السلسلة

السلسلة
∙∙∙كثيرا ما تساءلت عن المال العام فأجد نفسي أمام تساؤلات محيرة، وكلما وجدت أحدهم يسيء استعماله تساءلت عن مدى حقه في ذلك، ولكوني لست رجل قانون أعجز عن الجواب∙ لقد شغلتني هذه القضية وانشغلت بها وصرت على هذه الحال حتى وجدت نفسي بمقر إحدى المقاطعات بمدينة وجدة وكان يومها بداية الدخول المدرسي∙ ككل بداية السنوات الدراسية تعرف هذه المقاطعات نوعا من الإزدحام وسببه بدون شك اللامبالاة من طرف من هم مأجورين لخدمة المواطن؛ فبينا نحن ننتظر دورنا الواحد تلو الآخر مرت بيننا سيدة وهي تعتذر من أجل الوصول إلى داخل المكتب وكانت تحمل وثائق، فأخذت تستعمل طوابع المقاطعة فظننت أنها جاءت لمساعدة الموظف الآخر، لكنها سرعان ما خرجت من المكتب وهي تطلب من الناس السماح لها بالمرور وإذا بها تسلم تلك الوثائق لشخص كان ينتظر منها تلك الخدمة. مرت علينا دقائق طويلة ونحن ننتظر دورنا وإذا بها تعود مرة ثانية وبنفس الطريقة دخلت وكررت نفس العملية إلا أنني هذه المرة كنت بقربها فلاحظت أنها تصادق على بعض الوثائق لأحد الأشخاص الذي كان ينتظرها في الخارج دون أن تضع عليها الطابع المخزني، فأثار غضبي هذا الأمر وزاد غضبي لما أكد لي أحد الإخوة أنه إذا كنت تعرف أحدهم في المقاطعة فقد يعفيك من ضريبة الدرهمين، فجمعت أنفاسي وكظمت غيظي ثم طلبت من تلك « السيدة » بكل شكر واحترام أن تقدم لي نفس الخدمة التي كانت تقدمها للأشخاص المتواجدين خارج المكتب لكنها أبت، فأصررت عليها وأجابتني غاضبة « هذا ليس دوري وليس عملي » فسألتها من تكونين اذا؟ فأجابتني: « أنا موظفة بهذه المقاطعة ومكتبي في الطابق الأول ». فأجبتها: إذن تركت عملك وجئت هنا لتقدمي خدمة لأحد المواطنين مقابل ربح قليل أو تافه، فزادها كلامي انفعالا، فرفع الناس أصواتهم بكلمات توبيخية لها. وبدعم من الموظف الآخر صاحت بصوت مرتفع، « نحن هنا في مكان عملنا نفعل ما نريد وكما نريد ولاشأن لأحد في هذا الأمر » ثم خرجت من وسط الجموع مسرعة فسلمت الوثائق لشخص مجهول لم يتكبد عناء الإنضمام إلى الصف وانتظار دوره مع المواطنين الشرفاء، ورجعت إلى مكتبها بعد غياب غير مبرر، وهي بهذه الطريقة أظن أنها خالفت القانون ولم تحافظ على الأمانة.
فإذا لم يكن هناك من يجعل حدا لمثل هذه التصرفات المسيئة للوطن فلابد أن أقول لهذه الموظفة وأمثالها الكثر إنكم إن لم تؤدوا وظائفكم على الوجه الأفضل والمطلوب منكم، فإن رواتبكم الشهرية قد يشوبها بعض من الحرام فتأكلون منه أنتم ومن تعولون…





Aucun commentaire