لا تصاحب من لم تجرب

قد يحسب المرء ان المال والغنى هو كل شيء,وقد يخال ان الجاه رفعة,واذا كان المال فعلا من زينة الحياة الدنيا,فانه ذاك المال الذي لا يسيطر على اهواء صاحبه,اما المال الذي يجلب لصاحبه الكبر على بني جلدته,فيصاب بالانا,وحب النفس الزائد سبيل الى الانحطاط النفسي,وقد ترى من بين هؤلاء شخصا يتلاعب بمشاعرك باسم الصداقة,فيتقرب منك لقضاء ماربه,وحينما يصل الى اهدافه التي سطرها يبادلك بالجفاء,بل يحتقرك ناكرا للخير وناكرا لما اسديت له باسم الصداقة المفتعلة .
ولعل هذا النوع وما اكثره,نسي او تناسى ان الذي منحه ذاك الجاه وذاك المال قادر على منح من يحتقره مالا وجاها من حيث لا يحتسب,او ربما منحه اشياء افضل من المال والجاه الزائف,فقد منحه الصدق في التعامل,ومنحه قلبا يحب الخير للاخر,وصفاء السريرة التي يحافظ على الصداقة,ونجاه من الانا والكبر واحتقار الناس.
ان العلاقات الانسانية المبنية على الصفاء والاخاء والاحترام,من ركائز الود الصادق بين الناس,اما اذا كانت هذه العلاقات مبنية على اسس الخداع والكبر والانا فانها تجر صاحبها الى كراهية لا تطاق,فتفتقد فيه الثقة ولا تؤتمن صداقته ما دام قد بناها على الخداع من اول وهلة.
وقد يحتقرك هذا النوع ايما احتقار,لانه تعرف عليك في ضائقة من امرك,وحسبك من حثالة الناس,وما علم انك من اشرف الناس نسبا وجاها واخلاصا,لكنني اراه معذورا,وفي نفس الوقت مغرورا,غرته السيارة الفارهة,والالبسة الانيقة بفعل اليسر الذي يعيشه والمال الذي منح اياه,وانت حرمت منه ولو الى حين.ومهما يكن فلا حسد اذا اعطاه خالقه هذا العيش الرغيد,لكنه في حاجة الى ما هو افضل من المال والجاه,الا وهو الصدق في المصاحبة والتعامل,والتواضع المتكامل,لان الصداقة عند الحكماء شيء ثمين لا يقدر بمال ولا جاه,وميثاقها هو الوداد المتبادل وصدق من قال رب اخ لم تلده لك امك.
وقد اعطي تفسيرا متواضعا ,لمن يرى في الصديق قضاء ماربه,يتقرب كلما اراد حاجة ,وينفر حينما يصل الى هذه المارب,ناكرا للمعروف,فاقول له ان حروف الصداقة او بالاحرى حروف كلمة :صديق كلها تدل على نبل الشمائل وحلية الفضائل,فحرف الصاد يدل على الصفاء والصدق وحرف الدال يدل على وحدة الدم,والياء تدل على اليد الواحدة,بينما يدل حرف القاف على القلب الواحد,فان تجردت من الصفاء,ووحدة الدم واليد والقلب,اجهزت على الصداقة,فصرت متملقا متزلفا متكبرا مخادعا انانيا متربصا.
واذكرك في نفس السياق بقول الشافعي رضي الله عنه:
سلام على الدنيا اذا لم يكن بها+صديق صدوق صادق الوعد منصفا.
واقول لمن يثق في امثال هؤلاء,ان يتجنبوا الثقة العمياء,وان يجربوا المرء قبل مصاحبته حتى لا يصيبهم ندم جارف
والصحب حولك يظهرون بانهم الاوفياء لاجل نيل مارب
فاذا اضطررت اليهم او ضاقت الايام مالك في الورى من صاحب
جرب صديقك قبل ان تحتاجه ان الصديق يكون بعد تجارب
اما صداقات اللسان فانها مثل السراب ومثل حلم كاذب
ان الصداقة كلمة غالية لكنها وللاسف فقدت مدلولها في هذا العصر,
اخيرا اتمنى من افضل صديق عايشته في حياتي,الا يغضب من قولي,لانه مترفع عن كل ما قيل في حق الصداقة الزائفة انه صديقي بل اخي محمد كتابي




1 Comment
اخي العزيز وصديقي الحميم الاستاذ علي حيمري بعد اخلص التحيات وازكاهااود في البداية ان ان اشد على يدك بحرارة وان انوه بهذا المقال الفلسفي الراءع والذي حرك فعلا مشاعري وجعلني اتامل اجمل اللحظات التي قضيناها جميعا واعلم اخي انك من اوفى الاصدقاء الذين عرفتهم طوال ايام حياتي اني اعرف اكثر من غيري شطان قلبك الكبير الذي لايعرف الحقد ولا الكراهية كما اعلم علم اليقين كرمك وسخاءك ونبل مشاعرك وصدق نيتك كما اشهد لك بالايمان تاكد اخي علي انك دائما في مخيلتي وذكراك دائما تصاحبني رغم كيد الظروف وتكابل هذا الزمن الردىء وسنلتقي قريبا ان شاء الله لنفض الغبار على هذا الغياب الطويل والمفاجىء لك مودتي