اللقاءات التفسيرية لمضامين تقرير المجلس الأعلى للتعليم تحت الضوء
من تداعيات تقرير البنك الدولي بخصوص منظومتنا التربوية تقرير المجلس الأعلى للتعليم الذي أقر ما جاء في تقرير البنك الدولي ولكنه حاول الالتفاف حول الشعور بالإحباط الذي خلفه تقرير البنك الدولي بعد ثمان سنوات من الادعاء بأن عملية الإصلاح جارية على قدم وساق. لقد انطلقت اللقاءات التفسيرية بموجب مذكرة وزارية عبر عدة محطات من المركز إلى المؤسسة التربوية مرورا بالجهة والإقليم لعرض تقرير المجلس مع إلحاح من المسئولين في الجهات والأقاليم على عدم الخوض في مناقشة الاختلالات والاكتفاء بتقديم اقتراحات تجمع عبر هذه المحطات لتصل إلى آخر محطة في أسرع وقت ممكن وكأن المنظومة التي اختلت في ثمان سنوات مما سمي إصلاحا من اليسير أن تصلحها اقتراحات مجمعة في ثلاثة أيام وبطرقة استعجالية علما بأنه لو اجتمع أهل قطاع التربية وغيرهم أولهم وآخرهم في صعيد واحد ولشهر من الزمن المتواصل لما استوعبوا حقيقة الأزمة الخانقة التي تمر بها منظومتنا التربوية المرتبطة بواقع سياسي واقتصادي واجتماعي معقد ومتشابك الخيوط وتحت رحمة علاقة جدلية قوامها التأثير والتأثر بين المجالات المختلفة.
إن المغيب في تقرير المجلس الأعلى هو الحديث عن مشروع الإصلاح الذي يمثله الميثاق إذ لم ترد ولو إشارة عابرة إلى أن هذا المشروع فاشل في حد ذاته كمشروع ادعى واضعوه أنهم ذوي خبرة بإصلاح المنظومة . ولو لم تكن هذه دعواهم لما أقدموا على تقديم مشروعهم بعد إضفاء المشروعية عليه من خلال الإدعاء بأنه خضع لاستشارة شعبية واسعة حتى أنه سمي ميثاقا وطنيا ولم يسمى باسم الجهة التي اقترحته وكأن ذلك كان تمهيدا للتملص من مسئولية فشله .
وكيف يعقل أن يتقدم بمشروع إصلاح المنظومة من ليس لديه يقين بأن المشروع صحيح لا يعتريه خلل، وأنه مناسب للمنظومة، وأنه قابل للتطبيق، وأن نجاحه مضمون لا ريب فيه. فإذا كانت المشاريع مجرد محاولات فكل الناس قادرون على تقديم المشاريع ، فإن حالفها التوفيق فبها ونعمة كما يقال وإلا فما أيسر الحديث عن تقارير تفسر فشلها وتبحث عن خطط استعجالية لتجاوز فشلها. إن تقرير المجلس الأعلى للتعليم لم يظهر عبر سنوات ثمان سنوات من الإصلاح المزعوم ، ولم يقرع أجراس الخطر قبل أن يأتي تقرير صندوق النقد الدولي الذي يزن بالموازين المادية والواقعية الملموسة ولا يعير اهتماما للأقوال والشعارات. لما حضرت اللقاء على المستوى الإقليمي لأكلف بعد ذلك بمهمة التفسير على المستوى المؤسساتي ـ علما بأن الاختلالات لا تحتاج إلى تفسير فهي أوضح من الواضح وفوق ما يفضح الفاضح ـ وطلب من الحضور عدم اجترار الاختلالات لأنها واضحة لا تحتاج إلى تفسيرـ ومع ذلك جمع الحضور بهدف التفسير ـ كما طلبت منهم الحلول ـ علما بأن المسئول عن الحلول ليس بأعلم بها من السائل عنهاـ فكرت في تقديم توصية أعتقد جازما أنها بداية منطقية للتفكير بجد في تدارك انهيار المنظومة التربوية وتتمثل هذه التوصية في إحالة المسئولين عن مشروع الإصلاح أوالميثاق للتحقيق تمهيدا للمحاكمة ليكونوا عبرة لمن يعتبر ، ولأن في معاقبتهم صيانة للمنظومة التي نهبت وسلبت بشكل غير مسبوق ، وكان الميثاق الفاشل هو الذي وفر الغطاء للانتهازيين والوصوليين وأعطاهم الشرعية لنهب أموال الأمة عن طريق شعارات التدبير اللامركزي ، وجاء تقرير المجلس الأعلى للتعليم ومن بين أعضائه الخصم والحكم في نفس الوقت لتوفير المزيد من الغطاء للمسئولين عن خراب المنظومة. قدمت اقتراحي وأنا على يقين تام من أنه لن يرى النور كما يقال لأن أصحاب التقارير التركيبية هم الخصم والحكم فلا يمكن أن تتوفر لديهم الشجاعة ليسوق أنفسهم إلى المساءلة والمحاسبة أمام الأمة، ومن مصلحتهم أن يدور الحديث هنا وهناك بعيدا عنهم ، حديث لا يخوض في الاختلالات لأنها اختلالاتهم بل يخوض في الحلول التي لا يملكونها . والقضية
في نهاية المطاف عبارة عن مسرحية هزلية من فصول مركزية وجهوية وإقليمية ومحلية تستوجب وقتا ثمينا يهدر في القيل والقال والهدف واضح من هذه اللقاءات وهو توفير المصداقية لطبخة يتولاها المجلس الأعلى هذه المرة عوض اللجنة السابقة التي و صل مشروعها الإصلاحي إلى طريق مسدود ، وهي تريد شغل الرأي العام بمسلسل جديد من العبث بالمنظومة التربوية قاطرة التنمية في غياب مساءلة ومحاسبة المسئولين كما درجت على ذلك الأمم التي تعتبر العبث بالمنظومات التربوية عبثا بالمصالح العليا.
8 Comments
السلام عليك السيد شركي، استسمحك في جملة ملاحظات :
-كلامك مليئ بالأدلة التي تثبت انك لا تعرف شيئا عن المجلس الاعلى و من هم الذين أنتجوا الميثاق الوطني و كيف يتم تفسير التقرير..إلخ
فمثلا تدعي بان التقرير جاء بعد تقرير البنك الدولي و هذا غير صحيح تماما فتقرير المجلس الأعلى انجز قبل صدور تقرير البنك الدولي ، و لكنه قدم لجلالة الملك بعده.
زعمت انه لم يشر إلى الميثاق الوطني لا من قريب و لا من بعيد و هذا كلام من لم يقرأ التقرير و يكفي أن تعود إلى جزئه الأول ( مدرسة للجميع).
سميت الميثاق مشروعا و في هذه التسمية جهل بحقيقة ان الميثاق شرع في تنفيذه مند مدة ..إسال و ستعرف أنه لم يعد مجرد مشروع.
ساهم في إنتاج الميثاق العديد من الأطر و المعنيين و منهم بعض شيوخك الأجلاء فكيف تنوي تقديمهم للمحاكمة ؟ كما اوصيت بذلك من استمعوا لك ؟ ام هي مجرد دغدغة لعواطف الحاضرين؟
ادعيت بأن جهات طلبت بعدم المناقشة ؟؟؟ من قال ذلك ومن له الحق في ذلك ؟ فقد حضرت انا لقاء محليا بإحدى المؤسسات و كانت المناقشة صريحة و مسؤولة و جادة وحرة.
و أكتفي بذلك و أرجو منك و من الاخ المسؤول عن الموقع أن يكون حوارنا متزنا و مؤدبا ، حتىلا يسمح لك بالرد المليء بالشتم بينما يحظر تعليقاتي.
وفي الأخير أنا أدرس العربية و قد أثارتني كتابتك لكلمة نعمت بالتاء المربوطة و هذا خطأ ( ارجع إلى ابن الأثير ( نعمت الفعلة).
إعلم أخي العزيز أن بعض النيابات و من بينها نيابة بركان تم فيها تغييب المفتشين بطريق غير مباشر من الحظور لهذا اللقاء ، و أنا أتساءل هل بهذه الطرق نساهم في إثراء النقاش حول المشروع ؟
لقد سبق لي الرد على تعليق السيد الكبداني ولم يظهر ردي لحد الآن أكتفي بالقول على القراء تأمل تعليق السيد الكبداني المتزن والمؤدب كما يشترط هو
يا أستاذ أرجو ات تطلعوا على مقال الأخ بنيونس المرزوقي المنشور بالموقع ، لأنه كان رزينا و برهن أنه قد قرأ التقرير ، فأحسن النقد و طرح الإشكالية ..و رجاء ألا ننزعج من قول الصراحة و هي أن إحدى نقاط ضعفنا أننا نصدر أحكاما مجانية و عاطفية و تفتقر إلى الدقة في التحليل و المعالجة.
إلى الأستاذ الفاضل الكبداني.لدي سؤال بسيط أملي أن تجيب عنه بكل صدق.وهو كالتالي:هل اللذين يسهرون على المنظومة التربوية يدرسون أبناءهم في المدارس العمومية؟؟؟؟؟؟؟؟
وعليكم السلام يا سيد الكبداني أشكركم على تعليقكم المتزن والمؤدب والدليل على ذلك ما جاء فيه من نعوت أقلها وصفي بالجهل . فمعذرة سيدي لم يكن في علمي أنكم عضو في المجلس الأعلى و على علم بمتى كتب تقريره ومتى سلم لجلالة الملك ، كما أنكم عضو في لجنة الميثاق كما جاء في مؤلفكم الشهير : [شرح الكبداني على تقرير المجلس الأعلى الصادر قبل تقرير صندوق النقد البراني] ، وشكرا على تصويبكم للأخطاء المطبعية كما جاء في مؤلفكم : [ الضبط في تاء نعمت بين الربط والبسط ]للإمام الكبداني
إلى رجل التعليم، أنت رجل تعليم أم رجل تفتيش، ؟؟؟؟ ما الذي يضرك أنت؟؟؟
اعتقد أن ما ينخر جسم قطاع التعليم بالمغرب هو عدم الإحساس و تقدير و تذوق و فهم و احترام المسؤولية انطلاقا من العون مرورا بالمدرس و المدير و وصولا إلى السيد المفتش. لذا فان أي اصلاح أو اية محاولة لتجاوز الأزمة – دون العمل على زرع روح المسؤولية في جسم اسرة التعليم و القائمين على قطاع التعليم و العمل على ارجاع هيبة الإدارة تلك الهيبة التشاركية التى تعمل على تقدير الإختصاص و تحديد المسؤوليات- لن يكتب لهما النجاح .
ان شرح مضامين التقرير و محاولة جمع الإقتراحات قد تكون فكرة جيدة تعمل على وضع الأصبع على الجرح و فتح باب الحوار بشأن مصير المدرسة العومية بالمغرب و لكن لن يكون أبدا منهجية لإصلاح ما فسد بسبب ادارة غابت فيها المسؤولية و غابت فيها الدقة الإدارية و قل فيها الأداء الإداري و التربوي بسبب تذرع المسؤولين بضرورة توسيع دائرة التواصل حتى أصبحنا نرى في إدارتنا أن التواصل اصبح مرادفا للإحتكاك المباشرو الضرب على الظهر.
استسمح اسرتي -اسرة التعليم- لأقول أن التواصل البناء في التدبير الإداري هو ذلك التواصل الذي يحترم المسؤول كل من باب اخصاصه فيمكن للسيد مدير الأكاديمية أو السيد الوزير أن يحترم المدرس حينما يكون يمارس مهامه المتمثلة في التدريس و حينما يكون يفهم ويقدر و يحس بالمسؤولية الملقاة على عاتقه و العكس صحيح حيث أن الموظف كيفما كان نوعه يمكن أن يحترم رئيسه المباشر ولو طبق عليه مسطرة تأديبية أو جزائية إذا كان هذا الرئيس المباشر يحس بالمسؤولية و يقدرها و يحترمها و يتصرف وفق الإختصاصات المنوطة به.
و أخيرا أرى إخوتي أن الأمر يقتضي الرجوع إلى النفس و مساألتها ماذا قدمت أنا كمسؤول من موقع مسؤوليتي و أن أستحضر العلاقة القائمة بين الواجبات و المطالب و أن أحارب أولائك الذين يدفعون بقطاع التعليم إلى أن يزيد فسادا على فساد و لا أقصد هنا الكف عن تحسن الوضعية المادية و المعنوية و تحسين ظروف العمل للعاملين بالقطاع بل ان بعض السلوكات المتكاسلة التي تخدش سمعة رجال و نساء التعليم الشرفاء الذين يقدرون و يفهمون و يحسون بمسؤولياتهم .( استسمح أولوا الإختصاص عن التعبير اللغوي)