كلمة جهاد مشتقة من الجهد وهو الطاقة ، والجهاد هو المبالغة في استعمال هذه الطاقة ، وهو أيضا استفراغ الجهد في الدفع والمواجهة مهما كانت طبيعتها.
والحق هو ما وجد حقيقة ، خلاف الباطل الذي لا وجود له حقيقة وإن ظن أنه موجود.
أما كلمة سلطان فتدل على الحجة والبرهان ، ولهذا يقال للأمراء سلاطين لأنهم الذين تقام بهم الحجة. وعليه فكل ما سد مسد الحجة والبرهان سمي سلطانا مهما كانت طبيعته.

أما الجور فنقيض العدل ، وهو ضد القصد مهما كانت طبيعة القصد مادية أم معنوية أي الميل عنه.
فإذا ما جمعنا بين هذه الدلالات المتضمنة في الكلام المأثور: [ أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ] نجد ذلك يحيل على سلوك يمارسه الإنسان في حياته اليومية بأشكال متفاوتة. فالإنسان يواجه في حياته يوميا الحق ونقيضه الباطل أي يواجه ما هو موجود على وجه الحقيقة ، وما لا وجود له على وجه الحقيقة .

فإذا ما واجه الإنسان ما لا وجود له على وجه الحقيقة ، وكان هذا الذي لا وجود له يحاول إثبات وجوده الموهوم بحجة أو برهان بعيدين عن القصد والصواب سمي فعل الإنسان هذا جهادا بل هو أفضل الجهاد.
ويحاول كثير من الناس حصر دلالة الكلام المأثور في مواجهة تكون بين صاحب ملك وقدرة مائل عن القصد في أمر ما وبين من لا قدرة له ولا ملك وهو متشبث بالقصد في هذا الأمر. وقصر دلالة الكلام المأثور على هذا استنقاص من قيمته وهو حكمة بالغة.

وعليه فكل صاحب حجة أو برهان يستعملهما في دعم الميل عن القصد يكون صاحب سلطان جائر. وكل من يسوق بين يدي صاحب السلطان الجائر قول الحق دفاعا عن القصد يكون أفضل مجاهد.
ويمكن أن يلعب دور السلطان الجائر كثير من الناس ، كما أنه يمكن أن يلعب دور أفضل الجهاد الكثير منهم أيضا.
وقد تكون فكرة ما سلطانا جائرا فتجند الإعلام لفرض نفسها على جمهور طويل عريض من أجل إقناعهم بميلها عن القصد . فإذا ما تصدى لها رأي كان صاحبه في منزلة أفضل مجاهد يرد الناس إلى القصد الذي أراد ت له الحجة الباطلة الميل والزيغ.