Home»National»التّخْطِيطُ اللغَوِيُّ بِالمَغربِ: الوَاقعُ وَالرّهانَاتُ

التّخْطِيطُ اللغَوِيُّ بِالمَغربِ: الوَاقعُ وَالرّهانَاتُ

9
Shares
PinterestGoogle+

  استمرارًا للجهود المتراكمة، واللقاءات العلمية البحثية، نظّم مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة يوم السبت 18 فبراير  2017 مائدة مستديرة في موضوع  » التخطيط اللغوي: الواقع والرهانات » بتأطير كلّ من الدكتور « رشيد بلحبيب »، الباحث في اللغويات العربية والترجمة واللسانيات، والدكتور « فؤاد أبو علي » رئيس الاتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، بحضور ثلة من الطلبة والأساتذة الباحثين في مجال الدراسات اللغوية،  والمهتمين بالشأن اللغوي عموما.
اسْتُهلَّ اللقاءُ بكلمة الدكتور « عبد الرحيم بودلال »، مدير مركز الدراسات، أشاد من خلالها بأهمية مثل هذه اللقاءات بالمركز، لتدارس موضوع من أهم المواضيع التي لطالما شكلت مجالا واسعا للتفاعل والنقاش، مشيرا إلى أنّ عنوان اللقاء صالح ليكون موضوع بحث علمي جاد يشرف عليه باحثون متخصصون في المجال، ليحيل الكلمة إلى كل من الدكتور « رشيد بلحبيب » ليلامس الموضوع من الناحية النظرية، والدكتور « فؤاد أبو علي » لتشخيص الوضع من الجانب الإجرائي العملي.

المداخلة الأولى كانت من نصيب الدكتور « رشيد بلحبيب » بعنوان « السياسة اللغوية والتخطيط اللغوي: رؤوس أقلام مهشمة »، أكّد من خلالها أن الدولة هي المسؤولة الأولى لتشخيص الوضع اللغوي وإيجاد الحلول له، من خلال وضع سياسة لغوية يوازيها تخطيط لغوي يستهدف بالدرجة الأولى اللغة الأم أو اللغة الدستورية، وأمام التعدد اللسني والفوضى اللغوية التي يعرفها المجتمع المغربي، والدعوة إلى العامية وطغيانها مع الظاهرة العيوشية، أكد الدكتور  بأنّ اللغة العربية باعتبارها لغة دستورية تحتاج إلى تخطيط لغوي للتمكين لها والارتقاء بها وتنميتها.
مداخلة الأستاذ تميزت كذلك بشخيص واقع التخطيط اللغوي بالمغرب  متأسفا من عدم وجود سياسة لغوية واضحة المعالم في المغرب، وعدم وجود تأريخ حقيقي للغة العربية في المغرب، باسثناء محاولات فردية من بعض المتخصصين، ومؤتمرات ولقاءات تعالج الظاهرة هنا وهناك، إلا أن صانعي القرار لايهتمون بها، ولايجعلونها من صلب اهتماماتهم الأولية ولا الثانوية.
وفي ثنايا مداخلته أكد الدكتور بلحبيب أن وجود أكثر من لغة دستورية وضع غير طبيعي اجتماعيا وسياسيا وأخلاقيا، والاستعجال في ترسيم الأمازيغية لم يكن وضعا صحيا وله مخاطر تنتظره في المستقبل، وكان ينبغي أن تكون (الأمازيغية) لغة وطنية لا أن تكون لغة دستورية، لأن البلد لاينبغي أن يتأسس على رأسين، اللغة العربية إلى جانب الأمازيغية، منبها إلى أن هذا التعدد اللسني لا يطرح أي صراع هوياتي سياسي، ولكن الأمر يقتضي ترتيب الأمور حسب الأولويات.
كما تحدث المحاضر عن المؤسسات التي ينبغي أن تعنى بالتخطيط اللغوي، وتأتي في مقدمتها الدولة، المؤسسات التربوية، أعلام اللسانيات التطبيقية، النصوص التشريعية،  وأصحاب القرار، المجلس الأعلى للتربية والتكوين، المجلس الوطني للغات الذي يضم مشعوذين من بينهم هؤلاء الذين ساهموا في تأليف معجم عيوش ، منهيا مداخلته بالقول لا يمكن الحديث عن الاصلاح الشامل دون الحديث عن الاصلاح اللغوي الذي يستوجب وضع أسئلة ثلاثة والإجابة عنها: من يخطط؟ لمن يخطط؟ وكيف يخطط؟.

أما المداخلة الثانية فكانت من نصيب الدكتور فؤاد أبو علي بعنوان  » التخطيط اللغوي: الواقع والرهانات » التي استهلها بتشخيص المشهد اللغوي بالمغرب، توصل من خلاله إلى أنه مشهد يعرف مجموعة من المفارقات؛ كتلك القائمة بين وضع اللغة العربية بوصفها لغة دستورية في البلاد، وواقع ممارستها اليومية في المدرسة والاعلام والإدارة، إدراج الأمازيغية في الدستور المعدل مع وجود الغموض الذي يلف وضعها في المنظومة التربوية، استعمال واسع للغات الأجنبية، مع الإنفتاح على اللغات الأجنبية الأخرى، فكانت النتيجة هي الفوضى اللغوية بدل التخطيط اللغوي.
بعد ذلك تحدث الدكتور عن المعالجة الدستورية للمسألة اللغوية مبديا مجموعة من الملاحظات التي طبعت تدبير الدستور للتعدد اللغوي منها على سبل التمثيل لا الحصر؛ التنصيص على المسألة اللغوية في متن الدستور وليس في ديباجته، دستور المفارقات والتوازنات، إِذْ إنّ الفاعل السياسي المغربي أثبت أن دوره في التعامل مع قضايا الهوية مطبوع بمنطق التوازنات، منها القضية اللغوية، ربط ترسيم الأمازيغية بالقوانين التنظيمية، التنصيص على حماية اللغة العربية وتطويرها وحمايتها وتنمية استعمالها، ناهيك عن الاعتراف باللهجات بوصفها مكونات ثقافية تعمل الدولة كذلك على حمايتها كما ينص الدستور المغربي في فصله الخامس.
هذا وقد تحدث الدكتور في نهاية مداخلتها عن بعض مؤسسات التخطيط اللغوي بالمغرب، منها أكاديمية محمد السادس للغة العربية التي وصفها بأنها مؤسسة وهمية، ناهيك عن المجلس الوطني للغات الذي لازال في غرفة الإنتظار، المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، المجلس الأعلى للتربية والتكوين، ليختتم مداخلته ببعض المبادئ الاستشرافية في السياسة اللغوية، والتي ينبغي على أصحاب القرار أخذها بعين الاعتبار أهمها؛ تدبير التعدد اللغوي والاعتراف به كونه أصلا اجتماعيا إنسانيا ، واللغة الجامعة باعتباره المفهوم المؤطر للتعددية والعدالة اللغوية، وبالتالي تحقيق التخطيط اللغوي المنشود.

اللقاء تميز بإعطاء فرصة لثلة من الأساتذة والطلبة الباحثين لتقديم آرائهم  وملاحظاتهم حول واقع التخطيط اللغوي بالمغرب، وكذا وضع أسئلتهم وتعقيباتهم حول ما تم تناوله في المداخلتين، ليأخذ كل من الأستاذين كلمة أخيرة أجابا من خلالها على أسئلة المتدخلين، ليختم رئيس الجلسة د. « عبد الرحيم بودلال » اللقاء، مشيرا إلى أن مثل هذه اللقاءات ستعقد شهريا بمركز الدراسات، ضاربا موعدا للحضور بتنظيم لقاء لمناقشة المسألة الأمازيغية بالمغرب الشهر المقبل.
إعداد الباحث: سلام أورحمة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *