Home»International»حقيقة الربيع العربي

حقيقة الربيع العربي

0
Shares
PinterestGoogle+

حقيقة الربيع العربي

 

هل نحن أمام ربيع عربي يخضع لنظام الفصول الأربعة ضمن دورة شمسية تنبض بالحرية والحياة والفتوة والسيادة والخــــــــــــــــــــــــــــصوبة أم أمام ربيع عربي

بدون علامات ولارائحة كرامة أشبه بربيع الزينة والديكور المغشوش  المصنوع من بلاستيك أو قماش لتزين به موائد المؤتمرات وطاولات الاحتفال بالأعراس.

كيف لا ؟و جل  شعوب العالم العربي والإسلامي المنتفضة في مظاهرات ما يسمى  بالربيع العربي  جربت معظم الحلول المستوردة عن الغرب كالحل الاشتراكي بنماذجه المختلفة  الاشتراكية العلمية والاشتراكية الواقعية النقدية  والحل الرأسمالي  بأشكاله الليبرالية الوحشية والليبرالية الاجتماعية الديمقراطية والنمط الآسيوي الصيني والياباني والنظام السياسي الجمهوري والملكي والأميري والعسكري والنظام  القومي والنظام الديمقراطي التعددي … لحل أزماتها الاقتصادية وتجاوز معضلاتها السياسية ومقاربة  إشكاليات الحقوق والحريات والكرامة والإنصاف ومناولة مشاريع  الحداثة  والنهضة …لكنها لم تجرب بشكل علمي دقيق بعيدا عن تسييس الاقتصاد وأد لجة السياسة الحل الداخلي المتمثل في  » النظام الاقتصادي الإسلامي المنفتح الذي يعتبر تجربة رائدة تنضاف إلى  تجارب اليابان والصين وكوريا وألمانيا الموحدة . ولعل التجربة التركية  بمرجعيتها التاريخية لمحمد الفاتح  و بصمتها الفريدة لعبد الله كول والطيب أردوغان  بالنظر إلى نتائجها الباهرة في  محاربة الفساد والتعايش مع الاختلاف  وتقوية الاقتصاد والارتقاء به إلى الرتبة 13 عالميا وتحقيق السلم الاجتماعي والديني وفرض الوجود داخل الحلف الأطلسي وحسن تدبير شروط الانفتاح داخل المحيط الدولي وخلق منطقة اقتصادية  عربية وإسلامية جديرة بالاقتداء. وربما هذا هو سبب القلق الذي بات يساور الغرب من النموذج التركي المتجه نحو خلق محيط دولي بديل عن الاتحاد الأوربي كانت مصر في عهد مرسي ستكون محطته الأولى وتتلوها تونس وليبيا… وربما هذا هو الذي يفسر سر الثورات المضادة الخاطفة  في هذه البلدان من الربيع العربي  ويعلل  انطلاق حميا إشعال الفتن بين العلمانية والحركة الإسلامية وبين الشيعة والسنة  والمسلمين والمسيحيين وسكان الشمال والجنوب والشرق والغرب ونقل المعارك والحروب إلى الوطن العربي تحت لافتة محاربة الإرهاب أو تحت مظلة حقوقية  تروم تحقيق دولة الحق والقانون والمؤسسات والحريات و ربما  هذا ما يكشف  عن النوايا الحقيقية للسعي الحثيث نحو نشر غسيل   العرب والمسلمين من طرف أجهزة مخابراتية متطورة  ويعلل تقلبات الموقف الإيراني وفق منطق المصلحة الخاصة  وتبنيه للثورات الناعمة المخملية  ولسياسة التقية والدهاء والبطولة الورقية  والمساندة الحذرة التي  لاتغمط حقوقه عند الغرب. …إنها معالم شرق أوسط جديد يتشكل  تحت عناوين عريضة : كمحاربة الإرهاب والفوضى الخلاقة  ومعارك محاربة  الفساد والاستبداد ورسم معالم خريطة طريق  عولمة جديدة تلوح في الأفق تلغي دور العرب والمسلمين  وتنقص من وزنهم المالي والطاقي والحضاري وتجعلهم تابعين لمشاريع غربية  استعمارية هدفها تصفية القضية الفلسطينية من الوجود وتقزيم دور العرب والمسلمين التاريخي  وتحويل دور دول الخليج الحليفة  إلى مجرد ممول لمشاريع تحقق السيطرة للقوى العظمى على أسواق الإنتاج والسلاح وإعادة الإعمار.  مما سيضعف النفوذ الخليجي في توحيد الأمة  ويجعله عاجزا عن أن  يكون بديلا لجبهات الصمود والتصدي للأنظمة العربية الكليانية القومية مما حول قوى نفطية عربية إلى مجرد وصي  يحافظ على المصالح الحيوية للغرب  وعلى مناطق نفوذه والبحث عن مناطق توغل أخرى  رغم الموقف السعودي الأخير من مجلس الأمن. مما أجهض ثورات  الشعوب العربية  وعرض ثوراتها للاختطاف  والمناوأة والثورة المضادة و جعلها تحن في وقت قياسي إلى الخريف العربي دون أن تتقدم نحو صيفه وتسحب بساط الدعم من القوى التغيير ومن الحركة الإسلامية المورطة في حكم بدون وسائل ولامحيط داخلي أو خارجي ملائم .  لأن ببساطة  الأنظمة العسكرية التي ثارت عليها  تحقق لها على الأقل رهان الوحدة   والأمن والتماسك الداخلي . لهذا  أصبح لزاما  استخلاص الدروس  من هذه الثورات وجس نبضها واختبار حقيقتها : هل هي مجرد تهييج من قبل قوى أجنبية معادية تريد إضعاف الأمة وطمس معالم حضارتها في معاقلها الرئيسية : الحضارة السبئية في اليمن و الحضارة العباسية وإرثها التاريخي  البابلي والكلداني والآشوري والسوماري في العراق والحضارة الأموية في سوريا والحضارة الفرعونية والفاطمية في مصر والحضارات الشامية في فلسطين …أم هي انتفاضة حقيقية  محلية  يحركها سقف من المطالب  الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية  تحمل شعارات ضد الظلم والاستبداد والفساد والهدف من ورائها تحقيق الكرامة والحرية وتكريس الحقوق؟؟ لكن المؤكد أنها  ثورات شعبية لم يتم التحضير لها جيدا  تحركها قوى خارجية أو تأثرات بالغرب وحضارة الغرب وحقوق الغرب فتحولت إلى ثورات تقودها نخب ثقافية وفنية وإعلامية… يغيب عنها الزعيم والشخصية الكريزماتية وكل الرموز الموحدة والمساعدة على الالتفاف وكأنها ثورات بدون إجماع  لذلك اكتفت بتغيير الرؤساء وبعض وجوه الحكم  لكنها لم تغير النظام وجذور الدولة العميقة.مما يستلزم التفكيرفي  خلق نموذج عربي إسلامي للحكم السياسي يلغي  ميثاق الجامعة العربية ويعطل  القانون التنظيمي لمنظمة المؤتمر الإسلامي  أو يستعيض عنهما بنظام  فيدرالي يتبنى  نظاما اقتصاديا وسياسيا بمرجعية ذات أسس فكرية ومحيط دولي مدروس يحمي المنطقة العربية والإسلامية التي تعرف الثورات دون غيرها  من مناطق العالم وتشهد تشكل شرق أوسط جديد دون وسطية وإلا سيمتد الانحسار وسينتشر الحصار وتتعرض حضارة العرب للانهيار بسبب سوء تدبير الحاضر والتخطيط للمستقبل  ونتيجة عدم حسن التعامل مع طاقة البترول ومورد المياه. ولعل من الأفكار النيرة التي يمكن الاسترشاد بها لتنفيذ هذا المشروع الوحدوي الاندماجي فكرة الاقتصاد المنفتح المرتكزة على نظرية التوزيع عبر أداتي : العمل والحاجة ونظرية الإنتاج ودور الدولة في تحقيق الضمان الاجتماعي والعدالة الاجتماعية :

لقد حاول محمد باقر الصدر  عرض تصوره حول نظرية الاقتصاد الإسلامي في كتابه الشهير « اقتصادنا » الذي يقع في 773 صفحة من خلال رسم الهيكل العام للاقتصاد الإسلامي ورهنه بثلاثة مبادئ :

1-الملكية المزدوجة : فردية وجماعية.

2-الحرية الاقتصادية المحدودة.

3-العدالة الاجتماعية في بعديها التكافل العام والتوازن الاجتماعي.

ثم ربط أجرأة النظام الاقتصادي على أرض الواقع بتوفير التربة الصالحة واعتباره جزءا من كل هو الإسلام بكل عناصره لذلك فرق بين المصلحة الطبيعية والمصلحة الاجتماعية وفصل بين النظام الاجتماعي المتحكم في التوزيع وشكل الإنتاج مما سمح له  بدينامية تؤمن استمراريته وتقر بمحدودية الموارد ولامحدودية الحاجات يقول تعالى : « إنا كل شيء خلقناه بقدر » القمر :49 ويقول أيضا : »زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث » آل عمران : 14لينتهي لصياغة المشكلة الاقتصادية الجوهرية : »و هي مشكلة الطبيعة وقلة مواردها «  »ومشكلة الإنسان بسبب ظلمه في حياته العملية وكفرانه بنعم الله التي لاتحصى » اقتصادنا ص347  وهذه المشكلة غير واردة بالنسبة للعرب والمسلمين وإن  مشكلة توزيع الثروة وتنمية الثروة والبحث عن ثروة جديدة هي المطروحة  لذلك يقدم الصدر نظرات متقدمة حول  عدة مفاهيم منها :مفهوم العمل باعتباره أداة إنتاج وتسخير الطبيعة وتحقيق العامل لملكية نتيجة عمله ووسيلة لتفييئ الملكية بحسب القوى العاملة  : القادرة الميسورة والموازنة  المتوسطة والضعيفة المعوزة ومفهوم التناقض بين المصلحة الخاصة والمصلحة العامة وكون الدين طاقة حيوية تختص بحل المتناقضات عن طريق الرشد  أي الوعي بالمصلحة والمقصد وبصلاح المال يقول الإمام الشاطبي في هذا الصدد : »كل أحد إنما يسعى في نفع نفسه » الموافقات ص179 الجزء2 ومفهوم الربح والمخاطرة في مجال التجارة وترويج المال حيث اعتبر الصدر الربح ثمرة ملكية السلعة لامكافأة عن المخاطرة في عقد المضاربة ودليله في ذلك الفائدة الربوية التي لاتبررها مخاطرة القرض فالربح يستحق بالعمل وملكية المال وبالضمان لذلك نهى الرسول /ص/ : »عن الربح مالم يضمن »رواه أحمد في مسنده ص 175 الجزء 3 .وعقد القرض عقد معاوضة كاملة وأن الزمن لاقيمة له في القرض والبيع المؤجلين.

فما أحوجنا اليوم في عالمنا العربي والإسلامي إلى إعادة قراءة هذا المشروع الاقتصادي واستلهامه في تجاربنا وبرامجنا ومشاريعنا المجتمعية لربح رهان التنمية الشاملة.

المراجع:

1-اقتصادنا.الطبعة 11 السنة 1979

2-ندوة حوار حول كتاب اقتصادنا مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي جامعة الملك عبد العزيز جدة.

3-الموسوعة الحرة

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *