Home»Femme»حدود العلاقة بين الخطيبين

حدود العلاقة بين الخطيبين

0
Shares
PinterestGoogle+

حدود العلاقة بين الخطيبين 

أجاز الشارع الإسلامي للخاطب أن يرى المخطوبة في غير خلوة ، وذلك المسلك هو الوسط بين مغالاة المتشددين في التستر الذين حرموا على الخاطب كل سبيل لأن يلقي على مخطوبته نظرة قبل أن تزف إليه ،  مكتفين بإعطائه صورتها الشمسية التي التقطها لها أجنبي عنها أو بوصف الواصفات اللائي يبالغن في الاستحسان أو الاستهجان . وبين إسراف الذين غالوا فأباحوا للرجل أن يصطحب مخطوبته في الغدوات والروحات، وفي الحدائق والملاهي وكشفوا للخاطب كل أستار البيت وأزالوا من بين يديه الحجب فكانت النتائج خطيرة إن لم يتم الزواج » .3 و قد نهى الرسول صلى الله عليه و سلم عن الخلوة بالأجنبية

 و عن الجلوس معها إلا مع محرم كأبيها أو أخيها أو عمها، و من تلك الأحاديث » لا يخلون رجل بامرأة  لا تحل له ، فإن ثالتهما الشيطان »4 و في هذا القدر أمان و ضمان و به يتحقق المطلوب، و هذا هو الموقف الحكيم المعتدل دون إفراط و لا تفريط. و بين هاتين النظرتين المتطرفتين تقف تعاليم الشريعة الإسلامية الغراء. فلا هي نظرة متشددة مغالية تحول دون اقتراب الخاطب من فكر المخطوبة و الوقوف على آرائها و معالم شخصيتها . كما أنها في 

الوقت ذاته ليست نظرة مفرطة متساهلة تترك الحبل على الغارب، و لكنها نظرة وسط ، فهي

عوان بين ذلك . فلكل من الطرفين أن يجلس إلى الآخر و يتعرف ميوله و استعداداته، و لكن ذلك يتم  وفق ضوابط محددة و في إطار معين. و ما دام أن الخطبة لا تعدو أن تكون- على أكثر تقدير- مجرد وعد بإتمام الزواج في المستقبل فالمخطوبة  ما زالت بعد أجنبية عن الخاطب، يسري على علاقته بها ما يسري على الأجنبيات من أحكام . و بناء على ما تقدم  لا يجوز للخاطب أن يخلو بالمخطوبة دون أن يكون معها ذو محرم سواء في بيتها أو بيته

أو في مكان لا  يراهما  فيه أحد »1  وقد زعم هؤلاء المسرفون أن الذي يدفع إلى سلوك ذلك المسلك أو قبوله  هو تسهيل التعارف التام بين الخاطب والمخطوبة فيعرف كل واحد منهما صاحبه على حقيقته ويقبل على بينة، وهذا زعم باطل لأن الخاطب مهما يدوم اختلاطه بمخطوبته لا يستطيع أن يعرف طباعها، ولا تستطيع أن تعرف طباعه لأن كليهما يتكلف لصاحبه ما ليس في طبعه ويكسو نفسه من المظاهر ما ليس من عاداته، والتحري عن العادات والطباع والأخلاق بالسؤال والبحث أهدى سبيلا، وإن لكل أسرة عادات وتقاليد مشهورة معروفة تغني معرفتها أحيانا عن غيرها من أسباب المعرفة  » 2 قد يقال: إن هناك أمورا كثيرة لا يمكن الوقوف عليها إلا من الخلطة و المعاشرة و الانفراد بالمخطوبة كتعرف أخلاقها و آدابها و سلوكها و مقدار ثقافتها و معالجتها للأمور التي تصادفها في حياتها و غير ذلك من الصفات التي ينبغي توفرها في شريك الحياة. و لكن يرد على هذا: بأن الشريعة أباحت للخاطب أن يجلس إلى خطيبته، و أن يتحدث معها عند وجود محرم لها، و بذلك يمكنه الوقوف عليها كالاطمئنان إلى حديثها و عذوبته و مقدار عقليتها و ثقافتها و خبرتها بشؤون الحياة ، و ما بقي من الصفات الأخرى يمكنه التعرف عليه من المخالطين لها في السكن

 أو العمل و من حال الأسرة و ما استفاض من الأخبار عنها، أما المعاشرة قبل الزواج، فإنها لا تأتي بالغاية المرجوة منها، لأن كلا منهما لا يظهر بمظهره الحقيقي في تلك المدة بل يتصنع من الأخلاق و الصفات ما ليس فيه ليروق في نظر صاحبه، و لهذا قيل في الأمثال:

« كل خاطب كاذب ». فإذا تم الزواج بينهما ظهر كل منهما على حقيقته الخالية من التصنع

 و الرياء، و في هذا الوقت قد لا يكون من السهل انفصام عرى الزوجية. و فضلا عن ذلك فإن نتيجة هذه المعاشرة غير مأمونة لأن الإنسان بحسب طبيعته البشرية قلما يقوى على مقاومة غرائزه الجنسية إذا ألحت في إجابة داعيها، و قد يسهل على الخاطبين تلبية هذه الغرائز في حال الانفراد و الخلوة ، فإذا ضعفا عن مقاومتها ثم تغير رأي الخاطب في المخطوبة، و انصرف عنها كان في ذلك العار الأبدي لهذه الفتاة وأسرتها، و التجارب الكثيرة ، و الحوادث المتكررة في كل يوم تؤيدنا فيما نقول، و تنطق بأفصح لسان لتعلن عن خطورة الانحراف عن منهج الإسلام العادل الذي سنه للراغبين في الزواج و عن النظام المحكم الذي و ضعه في فترة الخطوبة »1 يقول الدكتور الخمليشي في معرض حديثه عن الاتصال بين الخطيبين: » قد يقال إن الاختلاء ينبغي أن يتم بين الخطيبين وحدهما ليتأتى لهما التعبير عن رغباتهما بصراحة، ولكن يجب أن يلاحظ أن الخلوة بين رجل وامرأة سيما في سن الزواج الذي هو سن المراهقة تساعد على هيجان العواطف وتأجج الغرائز التي لا تترك مجالا لأي واحد منهما للتعرف على حقيقة الأخر ونفسيته، وعلى العكس فإن حضور شخص ثالث يكبح تلك العواطف والغرائز ، ويسمح لكل منهما بتركيز الملاحظة وتقييم شخصية وأخلاق من يعتزم الارتباط به بعقد الزواج ، وهذه هي الغاية من إباحة اتصال الخطيبين وليس استثارة الشهوات واستباحة الخطيئة لنفسها قبل أن يعقد الزواج الشرعي . وفي الحياة الواقعية وأمام المحاكم عشرات الأمثلة التي كانت الضحية فيها هي الفتاة ، لحقها الندم بعد أن فات الأوان »2  . ومن البديهي جدا أن خلو الخاطب بمخطوبته ومعاشرته لها، بل واتصاله بها جنسياـ وقبل تحقق الشروط المتطلبة شرعا في الزواج، يعد ضربا من ضروب الزنا  وكل حمل تخلف عن ذلك الاتصال فهو حمل غير شرعي، وعلى الذين أسرفوا على أنفسهم أن يتحملوا تبعات مخالفاتهم لأوامر الشارع و نواهيه، ولا يوجد قانون عادل يحمي مخالفيه

إذ أن هذه الحماية تشجيع لهم على المخالفة » 1و نقف مع عبد الباقي رمضون على بعض الأخطار و الأضرار الجسيمة الناجمة عن الخلوة بين الخطيبين بدون قيود شرعية :

1-   الوقوع في سخط الله و غضبه لمخالفة شرعه، الأمر الذي لا يكتب معه التوفيق و الفلاح.

2-   فتح طريق ممهد و باب واسع للوقوع في جريمة الزنى .

3-   اتخاذ ذلك ذريعة للعابثين بأعراض الناس ، كي ينتقلوا من فتاة إلى فتاة بحجة الخطبة.

4-    فتح باب للكذب و التصنع و الغش و الخداع من كل من الطرفين لينال كل إعجاب الآخر.

5-   عدم ثقة الزوج بزوجته التي كان لها خطيب سابق ، خالطته و اختلت به، و حصل بينهما ما حصل…

6-   بوار كثير من البنات بعد مخالطتهن و خلوتهن بالخطيب الذي عزف عنهن إلى غيرهن .

7-اختيار الزوج بطريق الاختلاط المطلق يبطله الاختلاط نفسه ، إذ لا يمنع ذلك أن يتعرف على امرأة أو فتاة أخرى بسبب الاختلاط فيستجيب للهوى الجديد و يبطل الاختيار السابق »2

نخلص من كل ما تقدم إلى أن الخطبة لا تعطي للخاطب أي حق شرعي على المخطوبة، و لكن إذا دعت الحاجة إلى الجلوس إليها، فقد وجب أن يقتصر في ذلك على ما تدعو إليه الحاجة ، و من تم وجب أن يكون معهما ذو محرم . و لا يصح بحال أن نترك لبناتنا الحبل على الغارب بحجة التعارف بين الخطيبين، و لا يصح للفتاة المسلمة أن تدع خطيبها يلمس أي عضو في جسدها ما لم يتم عقد الزواج و إلا كانت آثمة شرعا . » 3

1-العقد الفريد- ج2- ص159

2- العقد الفريد- ج2 – ص 158-159

3-الأحوال الشخصية – أبوزهرة- ص30- دار الفكر العربي- ط3-1957م

4- فتح الباري – ج9-  ص272/273

1- خطبة النساء في الإسلام- دراسة فقهية مقارنة- ص75

2-الأحوال الشخصية- محمد أبو زهرة- ص30

1- الأحكام الشرعية للأحوال الشخصية – زكي الدين شعبان-  ص75/76

2- التعليق على مدونة الأحوال الشخصية – ص43

0

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *