متشردون يبحثون عن دفء الشمس وسط ثلاجة المجتمع ورغيف خبز في قمامات زباله
مأواهم الشارع ووساداتهم العتبات
استلقى على الرصيف ووضع رأسه على غطاء لفَّ فيه حوائجه عند عتبة دكان مغلوق ومَدَّد رجليه واضعا إحداهما على الأخرى، وأرخى جميع جوارحه ليغرق في سبات عميق فاغرا فاه تحت أشعة الشمس الدافئة المجانية من أواخر أيام فصل الشتاء . لم يكن الشيخ الذي تجاوز عمره الستين سنة يعبأ بالمارة ولا بضجيج محركات السيارات أو الشاحنات الذي كان يملأ الشارع ، أو دخان عوادمها الذي كان يعكر صفو هوائه ،أو الغبار الذي كانت تثيره عجلاتها…كان غاطا في نومه العميق فراشه الأرض الصلبة للرصيف ولحافه السماء…كان خارج "تغطية" المجتمع وعلى هامشه. كان حالته تحيل على متشرد يبحث عن دفء في ثلاجة مجتمع لفظه كما لفظ هو كذلك هذا المجتمع بحيث كان متسخا وحافي القدمين ولا يتوقف عن الحك بعد أن أثارت حرارة أشعة الشمس "سكان" أسماله القذرة وانطلقت ترتع في مختلف أنحاء جسده النحيل تمتص "رحيق" جلده الجاف المكسو بقشرة من الأوساخ المتراكمة…غالبا ما ينعت العجوز ب"بوكاشة" بحيث أن "كاشته" لا تفارقه بالفعل ليل نهار، فهو يتوسدها نهارا و"يسلبها" ليلا وتجول بها كالحلزون… أمثال العجوز "بوكاشة" كثيرون في مدينة وجدة ولا شك في جميع مدن المغرب…منهم الشيوخ والعجائز والذكور والإناث والصغار والكبار والشبان والشابات، ويكفي أن يقوم المواطن بجولة عبر طرقات مدننا ليكتشف عددا غير قليل من المواطنين المنسيين الذي يعيشون أقصى حالات التهميش…فهذا شاب مستلقي أمام باب مقهى تحت سقيفة دافنا رأسه في جسده كبعض الطيور محاولا أن يستمد الدفء من جسده، وذاك طفل مرتكن لباب مرآب على عتبته في غيبوبة تامة بعد قضى الليل في شم "الديليون" أو "السيلسيون"…
أشباح يؤثثون المشهد في مجتمع غير آبه بهم
أصبح هؤلاء المهمشين يؤثثون المشهد كالحيوانات الضالة بحيث ألف المواطنون تواجد الراقدين على الرصيف والمرتكنين إلى العتبات والمستلقين على الأتربة بالخرب حتى نسي أنهم مواطنون كذلك ومن حقهم أن يعيشوا عيشة الإنسان ولو في أبسط الحقوق أو أدناها والتي التي تضمن كرامته…"إن مسؤولية الدولة في وضعية هؤلاء مؤكدة بحكم أن لهؤلاء حقوق يضمنها الدستور ومنها ضمان العيش الكريم وتوفير لكل مواطن مأوى ولكل عجوز ملجأ ولكل طفل مقعد في المدرسة و…و…" يقول أحد أعضاء الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بوجدة قبل أن يشير إلى أن عدد هؤلاء المهمشين والمقصيين في تزايد مستمر ولا يمكن الحديث عن أي رقم في ظل استفحال الفقر والبطالة وانعدام فرص الشغل وفي ظل التهميش واللامبالاة…"أنا هاذي 6 شهور وأنا نعيش براَّ مع أصحابي…نعسو في الخرب أو في شي قنت نتاع شي جردا…ماعندي فيم نمشي …ما قبلني حتى واحد…" يقول عمر ذو ال15 ربيعا بكل حزن وأسى وهو يستنشق قطعة قماش مبللة بالديليبون…يرقدون في المقابر والخرب والأضرحة وعند أبواب المساجد، يستلقون تحت أشعة الشمس في محاولة لتخزين بعض من حرارتها وطاقتها لمواجهة الصقيع، ويستفيقون الليل البارد بعد عجزهم عن العثور على دقائق من الراحة والاسترخاء…يتسمرون أمام أبواب المقاهي والمطاعم وعند مداخل الأسواق يتسولون ويستجدون دراهم من المارة والمتبضعين، ورغيف خبز من الآكلين، ويزاحمون القطط والكلاب في نبش أكياس الزبال والغوص في القمامات…ورغم طردهم يعاودون الكرة، ويعودون إلى مواضعهم وأوضاعهم…"يدخل هؤلاء في خانة المتشردين، وليس هناك قانون يعاقبهم على التشرد وكلما ضبطناهم إلا عجزنا عن إيجاد مكان لوضعهم هناك ، ويطلق سراحهم…ولهذا يجب التفكير في خلق مراكز لإيواء هؤلاء والتكفل بهم قبل استفحلت الظاهرة إن لم تكن قد استفحلت…" يشرح أحد المسؤولين الأمنيين.
آلاف المواطنين يعيشون أقصى حالات التهميش
بلغ عدد الأشخاص الذين يعيشون أقصى حالات التهميش 5509 . وهي أرقام رسمية كانت نتائج عملية إحصاء قامت بها مصالح العمالة قصد إيجاد حلول في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية للتخفيف من معاناة هذه الفئـات التي تعاني التهميـش والتكفل بالأشخاص في وضعية صعبة. همت عملية الإحصاء أطفال الشوارع والأطفال المتخلى عنهم والنساء في وضعية صعبة والأشخاص المسنين والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة والمعتوهين. ورغم أن هذه الأرقام لا تمثل الأعداد الحقيقية والهائلة للفئات المقصية والمهمشة بحكم الواقع المعاش إلا أن المبادرة تعتبر رائدة بالجهة الشرقية باعترافها بواقع مُرٍّ وحياة غير كريمة وهي عينة لفئات عريضة من شرائح المجتمع بعمالة وجدة.
ويأتي على رأس قائمة الفئات المقصية والمهمشة النساء في وضعيـة صعبـة حيث يبلغ عددهن 1592، يليهم أطفال الشوارع والأطفال المتخلى عنهم واليتامى ب 1453، أما العجزة بـدون مأوى فيبلغ عددهم 1010 من مجموع السكان الذين يعيشون أقصى حالات التهميش، ثم 641 من ذوي الاحتياجات الخاصة بدون موارد يليهم المختلـون عقليا بدون مأوى وموارد ب470، ثم المتسولـــون والمتسكعون ب 336. لقد تمت برمجة بناء 07 مراكز خاصة بأطفال الشوارع والأطفال المتخلى عنهم واليتامى تستقبل 650 طفلا و 09 مراكز خاصة النساء في وضعية صعبــــــة تستقبل 849 امرأة. كما تمت وبرمجة إنجاز مراكز استقبال والتعليم و إعادة إدماج الأشخاص في وضعية صعبة منها بناء 02 مركزين خاصين بالمختلين عقليا بدون مأوى تستقبل 208 مريضا و06 مراكز خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة بدون موارد تستقبل 365 و 02 مركزين خاصين بالعجزة بدون مـــــــوارد تستقبل 480. وما يلاحظ على المبادرة أن ليس هناك أي مركز لاستقبال المتسولـين والمتسكعـين أو السجناء القدامى بدون موارد..
2 Comments
j ai lu cette article.c est tres bien ecrie.ca me fait tres mals de lire ou d enttendre que les gens soufres de fin et des miseres sans aucune aide.j ai tres peure de notre histoire .certenement ? que ce que nous allons dire a la nouvelle generation que nous somme des mesirables.merci monsieur d ecrire l histoire et la realite pour notre future generation.que dieu vous aide a votre sincere journalisme.
تحية إلى الجميع
التفاتة حسنة و قلَّ من أثار مثل هذه المواضيع حول هذه الفئة المهمشة من طرف المسؤولين ثم من طرف المجتمع ، أخي كثرة هناك مبادرة التنمية البشرية للنهوض بالجانب الإجتماعي للمواطنين و هناك وزارة للرعاية الإجتماعية و التضامن الإجتماعي ، و هناك جمعيات ذات طابع ا جتماعي و و و…….
لكن الشيئ الوحيدالمنعدم و هو الإرادة من أجل تفعيل المبادرة و كذا القضاء على مظاهر قمت أخي كترة بالحديث عنها.