Home»National»الاستخفاف بالقيم الأخلاقية للأمة المغربية باسم الثقافة وتحت الغطاء القانوني

الاستخفاف بالقيم الأخلاقية للأمة المغربية باسم الثقافة وتحت الغطاء القانوني

0
Shares
PinterestGoogle+

من المعلوم أن القيم الأخلاقية للأمة المغربية تعتمد كأساس لها الدين الإسلامي الذي هو الدين الرسمي للدولة كما ينص على ذلك دستورها الذي وقع عليه تراضي هذه الأمة العريقة وإجماعها. وقد اختار أهل العلم والحل والعقد في هذا البلد الأمين العقيدة السنية الأشعرية والمذهب المالكي ليكون التدين فيه عبارة عن وسطية واعتدال. وبفضل هذا الخيار الحكيم الذي هو من ضمن خيارات متعددة لممارسة الدين الإسلامي ظل المغرب ـ ولله الحمد ـ بعيدا عن كل ما يفضي للتطرف بكل معانيه و الذي قد تتسبب فيه ممارسات تحكمها اعتقادات تنحو نحو الغلو بحكم طبيعتها.

وبسبب اعتدال وتسامح العقيدة السنية الأشعرية التي تعتمد المالكية مذهبا وجدت كل شرائح المجتمع ما تصبو إليه من هوامش للحرية الضرورية لحياة هادئة مطمئنة ، حتى اختار أهل الذمة المغرب موطنا منذ القديم وفضلوه على غيره . ولو كان في المغرب غير الأشعرية والمالكية لكان للحرية خبر آخر. وعوض أن يصان هذا المكسب الثمين نجد بعض الجهات تنهج نهج الغلو في التعامل مع هوامش الحرية التي توفرها عقيدة الاعتدال في المغرب فتعمد إلى إدخال كل ما هب ودب من أخلاق وقيم تعتبر من إفرازات ثقافات غريبة عن ثقافتنا. وقد يتم تسويق بعض القيم بطريقة خجولة في بداية الأمر فإذا ما مر زمن قصير اتخذت لها جذورا عندنا ، وصارت تفرض نفسها باسم الشعارات الدولية المستوردة دون مراعاة لخيار القيم المتوافق بشأنها دينيا بيننا، بل صار أصحابها يحتجون لها بالنصوص القانونية الوضعية الملزمة.

لقد اختارت وزارة الثقافة عندنا أن تجعل بعض المدن هدفا لمهرجانات لم تستفت فيها قيم وأخلاق هذه المدن. فاختيار عاصمة الشرق مثلا لاحتضان مهرجان الراي الذي صار سنة من السنن السنوية يعني أن ساكنة مدينة زيري بن عطية عن بكرة أبيها تتعاطى لفن الراي . والواقع غير ذلك . ومعلوم أن الوزارات مهما كانت هي وزارات كل شرائح المجتمع وليست وزارات شريحة بعينها. فهل استفتت وزارة الثقافة عندنا كل ساكنة المدينة وحصلت على رضاها من أجل جلب مهرجان الراي ؟ فإذا ما كنت الجهات المنظمة تتبجح بمقاربة جمهور الراي لمئات الآلاف فإنها قد تجاهلت آلاف الآلاف من المتذمرين الساخطين على هذا المهرجان ولم تعرهم أهمية وكأنه لا وجود لهم. ومن حقهم كمواطنين أن يؤخذ رأيهم بعين الاعتبار كما أخذ رأي غيرهم. ولقد كان استجلاب غير ساكنة المدينة خاصة والجهة عامة هو سبب تضخيم عدد جمهور الراي. ولقد تأذى السكان المجاورين لموقع مهرجان الراي الإذاية الكبرى دون أن يهتم أحد بشكاواهم . لقد كانت سهرات الراي تستمر إلى ساعات الصبح دون أن ينعم السكان المجاورون بنصيبهم من النوم والراحة علما بوجود حالات مرضية وحالات العجز ، وحالات الصبية الرضع… إلى غير ذلك من الحالات التي تقتضي الهدوء والسكينة التي يضمنها الدستور وتضمنها القوانين الجاري بها العمل.

والعجب كل العجب أن تحتج وزيرة معينة على آذان الصبح وتعتبره مزعجا للسياح الأجانب ، وتجوز قدرها واختصاصها لتصير مفتية بدون قواعد الفتوى في حين تحضر في الصف الأول لمهرجان الراي لتسجل مشاركتها الرسمية في إزعاج وإقلاق راحة المواطنين وهي الحريصة على راحة السواح.
وقياسا على ما سببه مهرجان الراي من إزعاج لشرائح طويلة عريضة من المواطنين تتسرب العديد من السلوكات الغريبة عن ثقافتنا وأخلاقنا سنة بعد أخرى بشكل محتشم في البداية ، ولكنها سرعان ما تكشف عن أقنعتها بوقاحة.

لقد غزانا العري والتبرج المتجاوز لقيمنا وأخلاقنا ، وغزانا السكر والتخدير بكل أنواعه ، وغزانا التحرش الجنسي العلني المجاهر والمفاخر ، وغزتنا السهرات الماجنة المقلقة لراحة المواطنين …. وصرنا هدفا لكل ما هب ودب من القيم التي لا يمكن أن تقبلها ثقافتنا. وعندما يوجد أدنى تحرك لرفض هذا الاستخفاف بقيمنا الأخلاقية تقوم قيامة البعض ويكيلون لمن يرفض العبث بقيمنا كل التهم ،بل يستقوون بالقوانين عليه في غياب نظام الحسبة الإسلامي الذي يعود إليه الأمر في تحديد الصالح والطالح للأمة وفق عقيدتها لا وفق أهواء من يكتسحها بتقاليعه المناقضة لقيمها.

ومن الغريب أن نجد للأمم الغربية التي تدعي الرقي والحضارة والحداثة وما إلى ذلك من مقاييس التطور سلوكات متشنجة ضد مظاهر ثقافات أجنبية يعيش أصحابها بين ظهرانيها ، وكمثال نسرد الحجاب الإسلامي الذي يمنع بدعوى تهديده للقيم الغربية العلمانية . وفي المقابل لا نجد عندنا ما يمنع العري بما في ذلك الكشف عن الصدور و البطون والسيقان وكل ما لا يجوز كشفه وفق قيمنا الأخلاقية . ولو احتج أحد على ذلك كما تحتج الدول الغربية على الحجاب الإسلامي لقدت له التهم التي لم تسمع من قبل.

إنه إرهاب القيم الغريبة الوافدة للقيم الأصيلة تحت ذرائع المعايير الدولية المتعارف عليها مع ركوب هذا الإرهاب للنصوص القانونية بعد التعسف في تخريجها ولي أعناقها لتخويف كل من تسول له نفسه الدفاع عن قيمه الأخلاقية الأصيلة المستهدفة جهارا من طرف مسئولين محسوبين على الأمة برمتها ولكنهم يمارسون مسئولياتهم باستغلال مكشوف لفائدة انتماءاتهم السياسية والأيديولوجية .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

7 Comments

  1. RoumaysA
    31/07/2008 at 13:00

    تنضيم مهرجان اوتظاهرة فنية .. ليس استخفاف بقيم اخلاقية لاحد و تحت اى اسم من الاسماء لاشخاص دوى اخلاق راسخة و ثابتة..بل يجب اعتبار هدا كانفتاح على قيم اخرى قصد الاحتكاك الاكتشاف ثم المقارنة من دون ان تستهزى او تستهزا لان هدا الاخير في حد داته منافى للقيم و الاخلاق..

  2. الصادق
    03/08/2008 at 22:59

    جزاك الله كل خير أخي الكريم محمد شرقي على هذه المقالة المتميزة .

  3. أمين
    03/08/2008 at 22:59

    لماذا تلعب لرقابة دورا في حدف الردود

  4. أمين
    03/08/2008 at 22:59

    لماذا صادرتم تدخلي

  5. ملاحظ
    03/08/2008 at 22:59

    لقد رايتك ياسيد محمد شركي في المهرجان بام عيني فماذا كنت تفعل هناك . اجبني بارك الله فيك

  6. علي الشرقي
    26/08/2008 at 20:16

    الاستاذ محمد شركي. ألفت انتباهك إلى ورود خطا لغوي في مقالك، وبالضبط في العبارة التالية: »ولقد تأذى السكان المجاورين لموقع مهرجان الراي الإذاية الكبرى دون أن يهتم أحد بشكاواهم « ؛ والصواب أن تقول: »ولقد تأذى السكان المجاورون لموقع مهرجان الراي الإذاية الكبرى دون أن يهتم أحد بشكاواهم »، ذلك لأن كلمة « المجاورون » هي صفة للفاعل « السكان ». والخطأ نفسة تكرر في عبارة أخرى كالآتي: » دون أن ينعم السكان المجاورون بنصيبهم من النوم والراحة « . تحياتي

  7. rahimi
    26/08/2008 at 20:17

    يبدو أن الأخت رميساء نسيت أنها تعيش في مجتمع مسلم، فلا داعي للفت إنتباه هذا المجتمع بوجهات نظر متطرفة

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *