جريدة « النهار المغربية » تحاور الشاعر والإعلامي مصطفى قشنني
الثقافة يجب أن تأخذ حجمها الطبيعي ضمن مخططات التنمية…
مصطفى قشنني، شاعر وكاتب وإعلامي مغربي من مواليد 1967.. مدير نشر جريدة الحياة المغربية الصادرة منذ سنة 1996، رئيس فرع اتحاد كتاب المغرب لجهة الشرق ورئيس فرع النقابة الوطنية للصحافة المغربية لجهة الشرق. وله إصدارات عديدة في المجال الشعري والنقدي والمقالة.
سؤال:
تتحملون مسؤولية داخل اتحاد كتاب المغرب بصفتكم رئيس فرع جهة الشرق، كيف تقرأ الواقع الحالي لهذه المؤسسة الثقافية؟
جواب:
أعتقد أن ما وصل إليه اتحاد كتاب المغرب الان امر لا يسر صديق ولا يحزن عدو، ناهيك أن معظم ما يروج خارج جدران المؤسسة -مع كل أسف – نابع من سوء فهم وسوء تقدير وسوء تدبير للحوار وللاختلاف، في زمن مضى كان الصراع ثقافي وإديولوجي وسياسي. أما الآن فالصراع بين الكثير من المثقفين أصبح حول المواقع والغنائم والسفريات، لذلك فما عذرهم إذا لم يكن باستطاعتهم التوافق على من يدبر اتحادهم ومؤسستهم بشكل جيد وأفضل؟؟ وما الحرج إذا كان من يدبرون شأن الاتحاد بشكله الحالي مطمئنون لتدبيره وراضون عن أنفسهم ومتمادون في هدر الزمن الثقافي المغربي دون اكتراث بهموم وأشجان من يلوذون بصمتهم وتواطئهم من أموات وأشباه المثقفين؟؟.
سؤال:
إذا كان هذا هو حال الاتحاد فكيف تحضر الثقافة في جهة الشرق وأنت رئيس فرع الجهة؟
جواب:
أعتقد أن الثقافة يجب أن تاخذ حجمها الحقيقي ضمن برامج التنمية على مستوى الجهة، وهذا لن يتأتى إلا من خلال سياسة تدبيرية للقطاع تأخذ في أبعادها
1- كل ما يرتبط بالبعد التراثي الشعبي للثقافة بالجهة،
2- البعد التاريخي للجهة وما يمكن أن يساهم به هذا البعد في إبراز أمجاد وعبقريات وبطولات الجهة
3- التركيز على الثقافة في تفاعلها مع السياحة لتحقيق وبلورة تنمية شاملة ومتكاملة الأبعاد
4- الأخذ بعين الاعتبار عامل الخصوصية الثقافية وضرورة إدماجها في أية خطة تنموية جهوية
5- مراعاة البعد الثقافي في مجالات التخطيط والتدبير والتقويم لأية عملية تنموية
6- دعم تطوير القطاع الثقافي عن طريق تشجيع الصناعات الإبداعية والفعاليات والمهرجانات والندوات لتنمية المجتمع والإرتقاء بالإنسان باعتباره كائن ثقافي بإمتياز. أعتقد جازما أن هذه الأبعاد غائبة بشكل شبه مطلق، بسبب غياب الثقافة من أجندات مسؤولي الجهة: لأن أغلبيتهم، المنتخبون منهم على وجه الخصوص هم شبه أميين أو يكادون.
سؤال:
نعود إلى الشعر في السنة الفارطة أصدرت الديوان الشعري رقم 10 (تحت سماء أندلسية) أسألك الشاعر مصطفى قشنني ما جدوى الشعر في زمن التطور الذي عرفته الرقائق الإلكترونية؟
جواب:
الشعر من شأنه حماية كينونتنا من التآكل والصدأ والإرتقاء به إلى أعلى مدارج صفاء الروح، الشعر شرط استمرارية الحياة والاحتفاء بالذات والانتشاء بها ومناوشة الموت والجمود والرتابة والتماس مع إيقاع رحابات الوجود والانحياز المجدي للأفق المغاير. الشعر ثورة على التصدعات والتشققات، الشعر إضاءة متواترة لعتمات الدواخل السحيقة، و بوح صامت ونحيب خفي من الأوجاع والألم الضاغطة على صدر الكائن، الشعر هو القدرة الكبيرة على التفكير العميق في الأشياء، إنه الفسحة التي تقترب فيها الكينونة من الكائن، وينفتح الموجود على وجوده كما يقول « هايدغر »
سؤال:
دعني أسألك، عن طقوس الكتابة عندك؟
جواب:
طقوسي في الكتابة، لا ترتبط بلحظة ترف أو تجزية لوقت ضائع في أتون العمر، بل هي حرص شديد على خلق وشائج وطقوس مؤثتة لهذه الكتابة، وهذه الأخيرة لا تكتمل إلا بما يليق من لياقة روحية وطهارة نفسية، تجعلني مشدوها أمام ما يوحي لي به « شيطان الشعر » هذا الأخير الذي يمكن أن يكون حلما ممزوجا بواقع، أو واقعا مضمخا بحلم، أو هما معا. وقد يكون نسمات دافقة أو دموع مترقرقة من أهداب طفلة، أو ندوب على محيا عجوز، وقد يكون صرير باب أو زعيق سيارة أو حشرجة أوراق شجرة، أو اندغام رائحة عطر بأنفي أو زمجرة ريح عاتية، وقد يكون إيقاع مختمر في كنه الأشياء.. وحتى أكتب فإن « لحظة وحالة » ما يجب أن تتوفر حتى أكون صادقا في كتابتها بعيدا عن أي لغو أو اصطناع زائف للكتابة(…) فأنا أكتب تحت تأثير إختمار كلي لأجزاء كونية في تفاعل فزيائي مع دواخل الذات السحيقة، لتنبجس بعد ذلك القصيدة مختارة لشكلها وإيقاعها ولغتها النهائية من غير سوء…
سؤال:
المثقف أصبح حاليا، يتدافع بالمناكب حول مناصب شاغرة ولم يعد يشكل أية قيمة مضافة للمجتمع المغربي ما رأيك؟
جواب:
أظن أن مسؤولية المثقف الحقيقي في خضم المرحلة الراهنة تتطلب منه أن يطرح قيما ومشتركا إنسانيا وكونيا، وهو ما يعني بالضرورة الإنتصار إلى ما أصبح يصطلح عليه بمركزية الإنسان متسلحا بزاد العقلانية والحداثة، والقيم الإنسانية المشتركة المؤسسة على التسامح والانفتاح والتعايش بين الثقافات و الحضارات. أعتقد أنه لا مكان اليوم للمثقف التقليدي النمطي المسطح المنكمش على ذاته اللاهث وراء ما تجود به موائد السلطة-بمفهومها المتعدد-. مسؤولية المثقف هو تطوير الوعي الجماعي للمجتمع وملامسة قضياه المصيرية، والدفاع عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان في ابعد التجليات، والشاعر الحقيقي هو من يجسد شعره لزرع قيم المحبة بين الناس ومن يوقظ الحياة التي افتقدها الناس في العيش كما عبر عن ذلك الرائع « إليوت »
حاوره: الإعلامي والشاعر عبد الله ورياش




Aucun commentaire