Home»National»اختلاف الألسنة انتقل من آية من آيات الله عز وجل إلى آية من آيات التعصب

اختلاف الألسنة انتقل من آية من آيات الله عز وجل إلى آية من آيات التعصب

3
Shares
PinterestGoogle+

اختلاف الألسنة انتقل من آية من آيات الله عز وجل إلى آية من آيات التعصب

محمد شركي

من الآيات الدالة على الخالق جل في علاه اختلاف ألسنة بني آدم  لقوله سبحانه في سورة الروم : ((ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك لآيات للعالمين )) . وليس من قبيل الصدف أن يكون اختلاف  ألسنة بني آدم آية للعالمين  ضمن آية اختلاف ألوانهم وآية خلق السماوات والأرض. فلما كان خلق السماوات مختلفا عن خلق الأرض وباختلافهما  جعل الله تعالى الكون قائما بتناغمهما  معا ، فكذلك اختلاف ألسنة وألوان بني آدم وباختلافها  جعل الله تعالى البشر متعارفين فيما بينهم  فوق سطح الأرض ومتناغمين  مصداقا لقوله تعالى : (( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا  إن أكرمكم عند الله أتقاكم)) . فأكرم  الخلق عند الله عز وجل هم الأتقى وليسوا أصحاب لسان معين، الشيء الذي يعني أنه لا تفاضل بالألسنة ، ولا يستقيم التفاضل مع وجود الاختلاف منطقا وعقلا عند أولي الألباب، وإنما التفاضل  يكون ممكنا  بين أمور مؤتلفة لا بين أمور مختلفة . فكما أنه لا يصح التفاضل بين الأرض والسماء لأنهما معا  يكونان الكون ، فإنه لا يصح التفاضل بين اختلاف ألسنة بني آدم  لأنهم جميعا يكونون الناس. ولما  كان الأكرم عند الله عز وجل هم الأتقى، فقد سقطت كل أنواع العنصرية سواء كانت عنصرية لسان أو عنصرية لون أو عنصرية عرق أو عنصرية ثقافة . فالناس أمام خالقهم سبحانه وتعالى كأسنان المشط لونا ولغة وعرقا وثقافة ، ولا يكرم عند خالقهم إلا أهل التقوى. وأمام هذه الحقيقة القرآنية لا زلنا مع شديد الأسف  والحسرة  نسمع  بالمتعصبين للسان واللون والعرق والثقافة. ويصر هؤلاء على أن يكونوا الأكرم باعتبار ألسنتهم و ألوانهم وأعراقهم وثقافتهم . وبعدما كان اختلاف الألسنة آية من آيات الله عز وجل الدالة على وجوده  لتعذر إدراك ذاته المقدسة،وهو الذي لا تدركه الأبصار وليس كمثله شيء ، ومن ثم يكون إدراكه عن طريق آياته التي خلقها لتكون دليلا عليه ، صار اختلاف الألسنة  عند المرضى بالتعصب آية دالة على مرضهم المزمن . وقد اختلق المتعصبون للألسنة قضية  لا تصح أن تكون قضية أصلا، صلاأألأن الأمر يتعلق  باختلاف الألسنة  ، وهي قضية  لا يستقيم معها تفاضل يدعو إلى تعالي لسان على آخر ، ومن ثم  لا يمكن أن  يكون هذا التعالي مصدر تنافر، وقد خلق الله عز وجل الناس  شعوبا وقبائل من أجل التعارف لا من أجل التناحر. ومعلوم منطقا أن خطأ المقدمات يترتب عنه بالضرورة خطأ النتائج . فالذين  ينطلقون من فرضية تفضيل الألسنة على بعضها  ينتهون بالضرورة إلى نتيجة  خاطئة، وهي  التعصب لألسنة على حساب  أخرى ،وهو خطأ كل ما  يترتب عنه من  نقاش  يكون في حكم الخطإ  لا محالة . فاللسان  عند بني آدم   له مظهر شفوي  وآخر خطي ، واختلاف الألسنة الذي ذكره القرآن الكريم إنما هو اختلاف في الأداء الشفوي والخطي أو الكتابي. ولن  يضير لسان له أداؤه الشفوي المتميز أن يرسم  بأشكال خطية مختلفة ما دام الشكل الخطي أو الكتابي لا يستطيع أن يتحكم في الأداء الشفوي . وبناء على هذا  فالضجة التي  يثيرها المتعصبون للسان الأمازيغي من خلال  الإصرار على ألا  يكتب  بغير رسم التيفناغ لا مبرر لها ، وقد ثبت تاريخيا أن  لغات متعددة رسمت  بالخط العربي والإفرنجي  ولم يؤثر ذلك على أدائها الشفوي حيث ظلت تحافظ على هويتها  وتختلف عن غيرها  . وما أظن المتعصبين لرسم اللسان الأمازيغي بخط التيفناغ إلا كارهين  للخط العربي  لكره يضمرونه للقرآن والإسلام ، وإلا فقد رسم العلماء الأمازيغ أصحاب الباع الطويل  والقدم الراسخة في العلم لسانهم بالخط العربي ، ولم يضرهم ذلك ولا نقص شيئا من أمازيغيتهم ، بل كان ذلك تأكيدا  لآية اختلاف الألسنة الدالة على وجود الخالق  سبحانه . ومن العبث  أن يخوض البعض في تفضيل  ثقافة على ثقافة باعتبار اللسان  مع أن اختلاف الثقافة من اختلاف اللسان ، ولا تفاضل بين مختلفات كما أسلفنا  . ولهذا لا يصح  أن يكون غزل الأمازيغي بفاظمة أو تليتماس  أفضل من غزل العربي بهند أو سعاد،لأن الغزل عند الجنس البشري ينهل من طبيعة واحدة هي الطبيعة البشرية أو الآدمية التي فطر الله الناس عليها حيث جعل مقابل اختلاف  ألوانهم  وألسنتهم اتفاق طبيعتهم العاطفية والعقلية . ولا مبرر أيضا لتفضيل الجبل الأمازيغي على الصحراء العربية ،لأن الجبل  يختلف عن  الصحراء ولا تفاضل بين مختلفين بهما يتكامل سطح الأرض ، وبهما معا تسمى الأرض كوكبا . وليس من العيب  أن ينظر الشاعر الأمازيغي  في شعر  الشاعر العربي ، ويأخذ منه  ما كان إنسانيا مشتركا بين  بني البشر جميعا . فلا يوجد حب عربي وآخر أمازيغي  وثالث صيني ورابع إفرنجي ، كما أنه لا توجد كراهية  أو خوف أو خير أو شر …. أو ما شاء المتعصبون لثقافتهم من مفاهيم متعددة بنعوت عرقية أو لسانية ،لأنها مفاهيم إنسانية تتعدى اختلاف الألسنة والألوان والأعراق والثقافات . ولا يجوز أن يفخر بها عرق على آخر تماما كما لا يمكن أن  يفخر البشر على بعضهم بالأمور الغريزية إلا أن يكونوا صبية لا يعقلون ، وهنا أتذكر كيف  فخر ابني الأصغر وهو صبي على بعض أقاربه بلعبه فلما  بادلوه الفخر بالفخر عمد إلى سرواله فأخرج جهازه التناسلي مفاخرا به قائلا :  » ليس عندكم مثل هذا «   فكذلك حال الذين يزعمون أن ثقافتهم أغنى  وأفضل من ثقافة غيرهم  . فالذين يعميهم التعصب  ويصرون على أن الغزل الأمازيغي على سبيل المثال أرقى من الغزل العربي  ـ و مشكلة المتعصبين الأمازيغيين مع العربية وحدها ـ  لا يستطيعون إثبات ذلك لأن التغزل بفاظمة أو تليتماس لن  يختلف  عن التغزل بهند وسعاد لسبب بسيط هو أن  المرأة الأمازيغية لا تتميز بجمال  مختلف عن جمال  المرأة العربية ،ولا هي تملك ما لا تملكه المرأة العربية  من أعضاء زائدة .  « ففاظمة غرس ثناين تطاون   » كما أن سعاد لها عينان ، ولن  يختلف وصف  سواد العين  ولا حورها ولا اتساعها ولا نعاسها ولا سحرها … ولا ما شاء المتعصبون الأمازيغيون في الأمازيغية عنه في العربية ،لأن العين واحدة  وكل ما في الأمر أن الألسنة التي تصفها مختلفة ،وهي آية من الآيات الدالة على الأحد الفرد الصمد . وفي الأخير  أعتقد أن عقدة المتعصبين للأمازيغية لسانا وثقافة مهما  لفوا وداروا  ونافقوا وموهوا هي إضمار الحقد للإسلام وللقرآن ، ومن ثم  كانت العربية عندهم موضوع مقت وبغض ،لأنها نقلت إليهم ما يمقتونه وما يبغضونه . فالله تعالى  جعل اختلاف الألسنة آية دالة على ألوهيته وربوبيته  ، وأبى المتعصبون للأمازيغية إلا أن  يكون اختلاف  لسانهم عن ألسنة غيرهم  آية من آيات  التعصب الأعمى . وإذا كان الله عز وجل  قد جعل الأكرم عنده هو الأتقى ، فالمتعصبون  للأمازيغية يجعلون الأكرم عندهم  المتعصب للسانهم وثقافتهم في زمن تجاوزت فيه البشرية  عصور العنصرية المقيتة إلا ما بقي منها عند مرضى النفوس  .

MédiocreMoyenBienTrès bienExcellent
Loading...

Aucun commentaire

Commenter l'article

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *