تقرير في تسع كلمات لاحتلال الشرق العربي
خطط إلامبراطور الانجليزي للاستيلاء على منطقة شاسعة من ربوع الشرق العربي القديم ، وضمها الى إمبراطوريته التي لا تغيب عنها الشمس . ولهذا الغرض ، جهز جيشا ، وأنشأ بعثة استطلاع وتقصي من ستين فردا ، تشمل عشرين عالما جغرافيا ، ومثلهم من علماء الاجتماع والأجناس ، و15 من علماء دين ، وراهبتين وخمس قساوسة إضافة الى فلكي ، واثنين من كبار الحكماء. وحوالي ألف من عناصر الجيش المدرب وحرس الإمبراطور الشخصي
كانت مهمة البعثة تنحصر في انجاز تقرير مفصل حول جغرافية المنطقة المستهدفة وطبيعة الإنسان بها ، كخطوة اولى نحو إدماجها ، وحدد للبعثة مهلة ستة أشهر لانجاز المهمة بلا فشل .
خطط الإمبراطور إستراتيجيته وبناها على ثلاث محاور :
– السيطرة على الأراضي المستهدفة بالمنطقة وتحصينها من أي تمرد.
-إرساء القواعد الأولى للشرائع والديانة المسيحية .
-التوسع والسيطرة على الأقاليم المجاورة.
لكن الذي حدث ، لم يكن في الحسبان ، إذ لم تمض سوى 9 أيام عن سفر البعثة ، حتى بلغ الى ديوان الإمبراطور نبا العودة ، مشفوعا برغبة رئيس الوفد في اطلاع الإمبراطور على أمر عاجل .
نزل الخبر على الإمبراطور كالصاعقة ، وظل قلقا طوال الليل ، تجتاحه الأفكار السوداء وتعصف بخياله الكوابيس والأحلام المفزعة .وهو يخاطب نفسه بصوت مسموع :
—
مستحيل … تاريخ العظماء، لا ينجز تقريرا لاحتلال قارة في تسعة أيام؟؟
في لحظة ، فكر الإمبراطور بإعدام مستشارين مقربين ، ومرة بحجز الحكماء السبع ، على خلفية إمداده بمعلومات خاطئة ، وغير دقيقة حول المنطقة المستهدفة . :
وأمام ارتباكه الغريب ،أمر بإحضار نسخة من تقرير الحكماء ، وتلاوته على مسامعه مع التركيز على أهم ما جاء فيه : – سكان الشرق العربي قوم عديموا الذوق – يعيشون في خيام متنقلة في صحراء مقفرة – لا يفهمون في الجمال – همج – شرسون -برابرة…..وغير ديمقراطيون وأضاف التقرير : كل من يقول لهم إنكم ظلاميون يصبح عدوا لهم – قوم يتسمون بالأحادية ولا يقبلون بالاختلاف والتغيير." لكن كبير الحكماء ظل يردد على مسامع الإمبراطور:
سيدي ، ليس هناك وثائق أو إثباتات تاريخية تؤكد ذلك ، وإنما نعتمد كمؤرخين على مجموعة من الأساطير والروايات التي تناقلها الأشخاص الذين درسوا التاريخ القديم على مر العصور.
لفائدة الشك ، عدل الإمبراطور عن تذنيب أي من هؤلاء ، الى حين مقابلة رئيس البعثة غدا صباحا. والتأكد من حقيقة الأمر .
على الفراش ، قالت الزوجة الجميلة مخاطبة زوجها الإمبراطور :
– –
ألا ترى يا مولاي ، أن الأمر فيه نوع من السرعة والافتعال ، ..هذا مؤلم حقا إن ثبت . ثم لم القلق وأنت لم تطلع بعد على تفاصيل الأحداث؟ لقد كان عليك أن تجهز جيشا عرمرما ، وتمده بما يحتاج من سلاح وعتاد ؟ وأضافت بدلع : قبل أن يقدم على مغامرتك البئيسة تلك. ثم طبطبت على كتفيه بحب قائلة : لتنم سيدي قرير العين.
في الصباح الموالي و مراسيم الاستقبال الرسمي للبعثة جارية على قدم وساق . قصدا معا البرج الكبير، فرؤية الأشياء من شرفته العليا تبهر الأنظار وترفع النفس الى عزتها الأسمى ، كما أنها تسر الرعايا حتى إنهم يبدون مثل العدس. كان البشر حاشدا، حتى أنهم لم يتركوا شبرا واحدا فارغا من قصر الإمبراطور وفضائه الشاسع ، يعلو صخبهم ويخفت شيئا فشيئا مع إطلالته .
اقترب وصاح في أذن رئيس البعثة بخيال محطم : هل أنت جاهز؟ وأضاف آمرا : وانتم عجلوا ، الأمر لا يحتمل كل هذا الغباء.
وتابع موجها كلامه الى رئيس الوفد الذي ظهرت عليه علامات الارتياح والسعادة .
— يبدو أن المعلومات التي زودناكم بها لم تكن دقيقة..
رد رئيس الوفد وكان وحيد عصره في النفس البشرية؟
– – نعم سيدي، معلومات الحكماء السبع حول المنطقة لم تكن دقيقة، فحسب، ولكنها كانت مجانبة للصواب أيضا.
فجع الإمبراطور ولم يستطع إخفاء حزنه وقلقه.
— كيف ؟؟
— ل
نتحدث على انفراد سيدي أدامك الله ورعاك
سيدي …معلوماتكم حول الشرق العربي كانت مضللة ، فهؤلاء ليسوا قوما برابرة متخلفين كما جاء في تقرير خبرتكم ..وإنما شعب شاعري وعلى مستوى عال من الرومانسية …حتى إنهم يقولون شعرا.
—
لنؤجل ذلك الى ما بعد ، ارغب في سماع تقريركم أيها العالم . وعلى وجه السرعة.. أتفهم؟؟
— ليسمح سيدي الإمبراطور بتلاوة تقريرنا المفصل.
—
تقريركم على ما يبدو يحتاج ليوم بأكمله. أليس كذلك ؟
—
عفوا سيدي …أدامكم الله ، حتما لن ناخد من وقتكم الكثير
— طيب تفضل:
وتلا احدهم تقريرا من تسع كلمات:
العربي إنسان عاشق يجلس تحت نخلة ويقول تعال يا حبيبي.
عزيز باكوش
ملحوظة : من لا يستطيع أن يقوم عند حبيبته فيناديها ، حتما لن يستطيع الوقوف أمام جيش الإمبراطور الجرار .
Aucun commentaire