سلام عليك يا تويسيت 21

رغم الفقر والحاجة التي كان يعيشها اهل الدوار,الا انهم تشبثوا بحب ارضهم ومنبت نبعتهم,يحرثون الاراضي خريفا,وينتظرون الغيث من السماء ربيعا,ليتم جني المحاصيل صيفا,وينشطون في تربية المواشي على قلتها,لتجود عليهم بحليبها ولبنها,فيقنعون بما رزقهم الله,في عيشة راضية مليئة بالحب الفياض بين جميع مكونات الدوار,حنان دافق من الامهات والاباء على جميع اطفال الدوار,حتى اصبح الاطفال يحسون حنان الاخوة فيما بينهم,يلعبون العابهم المفضلة في الخمائل المزركشة,ويساعدون الاباء في اعمالهم حسب قدراتهم الجسمانية,ويتنقلون زرافات في ايام الدراسة نحو مدرستهم التي تتوسط قرية تويسيت.
رغم هذا الفقر,كانت العلاقات الطيبة بين مكونات الدوار,تنسي اباءنا تكاليف الحياة الصعبة المضنية,وتنسينا نحن الاطفال ارغفة الخبز اليابس على جبل النفايات المعدنية,والمسافات الطوال التي كنا نقطعها جيئة وذهابا الى المدرسة,في جو بارد,وصقيع من الجليد,وما كان ينسينا اكثر حين ننغمس في العابنا الشيقة,وخاصة لعبة الفروسية,حيث لا زلت اذكر اننا كنا نتباهى بعيدان الكلخ والقصب كما يتباهى الكبار بخيولهم الحقيقية,ولا زلت اذكر اننا كنا اربعة اطفال ممن كان يلعب هاته اللعبة الشيقة,وكل واحد منا يقلد فارسا من فرسان القبيلة,ولم اكن اقبل ان يقلد والدي من احد غيري,فكنت انا الفارس المغوار على عود من نبتة الكلخ,بينما كان ابن عمي الذي يصغرني سنا وهو محمد يقلد احد فرسان القبيلة والذي لا يقل شأنا وقيمة عن والدي رحمه الله,بينما الطفلان الاخران فكان يقلدان ما شاءامن فرسان القبيلة
ومن غرائب لعبة الفروسية هاته,اننا كنا نقلد صهيل الخيول ونحن ننبش الارض باحد رجلينا كما يفعل الحصان,فكنا نثقل كاهل الابوين بشراء النعال في فترات متقاربة,لان عودتنا باتجاه البيوت بعد الانتهاء من لعبة الفروسية كانت تنتهي غالبا بتمزيق النعال والتي هي اصلا من الميكا.
ومن الاشياء التي لا تنسى في ذاك الدوار,تقاليد الاعراس,واحب تقليد هو ما يسمى بلغة القبيلة الصغار,حيث كان شباب الدوار واطفاله وشيوخه يتجمعون تحت جبل غيران الفيجل وهم يحيطون بالعريس الذي يسمى في ايام الاحتفال بعرسه:مولاي السلطان,بينما احد الشبان وغالبا ما يكون صديقا له يلعب دور الوزير وسط الصغار,كان اهل الدوار يدعون الى وجبة الغذاء او العشاء جميع الشباب المرافق للعريس,واثناء تقديم صحون الغذاء او العشاء لا بد ان تترك كل مجموعة قطعة لحم في رغيف من الخبز ليجمع الكل في نهاية الوجبة ويباع بالمزايدة,ويسمى ذلك ب :حريف الصغار,ولم يكن حريف الصغار هذا من اللحم وارغفة الخبز بل يكون ايضا من كؤوس الشاي والقاوقاو.
يتكلف ببيع الحريف احد الشباب يدعى الدلال,ويردد اثناء البيع عبارات لا يفهمها الا اهل الدوار,وقد احاول تفسيرها قدر المستطاع:يقول الدلال اثناء عملية البيع:حريف الصغار على الله,من يشتري,من يريد البركة واليمن……..
تدوم هذه العملية بضعة ايام,في عهدنا نحن لا تتجاوز الثلاثة ايام بينما يقول الاجداد انها في عهدهم كانت تدوم سبعة ايام بالكمال والتمام,
بعد الانتهاء من عملية الصغار تجمع المبالغ التي حصل عليها الصغار من بيع الحريف ,فيشترون بها ذبيحة تذبح في بيت العريس,ويتناول الكل هناك وجبة العشاء ليتم الفراق من جديد كل الى وجهته.
انها تقاليد كانت تنسي حياتنا الشاقة,وتحبب الينا ذاك الدوار بخمائله الجميلة المزركشة,يحفها جبل غيران الفيجل الشامخ,واشجار الصنوبر الباسقة الوارفة,على مقربة من تلك القرية الزاهية التي تربينا في كنفها فاعطتنا الحنان والالفة,واعطيناها نحن الحب الدافق بين جوانحنا اينما حللنا وارتحلنا.
انها قرية تويسيت التي لا زالت شامخة برجالها وابنائها,رغم ان اغلب ابنائها غادروا الى حيث يبحثون عن لقمة العيش,.




Aucun commentaire