Home»Régional»رمضان موسم الخير والبركات

رمضان موسم الخير والبركات

0
Shares
PinterestGoogle+

الأيام عند الله تعالى ليست كلها سواسية، فهو – سبحانه – قد فضَّل – بحكمته – بعضَها على بعض، واختار بعضها من بعض: « وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ » (القصص: 68).
وقد اختار الله من الأيام أيامًا جعلها مواسم خيرات، وأيام عبادات، وأوقات قربات، فالرشيد السعيد من تعرَّض لها، ونَهَلَ من خيرها، كما جاء في حديث أبي هريرة (t) أن رسول الله (r) قال: « افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا لنفحات رحمة الله ، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده ، وسلوا الله أن يستر عوراتكم ، وأن يُؤَمِّن روعاتكم » (رواه الطبراني بسند حسن، وانظر السلسلة الصحيحة : 1890).
ومن فوائد مواسم الطاعة « سدّ الخلل، واستدراك النقص، وتعويض ما فات ، وما من موسم من هذه المواسم الفاضلة إلا ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف الطاعة يتقرب بها العباد إليه ، ولله تعالى فيها لطيفة من لطائف نفحاته يصيب بها من يشاء بفضله ورحمته ، فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرب فيها إلى مولاه بما فيها من طاعات، فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات ، فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار وما فيها من اللفحات » (ابن رجب في اللطائف ص40).
ومن فوائد هذه الأيام اندحار الشيطان وضعفه؛ قال الإمام الحسن: « قال إبليس: سوَّلتُ لأمة محمد المعاصي فقطعوا ظهري بالاستغفار، فسوَّلت لهم ذنوبًا لا يستغفرون منها، يعني الأهواء، ولا يزال إبليس يرى في مواسم المغفرة والعتق من النار ما يسوءه ».
وكما أن للتجارة مواسم فكذلك الطاعات لها مواسم ، وكما يحاول الناس في مواسم التجارة أن يضاعفوا من نشاطهم ليزداد ربحهم، فمواسم الطاعات أَوْلَى أن يغتنمها المسلم ليرفع درجته عند الله في الآخرة.
وعلى رأس هذه المواسم جميعًا، الشهر الذي اختاره الله وفضله، وأنزل فيه كتابه الكريم، ألا وهو شهر رمضان المبارك.
شهرٌ يفوق على الشهور بليلةٍ من ألف شهر فُضّلت تفضيلا
طوبى لعبدٍ صـحَ فيه صيامه ودعا المهيمنَ بكـرةً وأصيلا
وبليله قـد قـامَ يختـم وردَه متبتـلاً لإلهـــه تبتيــلا
إن الصيام هو المدرسة التي يتعلمُ منها المسلمون، ويتهذب فيها العابدون، ويتحنث فيها المتنسكون، وهو فرصةٌ من فرصِ الآخرةِ التي تحمل في طياتها غفرانَ الذنوب وغسلَ الحُوَبْ..!! وكم تمر بنا الفرص ونحن لا نشعر.. هذه فرصة وما أعظمها، تحملُ سعادةَ الإنسان الأبدية فأين المبادرون، وأين المسارعون ؟
رمضان أقبل قم بنـا يا صـاح هـذا أوان تبتـُّـل وصــلاحِ
الكـون مِعْطَـار بطيب قدومـه رَوْحٌ وريحـانُ ونَفْـحُ أقاحِـي
صَفْوٌ أُتيح فخذ لنفسك قسطهـا فالصفو ليس على المدى بمتاحِ
واغتنـم ثواب صيامـه وقيامه تسـعد بخيـر دائـم وفــلاحِ
إن لشهر رمضان خصائص ليست لغيره من الشهور والأيام، ومنها:
1 – مضاعفة الحسنات:
فمن فطّر فيه صائمًا فله مثل أجره، يقول رسول الله (r): « من فطر صائماً فله مثل أجره – من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء » (حسن صحيح رواه الترمذي وغيره).
والصدقة في رمضان أفضل من غيره، فقد سئل رسول الله (r) : أي الصدقة أفضل قال: « صدقة في رمضان » (رواه الترمذي والبيهقي).
والعمرة فيه تعدل حجة مع النبي (r)، ففي الصحيحين: « عمرة في رمضان تعدل حجة » أو قال: « حجة معي ».
وخصلة من خصال الخير تعدل فريضة فيما سواه، والفريضة فيه بسبعين، وفي الحديث: « .. من تقرب فيه بخصلة من خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه.. » (رواه ابن خزيمة و ابن حبان في صحيحيهما والبيهقي).
2 – الدعاء فيه مستجاب:
فعن جابر (t) أن النبي (r) قال: « لكل مسلم دعوة مستجابة يدعو بها في رمضان » (رواه الإمام أحمد بسند جيد).
3 – خلوف أفواه الصائمين فيه أطيب عند الله من ريح المسك:
يقول النبي (r): « وخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك » (رواه البخاري4 / 103 ومسلم 8 / 32).
4 – للصائم فيه فَـرَحٌ خاص:
يقول النبي (r): « للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه.. » (رواه البخاري4 / 103 ومسلم 8 / 32).
5 – إضافة الصوم لله تعالى:
فعن أبي هريرة (t)، عن النبي (r) قال:  » كل عمل ابن آدم له، الحسنة بعشر أمثالها إلى سَبعمائة ضعف. قال الله عز وجل « إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي.. » (رواه البخاري4 / 103 ومسلم 8 / 32).
6 – نزول القرآن فيه:
يقول الله تعالى: « شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ » [البقرة:185).
7 – تفتح فيه أبواب الجنة، وتغلق أبواب النار، وتصفد مردة الشياطين:
يقول رسول الله (r): « إذا دخل رمضان فُتِّحت أبواب السماء، وغُلِّقت أبواب جهنم، وسلسلت الشياطين »، وفي رواية:  » إذا جاء رمضان فتحت أبواب الجنة » (رواه البخاري).
8 – يفوز المؤمن فيه بشفاعة الصيام والقرآن:
فعن عبد الله بن عمرو عن النبي (r) قال:  » الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة ، يقول الصيام: ربِّ منعتُه الطعام والشراب بالنهار ، ويقول القرآن: منعتُه النوم بالليل، فشفعني فيه فيشفعان  » (رواه البيهقي في شعب الإيمان والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، وقال الذهبي: وهو كما قالا، مشكاة المصابيح: 1/ 612).
9 – تُغفر فيه الذنوب وتُكفّر الخطايا:
قال رسول الله (r): « الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان الى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر » (رواه مسلم).
10 – فيه ليلة خير من ألف شهر:
قال الله تعالى: « ليلة القدر خير من ألف شهر » (القدر: 3)، وهي الليلة المباركة التي يكتب الله تعالى فيها ما سيكون خلال السنة، فمن حُرم أجرها فقد حُرم خيراً كثير، قال رسول (r): « فيه ليلة خير من ألف شهر، من حُرِمَ خيرها فقد حُرِمْ  » (رواه أحمد والنسائي وهو صحيح).
فهل يجوز لعاقل بعد كل هذا الفضل أن يتكاسل عن اغتنام هذه الأيام العظيمة؟ استمع لوصية ابن رجب وهو يصرخ فينا وينبهنا ويقول: « الغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة ، فما منها عوض ولا لها قيمة ، فمن يُعتق فيها من النار فقد فاز بالجائزة العظيمة والمنحة الجسيمة، والمبادرة المبادرة بالعمل ، والعجل العجل قبل هجوم الأجل ، قبل أن يندم المفرط على ما فعل ، قبل أن يسأل الرجعة ليعمل صالحًا فلا يُجاب إلى ما سأل ، قبل أن يحول الموت بين المؤمل وبلوغ الأمل ، قبل أن يصير المرء مرتهنًا في حفرته بما قدم من عمل ».

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *