مدينة وجدة : جزء من تاريخ الجزائر …فهل نسي حكام الجزائر وعلى رأسهم عبد العزيز بو تفايقة دور هذه المدينة في تحرير الجزائر من الاستعمار ؟؟؟ – عن جريدة الاتحاد الاشتراكي بتصرف –
تعد مدينة وجدة أول مدينة في المغرب استقبلت عددا كبيرا من الأجانب واحتضنتهم لمدة طويلة وذلك نظرا لقربها من الحدود الجزائرية المغربية· ومنذ القديم كانت مدينة وجدة قبلة للجزائريين وبعض الأتراك الذين كانوا يقصدونها من أجل التجارة على الخصوص ثم استقروا بها· ازداد عدد الجزائريين بوجدة إثر الحماية الفرنسية للمغرب وكان جلهم من الجنود والمستخدمين والموظفين يعملون تحت إمرة فرنسا التي أتت بهم من الغرب الجزائري على الخصوص، ثم استقروا بها مع عائلاتهم حتى بعد التقاعد، فمنهم من عادوا إلى الجزائر ومنهم من مازالوا يسكنون وجدة إلى الآن ومنهم كذلك من تجنسوا بالجنسية المغربية، وهي عائلات معروفة عندنا· كان من بين هذه الساكنة بعض المحامين والأطباء والمعلمين، عملوا جنبا إلى جنب مع المعلمين الفرنسيين في تدريس اللغة الفرنسية لأن اللغة العربية كانت في وقت ما لا تدرس إلا في الكتاتيب القرآنية أو في المدارس الحرة كمدرسة العروبة ومدرسة القرآن الكريم وغيرها· وبعد ذلك أدخلت اللغة العربية في برنامج التعليم العام بحصة ساعة أو ساعتين في اليوم، تلقن من طرف مغاربة تحت تسمية « مدرس » وليس « معلم » كالجزائريين والفرنسيين· أما الطبقة الأخرى من الجزائريين فكانت من الصناع التقليديين الذين أتوا من تلمسان وندرومة على الخصوص، وكان عددهم مهما جدا عرفوا بفن
وكان عددهم مهما جدا عرفوا بفن « الدرازة »، يصنعون ما يسمى بـ »البورابح »، و »البورابح » هذا غطاء مصنوع من « غزل الصوف » يمر في حوامة من قصب تدور حول محور حديدي حتى يلين ويصبح خيطا يسمى « لبريبرة، ثم يمرر على آلة « المرمّى »فيدكّ الخيط الصوفي في شبكة من « السدا » تمرره عبرها آلة صغيرة أخرى تدعى « النّزق »· ففي كل مرة يمر النزق من جهة إلى أخرى بالخيط الصوفي فيضرب الدرّاز عليه بالمدق· وآلة المرمّى الجزائرية تتطلب عمل شخصين في آن واحد· عرف الجزائريون كذلك بالخياطة العصرية للرجال وكذا بالحلاقة، ولازالت بعض الحوانيت والقاعات التي كانوا يملكونها قائمة إلى الآن· عاشت العائلات الجزائرية في بلدها الثاني وفي مدينة وجدة على الخصوص في أمن وأمان· فحصل التصاهر بين العائلات الوجدية والجزائرية· ما كنا في يوم من الأيام نسمع عن ميز أو عن تنافر بينها حتى بعد الاستقلال، والرئيس بن بلة والرئيس بوتفليقة يعرفان هذا حق المعرفة لأنهما يعدان من أبناء وجدة بامتياز· فما كادت نار حرب التحرير بين الجزائر وفرنسا تشتعل حتى قصد آلاف الجزائريين مدينة وجدة وجلهم من الغرب الجزائري، وذلك في أواخر الخمسينات أي بعد استقلال المغرب بقليل· فتحت وجدة ذراعيها لأفواج « الجنود » الجزائريين الذين كانوا يقصدونها للراحة من عناء الحرب الضارية ضد الاستعمار أو قصد التطبيب في مستشفى وجدة أو في بعض الدور « بطريق الدار البيضاء » وطريق « الصحراء » وشارع « سيدي محمد بن عبد الله » التي مازالت تشهد على ذلك· وفي هذه الأثناء أمرت السلطات المغربية بمنح الحكام العسكريين الجزائريين قطعة أرض مجهزة تقدر بعدة هكتارات بحي كولوش بوجدة لاستغلالها كثكنة عسكرية ينطلق منها الجنود للدخول إلى الجزائر سميت ثكنة « بلمهيدي »· لاشك أن البعض مازال يتذكر ذلك اليوم الذي قنبلت فيه الطائرات الفرنسية هذه الثكنة· فاستنكر المغرب برمته ذلك وخرجت وجدة بكاملها لتشييع جنازة الجنود الذين استشهدوا رحمهم الله· كان الجنود الجزائريون يتجولون بشوارع وجدة ببعض الأسلحة الخفيفة مخفية تحت الجلباب بكل حرية، وكانوا يتصلون بالجزائريين من ساكنة وجدة وخصوصا بحي « كودان » لطلب الإعانات المالية أو لإحصاء واستدعاء الشباب والرجال القادرين على حمل السلاح، وعند غروب الشمس يدخل الجنود الجزائريون خفية إلى أرض الجزائر للدفاع عن بلادهم رفقة فرق من المغاربة المتطوعين الذين جعلوا من قضية الجزائر قضيتهم، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من مازال حيا، ولازالوا يتذكرون أن سكان وجدة كانوا يقضون لياليهم على أصوات طلقات المدافع و الرشاشات حتى يرتج زجاج النوافذ من شدتها، بل كانوا يروا الأضواء الكاشفة القوية في « جبل عصفور » تبحث عن الجيوب التي كان الجنود يختبئون بها· أما المرحوم هواري بومدين فكان يقود جيش التحرير الجزائري وهو يقيم بوجدة « بدار الملحاوي » التي كانت في ذلك الوقت أكبر وأحسن « فيلات » وجدة، توجد بشارع الزلاقة وطريق توات· والله وحده يعلم أن أهل وجدة المغاربة منهم على الخصوص كانوا يقولون أن استقلال المغرب لن يكتمل إلا باستقلال الجزائر· فاستقلت الجزائر والحمد لله إلا أن الأمور لم تكتمل بعد بسبب تعنت بعض المسؤولين في الجارة الجزائر· ولعلم القارئ الكريم فإن الرؤساء بن بلة، بومدين وبوتفليقة الذين حكموا الجزائر كانوا ينتمون إلى ما كان يسمى « بمجموعة وجدة »، وكانت تعرف في الصحف الفرنسية والعالمية بـ « Groupe Oujda ». وكانت هناك أيضا مجموعة أخرى من السياسيين تسمى « مجموعة تونس »، لكنها كانت لا تشاطرهم الرأي· |
بقلم
: يحي بلخو
Aucun commentaire