Home»International»كلمة تيسير خالد في مؤتمر الذكرى العاشرة لفتوى محكمة العدل الدولية

كلمة تيسير خالد في مؤتمر الذكرى العاشرة لفتوى محكمة العدل الدولية

0
Shares
PinterestGoogle+

كلمة تيسير خالد في مؤتمر الذكرى العاشرة لفتوى محكمة العدل الدولية

 

عشرة أعوام على فتوى محكمة العدل الدولية .. وماذا بعد

 

عقدت اللجنة الوطنية الفلسطينية لسجل أضرار الجدار في الذكرى السنوية العاشرة لفتوى محكمة العدل الدولية حول الجدار مؤتمرا في قاعة جمعية الهلال الاحمر في مدينة البيرة . وشهد المؤتمر ، الذي أقيم في إطار فعاليات العام 2014 ، عاما دوليا للتضامن مع الشعب الفلسطيني ، مشاركة رسمية وحزبية وشعبية واسعة محلية ودولية، وبحضور مميز للعديد من المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية العربية والاجنبية. والقى تيسير خالد ، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ، رئيس اللجنة الوطنية الفلسطينية لسجل أضرار الجدار ، كلمة في المؤتمر قال فيها :

 

الاخوات والاخوة / الضيوف الاعزاء

في تشرين اول من العام 2003 وجهت المجموعة العربية في الأمم المتحدة في حينه ، رسالة لرئيس مجلس الأمن الدولي ، تدعو فيها المجلس للنظر في الخروقات الاسرائيلية للقانون الدولي والقانون الدولي الانساني ( معاهدة لاهاي لعام 1907 واتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 ) على خلفية مباشرة إسرائيل اعمال بناء جدار الفصل العنصري ، مستندة في ذلك الى التقرير الذي قدمته لجنة ، كانت الجمعية العامة للامم المتحدة قد اوفدتها برئاسة السيد جون دوجارد ، للنظر في حالة حقوق الانسان في الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967 ، ولا سيما الجزء الخاص والمتعلق ببناء الجدار  .

مجلس الأمن الدولي ، كما هي حالته في كل شأن يبحث في سياسة اسرائيل وقف عاجزا بفعل الحواجز والعراقيل ، التي وضعتها الادارة الامريكية في طريقه . وهكذا جرى التوجه الى الجمعية العامة للأمم المتحدة للنظر في تلك الخروقات . وفي سياق هذا انعقدت الجلسة الثالثة والعشرون من الدورة الاستثنائية الطارئة للجمعية العامة في كانون الأول من العام نفسه وقررت رغم معارضة الادارة الامريكية وحكومة اسرائيل الطلب من محكمة العدل الدولية تقديم رأي استشاري حول شرعية بناء اسرائيل للجدار على الأراضي الفلسطينية المحتلة .

بعد مداولات تخللتها صراعات سياسية وديبلوماسية وقانونية وتخللتها مناورات تعطيل متكررة تشكلت الهيئة المعنية في محكمة العدل الدولية . وخلال نصف عام من العمل الدؤوب قدمت المحكمة رأيها الاستشاري . وكانت النتيجة التي توصلت اليها المحكمة في رأيها الاستشاري متوقعة تماما . فقد  طالبت المحكمة دولة اسرائيل بوقف العمل ببناء الجدار وهدم ما أنجز منه وجبر الأضرار الناجمة عن عمليات البناء وعمليات الهدم كذلك .

في تحديد الموقف من هذا الجدار من المفيد العودة الى سنوات مضت لالقاء بعض الضوء على سياسة دولة اسرائيل في هذا السياق . هنا يخطئ من يعتقد ان فكرة بناء الجدار جاءت في سياق الرد على أحداث انتفاضة الاقصى والاستقلال ، التي شهدتها الاراضي الفلسطينية بعد فشل مفاوضات كامب ديفيد الثانية عام 2000 . لا علاقة أبدا بين تلك الأحداث ومشروع بناء الجدار ، ولا علاقة كذلك بين عملية  » السور الواقي  » حسب التعبير الاسرائيلي ومشروع بناء الجدار . عملية  » السور الواقي  » عام 2002 يجب ان تذكرنا  ب » حرب سلامة الجليل  » عام 1982 ، حسب التعبير الاسرائيلي كذلك . مهندس عملية السور الواقي  وحرب سلامة الجليل  هو نفسه ، أي ارئيل شارون ، رئيس الوزراء الاسرائيلي الأسبق .  » حرب سلامة الجليل  » كانت واضحة في أهدافها ، وهي القضاء على قوات منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان وإخراج المنظمة من المعادلة السياسية في البحث عن تسوية سياسية مع الفلسطينيين في إطار حكم ذاتي إداري للسكان دون سيطرة على الارض .  » عملية السور الواقي  » ، لم تكن في أهدافها بعيدة عن الاهداف السياسية لحرب سلامة الجليل .

فقد كانت حرب سلامة المستوطنات حرب لإضعاف الشريك الفلسطيني ودفعه للموافقة على الدخول في تسوية سياسية على قاعدة حكم ذاتي محسن او اكثر مرونة في التطبيق من مشروع الحكم الذاتي الاداري الذي طرحه مناحيم بيغن على الجانب المصري في حينه ، وقد جاءت تلك العملية لتعيد الى الذاكرة الفلسطينية  » خريطة المصالح الاستراتيجية الاسرائيلية ، والتي طرحها على جدول اعمال حكومة بنيامين نتنياهو عام 1997 كل من ارئيل شارون ، كوزير للبنى التحتية واسحق موردخاي كوزير للدفاع في تلك الحكومة . وفقا لخريطة المصالح تلك تبقي اسرائيل بيدها 63 بالمئة من مساحة الضفة الغربية من بينها قطاعان أمنيان : الأول بعرض 7-10 كم في عمق اراضي الضفة الغربية على امتداد خط الهدنة لعام 1949 والثاني بعمق 20 كيلومترا الى الغرب من نهر الاردن . في حينه لم تكن فكرة الجدار قد تبلورت في سياسة الليكود والاحزاب اليمينية المتطرفة ، بقدر ما كانت خطوط الفصل ( الشوارع والطرق ) الطولية والعرضية هي الفكرة المسيطرة . جدار الفصل العنصري في صورته الراهنة هو في الحقيقة بديل خطوط الفصل في خريطة المصالح الاسترتيجية ، وقد جاء يوحد في الموقف اكبر الاحزاب في اسرائيل ، اي حزب الليكود وحزب العمل ، على مشروع استيطاني يرسم من خلال الجدار صورة التسوية السياسية المستقبلية مع الجانب الفلسطيني .

وحيث ان الجدار ، الذي بدأت اسرائيل ببنائه في حزيران من العام 2002 ، اي في ذروة  » حرب سلامة المستوطنات » او ما تسميه اسرائيل  » بعملية السور الواقي  » قد جاء في تصميمه وخطوات تنفيذه يعكس طبيعته باعتباره اخطر مراحل المشروع الاستيطاني التوسعي الاسرائيلي ، فان محكمة العدل الدولية لم تخطئ التقدير او الهدف في الفتوى التي صدرت عنها في تموز من العام 2004 ، لا في الجانب السياسي من التقدير او في الجانب القانوني منه .

ففي الجانب السياسي حددت فتوى محكمة العدل الدولية ان الضفة الغربية بما فيها القدس في حدود حزيران 1967 هي اراضي محتلة وليست اراض متنازع عليها وان بناء الجدار في مساره المحدد او في مساراته التي يمكن ان يستقر عليها بعد اي تعديل يضع قيدا على حق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير وحقه في بناء دولته الفلسطينية المستقلة ، وهو حق كفلته قرارات الشرعية الدولية ، بما فيها قرار التقسيم رقم 181 لعام 1947 ، وحق لا ينتقص منه عدم تنفيذه في حينه او في مراحل لاحقه . الفتوى تدحض هنا الرواية الاسرائيلية والموقف الاسرائيلي حول هوية الارض ، التي تقيم عليها دولة اسرائيل هذا الجدار ، فهي الى جانب كونها اراضي الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس ، هي كذلك اراض خصصها القرار 181 لدولة فلسطين . هذا جانب سياسي في غاية الاهمية في فتوى محكمة العدل الدولية ، فضلاً عن اهميته كذلك في جانبه القانوني . وهكذا تجاوزت الفتوى الجانب القانوني لتسلط الضوء على جانب سياسي يتصل بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني ، وهو حق تحاول اسرائيل من خلال بناء الجدار فرض قيود واسعة عليه .

ابعد من ذلك ، فقد سلطت الفتوى الضوء على وضع مدينة القدس العربية ومحيطها ، فقررت خلافاً للادعاء الاسرائيلي وقوانين الضم ، التي صدرت عن الكنيست ، ان القدس ، التي تبنى اسرائيل الجدار على أراضيها وفي محيطها ، هي اراض محتلة . وان القدس بهذه الصفة تخرج من دائرة الادعاء بانها عاصمة لدولة اسرائيل ، وقررت كذلك ان اسرائيل ملزمة بموجب القانون الدولي الانساني والقانون الدولي بشكل عام بضمان حرية الوصول الى الاماكن المقدسة الخاضعة لسيطرتها ، والتي تعرقلها وتعطلها من بين اجراءات أخرى عمليات بناء الجدار في القدس وفي محيطها

ليس من السهل الفصل بين الجوانب السياسية والقانونية في فتوى محكمة العدل الدولية ،ومع ذلك يمكن القول ان الفتوى في الجانب القانوني المتصل بأعمال بناء الجدار قد حددت بوضوح ان مسار الجدار ، الذي اختارته اسرائيل ليس ضروريا وهو غير مقنع لتحقيق أهداف امنية ، فالجدار ، حسب فتوى المحكمة ، وهي السلطة القضائية الأعلى للامم المتحدة ، هو في مساره والانظمة المرافقة له يشكل اعتداءا خطيرا على حقوق الفلسطينيين ، ولا يمكن تبرير الاعتداءات الناجمة عن الجدار ومساره بضرورات عسكرية أو بمتطلبات الامن القومي الاسرائيلي او النظام العام الاسرائيلي.

وعليه طالبت محكمة العدل الدولية دولة اسرائيل بوقف عمليات البناء الجارية وهدم وازالة ما تم انجازه من اعمال البناء باعتباره مخالفة صريحة للقانون الدولي . كما طالبت اسرائيل ، باعتبارها دولة احتلال جبر الضرر الناتج عن عمليات البناء وعمليات الهدم معا . ابعد من ذلك دعت فتوى المحكمة الدولية الأمم المتحدة وخاصة الجمعية العامة ومجلس الامن البحث في اجراءات يجب القيام بها لانهاء الوضع غير القانوني الناجم عن إعمال بناء الجدار وانشاء سجل لحصر الاضرار لهذا الغرض ، مثلما دعت جميع البلدان الأعضاء في الامم المتحدة وغير الاعضاء عدم الاعتراف بالوضع غير القانوني الناجم عن بناء الجدار والى الامتناع بشكل كامل عن تقديم أية مساعدات سياسية او ديبلوماسية او مادية لدولة اسرائيل في هذا الشأن . أما الاضرار ، التي تتحدث عنها فتوى محكمة العدل الدولية ، فانها لا تنحصر في اضرار لحقت بافراد وحسب او اضرار مادية وحسب ، حيث تتحدث الفقرة 163 من الفتوى عن ( جميع ) الاضرار ، وهذا يعني الاضرار التي لحقت بالافراد ، والاراضي الحكومية واراضي الاوقاف واراضي المجالس البلدية والمحلية والقروية والاراضي المشاع والمراعي والموارد الطبيعية ، وخاصة مصادر المياه والممتلكات العامة والبنية التحتية وتلك التي لحقت بالخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية وغيرها

هذه هي حقيقة الجدار ، انه جدار للضم والتوسع ويعتبر بحق اخطر مراحل المشروع الاستيطاني التوسعي ، الذي تنفذه اسرائيل على اراضي الضفة الغربية ، بما فيها القدس ، وتعتزم من خلاله وضع اليد على نحو 22 بالمئة من مساحة الضفة والسيطرة تماما على احواض المياه الجوفية الفلسطينية ، باستثناء الحوض الشمالي الشرقي في محافظة جنين ، وهو الاقل اهمية . والى جانب الجدار في قاطعه الغربي ،وهو جدار مرئي ، فهناك جدار آخر غير مرئي على الحدود الشرقية للضفة الغربية بعمق يتراوح بين 15-20 كيلومترا يعزل مناطق الاغوار بسلسلة من الاوامر العسكرية وانظمة التحكم ، التي تمكن اسرائيل من وضع اليد كذلك على نحو 23 بالمئة من اراضي الضفة الغربية ، في تدابير واضحة تستهدف رسم صورة التسوية السياسية ، التي تحاول اسرائيل فرضها على الشعب الفلسطيني ، الامر الذي بات يفرض على القيادة الفلسطينية العمل في أكثر من إتجاه :

 

 الاول تقديم كل اشكال الدعم للتحركات الشعبية الواسعة المناهضة للجدار وتوفير مقومات الصمود للمواطنين والتعامل مع مناطق الجدار باعتبارها مناطق تطوير من الدرجة الاولى

 

والثاني اعادة النظر في العلاقة مع حكومة اسرائيل ووقف التنسيق  معها حتى تتوقف هذه الحكومة عن مواصلة انشطتها الاستيطانية واعمال بناء الجدار وتحترم التزاماتها على هذا الصعيد وتلتزم بتنفيذ فتوى محكمة العدل الدولية

 

 والثالث مواصلة العمل والضغط من خلال الامم المتحدة من أجل تفعيل فتوى محكمة العدل الدولية وعدم السماح باختصار ما جاءت به هذه الفتوى على مكتب سجل الاضرار ، رغم أهمية هذا السجل ، فالجوهري والأصل في فتوى محكمة العدل الدولية هو دعوة دولة اسرائيل الى وقف العمل ببناء الجدار وهدم ما بنته منه وإعادة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل بناء الجدار ، وجبر الضرر ، الذي لحق بالمواطنين الافراد وبالهيئات والادارات العامة الرسمية منها والاهلية على هذا الأساس .

 

الأخوات والأخوة  / الضيوف الأعزاء

 

أخيرا ، اسمحوا لي أن اشير الى أننا نحيي الذكرى العاشرة لفتوى محكمة العدل الدولية في هذا المؤتمر في سياق فعاليات العام 2014 باعتباره عاما للتضامن الدولي مع الشعب الفلسطيني . في هذا السياق يأتي قرار الجمعية العامة باعتبار العام 2014 سنة دولية للتضامن مع شعبنا الفلسطيني نتيجة طبيعية لصمود شعبنا وتصميمه على نيل حقوقه المشروعة ، وفي ظل تعاظم حملات التضامن والمساندة الدوليين لحقّ شعبنا في تقرير مصيره وإقامة دولة فلسطين المستقلة،وعاصمتها القدس، على كامل أرضنا المحتلة منذ عام 1967،  دولة خالية من كل مظاهر الاحتلال العسكري والمستوطنات وجدار الضم ونهب الارض . كما نحيي هذه الذكرى في ظل تصاعد العدوان العسكري على شعبنا في قطاع غزة ، والحرب المشتركة التي تشنها قوات الاحتلال وقطعان المستوطنين الإرهابية ضد شعبنا في الضفة الغربية  . وفي المقابل فان قوى التضامن الدولية مع شعبنا وحقوقه ، وكما يتضح من المظاهرات العارمة التي تعم قارات العالم وعلى نحو يلفت الانتباه والاعجاب في الولايات المتحدة الاميركية والعديد من الدول الاوروبية والتي تقودها جالياتنا الفلسطينية والقوى المتضامنة معها في عام التضامن الدولي مع شعبنا ، والتي عقدت العزم على مواجهة هذا الإجرام الاسرائيلي وقررت الانحياز لقيم العدالة  وأخذت ترفع الصوت عاليا وتضغط على صناع القرار الدولي من أجل وقف ازدواجية المعايير وسياسة الكيل بمكيالين .

 

إن الحملة التي أطلقتها اللجنة الوطنية لفعاليات السنة الدولية للتضامن مع شعبنا بالتعاون والعمل مع حركات التضامن الدولية ومؤسسات الأمم المتحدة المعنية والحكومات الصديقة والمجموعات الدولية ومنظمات المجتمع المدني؛ أخذت تشق طريقها الى اوسع اوساط الرأي العام من أجل توسيع حملات التضامن مع شعبنا وحقوقه الوطنية وعدالة قضيته، وبلورة السبل الكفيلة بتحويل هذا التضامن إلى مبادرات عملية وسياسات رسمية على صعيد الدول والمجموعات الدولية لمساءلة إسرائيل ومحاسبتها على جرائمها ضد شعبنا، وإلزامها بالتقيد بقواعد القانون الدولي وتنفيذ قرارات الامم المتحدة الداعية الى إنهاء الاحتلال والانسحاب الكامل من أرضنا المحتلة منذ عام 67، وتمكين شعبنا من تقرير مصيره وحقه في العودة كمدخل لا يمكن تجاوزه لإحلال السلام الشامل والدائم في المنطقة.

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *