اختفاء أجواء الصيف

ظل حلول فصل الصيف ببلدتنا مقرونا بمجموعة من الطقوس التي تمثلها الناس حتى رسخت في الذاكرة الجماعية.
وهكذا ، وبعد أن ينفض عرس الربيع باختفاء الاخضرار، وميل الحقول نحو الصفرة، تختفي رقصات الكائنات لتفسح المجال أمام تموجات السنابل قبل أن يجبرها نضج الحبات على الانحناء، وهي التي ظلت تشرئب نحو الأعلى في حركة تشي بنزق المخلوقات في مرحلة العنفوان!
في هذه الأثناء، يبدي السكان استعدادات تامة للشروع في عملية الحصاد، فالى جانب،،اللوجيستيك،، المتمثل في المناجل وواقيات الاصابع والوزرات الجلدية التي تحمي الملابس، فان ربات البيوت لا بد أن يحضرن للمناسبة اشكالا من الطعام المصنوع يدويا توظف فيه انواع السمن التي سمح فصل الخصوبة بادخارها ، وعلى رأسها،،الذايب،،وهو عبارة عن زبدة مقطرة منسمة باعشاب محلية لا تقاوم لذتها.
ان عملية الحصاد من أكثر الأعمال انهاكا للأجساد، لانها تنطلق مع انبلاج الصبح ولا تنتهي الا مع اختفاء الخيط الابيض!
كنا نلتحق بالبلدة مع انطلاق اعمال الصيف بعد انتهاء الموسم الدراسي لنسهم بما نستطيع كجلب الماء اذا تعذر علينا مسايرة الحصادين.
وبالرغم مما يطبع فصل جني المحاصيل من نصب، فانه لم يكن يخلو من فسحات تنسي في التعب، وتسمح بتفريغ كثير من المكنونات .
وهكذا، كان الحصاد يتحول الى جولة أثيرة حينما تنطلق بعض الحناجر في ترديد أهازيج يحرص فيها كل واحد على التميز مما يحول العمل الى متعة لا سيما اذا انخرطت النساء في هذا السجال !
كان التجاوب تلقائيا عبر الحقول المجاورة، حيث كثيرا ما تحول الغناء الى ما يشبه النقائض مما يحتم الابداع في اللحن والكلمة.
لقد اشتهر أشخاص عديدون بأصوات شجية جعلتهم مميزين ومطلوبين لتحويل العمل الشاق الى متعة حقيقية، بل ان من أصحاب هذه الاصوات من تحول الى مادة غزلية بين النساء اللواتي يتحينن فرصة الاعراس لتبليغ رسائلهن في الاعجاب من خلال،،ازلان،،!
واذا كان ،، طرب الحقول،، قد تحول الى لازمة يتنافس فيها الناس خلال الصيف، فانه وللتاريخ، لا بد من الاقرار بأن الحصادين من ،؛ بني شبل،، كانوا يبزون من سواهم في الأهازيج التي تصاحب عملية الحصاد، لأن هؤلاء قد ميزهم الله تعالى بأصوات رخيمة، الى درجة أن الباحثين عن عمال الحصاد كانوا يفضلون أن يكون هؤلاء ضمن فريق العمل الذي يعرف محليا ب،، القوس،، لخلق جو رائق للعمل.
لقد ظل الغناء المرافق لعملية الحصاد تقليدا مطلوبا لأنه كان يستجيب لحاجة نفسية فطرية سبق أن أكدها كاتب المغرب الكبير محمد الفاسي رحمه الله في معرض حديثه عن الطرب الشعبي وفوائده السيكولوجية.
بمثل هذه الاعراف، تمكن الاهالي من تجاوز متاعب الصيف لينخرطوا في أجواء المرح التي تتيحها الأعراس بعيد جمع المحاصيل، وقد كانت أعراسا تمر بمرحلة تشويق طويلة تسبقها ليال عديدة من الانتشاء على رقصات،، بوشطبة،، قبل أن تختتم بيوم عرس مشهود يسمح لكل واحد بتفريغ ما ترسب في دواخله حولا كاملا!
لازال الصيف صيفا، لكن الطقوس اختفت، وجفت الحناجر الا ما كان من اللغو، ولم نعد نعرف المغني من الناعق.
اما الأجواء فقد صارت قاتمة، ذلك أن الناس صاروا يحرثون الارض في يوم واحد، ثم يجرون كل عمليات جني المحاصيل في يوم اخر تسمع خلاله هدير الة صماء بدل الاصوات الشجية التي كانت العذارى يتبادلنها في خلواتهن.
اختفى كل شيء، وصارت طقوس الصيف من حديث الماضي، وفقدت الأعراس قدسيتها كما فقد أهل البادية فطريتهم، والبقية في الطريق…
تحياتي لعشاق طرب،، الشوالا،،




1 Comment
Chez les Béni Znassen, mêmes rites, mêmes chants. La journée se terminait par des invocations au nom de Moulay Idriss. Un jour de moissons, vers la fin de l’après-midi, notre mulet à dos duquel j’étais chargé d’aller puiser l’eau (loin, très loin de la parcelle où nous travaillions) a cassé la corde puis il s’est échappé pour rejoindre notre maison, distante de quelques huit ou neuf kilomètres. Sans attendre l’ordre de mon père, j’ai suivi la bête, la corvée me revenant par obligation de le faire. Malicieux et quelque peu animé d’une certaine revanche, l’animal ne marchait jamais dans le chemin qu’il connaissait pourtant si bien. Il prenait un malin plaisir à mordre dans les blés murs et drus, traînait la patte quand il voyait que je ne le suivais pas de près, galopait dès que je m’en approchait.
Le jour déclinait, les chants fusaient de tous les champs, des moissonneurs jetaient des gerbes en l’air, les rattrapaient, heureux qu’une dure journée de labeur prenait fin. Les plus cruels prenaient un malin plaisir à me railler, insinuant que j’avais détaché le mulet pour échapper à la dure besogne du lendemain.