Home»Régional»ساحات وجدة عاصمة الثقافة العربية. هل تحلّ الثقافة ضَيفة على الساحة ؟(2)

ساحات وجدة عاصمة الثقافة العربية. هل تحلّ الثقافة ضَيفة على الساحة ؟(2)

1
Shares
PinterestGoogle+

ساحات وجدة عاصمة الثقافة العربية.

هل تحلّ الثقافة ضَيفة على الساحة ؟(2)

ماذا لو فتحت ساحات وجدة أحضانها للفعل الثقافي كما ألفت فتحها ل »النّشاطْ » الصّيفي؟  أما آن لها أن تحتضن الآداب والرأي كما تحتضن الرّاب والرّاي؟ هل يمكن أن تُبدّل عاصمة الثقافة العربية لهذا العام جلدها وتبذُل جهدها لتخصيص ساحات وجدة لاحتضان الأنشطة الثقافية المتعدّدة؟

ماذا لو أطلّت خارج الأسوار تلك الإبداعات والأفكار بدل أن تنتظر في قاعات شبه فارغة قدوم الزّوار؟  لتخرج المحاضرات والندوات إلى السّاحات حتىّ تصل الأفكار والأصوات إلى مسامع المارّة ومرتادي المقاهي والحانات ومنتظري الحافلات وأصحاب المحلاّت، تماما كما تفعل الأبواق في الأسواق.

ولتكن كل ساحة موضوع النّشاط أو موضِعه.

2- ساحة 16 غشت:

تُنظّم فيها  معظم وقفات التظلّم والتّضامن. يقصدها الناس ربما لقربها من قصر البلدية لتذكير سكّان المجلس بإخراج الوعود للوجود و بأن جمع الأصوات لا يجب أن ينتهي بالسبات. أو يقصدونها  ربما لأن بها مسجد عمر ابن عبد العزيز فيعزّون النّفس بعدل الأموات بعد أن عجز الأحياء عن الإنصاف و الإنصات.

هذه الساحة تؤرخ لجهاد وجدة وجلّ جِهات الوطن و تذكّر بأن بعد إيكس ليبان تساوى  الحالم  بالاستقلال و الباحث عن « قصور الإسبان » .

انتفاضة الشّرق آمنت بالمصير المشترك في حربها التحريرية فآوت الثورة الجزائرية. ومن يراجع التاريخ يعرف كيف استضاف المغاربة رفاقَ بوضياف وبنبلّة وكيف ردّ الأشقاء الجميل بوضع العصا في العجلة. وكيف هان على هواّري تهجير آلاف الأسر المغربية وكيف دبّر قصرُ المرادية المؤامرات من أجل جمهورية وهميّة, وكيف أضاعت فرصةَ المغرب الكبير فِريةُ تقرير المصير.

أُكلت الحظيرة  بأسوَدها و أبيضها من البحر إلى البحر دون أن ينجو منها ثور وصار العرب كالأيتام في مآدب ذئاب العمّ سام. سامهم الجلاد جميع أنواع الإذلال و القهر , وإمعانا  في النكاية يسمي بعضها حماية.

 منذ بازل لم يهنأ للأعداء بال. ما دبّره هرتزل أيّده بلفور فنزل الوعد كالصاعقة على عواصم عاشت في عجزها غارقة. ومنذ قرار شطب فلسطين من الخارطة وإنشاء السّرطان إسرائيل والصهاينة مصرّون على التهجير والتّوطين. إنهم يقرضون الأرض شبرا شبرا ويبنون الجدار تلو الجدار. ومن يرفض التسليم والتنسيق يكون نصيبه الحصار.

أمّا أصحاب الأرض فلم يكونوا يومًا على رأي مُجمعين منذ الثمانية والأربعين: منهم من تعلّق بالسلطة كي يستفيد بعد أن طلّق البندقية و وثق بأوسلو و مدريد؛ ومنهم من اعتقد أن الصلح مع الجلاد لا يفيد. ما زالوا منقسمين بين قرار الممانعة وخيار المبايعة. فمن يا ترى سيراجع اختياره بعد قرار نقل السّفارة؟

وحتى عندما تبدو بوادر الاتفاق بين الإخوة والرّفاق يتدخل شذاذ الآفاق لخلط الأوراق و جني ثمار الفرقة بين غزة و الضفّة. لا يهدأ لهم بال حتى يبُثوا بين العرب بذور الاقتتال. و حين تُسائل كل محرّكات البحث, تصل إلى أنّ العربي بارع في قتل أخيه و قتل الوقت.

يجب أن تعرف هذه الأجيال كيف أقدمَ أقدمُ احتلال على هدم حارة المغاربة هناك بينما ما زال يقف هنا كنيس خلف مندوبية السياحة . على بعد ثلاثة أمتار أو أربعة من مقهى المولودية  تقع  بيعة. على سطحها  ينام كلما حل الظلام بعض حمام السّاحة.

المغتصب هناك يراهن بأساليبه الماكرة على عامل الزمن لمحو الذّاّكرة. يغير المعالم و يغير الأسماء لكن لن تفلح دموع كل تماسيح بني صهيون وحتى لو جفّت منها العيون في جعلنا نقرّ أن حائط البراق هو حائط البكاء.

 و مع أنه لا مقارنة مع وجود الفارق, فهنا كذلك يصعب التأثير على العوامّ.  يصعب تغيير ما علق بأذهانهم عبر الأيام بالكتابة على قطعة من رخام: ما زال الناس يطلقون على شارع مراكش نفس التسمية رغم نقش الاسم الجديد على سور البلدية.

إن أصعب استعمار هو استعمار الذّهنيات و الأفكار. والأصعب هو غزو أفكار النّخب: تحبّ أن تُنظِّر باسم العقلانية والواقعية واختلال ميزان القوى لتفتي بعدم تفويت فرصة المفاوضات ولتطبل للتطبيع و المعاهدات. قد تجد بعض الآذان الصّاغية لكن مسوّغاتها عند الأغلبية لاغية: الأغلبية واعية أن كلّ قوة إلى زوال. فلو دامت ما بكى أمير أندلسي كربّات الحِجال على مُلك لم يحافظ عليه كالرّجال.

قضى العرب بالأندلس ثمانية قرون في قوّة و بأس و لمّا استهوتهم ليالي الأُنس كان مصيرَهم الكَنس. والسّرُّ أن الإسباني الضعيف آنذاك لم يتسلّل إلى نفسه اليأس. ومن يُنظِّر الآن للتّسليم إنّما يريد أن يديم حكم الاشكناز والسفرديم وأن يقضم الأقصى ويهدم القدس ليُقيم أورشليم.

أمّا  عندنا فالشعب صار متفرقا بين مؤيّد للرّيال و عابدٍ للبارصا . فهل ندرك قول المتنبّي عن  أُمّةً ضحكت من جهلها الأمم؟ و هل هناك شرّ بلية من تشجيع مستعمَر مستعمِره ؟ كيف أنستنا الكرة أنّ الفريقين ينتميان لدولة جائرة. صحيح أنها الجارة الشمالية لكنها تجثم بكَلكَلها على سبتة ومليلية و الجزر الجعفرية كلِّها.

  دأب الاستعمار على الدخول من الباب والخروج من النافذة بعد أن يوَلّي خلفه جهات نافذة وعندما يتمخض الاستقلال تولد في جلّ الأوطان أوثنان.

و حبّ الأوطان؟ أصبح في خبركان: أدّى جشع و نهب و تكميم  أصحاب القرار إلى دفع الشباب إلى الهجرة و التصميم على  الفرار. معظمهم في انتظار فرصة المغادرة . إمّا بتأشيرة  قانونية أو مقتناة أو ببطاقة خضراء  وإن لم يكن فبركوب ليلا المياه المتوسطية في قوارب مطّاطية. ومن غلّقت دونه الأبواب دوّن في الفايسبوك و استنشق في الواتساب.

عبد الحفيظ كورجيت مارس 2018

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *