من يكفكف دمعه؟

أسير بخطى حثيثة ,متسابقا مع الزمن خوفا من أن تغلق إحدى المؤسسات التي أقصد أبوابها,فإذا بي أرمق طفلا لا يتجاوز إثنى عشر ربيعا جالسا القرفصاء مسندا ظهره إلى حائط عمارة رخامي يرتدي سروال جينز وحذاء رياضة متآكلين قد أكل عليهما الدهر وشرب ,واضعا وجهه بين ركبتيه ,ويديه على رأسه .أثارني المشهد ,فوقفت, ثم اقتربت منه,وسألته ما بك؟لم يرد ازداد فضولي ,فانحنيت,و كررت السؤال,فجاء الجواب هذه المرة في شكل كلمة مقتضبة,الدخان لم أتبينها في الوهلة الأولى لأنه كان يبكي ويبكي ويبكي …يكاد يختنق من الشهيق, حتى خيل إلي أنه يبكي دما, ولم أفهم القصد من كلمة الدخان هاته اليتيمة فقلت له أمن أجل سيجارة تبكي كل هذا البكاء وكدت انصرف عنه ساخطا عليه لولا أنه استرسل وبصوت يغلب عليه الشهيق والأنين يصعب تبينه .لقد أخذوا مني الدخان بالقوة ل[أكريساوني] كنت أبيع الدخان فسرقوه مني .وهل تعرفهم؟ لا .وما هي قيمة ما أخذ منك؟ سبعون درهما. تبكي كل هذا البكاء من أجل سبعين درهما ؟فازداد شهيقه وبكاءه وقال زوجة أبي ولم يكمل ألجملة عند ذلك فهمت سر بكاء الطفل لم يبك من أجل الدخان الذي سرق منه ولا من أجل السبعين درهما وإنما بكى – ويحق له البكاء – من أجل الظلم الذي تعرض له نهارا جهارا غير بعيد عن باب الولاية ولم يجد من يذود عنه ولم يستطع الدفاع عن نفسه لصغره ولكثرة مهاجميه , بكى لشعوره بالغبن والقهر وتسلط زوجة الأب التي لا ترحم والأب الذي لا يعلم أو يعلم فالأمر سواء. بكى لازدراء المجتمع له المتمثل في المارة الذين كانوا يمرون عليه دون أن يعيرونه أي اهتمام .بكى لأن هذه الليلة ستكون الحد الفصل بين حاضر مؤلم ومستقبل مظلم ,بكى لأنه سيلقى إلى الشارع ليضاف إلى جيش المتشردين [واشماكرية] وهذا العالم غريب عنه ولا قبل له به لحداثة سنه ولقلة حيلته.وخبرته.
فكرت في حال الطفل كثيرا وتأسفت عن أيام خلت كان فيها الوقف الإسلامي يتولى تعويض الأواني المنزلية التي يكسرها الخدم حتى لا يتعرضوا للعقاب ,بل تذكرت أن الوقف أجرى للحيوانات السائبة والتائهة وقفا .إيه والله لقد ضمن الإسلام للإنسان بل وللحيوان الرزق والكرامة والمسكن[ما آمن من بات شبعانا وجاره جائعا] [وأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر وأما بنعمة ربك فحدث] أما وقد ابتعدنا عن مبادئ ديننا فقد ظهرت عندنا ظواهر لم يكن يعرفها مغرب الستينات كظواهر تشرد الصبيان من ذكور وإناث, وظواهر التسول بطرق مختلفة وظاهر قطع الطريق بالسلاح الأبيض… حتى أصبح الأمر عندنا عاديا لا يثير أي إحساس أو شعور بالذنب .
لا أحد منا اقترب من هؤلاء المشردين من الأحداث الذين ننظر إليهم على أساس أنهم منحرفون{ وشماكرية} مجرمون, ومن ورائهم أمة من الأسر الفقيرة التي تعيش وضعية مزرية أخلاقيا واقتصاديا واجتماعيا الله وحده أعلم بها .لا أحد منا اقترب منهم وحاول معرفة وضعيتهم عن قرب وسأل نفسه لماذا هم منحرفون ؟إنهم أطفال أبرياء فلما نحملهم تبعات ما هم فيه ونتملص من مسؤولياتنا عنهم؟ألسنا نحن الذين لم نوفر لهم البيت الذي يؤويهم,ولا الطعام الذي يملأ بطونهم , ولا حتى قطعة قماش تستر عوراتهم,ولا القسم الذي يتعلمون فيه ,ولا الورش الذي يكونهم حرفيا…ثم نقول : قفوهم إنهم مسئولون .وكأننا لا نعلم أنهم نبتوا من الجوع ,والتصقوا بالتراب, مأكلهم تراب, ونومهم على التراب ,ولباسهم تراب ,حتى وجوههم تلونت بلون التراب.وكأن في آذاننا وقر فلم نسمع قوله تعالى […أو إطعام في يوم ذي مسغبة يتيما ذا مقربة أو مسكينا ذا متربة ]حتما أن هؤلاء سيكونون لنا أعداء وسينتقمون من مجتمعهم الذي أهملهم ,بل ظلمهم إذ جردهم من حق العيش الكريم وهم صغار, ومن حق الشغل وهم كبار, و من حب وطنهم الذي لم يشعروا يوما أنهم ينتسبون إليه ,لأنهم لم يرضعوا لبنه.أموال تهدر, وأيتام تقهر ويومها سنعض على أيدينا ولا ينفع الندم.
Aucun commentaire
نعم اخي عمر ما اكثرهم في مشاهد مأثرة و تدمي القلب، ولكن ومع الأسف الشديد لن نجد سوف كلمة نقولها دائما عندما نرى او نسمع مثل هته الأشياء وهي لاحول ولا قوة إلا بالله ، ….و نمر مرور الدي لم يسمع ولم يرى، ونقرأ كل يوم في الجرائد والمجلات عن جرائم وسرقات ونلوم دائما مرتكبيها والسخط عليهم ونعتبرهم حثالة المجتمع، هل كل هدا ما يستحقونه منا ، ومن المجتمع اللدين ينتمون إليه، فكيف يربى فيهم حب الوطن والغيرة عليه والإعتزاز به وهم لا يملكون فيه حتى حق مغربيتهم » ام مغربيتهم تتجلى فقط في بطاقهم الوطنية إدا كانو يملكونها ، فهدا الوطن اللدي لا يضمنون فيه حتى لقمة عيشهم اليومي انظن انه سيكونون محبين ومخلصين له .
فلا اظن أنه بإمكان اي إنسان ان ينساق وراء الإنحراف إلا إدا كان مضطرا لدلك ،ولكن مع الأسف .
ونرى ان وراء كل دلك أناس يعتبرون أنفسهم غير مسؤولين عن كل هدا ولكن حماس وطنيتهم وغيرتهم على بلدهم وابناء بلدهم لا تظهر إلا عند مباراة في كرة القدم بين {الفريق الوطني ضد فريق اخر}
ليت هته الغيرة يحضى بها الشباب والمتشردين واصحاب الشهادات العليا وابناء هدا الوطن الغالي و تتحرك أحاسيس من وضعت فيهم الثقة لحمل مشعل النهوض بهدا البلد و…… ولكن لا حياة لمن تنادي هيهات و هيهات……
barak alah fika wa aktara min amtalika
aladina in9arade fi hada alwa9t
hasbiya alahe wani3ma lwakil