Home»Régional»الشاعر سعيد هادف في مساحة بوح مرهفة

الشاعر سعيد هادف في مساحة بوح مرهفة

1
Shares
PinterestGoogle+

الشاعر سعيد هادف في مساحة بوح مرهفة

لا يعقل أن يكون هناك عداء دائم بين جارين شقيقين

عندما نفقد حرارة العلاقة بمكان ما، لا يسعنا فيه إلا أن نعلن الرحيل.

باختصار شديد أصبحت مواطنا وجديا افرح لأفراح وجدة وأحزن لأحزانها…..

حاورته: فاطمة بوبكري

وفد إلينا عندما غادر الجزائر سنة 1998،ضيفا عزيزا وهو الآن أحد الوجديين بامتياز يؤثر ويتأثر و يغدق العطاء ، ويلقى الحميمية والثناء،وإذ يعد متتبعا وفيا لكل الأنشطة الثقافية وحاملا للهم الثقافي والسياسي العربي انطلاقا من موقع اهتمامه، كتب عن الأزمة الجزائرية باعتباره مثقفا غير متحزب يحاول أن يلفت الانتباه إلى أهمية المقاربة الثقافية في فهم الأزمة ومعالجتها انطلاقا من الحوار المؤسس على الاعتراف المتبادل بين أقطاب الحكم والمعارضة ، والعمل سويا في سبيل دستور مستمد من خصوصيات الشعب ومتناغم مع روح العصر، سعيد هادف الآن عضو بالمجلس الإداري لمنتدى رحاب للتضامن والثقافة بوجدة ، و عضو اتحاد الكتاب الجزائريين. نشاطه الجمعوي يعود جمعية "آفاق"التي أسسها بمدينة وهران بمعية مجموعة من المثقفين سنة 1988، كما شارك في تأسيس الجمعية الوطنية للمبدعين بالجزائر العاصمة وعمل ضمن هيئة تحرير مجلة "القصيدة"، نشر نصوصه الشعرية في عدد من الجرائد والمجلات العربية ولديه مساهمات في المقال النقدي.

احتفى مؤخرا بالمعهد الفرنسي للشرق، بمنتوجه الشعري " مخطوط أكتو"، الذي سنتعرف عليه ومن خلاله عن أشياء أخرى مختلفات.

في البداية تعريف موجز لوليدك الفني "مخطوط أكتو" ؟

◙ "

مخطوط اكتو" هو عبارة عن تشكيلة من ثلاث مجموعات شعرية ، كما يتضح من العناوين وهو حصيلة حوالي ثلاثة عقود من التجربة في الكتابة وفي الحياة ، فالمجموعة الأولى" مرثية لمدائن النفط" كتبت نصوصها مابين 1984 و1989 وهو تاريخ الإرهاصات التي سبقت انتقال الجزائر من تجربة الحزب الواحد إلى التعددية الحزبية التي جاءت مباشرة بعد أحداث أكتوبر 1988 وهذه النصوص التي تحمل عنوان المرثية حاولت أن تعكس ما كان يختلج في عمق المجتمع من جهة والذات من جهة أخرى ، أما المجموعة الثانية " العاطل عن الخطوة" فهي مجموعة نصوص كتبت ما بين 1989 و 1994 أي بعد الانفتاح الديمقراطي وما رافقته من أحداث دامية وملتبسة ، فحاولت هته النصوص أن تترجم بشكل من الأشكال هذا المنعطف الذي اكتنفه طقس مُركّب وغامض من الإرهاب والنهب الممنهجين.

أما المجموعة الثالثة " البلاد التي…" فهي امتداد للمجموعتين الأوليين فالتيمة تكاد تكون نفسها، محاولة إثارة بعض الأسئلة جماليا في اتجاه مضاء ، بالاستناد طبعا إلى التاريخ، الأسطورة، الفكر و السياسة الخ…..

وكما يتضح فالتجارب الثلاثة سواء التي كانت قبل أحداث أكتوبر أو التي جاءت بعده ، ترتبط بشكل أو بآخر بهذه الأحداث وتداعياتها الرمزية والسياسية ، فكلمة " أكتو" هي اختصار لأكتوبر.

المتصفح لمجموعتك الشعرية يلاحظ طغيان السياسي على الجوانب الأخرى، لماذا؟

بخصوص سؤالك حول طغيان الجانب السياسي على الجوانب الأخرى، فانا كمواطن عربي فتح عينيه على الاستقلال لم أكن أو بالأحرى تجربتي آنذاك لم تكن تؤهلني لمعرفة ما قد يحدث مستقبلا بصرف النظر عن المشاكل التي يعيشها أي مجتمع لم أكن أتوقع أن الجزائر مثلا ستدخل في مرحلة حرجة يتحول فيها الجزائري إلى شبح ضد مجتمعه، اقصد بذلك الجماعات الإسلامية المسلحة وما أشاعته ولا تزال، من رعب، بعملياتها الإرهابية، أو سقوط العراق أو ما يحدث في لبنان والسودان والصومال، فضلا عن القضية الفلسطينية التي خدمت أشخاصا وجهات ودولا على حساب الشعب الفلسطيني، إذن كان علي أن أضع كل ماقراته موضع تساؤل ومراجعة، فأصبح التاريخ هاجسي المركزي سواء الإسلامي والعربي أو تاريخ الحضارات الكبرى خصوصا ذاك الذي عرفته البشرية على مدى قرون من الزمن وبشكل خاص، منذ الفتوحات الإسلامية إلى الحملات الصليبية، إلى فتح القسطنطينية وسقوط غرناطة والأندلس ثم الحرب الروسية العثمانية ونشوء دولة أمريكا والثورة الفرنسية وخلفيات الحرب العالمية الأولى والثانية، وحرب الخليج فضلا عن السياق الذي تشكل فيه الاتحاد السوفيتي الشيوعي ونشوء تركيا العلمانية وظهور ما يسمى بالإسلام السياسي إلى غير ذلك .

إذن حاولت أن أقرا التاريخ البشري بوصفه جزءا من تاريخي الشخصي وبلا شك هذه الزوايا المتعددة من القراءة تحتاج إلى مجهود ووقت لاستثمارها شعريا وإن كنت حاولت في هذا الكتاب. فالشاعر في نظري، منذور لإعادة ابتكار الرموز التاريخية والأسطورية وتطهيرها من طقوسها الفر جوية/الأيديولوجية المضللة للعقل والمعادية للقيم الإنسانية.

ماذا عن تجربة الانتقال من الجزائر إلى المغرب ووجدة بالتحديد؟

مع أنني لم أفكر في يوم من الأيام أن أغادر الجزائر إلا أن تردي الوضع وانعكاسه علي كأي مواطن جزائري كان يدفعني مرارا إلى البحث وتجاوز حالة الإحباط والارتياب غيراننا عندما نفقد حرارة العلاقة بمكان ما، لايسعنا إلا أن نعلن الرحيل في اتجاه مكان افتراضي، جئت المغرب لهدفين اثنين: أولا لكي أصحح تاريخ زوجتي وقد تمكنت من ذلك ـ والقصة لايتسع المقام لسرد تفاصيلها ـ أما الهدف الثاني فهو السفر إلى كندا غير أني لم انجح، وبعد أن مكثت سنتين ودخل أبنائي إلى المدرسة، وتأقلمت أسرتي مع الإيقاع الوجدي أصبح همنا مركزا على حياتنا الوجدية، فأجلت مسالة السفر إلى حين.

إذن حياتي بوجدة لم تكن تختلف جوهريا عن حياتي بوهران ولم أشعر بالاغتراب ورغم الأزمة التي رافقتني كنت أجد دوما الدعم والمساندة من الأصدقاء وبعض المعارف كما أنني انخرطت وبشكل طبيعي في الوسط الثقافي الإعلامي والجمعوي، باختصار شديد أصبحت مواطنا وجديا افرح لأفراح وجدة وأحزن لأحزانها، وهذا لا يعني أنني لم أصادف بعض المتاعب من بعض الأشخاص ـ سامحهم الله ـ الذين حاولوا إزعاجي أو تهميشي، بيد أني لم انظر إلى هته السلوكات من زاوية أني جزائري أو أني غريب عن المدينة بل نظرت إليها من زاوية عادية جدا وهو أن هناك دائما وفي كل مكان حالات مرضية وأشخاص لايجدون راحتهم إلا في تسبيب الأذى للآخرين.

في مخطوطك الشعري ترحل بالقارئ في سياحة عبر التاريخ وتقف عند الأماكن، ما سرّ علاقتك بالأماكن؟

من الأشياء التي تستهويني السفر في المكان وفي الزمن ، زيارة المدن والأماكن الطبيعية السياحية ومعاشرة الناس والسفر في الزمن بقراءة التاريخ والسير الحياتية للشخصيات من أنبياء وفلاسفة وشعراء وسياسيين، لذلك فإن المكان من بين التيمات الحاضرة في نصوصي الشعرية حتى يكون النص الشعري مرتبطا أكثر بالموضوع ويتحول إلى بعد من أبعاده.

ارتباطا بالتيمات ماحجم حضور تيمة المرأة في أشعارك التي تبدو فرحة مؤجلة إلى حين؟

بالعكس بالنسبة للمرأة أو الأنثى والأنوثة هي مبثوثة بشكل من الأشكال في نصوص المتن الشعري، مثلا في النص الواحد أحاول أن استثمر تجربتي بأبعادها المتعددة بما في ذلك علاقتي بالمرأة مثل ما يتضح في الكثير من النصوص، فالمرأة هي دليلنا الأول في الحياة الذي نكتسب من خلاله المحبة أو الكراهية أو السلم أوالعدوان، المرأة هي رحم البشرية، وهي الأم والمربية التي تمتزج طفولتنا برائحتها وصوتها وأنفاسها…… وهي الرفيقة والزوجة، وبالتالي فهي الضوء الأكبر في أحلامنا وإما الظل الأكبر، على حد تعبير الشاعر الفرنسي بود لير.

♦إلى أي مدى يؤثر المثقف في السياسي أو في العمل السياسي بشكل عام؟

أقف موقف المتحفظ من بعض التسميات أو الثنائيات مثل ثنائية المثقف والسياسي ، فالثقافة في نظري مجال يتسع لكل الحياة بما في ذلك السياسة ، فالسياسي، خصوص اليوم، هو مثقف اختار أن ينشط في إطار تنظيمي ومن أجل هدف قد يكون الحصول على منصب أو مسؤولية داخل الحزب أو داخل الحكومة أو في البرلمان، لذا فهو مثقف عرف كيف يوظف خبرته الثقافية بشكل برغماتي أو انتهازي، بينما المثقف المنظر أو المبدع الذي يكتفي بالتحليل والنقد والإبداع ولا يحبذ الانخراط العملي في المعترك الحزبي، قد يؤثر ويساهم في بلورة تمثلات جديدة ويبقى الفرق بين مثقف وآخر، في هذا المضمار، درجة الوعي والخبرة المعرفية فضلا عن طبيعة شخصيته النفسية والأخلاقية وتفاعله مع القضايا المحلية والعالمية ويبقى في الأخير الانتماء الطبقي والأيديولوجي وقد تستغل مجهوداته من جهة ما، وهذا بحسب مكانته وقدرته على التأثير.

♦ طيب كيف ترى التواصل الثقافي بين المغرب والجزائر ومدى ارتباطهما بعلاقة التأثير والتأثر؟

بهذا الخصوص يمكن القول أن العلاقة المغربية الجزائرية لم تأخذ أبدا مجراها الطبيعي ,على جميع الأصعدة بما في ذلك الصعيد الثقافي، لا أصحاب القرار ولا النخب كلفوا أنفسهم عناء لفهم هذه العلاقة الغامضة, فالأعمال الأدبية والفكرية غالبا ما تصل عن طريق دور نشر مشرقية أو أوروبية عموما , وقد لامسنا هذا الإشكال من خلال برنامج "مشارف" الذي يعده ويقدمه الشاعر ياسين عدنان ويبث بالقناة الأولى. التواصل الثقافي هو جزء من التواصل في شكله العام. المسالة ظاهريا ظلت تقدم نفسها على أنها مشكل بين المغرب والجزائر أو هكذا تم إخراجها إعلاميا وسياسيا, لكن يبدو لي أن المشكل ضد البلدين وليس بينهما, إذ لا يعقل أن يكون هناك عداء دائم بين جارين شقيقين تجمعهما الثقافة والتاريخ والجغرافيا و الدين والدم.. , لايعقل كذلك أن تبقى الحدود مغلقة, إذ المصلحة تلزم حتى الأعداء على التواصل. ورغم هذا فقد ظل هناك فاعلون يعملون على تواصل الشعبين من خلال أنشطتهم الفنية والثقافية. المثقف مدعو لتجاوز التصورات النمطية، صحيح ليس بوسعنا أن نغير الماضي، لكن بوسعنا أن نغير نظرتنا إليه، ومن ثمة يمكننا بناء مستقبل أساسه التواصل الإيجابي.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

4 Comments

  1. بثينة
    17/03/2008 at 12:50

    تحية احترام وتقدير للشاعر والكاتب والأستاذ سعيد الهادف

  2. عبد الحق
    18/03/2008 at 19:59

    الحوار هاديء وموضوعي. شكرا لفاطمة التي أجرت الحزار مع شاعرنا سعيد، وشكرا لوجدة سيتي التي أتاحت لنا هذا اللقاء، هذا ما يجب أن يكون حتى ينتشر الوعي وتصفو الأجواء.
    أنوه أيضا بالإخراج الجيد الإخراج الفني رائع.
    مع التوفيق

  3. قار ىء
    19/03/2008 at 12:00

    شكرا للاخت فاطمة على الحوار

  4. الهادف محمد
    20/03/2008 at 14:22

    تحيةاحترام وتقدير للشاعر سعيد الهادف,
    يسعدني ان أخبركم بأن الإسم العائلي الهادف تحمله عدة أسر وجدية ، وأنابدوري أحمله۔ و هذا إن ما يدل على وجود رباط أسري بين المغرب و الجزائر سيدي الهادف٠
    السؤال الذي أبحث عن جوابه و هو ؛معرفة اصل أو مصدر هذا اللقب تاريخيا ؟
    نرجو جوابا من شاعرنا المحترم.
    و لا تفوتوني الفرصة بأن أشكر و أنوه بالخدمات و المقالات القيمة لفاطمة بوبكري و السلام

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *