الدجل ، الترفيه، الإباحة ثلاث فرامل تعيق تطور الإعلام الفضائي العربي ؟؟؟؟
يحكي تاريخ البشرية الموغل في الأزلية " مسارا طويلا من الخبرة والامتدادات الأفقية والعمودية ضمن الصراع الطبيعي للبقاء ، إذ مع دخول العالم العصر الثالث من تفاعله مع التيكنولوجيا ، بدء من تيكنولوجيا الصيد ، مرورا بتكنولوجيا الزراعة ، وصولا الى تيكنولوجيا المعلومة "
من المؤكد " أن عصر تيكنولوجيا المعلومات ، يتركز أساسا على إنتاج المعلومة "ليس أي معلومة" والحصول عليها ومن ثمة وتوظيفها واستغلالها بشكل يسعف أهدافا معينة ذات صلة بالتنمية والحداثة والتطور ، من خلال وضع آليات وإدارة وتدبير وحكامة عبر بنية تحتية للمعلومات وقاعدة معطيات وشبكات الاتصال . وإذا كان جوهر السؤال واضحا بهذا الخصوص من قبل المختصين والمهووسين بالرقمية والمدركين لتحديات العولمة ، فان الجواب عنها بالنسبة للعقل العربي على الأقل في الظرف الراهن يبدو ملتبسا وغامضا في غالب الأحيان.
ومادام السؤال جوهر القضية ، من حقنا أن نغضب ونحزن ونتساءل ، ما حجم حضور العقل العربي على مستوى البرمجة وانجاز التصورات الرقمية ، و أي دور مفترض للعرب والمسلمين في سياق يحموم تيكنولوجي يخطو بسرعة هائلة ،وحول أي محور ينبغي التركيز ، وتشغيل آليات العقل العربي حتى تشمل الفائدة ويتحقق التطور ، وما مدى مساهمتهم في صياغة وتشكيل مصير العالم معلوماتيا ؟
في موضوع ذي صلة ، راج قبل عقود ، وما يزال يدور حاليا جدل واسع في الأوساط الفكرية والإعلامية في العالمين العربي والإسلامي على هامش ما تعرفه سماواتهما المفتوحة حول ما يصفونه مرة ب الاحتلال او الاكتساح ، وتارة الهيمنة والتغريب ، وأخرى بالاستلاب والغزو من طرف القنوات الفضائية الأجنبية .
واشتد حبل الجدل مع ظهور فصيل ثالث من تقليعات الاستثمار في مجال الفضاء .وأجبر الرأسمال العربي النفطي على ارتياد آفاق موغلة في العولمة بلا ضفاف ، جيل أختار توظيف أرقى ماجادت به تيكنولوجيا الاتصال في الجنس والإباحية ، حيث فضل مسلكا مشبوها ، لكنه مربح، ومضمون لتكديس الملايين من العملة الصعبة بالدولار ، هكذا، وبعد ظهور عرب سات بأجياله المتناسلة ، متبوعا بنايل سات ، وبعد تنامي محطات فضائية عربية النكهة لقرابة عقدين ، ميزها طابع الترفيه والتسلية ، متبوعة بجيل من الفضائيات دينية التوجه ، أهم سماتها الوعظ والإرشاد الديني بكل اللغات .جاء العصر الاباحي بامتياز، حيث الجسد الأنثوي وبريقه الذي لا يقاوم ، ولغة الضاد وسيط جاد له نكهة العولمة في أبشع صورها.
من شبه المؤكد أن وثيرة تفريخ المحطات والقنوات الفضائية ذات الرأسمال العربي يطرح أسئلة جوهرية . خاصة وهي تعرف تناميا تصاعديا في اتجاهات ثلاث .أهم هذه الاسئلة ، هل ثمة استراتيجية إعلامية عربية ؟ ويرى الملاحظون بخصوص أهداف الفضائيات والغاية من إنشائها بعد تصنيف إجرائي أولي جاء كالتالي :
—فضائيات دينية في ملك الدولة او المرجعية ، أوفي ملك الخواص ."معشبات فضائية"
2—
فضائيات التسلية والطرب والترفيه
3—
فضائيات جنسية إباحية تستعمل اللغة العربية في استمالة زبنائها
وكما يتضح ، لا يقتصر الصراع على ثنائية واضحة في هذا المجال ، ذلك أن مستقبل الأثير ينضح بتقليعات جديدة في عالم استثمار عائدات النفط ، وتدبير الفضاء كوعاء بلا حدود وبلا ضوابط ، لتمرير القناعات ، وفرض الإيديولوجيات ، انه الاستثمار الجيد المذر للمال المبيض ببطاقة عولمية .وتأشيرة عربية هذه المرة.
ويحق طرح السؤال هل مازال سؤال الغزو الإعلامي الأجنبي ذي جدوى؟؟؟؟؟
وإذا كانت كل المؤشرات واضحة فيما يتعلق بالفضائيات الدينية ، بحيث يمكن استقبال محطة جديدة كل أسبوع ، حيث يشكل الدين وفضاء الموعظة والدعوى والإرشاد احد أهم مرتكزات التأسيس والإنشاء ،حيث يصنف خبراء الإعلام والاتصال العرب هذه القنوات الفضائية الى أنماط ايديولوجية مذهبية واضحة "فما بين قناة تمنع الموسيقى ، وأخرى تحظر ظهور المرأة ، في برامجها وإن كانت موجهة إلى المرأة نفسها ، هناك فضائيات دخلت السجل العقاري في ملكية أشخاص محددين" . ويرى بعض المهتمين بالشأن الإعلامي بخصوص الظاهرة .
تذكير " بأسلوب طالبان قبل الاحتلال الأمريكي التي كانت تمنع تمدرس الفتيات ، وتستعطف المساعدة من اجل استقدام ممرضات متحجبات لعلاج مرضاها من الانات".
هذه الموجة وارتفاع حمى التنافس بين تلك المحطات، حسب جريدة دنيا الوطن التي تصدر في غزة ، شجعت قناة الخليجية التي كانت متخصصة في تقديم الأغاني، لتتحول في الأول من ابريل العام الماضي2007م إلى قناة دينية خالية من أية موسيقى، معتمدة على ما يسمى مؤثرات صوتية، ويضيف المصدر الغزاوي " إن إدارة القناة " تمنع ظهور أي امرأة في المحطة، وهذا ما جعل الكثير يرفع أصابع الاتهام إلى هذه المحطات بأنها متاجرة باسم الدين الإسلامي، لأنها قنوات ربحية ليست أكثر من ذلك؟ على عكس ما تدعيه بعض هذه المحطات الدينية بأن هدفها التوعية والدفاع عن الإسلام". وبعيدا عن الفضاء الديني ، يتنامى الآن وبإيقاع مضطرد الجيل الثالث ، حيث أشار المصدر ذاته إلى وجود" 170 قناة فضائية دينية متخصصة مركزة على المواد والبرامج الدينية الدسمة التي تخلو من البرامج الترفيهية والأخبار والرياضة أو أي علوم أخرى كقناة الناس والبركة، أو متخصصة في تقديم التلاوات من القرآن الكريم بأصوات مقرئين وشيوخ مشهورين كإحدى قنوات المجد والعفاسي، وأخرى متنوعة كالمجد والرسالة واقرأ لتتنوع التخصصات لتصل إلى قناة خاصة بمديح الرسول عليه الصلاة والسلام مثل قناة ساهور السودانية وقناة شاعر الرسول التي ستبث قريبا، وتزاحم هذه وتلك محطات مصنفة تبعا لمذهبها بين صوفية وسلفية وشيعية وسنية."
خارج هذه المتغيرات ، ولأول وهلة ، تبدو فرضية التصدي لما يسمى بالهيمنة أو الغزو الثقافي الأجنبي ، حسب الطرح العربي والإسلامي الرسمي خطوة في الاتجاه غير السليم ،إذ في ظل هجمة إباحية يصورها التيار المحافظ بالشرسة ، تم إحداث قنوات مشابهة وبحمولة جنسية ، وبرأسمال عربي .
إن الإقرار بغياب تربية مناعية لدى الفرد العربي فاعلة ومؤثرة تستمد جذورها من روح الدين الحنيف ، في مواجهة طوفان جامح من التمييع الأخلاقي مصدره الآخر الغرب لا يجابه في تقديرنا ، بتوظيف الرأسمال العربي في إحداث فضائيات تحمل نفس الرسالة ، إلا إذا كان الخطاب المرسل هو نعم، لكن إذا كان لابد ، فينبغي التدمير ، تدمير البنية الأخلاقية العربية من الداخل. وبأيد عربية
لكن إذا أخدنا في الاعتبار كمتتبعين للشأن الإعلامي توجهات الرأسمال العربي الجديدة في مجال الاستثمار الجنسي فضائيا ، فالصدمة وشيكة ، والأمر صاعقة بلا جدال ، وهنا تحديدا ، لا بد أن تأخذ الأمور اتجاها ملتبسا ومتداخلا.
الى ذلك ، ومن المفارقات الصارخة في مجال استغلال الفضاء ايجابيا هذه المرة ، تعتزم دولة الإمارات العربية إطلاق قناة فضائية تختص في الشؤون الإنسانية والبيئة، تقول المصدر "هي الأولى من نوعها في العالم. وتهدف القناة، حسب مشرفيها، إلى نشر ثقافة السلام والتعايش السلمي ولفت الانتباه إلى أوضاع المهمشين والمستضعفين، وتسليط الضوء على المهددات البيئية ومخاطر انتشار الأوبئة والأمراض. الى جانب " تعزيز دور المنظمات الإنسانية المحلية والدولية والأممية وإيصال رسالتها لقطاعات واسعة من الجمهور المستهدف داخل الإمارات وخارجها, فضلا عن تطوير موارد العمل الإنساني لفائدة الفئات المعوزة والمهمشة. لكن المستقبل تتحكمه المصالح ، قبل التصورات المغرقة في التفاؤل، والغد ناظره قريب.
عزيز باكوش
2 Comments
و لكن ما رأيك في قناة يعتبرها الكثيرون مستقلة و كل ما تقدمه انحياز صارخ ، فهي منحازة إلى السنة ضد الشيعة و هي منحازة إلى حماس ضد فتح و هي منحازة إلى الجزائر ضد المغرب و هي منحازة إلى الإخوان المسلمين ضد الحزب الحاكم ..و هكذا..أنا لا اطالب منها أن تنتصر لفتح ضد حماس أو…لفلان ضد علان…و إنما أقول : لا زلنا و سنظل نحلم بمنبر إعلامي مستقل و محاييد في تقديم الخبر و التعليق عليه ،في ساحاتنا العربية ..و يبدو أنه لا يزال بعيدا..
عودة ميمونة مع الدعاء لكم بالشفاء