دأب الناس على إحياء الثامن من مارس آذار احتفاء بالمرأة . ويختلف الاحتفال والاهتمام بهذا اليوم في العالم باختلاف الثقافات والمعتقدات. فمن الثقافات من يركب هذه المناسبة كمطية للدعاية لنفسه، أو لتجريم واتهام غيره من الثقافات. والكل يخطب ود المرأة، ويتقرب إليها صدقا أو مجاملة وكذبا. أما بالنسبة المناسبة أيضا فرصة للمساومات السياسية يستغلها الساسة أيضا. أما بالنسبة لوسائل الإعلام فتعتبر المناسبة وجبة دسمة.
ومن المعلوم أن النظرة للمرأة تختلف باختلاف زوايا الرؤى، وهي زوايا تحكمها المصالح ليس غير. فالذين لا تعني عندهم المرأة سوى مصدر لذة يظهرون دفاعا عن حريتها من أجل أن تكشف عن مفاتنها مخدوعة بقولهم حسناء كما قال الشاعر. والذين يرغبون في استغلالها ماديا يتظاهرون بالدفاع عن حقها في الشغل والوظيفة والعمل. والذين يعتبرونها مصدر عار وذل وهوان يزعمون أنهم يدافعون عن شرفها وعرضها بحبسها وتغييبها من واقعهم. وتختلف الطروحات والتبريرات باختلاف الجهات ونواياها ولكن الجميع يلتقي عند هدف واحد هو استغلال المرأة سواء كان الاستغلال ماديا أم معنويا .
وما قرأت في حدود ما أعلم ـ وعلمي متواضع جدا ـ أن جهة ما عبرت عن معرفة وإلمام جيدين بهذا الكائن الذي يسمى المرأة ، أو عرفت حقوقها في هذه الحياة. لقد تحدث الكثير من الناس عنها، ويمكن إجمال ما قيل فيها في رأيين متعارضين:
1) الأنصار : وهم خليط من المعجبين الصادقين ، والطامعين المغرضين
2) المعارضون: وهم خليط من الأعداء الحقيقيين، والطامعين المندحرين
وما رأيت أنصف للمرأة من رب العزة سبحانه الذي أشركها في التكريم مع الرجل ، وأسكنها معه الجنة ، وجعلها زوجة لزوج ، وجعل لهما ذرية وقال سبحانه : (( ولقد كرمنا بني آدم )) وهم أيضا بنو حواء ، وآدم كان له بنات وبنون. وما نسبت أول جريمة لبنات حواء كما نسبت لبنيه. وكرمها الله تعالى فجعلها أما تنجب الأنبياء والرسل؛ وزوجة للرسل، وأختا وبنتا للرسل. وجعل مريم بنت عمران عليها السلام أما بلا زوج ولا زواج ، وما جعل رجلا أبا بلا زوجة ، وهذا من تكريم المرأة.
وقد صور القرآن الكريم المرأة كما صور الرجل في صورتين وهما:
1) أحسن تقويم
2) أسفل سافلين
فالمرأة عندما تلازم الطبيعة والفطرة التي خلقت عليها تكون في صنف أحسن تقويم، وعندما تخالف هذه الفطرة تهبط إلى أسفل سافلين. وقد مثل الله تعالى بمثالين اثنين للنموذجين معا ، أما نموذجا أحسن تقويم فتمثله مريم بنت عمران ؛ وآسية زوجة الفرعون ، وأما نموذج أسفل سافلين فتمثله وزجتا نبيي الله نوح ولوط.
وقياسا على هذين النموذجين توجد في كل زمان وفي كل مكان المرأة من صنف أحسن تقويم ، والمرأة من صنف أسفل سافلين.
ولا زال العالم مختلفا يوم عيد هذه المرأة ، فهؤلاء يحتفلون بهذا النموذج السامق، وهؤلاء يحتفلون بهذا النموذج السافل.
والمؤسف حقا أن تجاري المرأة من يرمونها بالغباء فتلهث وراء السقوط منخدعة بالثناء الكاذب للمغرضين ، وساقطة في وحل أسفل سافلين لا تساوي سلعة رخيصة في الواجهات ، والفنادق ؛ وأماكن اللهو تنقل الفضائيات والمواقع سقوطها بعد أن خلقت في أحسن تقويم.
والأشد أسفا أن تعادي المرأة صور التكريم التي خصها بها الخالق فتبحث لها عن بدائل في عقائد وثقافات فاسدة ظانة أنها قد أصابت حظها من التحضر، وهي تهوي من أحسن التقويم إلى درك أسفل سافلين