلت أعمال هؤلاء الكّتاب داخل هذا المحيط محطّ أنظار ودراسات لخصوصيات منجزاتهم في مجال الكتابة باللّغة العربية والفرنسية، الإسبانية. أنجبت هذه الأقلامَ جماعةٌ تراببّةٌ قرويّةٌ و هي (سيدي لحسن) التابعة إداريا لعمالة إقليم تاوريرت وهي جزء من الجهة الشّرقية التي أجزم قطعاً أنّ 99،99٪ من المشاركين في الملتقى الخامس عشر15للسّرديات الجهوية دورة وجدة 2025 لا علمَ لهم بما أصدره أبناءُ هذه المنطقة من مؤلّفات والتي تفوق عشرات الأعمال السّردية، منها ما تُرجم لعدّة لغات عالمية فكانت محلّ بحوث ودراسات خارج محلّها الجغرافي. وما يميّز هذه السّرود أنها تدخل في نطاق أدب القبيلة، والبادية..لها عدّتها الفنية المتميزة في التخييل والتاريخ، والتأريخ..ولها آلياتها في رصد مشهديّة اللّحظة الزّمنية والَمكانيّة في أبعادها الواقعيّة، والتخييليّة..فهل ستتسرب تيمة أدب القبيلة، والبادية إلى حضرة ندوتكم..؟

وهل منكم من يسرد لي أعمال( الخضير قدوري) التي تفوق كتبه العشرات في مجال السّرديات أليست أعماله تنتمي تصنيفاً إلى الجهة الشرقية أم أن اعماله انتقاءً حلت محلها بالنيابة أعمال أخرى دون الإفصاح حتماً عن مقياس الانتقاء،وآلياته الموضوعية.

ألم تقرأوا لهذا الكاتب روايته الشهيرة ( دموع في عيون الحرمان) والتي تحولت إلى شريط سينمائي عالمي مرئي لقى شهرة واسعة. أكيد أن العين التي تألفُ رؤية ما حولها فقط لا تمتدّ إلى رؤية ما أبعد و أعمق..وأوسع..! وإلى ما هو أفيد وانجع..

هل امتدت ابحاثكم ودراستكم وبالأحرى قراءتكم إلى روايته الرائعة مبنى ومعنى(آلهة الأرض، وصراخ الأشقياء).. سيكون حتماً جوابكم بالنّفي. فعن أي جهة بالوكالة تتكلمون، أم أن الكاتب (الخضير قدوري ) لا يسير في الفلك الذي أنتم فيه تسبحون..وتبحثون و تدرسون..وتلتقون، وتفترقون..

أهل فيكم من باب الفضول وفاء للبحث العلمي والدراسة الموضوعية قرأ يوما (للخضير قدوري) منجزه الروائي الممتع شكلاً ومضموناً (نساء في حياة رجل )، وهو يُشَيّد بمهارة عالية عالمه الروائي في أفضية واسعة لها دلالاتها الرمزية، والتاريخية (المغرب، فرنسا، الجزائر.. ) أكيد لم يدخل في صلب دائرة اهتمامكم، ومجال دراستكم..! ولم تدخل سيرته الذاتية القوية بحمولتها، وإِمتاعها السردي، منطقة نفوذكم في طبعتها الأولى، والثانية، والتالثة. و.. و..وعنوانها (الأرواح الهائمة)…

ومن مؤلفاته على سبيل الاستئناف:

(حقائق، وخواطر) ، (فك المعاصم، وكسر القوائم) ، (لا تحديث سياسي دون إبداع ثقافي)…و..و..

وغير بعيد نجد الكاتب والدبلوماسي المغربي( رابح قاسم واعمرو) ابن منطقة سيدي لحسن الحظ أيضاً بسيرته الذاتية الثلاثية المميزة: (صدى السنين)، (لعبة الحظ) ، (دموع الجمر)، (فرسان الانفاق)..

وما يجمع بين هذه المطالع أو( الثلاثي السير ذاتي) أنها أصداء سنين تتردد اهتزازاتها بداخل الكاتب فيحولها كتابة تُسقى من خزين الذاكرة، وتمتح من معينها ومنبعها. فيستعيد حياةَ حياةٍ معتمدةٍ على التوثيق الكرونولوجي للأحداث والوقائع..إنه تخييل ذاتي بامتياز ذو مرجعية وحيدة محورها الذات الراوية.

فهي إذن محور للتخييل لعالم متخيل مُعاش في الماضي. يستمد قوته من ذات الكاتب ولا يخرج عن عالمها الداخلي إلى عوالم خارجية .

قاسم رابح إذن بطل العمل( السير ذاتي السردي ) الذي يحمل اِسم الكاتب/المؤلف نفسه (قاسم رابح واعمرو) ..

وتدور حول هذه الذات، وتتمحور كل الأحداث..فيستعيد الحياة الماضية بكل ثقلها بطرق عكسية..ويتم تصويرها بآليات لا كما وقعت بل كما يرويها عبر لغة أدبية تصنع الجمال وتمنحنا قابلية تذوقه..تتخلل تفاصيلَها تعاليقَ تستمد تأويلاتها من عمق تجارب، وخبرات حياتية مكتسبة..حاكيها كاتبها نفسه..

فتبقى هيمنة الأنا الساردة و ظهورها هي من تقوم بعملية التفتيش، والتنقيب في دهاليز الذاكرة وأنفاقها وثقوبها لإعادة ترتيب نسيج من السرد الموازي لواقع حقيقي مرَّ ومضى لِذات الكاتب. وانتسب إلى الزمن المنصرم..فيحول هذه الحياة إلى نص أدبي مسطور يَفيضُ أَحاسِيساٌ، وهواجِساُ وذكريات. بعد أن حول واقعية الحياة تخيّلاً..ونسج نصاٌ يُحيلنا مباشرةً إلى عالم الكاتب وحياته، دون غيره..

أحداث ووقائع (حدثت ووقعت فعلا وصدقا..) تَمَّ إعادة صياغتها ونفض الغبار عن ترسبات هذه السنين بكل منعرجاتها وألوانها، وأصدائها..

فيمارس الكاتب (رابح قاسم) هذا اللون من منجزه الضخم باعتباره قوة مهيمنة فيخط هذا الأنا على بياض الورق سطوراً مثقلةً بالأحاسيس..ويُقدّم لنا بمهارة أدبية، وفنية غزل سرده داخل أفْضِيةٍ يتغذى حكيه برواسب الذات..وينهل من مخزون الذاكرة ..

باعتبارها محور العملية التخيلية و مادتها الأساس…

صدى السنين عمل إذن يقدم لنا حياة الكاتب الحقيقية بصدق ووضوح..و يحيلنا مباشرة على هذه الحياة.. و يوجهنا لاسم مرجعي/واقعي خالص (رابح قاسم) صِدقاً وفِعلاً…

إنها وثيقة تعريفية تتميز باعتراف بطبيعية واقعية حياة تتخللها ذكريات مستردة، ومسترجعة. تتقاطع فيها أفضية، وهويات بشرية كثيرة مع حياة الذات الكاتبة، وعالمه الواقعي..حيث شاركوا الكاتب هذه الحياة..

إنها ممارسة سردية تستدعي آليات للحفر في ذاكرة لذات محورية في عملية التخيييل (مادةً و مضموناً)..وتبقى هذه الذات الكاتبة عبر أصداء السنين تغذي السرد وتنميه..وفاء للتجربة الذاتية، وواقعيتها..إنه حرص أكيد على الإخلاص للحقيقة، وللواقع أيضا..إنه سرد متدفق من حياة المؤلف الأنا المتكلمة مبتدأً ومُنتهى..إلى أن يتدفق مخيال هذه الأنا المتكلمة بعد أن يتم تغذيتها بروافد من تجارب عميقة ذاتية ورواسب طبقية..

قال جيرارد دونرفال :《 أنْ نُبْدِعَ هُوَ فِي الحَقِيقَةِ أَنْ نَتَذَكَّرَ ..》

وباللغة الفرنسية نقرأ للمهندس المغربي (محمد السهلي) سيرته الذاتية التي تلقي بالقارئ في عمق واقع بدوي مأساوي يخرج منه الكاتب كطير الفينيق من صلب المعاناة إنه كتاب (شقائق النعمان) les coquelicot de l ‘ orientale الذي تُرجم إلى ازيد من خَمس لغات عالمية.. أكيد أن الملتقى الجهوي(لجهة الشرق) لا علم له به أيضا..كما لا علم له بالسيرة الذاتية ل (إسعلي أعراب)

باللغة الفرنسية:

(تل الورقة) la colline de papier)

(Alitizilkad)lall

وانت تقرأ لهذين الهرمين بلغة (موليير)، يستيقظ بداخلك شعور جارف أن ثقافة الاعتراف سلوك، يتعارض، وثقافة الاقصاء، والنكران.

.ملحوظة

اتمنى أن تدرج هذه الورقة ضمن أشغال الملتقى..ليصل صداها إلى أوسع..وإلى أبعد نطاق…!!

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *