حكايا استاذ متقاعد : نبش في رحلة وراء البحار ـ الحلقة 12 ـ

تابع 12
قضيت اول ليلة بالمنزل العائلي، لاستيقظ في الغد على صوت رخيم يحييني تحية الصباح لأتناول الفطور في جو حميمي.
أثناء الحديث، أسرت لي الام بأنها ستعد غذاء بنكهة الطبخ المغربي، وهي تستاذن في أن تسبغ علي لقبا للمدح.
أما الأب، وبعد تجديد الترحيب، فقد سألني مان ان كنت أحمل معي رخصة السياقة ليسلمنا سيارته، ولما اخبرته بأنني لم أحصل عليها بعد ، لم يصدق، خاصة لما علم أني أتجاوز العشرين من عمري!
أبدى الرجل أسفه، بينما أسررتها في نفسي، اذ لم يكن هناك مانع في الواقع لانتزاع هذه الوثيقة!
جاء دور الأخت الكبرى لمراسلتيArlette لتبدي بدورها أسفها لكوني تأخرت في السفر، لأنها قطعت سفرها الى سويسرا لاستقبالي، وكان بودها ان اكون واختها الى جانبها!
ولما لم تتح لي هذه الفرصة، فانها قررت وضع سيارتها رهن اشارة أختها التي لم تصل بعد السن القانونية لنستغلها في الخروج الى الغابة المحيطة بالمدينة ، بعيدا عن أعين الشرطة.
خرجت في اول نزهة مع الفتاة في شوارع مدينتها الصغيرة التي تخلو من الجالية الافريقية لعدم وجود المعامل والمناطق الفلاحية التي توفر فرص الشغل.
استرحنا في أحد المقاهي، ثم انطلق النقاش الحقيقي: لقد استأذنت الفتاة في امكانية طرح الأسئلة من غير تحفظ، فوافقت.
كانت الأسئلة عبارة عن استنطاق طويل يستند الى ذكاء فائق، وكانت اجوبتي تلقائية لأنني جئت الى هنا بدون خلفيات أو نوايا مبيتة!
دامت،، الندوة،، زمنا قياسيا أنهتها الفتاة بزفرة مبهمة مما جعلني أطلب توضيحها!
قالت الفتاة بثقة:
لقد ارتاح ضميري بعدما لم ألمس أدنى تناقض بين ماتفضلت به خلال الحوار وما كنت تسجله في مراسلاتك خلال كل السنوات الماضية!
أحسست بعرق بارد يوقظ كل ذرة في كياني؛ وحمدت الله في داخلي، لأن ادنى كذبة ، كانت ستطيح بكل ما نسجته ، وكان من الوارد أن أعود بخفي حنين!
أحالتني ملاحظة الفتاة على الأحابيل التي ينسجها الشباب عندنا ليوقع ببنات وطنه، ثم يشرع في استعراض قدراته ومهاراته في تقمص الادوار القذرة، لانه يجد أمامه مخلوقات تلغي سلطة العقل في القرارات المصيرية!
استعادت الفتاة انشراحها واعتذرت عن الاستنطاق الذي كان ضروريا في نظرها، ثم بادرت الى ازالة ما تبقى من حواجز نفسية فسالت بمكر:
-لنفرض أنني كنت أحمل حجابا عندما كنت في انتظارك،فكيف كنت ستتعرف علي؟
Si je portais un voile, qu, aurais tu fait pour me reconnaitre ?
-أجبت بتلقائية:الامر بسيط، سأنتزع الحجاب!
C est silple, je vais te devoiler!
أعجبت الفتاة بهذه الجرأة فقبلتني بحرارة!
عدنا الى البيت قبيل منتصف النهار بقليل، فوجدت الام قد أعدت شبه طاجين مغربي قوامه،، اللوبياء الخضراء،، مع لحم الغنم، بينما وضع النبيذ المكناسي على الطاولة بعدما وصل في حلة رفعت من شانه على خلاف الصورة التي الفها عشاقه عندنا!
لم يكن الخمر ضمن المشروبات التي أحبها ، لذلك اعتذرت عن تناوله.
ما ان جلسنا الى مائدة الطعام حتى بادرت الام الى استفسار ابنتها عن خرجتنا لترد الاخيرة بتلقائية لم تغفل فيها شيئا، مما جعلني اشعر بخجل لم يسبق له مثيل!
عندما خلونا الى انفسنا، كان أول ما أثرته ، هو ذلك التصريح الذي احرجني، لترد الفتاة بحزم:
أريد أن تدرك بأنه يستحيل أن أكذب على والدتي ، فقد ربتني على قول الحقيقة منذ الصغر حتى نكون على بينة مما نفعل!
التزمت الصمت لبعض الوقت لأسافر مؤقتا الى وطني لأدرك تداعيات الفكر الازدواجي الذي توارثناه، حتى أصبح الكذب والمراوغة ملحا لا غنى عنه في كل تصرفاتنا بما فيها المصيرية!
قلت في نفسي، ليت تلميذاتنا وبنات حواء عموما يستطعن التحلي بهذه الجرأة ، بدل اختلاق السيناريوهات لتبرير سلوكاتهن المشبوهة بتواطىء مع الرجل!
يتبع.




1 Comment
اسلوب شيق و سلس .اللغة انقادت للكاتب بكل تلقائية .جمالية في الحكي تاسر القارئ .شكرا للأخ محمد شحلال على هذا الابداع المتميز .صديقك محمد ايناو من جراتدة