» صناعـة الأبطـــال… صناعـة الأوهــــام !!!… »

يـعتـبر الوهــم حسـب التـعريـف الاصطـلاحـي هــو إدراك الـواقـع عـلى غيـر مـا هو، إن
كـان الـحكـم جـازماً لا يقـبل التغـييـر فـهو « الـعـلم ». وإن قبـله فـهو « الاعتـقاد »؛ و لـم يكـن
الحـكـم جازماً فإما أن يتسـاوا طرفـاه فهـو « الشـك » ، و إمـا أن يـرجـح أحـدهما فـالـراجح هـو
« الظلـم »، والـمرجـوح هـو « الـوهــم ».
و الـوهــم حســب الفيلسوف الألمـانـي « نيـتشـه »، فهـو كــل مـا أنتـجـه الإنسـان مــن
مـعارف. لأنـهـا ناتجة عن رغبة لا شعورية في البقاء؛ حيث تقدم الأوهام نفسها على أنها
حـقائـق و مصدر الأوهـام بحـسب « نيـتشــه » الفـكر أولاً، حيـث يـلجأ إلـى الكـذب و التضلـيل
وإخفاء الـحقـيقـة الـتي يتوهـم أنـها خطـرة علـى وجـوده فـيـخفـيـها تـحـت غـلاف المنطـق.
والـلـغة ثـانيـا لأنـها أداة فـكــر، وهـي تشبـيهـات واستعـارات صنعهـا الفـكـر. ويـرى
« نـيتـشه » بـأن التخـلص مـن الوهـم صعـب إن لـم يكـن مستــحيلاً. لـكـن الأوهـام قـد تـكون
نـافعـة، وقـد نـحتاج إليـها لـنعـيش.
و السـؤال المـحوري الـذي يـفرض نـفسه فـي هـذا الصـدد، هـو العلاقـة بـين صنـاعة الأوهـام
و صنـاعـة الأبـطـال ؟؟؟
مـمــا لا شـك فــيه، أن الـتجارب السـابقـة لأبطـال مـن التـاريـخ صنعـوا « باعــوا« الـوهـم
لمنـاصـريـهم و أيـضاً لمعـارضيـهم؛ حـتى يـتمكـنوا مـن الـوصول إلـى مبتغـاهـم. فعـلاقة
صناعة الأوهـام بـصناعـة الأبـطـال هـي عـلاقـة جـدلية لا يمكـن الاسـتغنـاء عـن إحداهـما؛
فـالـوهم ضروري لـصنـاعـة الـبطـل، خاصـة إذا كـان هـذا الأخـير مجـرد فقـاعة سهـْل
المنـال و سهـل الانكسـار.
و بـمـا أنـنـا نتـحدث عــن صنـاعة الأبـطـال، فـإنـنـا لا بـد أن نتـطرق لِـصفاتـهم و المنهجــية
التـي يعـتمدونـها فـي بيـعهم لهذا الـوهــم ؟
فالـواقـع المعـاصـر يـبـين لنـا الكثـير مـن هذه الحقائق لأبطال صُنِعوا من أَوهام، و مــن أهـم
الصفـات التـي يـمتاز بهـا هـؤلاء الأبـطـال:
– اعـتمادهـم عـلى عنـصر الإشـاعـة و تصديــقهـم لَهـا.
– إيـمانهـم بفـكرة أو إيديولوجية معـينـة وبـناء طـموحهم عليـها، ( حيـث يمكــنهم استغلال الـفكـرة أو الديـن للـوصول إلـى مصلحتهـم الشـخصية).
– ادعـائـهم بمعـرفة جميـع الحقائـق المعـرفـية، الاجتـماعية و الاقتصاديـة.
– تــشويه سمـعة الأشخـاص المعـارضيـن لهم عـبر خلـق ادعـاءات كـاذبة ووهـمية واتخـاذ مبـدأ الغايـة تبـرر الوسيـلة.
– اعتمـاد مبـادئ شـوفـينـية و عنصـرية من أجل تحقيق أغراضهم و أَهدافهــم.
– اسـتـعمـال سياسـة التـفرقة وبنــاء التحـالفات ، (خصوصاً في مراحل البناء ولو كـانـت تخـالـف توجهاتهـم و تطلعاتهـم).
– بـنـاء خطابات تعتمد بالأساس على الكره للآخر و على أنهم مظلومين و يستحقون العطـف والشفقة ضد السياسات الإقصائية التي يمارسها معارضيهم.
– محـاولة استقطاب الأطر في جميع القطاعات ودغدغة مشاعر الطبقة المُعدَمة بتعبئة مُحكـمة و مُمَنهجـة.
وتـأسيـساً علـى مـا سبـق، فـإن الوهـم عنـد الأبـطال هـو « التسويـغ » و « التبـريـر الإيـديولوجـي »،
فـالأبطـال دائـماً يحـاولـون صناعـة سـير ذاتـية لهـم عـبر الوهم و طعن مخالفيـهم عبر تشويههم،
وخـيـر مثال « عبد الله بن سلام »، كـان يقـول عـنه اليهـود هـو: » خَيرُنَـا و عَالِمُنَـا » ، فـلما خَالفَهُـم
قالـوا عنـه هـو: » شَرُنـا و جَاهِـلُـنَا » يُتبع «…»




Aucun commentaire